الرئيس الشهيد صالح الصماد.. وطنٌ لا ينساه أحد

المسيرة- محمد الكامل

تجسد شخصيةُ الرئيس الشهيد صالح علي الصَّمَّاد ومواقفه المشهودة في البذل والفداء وتحصين الجبهة الداخلية التي ظلت ولا تزال عصيَّة على كُـلّ المؤامرات والمخطّطات التي ينسج العدوان الأمريكي السعوديّ ومرتزِقته خيوطها ولم يحصدوا غير الهزائم.

وستبقى مآثرُ الرئيس الشهيد صالح الصماد وحنكتُه القيادية والسياسية تنهلُ منها الأجيالُ معانيَ العزة والكرامة؛ لما اتسم به الشهيد الصماد من مناقبَ وصفات قيادية توّج بها مسيرة حياته رئيساً لليمن، وجاد بنفسه شهيداً في الدفاع عن الوطن وكرامة أبنائه.

وسجل الشهيد –رحمه الله- مواقفَ وطنية مشهودة، إذ لم يكن اختياره لشغل منصب رئيس المجلس السياسي الأعلى، عفوياً أَو محضَّ صدفة، بل كان نتاجَ إجماع وطني على شخصية استثنائية سجّلت حضوراً لافتاً ومواقف نضالية مشهودة؛ مِن أجلِ حرية واليمن واستقلاله.

وارتقى الرئيسُ إلى ربه شهيداً بعد تحمل مسؤولية قيادة اليمن بجدارة واقتدار في ظروف صعبة لا يتصدى لها إلَّا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، حَيثُ تم الإجماع عليه رئيساً للمجلس السياسي الأعلى بصنعاء يوم 28/6/2016.

وعلى الرغم من قصر الفترة الزمنية التي تولى فيها قيادة البلاد، إلا أنه كرّس كُـلَّ جهوده في توحيد اليمنيين على قلب رجل واحد لمواجهة العدوان بكل الوسائل والإمْكَانات، وشهدت المؤسّسةُ العسكرية في عهده نقلةً نوعيةً في التصنيع الحربي ومنها الطائراتُ المسيَّرة والمنظومات الباليستية المتنوعة والتي كان لها عظيمُ الأثر في تغييرِ معادلة المواجهة وانتقال اليمن من الدفاع إلى الهجوم والردع ومن الضربات الباليستية الأُحادية إلى دفعات موجعة في العمق السعوديّ.

ويؤكّـد وكيلُ محافظة صنعاء، حميد عاصم، أن النموذج الذي قدمه الشهيد الصماد في إدارة شئون اليمن خلال ظروف صعبة، ساهم في تعزيزِ التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني لمواجهة صلف وغطرسة العدوان، منوِّهًا إلى أن اليمن سينتصر على العدوان بصمود وتلاحم أبنائه وأبطاله المرابطين في الجبهات للدفاع عن سيادة الوطن، وَأن الشعب اليمني صار أكثر تماسكاً وصلابة وأن محاولات العدوّ للنيل من إرادته ستبوء بالفشل ولن يجنِيَ سوى الخزي والذل”.

 

مشروعٌ وطني

أطلق الرئيسُ الشهيد صالح الصماد شعار “يدٌ تحمي.. ويدٌ تبني”، مدركاً أن مشروعه ليس سهلاً وأن الطريق أمامه ليس معبَّداً، وأن هذا المشروع سيواجه عراقيل وصعوبات داخلية وخارجية، وأن قوى العدوان لن تسمح ببناء الدولة اليمنية القوية.. دولة المؤسّسات والقانون، ولكنه تحدى العدوان ومرتزِقته وقرّر خوض غمار معركة البناء.

وتطلع بهذا المشروع إلى يمنٍ مستقل حر عزيز، غير مرتهن لأية دولة، فسعى حثيثاً لتوجيه ضربة قاصمة للعدوان يحمي فيها الوطن ويبنيه بعد أن أحاطته يدان وكفان تكمِّلُ إحداهما الأُخرى، بل ولا تكتمل إحداهما إلا بتوأمها، كما كرّس بمشروعه الوطني اهتمامَه بثلاث مقومات رئيسية لتثبيت مشروع بناء الدولة، تمثلت في الاستقلال والخروج من التبعية التي أضرت اليمن طوال العقود الماضية والمصالحة والاستقرار السياسي من خلال تعزيز الشراكة في إدارة الدولة والاعتماد على الذات في تقوية المؤسّسات بمختلف قطاعاتها.

ويقول مستشار محافظة صنعاء، عبدالله المرتضى: إن المشروع الوطني الذي دعا إليه الرئيس الشهيد “يد تحمي.. ويد تبني” لبناءِ الدولة ومواجهة العدوان هو مشروعٌ يتطلع لتحقيقه كُـلُّ أبناء الشعب اليمني، مُشيراً إلى أن تضحيات الشهيد ستظل حاضرة في وجدان أبناء اليمن للسير في طريق البناء والحرية.

ويؤكّـد المرتضى أن “الرئيس الشهيد لا يزال حياً بيننا بمناقبه ومواقفه وبمشروعه الوطني، فقد زاد اغتياله الشعب ثقة بعظمة المشروع الذي أطلقه، والذي يمثل رسالةً للعدوان بأننا سنحمي الوطن بيد ولن تغيب اليد الأُخرى التي ترتكز على العلم والبناء لتقود قطار التحديث والتقدم للشعب”.

 

ذكرى موجعة

لقد مضت 4 سنوات على فاجعة اغتيال الرئيس الشهيد صالح علي الصماد ورفاقه، لكن الصمادَ لا يزال حياً في قلوب اليمنيين، وحاضراً في ميدان المواجهة، يقض مضاجع الأعداء.

ويقول الصحفي المختص في الشؤون السياسية، صقر أبو حسن، أن الذكرى الرابعةَ لرحيلِ واحدٍ من عظماء اليمن، الرجلُ الذي صنع الفَرْقَ في مسار المواجهة مع قوى العدوان وأدواته، تمُرُّ واليمن يمضي نحو خطوط الانتصار.

ويضيف أبو حسن في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الذكرَى الرابعة لرحيل رجل كان وما يزال قرينَ الحرية والاستقلال من خلال قدرته على تغيير موازين القتال لصالح الجيش واللجان الشعبيّة، وأثبت أن العدوانَ على اليمن بداية للنهضة اليمنية في شتى المجالات العسكرية والتنموية.

ويشير في حديثه إلى أنه عندما أطلق صالح الصماد مشروعَ “يدٌ تحمي ويدٌ تبني” استلهم دروسَ النهضة اليمنية من خطط وبرامج الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، ليأتيَ الصماد ليكمل تلك المسيرة، بل ويزيد على ذلك أن الزمنَ يحملُ الكثيرَ من الصعوبات وفي مقدمتها العدوان والحصار على اليمن؛ لذا انتصر الصماد ومات كُـلّ من دونه، عاش الصماد في وجدان اليمنيين وتلاشى حضور قاتليه، مؤكّـداً أن الصماد حيٌّ في قلوب اليمنيين وسيبقى حياً بمنجزاته العظيمة وسيدفن القتلة بكل تاريخهم البشع.

ويضيف: “عندما استشهد الصماد على يد قوى العدوان، رحل كجسد وبقي كذكرى عطرة في قلوب أبناء اليمن، حتى أعدائه الشرفاء أوجعهم مقتله، وها نحن في العام الثامن واليمن أكثر قوة بعد أن صنع الصماد الأَسَاس الثابت لمواجهة أكثر قدرة على الايلام لقوى العدوان وأدواتها”.

من جانبه، يقول الخبير والمحلل العسكري زين العابدين عثمان: إننا اليوم ومع دخول الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس صالح علي الصماد -سلام الله عليه- يتذكر شعبنا اليمني هذه الشخصية القرآنية والقيادية الناجحة التي كانت أحد خريجي مدرسة آل البيت -عليهم السلام- والقرآن الكريم والتي قادت اليمن في ظروف استثنائية بكل شجاعة وإخلاص ومسؤولية.

ويؤكّـد عثمان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الرئيس الصماد تجسيدٌ للإيمَـان والحكمة والشخصية القوية في سلوكها ومواقفها ورجل المرحلة والمسؤولية ونموذجٌ في الأخلاق والقيم والتضحية والتواضع التي قدمها في أبهى كقائد ناجح في مدرسة قائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، حَيثُ استطاع الصمادُ بفضل الله تعالى أن يقود اليمنَ وهو يواجه حرباً كونيه تقودها أمريكا وجحافل20 دولةً وفي ظروف مفصلية هي الأكثر تعقيداً عسكريًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا، ومع ذلك فقد حقّق الإنجازات ودفع باليمن إلى اجتياز الصعوبات ويحولها إلى فرص للبناء والتطوير والتنمية في كُـلّ مجالات المواجهة.

ويزيد بالقول: “كان الصمادُ القائدَ المؤثِّرَ الذي تصدر المخاوفَ الأمريكية والإسرائيلية وزعزع مضاجعهم في حركته ونشاطه وتفوقه في قيادة دفة المواجهة التي حولت اليمن من حالة الضعف إلى قوة صاعدة؛ لذا حاولت تصفيتَه واغتيالَه وقد استطاعت فعلَ ذلك عبر غارات جوية غادرة أدارتها أيادي الموساد والمخابرات الأمريكية بشكل مباشر، فكان في حساب العدوّ الأمريكي والإسرائيلي أن اغتيالَ الصماد سيحقّق ضربةً قاضية لما حقّقه اقتصاديًّا وعسكريًّا وأمنيًّا وتحطيم صمود وإرادَة الشعب اليمني، لذا اغتالوا الرئيس الصماد بطريقة مدروسة ومنظمة”، مُشيراً إلى أن هذا الاغتيال بما حمله من أبعاد وتداعيات كان أكبر خطأ استراتيجي يرتكبه العدوّ الأمريكي والإسرائيلي، فصمود الشعب اليمني وإرادته لم تتحطم أَو تتأثر كما أن اليمن بما وصل إليه من عناصر قوة لم تتراجع، بل زادت قوة وثورة من التطوير والبناء الكبير لكل المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية.

ويؤكّـد أن الشعبَ اليمنيَّ اليوم يواجه العدوان الأمريكي السعوديّ للعام الثامن وهو في أَوجِّ قوة ضاربة حقّقت له -بعون الله- مكاسب استراتيجية جعلته في موقع الهجوم ووضعت دول العدوان في وضعية الهزيمة والإحباط والانهيار؛ لذا فما يعيشُه شعبُنا اليمني من حالة قوة واقتدار وتطور في مجالات المواجهة هي ثمرةٌ من ثمار تضحية الرئيس الشهيد صالح الصماد -سلام الله عليه- ومن ثمار دمائه الزكية التي كانت فتيلاً لثورة كاملة في التطور والبناء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com