أنوار الهدى مما ورد في محاضرة السيد القائد ليلة النصف من رمضان 1443هـــ ، أسبابُ التوفيق .. بقلم/ علي المؤيد

الانطلاقةُ السليمةُ تتطلَّبُ الرجوعَ إلى الله على الدوامِ، سواءً للتوبة من المعاصي المباشرة أَو فيما يتعلق بالتقصير والتفريط في أداء المسؤوليات؛ نتيجةً لعدم الاهتمام أَو لانحرافات عملية وَفكرية.

قد يلجأُ الإنسانُ أحياناً إلى التبرير واختلاق ذرائع، مستنداً إلى تزييف بعض الحقائق والتلفيق والتنظير، وهو ما يؤدي إلى مراكمة تلك الانحرافات التي قد تصلُ إلى حالة من الجُرأة الذميمة، ومع الإصرار على ذلك قد يُسلَبُ الإنسانُ التوفيقَ فيتطور الأمرُ إلى أن يتحَرّكَ في خدمة الباطل وتبني المواقف السلبية والسيئة سواءٌ أكان ذلك في مسار النفاق أَو في مسار الذين في قلوبهم مرض، والنتيجة أنه يتورط في تعبيد نفسه لغير الله.

ومن المهم في هذا الإطار ما تطرق إليه السيد القائد يحفظه الله حول أسباب الاعوجاج وأهمها: اتّباع هوى النفس ويندرج ضمن تفاصيل هذا العنوان المكاسب الدنيوية كالمنصب والنفوذ والسُّمعة أَو الهالة الاجتماعية والصفة الوظيفية وغير ذلك مما قد يصبح أولويةً لدى الإنسان وقد يُعرِضُ عن طريق الحق وينفصل في آماله عن هدى الله؛ حفاظاً على هذه المكاسب أَو أنه من جهة أُخرى قد يُعرض عن هدى الله؛ لأَنَّه لم يحصل على تلك المصالح الحياتية الزائلة، إذ أن العامل المحرك لكل توجّـهاته وتحَرّكاته صار مرتبطاً بشكل أَسَاسي في كيفية الحصول عليها وعند الحصول عليها تمتلئ نفسيته بالرضا والسرور والغبطة ويصبح إيجابياً، وَالعكس صحيح فعدم الحصول عليها يدفعه للسخط والتذمر والإحباط والتكاسل التام.

كما أن ذلك الطمعَ قد يدفعه للخيانة والتعدي على المال العام وهتك الأمانات الموكل إليه أمرها ويشوب ذلك الشعور باستحقاقه الكامل للحصول على كذا وكذا وقائمة طويلة من الاستحقاقات الشخصية التي يرى أن من الواجب على الآخرين توفيرها له، وبهذا الخصوص أشار السيد إلى أن حالة الغرور أَيْـضاً تعد عاملاً مؤثراً في استحقاقه لكل المزايا والمميزات وينتظر من الآخرين وافرَ الاحترام ودوامَ الخضوع له بما يتناسب مع المقام الذي افترضه لنفسه ويتزامن ذلك مع حالة من العجب والتكبر الذي تلازمه وَالرياء مع كراهيته للنصيحة، بحيث يتحول إلى كائن متعالٍ “يشخصن” كُـلّ شيء وكل موقف.

وتتفاقم هذه الحالة السيئة؛ بسَببِ تـمحوره حول ذاته وفي المحصلة يظل هذا النوع من الأشخاص في عذابٍ نفسي مُستمرٍّ وعملي دائم ولا تتحقّق له غاية وهذه حالة خطيرة جِـدًّا.

وفي السياق حذر يحفظه الله كذلك من توجيه مقومات “التمكين” إلى الطغيان وظلم عباد الله بالتعامل مع الأمور من منطلق استعلائي يفرط في استخدام القوة الرسمية وغيرها، وُصُـولاً إلى أن يطغى ويظلم وغير ذلك من الموبقات ويجب الحذر منها وهي كغيرها من الانحرافات مما سبق ذكرها تعود إلى اتّباع هوى النفس ويندرج ضمن ذلك بقية المسائل المتعلقة بالفساد الأخلاقي والمالي وغير ذلك مما يسلب الإنسان أسباب التوفيق والهداية، وهو ما يعني فقدان الرؤية الصحيحة للثبات في مسار الاستقامة وأهمها اللجوءُ الدائمُ إلى الله والاعتماد عليه والعناية بـطلب الهداية والتوفيق من الله والإخلاص وابتغاء مرضاة الله والرجوع الدائم لله والتذكر الوجداني لنعم الله مع استحضار دائم للتقصير والاتّجاه الدؤوب للارتقاء الإيمَاني وتزكية النفس وإصلاح النفس ومحاسبتها والاستعانة بالصبر والاستعاذة العملية بالله من جميع مزالق وخطوات الشيطان مع اليقظة والحذر من تغير الوجهة القويمة نحو كُـلّ ما يجرفه إلى مزالق الخذلان والشقاء في الدنيا والآخرة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com