جهود كبيرة لتحصين الجبهة الزراعية.. معاً لتحقيق الأمن الغذائي

المسيرة – أحمد داوود

تتضافَرُ جهودُ القيادة الثورية والسياسية نحو تحقيق الأمن الغذائي، لا سِـيَّـما في ظل المتغيرات التي تعصف بالعالم جراء الحروب والكوارث والنزاعات المُستمرّة، والتي تؤثر سلباً على بلادنا الذي ظل لسنوات كثيرة يعتمد على الاستيراد من الخارج وخَاصَّة سلعة القمح.

وتستورد بلادنا قرابة 3.8 مليون طن من القمح الأجنبي (أمريكي، أسترالي، أوكراني، كندي) وفوق ذلك ما يساوي 750 ألف من الذرة الشامية، وأكثر من 159 ألف من فول الصويا المستخدم كأعلاف للدواجن، بحسب الخبير الاقتصادي رشيد الحداد.

واستشعاراً للمخاطر المحدقة للأزمات التي تعصف بالعالم، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، نظمت المؤسّسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب ومؤسّسة بنيان وبرعاية اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري، يوم أمس ورشة ضمت عدداً من الإعلاميين والمرشدين ومسؤولي الدولة، وتم خلالها مناقشة الجهود التي يمكن أن تبذلها جميع الجهات لتحقيق الأمن الغذائي في اليمن، وتوعية المجتمع بخطورة التكاسل وعدم زراعة الأرض وحراثتها وُصُـولاً إلى الاكتفاء الذاتي.

ويأتي انعقاد هذه الورشة بالتزامن من ظهور مؤشرات إيجابية نحو انتقال بلادنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من القمح، بعد زراعة آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية في محافظتي الجوف والحديدة وغيرهما، غير أن هذا الجهود لا تكتفي، وإنما تحتاج إلى تضافر جهود الجميع مع الثورة الزراعية وفي مقدمة ذلك الإعلام.

ويقول نائب وزير الزراعة الدكتور رضوان الرباعي: إن القيادة الثورية والسياسية في اليمن لديها توجّـهات زراعية جديدة، وسياسة زراعية جديدة تهدف إلى تحقيق التنمية الزراعية المستدامة القائمة على هدى الله وتخفيض فاتورة الاستيراد.

ويضيف الرباعي في كلمة له في الورشة التدريبية أن السياسة الزراعية الجديدة تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وكل المشاريع القادمة منسجمة مع هذا التوجّـه، داعياً وسائلَ الإعلام للتفاعل والتغطية الإعلامية لجميع الجهود الزراعية التي ستحدث نقلة نوعية في هذا المجال.

وإذا كانت بلادنا تعاني في السابق من الاستعمار الغذائي، وتحكم القوى الكبرى وإجبار الأنظمة السابقة على ترك زراعة الأرض والاتّجاه نحو الاستيراد، فَـإنَّ الوضع تغير تماماً وخَاصَّة بعد ثورة 21 سبتمبر 2014، فقد تم كسر قيود الوَصاية، وتحرّرت بلادنا من التبعية ومن الاستعمار الغذائي، حَيثُ يتم النهضةُ بالقطاع الزراعي في ظل استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ للعام الثامن على التوالي.

وبناء على ذلك يرى الدكتور الرباعي أن همنا الكبير الآن يكمن في كيفية كسر الحصار من الداخل، وهذا يحتاج إلى تكاتف واهتمام من قبل الجميع، بما في ذلك وسائل الإعلام المتعددة، والتي عن طريقها يتم الإرشادُ الزراعي، معتبرًا أن رجال الإعلام هم في مقدمة الجبهة الزراعية، وأن لهم دوراً كبيراً وسيساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي، مطالباً ببذل المزيد من الجهود، ومساندة الجانب الزراعي عن طريق التغطية الإعلامية في جميع المجالات التي تهدفُ إلى الرقي بالقطاع الزراعي وتحقيق التنمية الشاملة.

 

خلقُ وعي زراعي

وفي ظل المخاطر المحدقة بالجميع، يجمع الكثيرون على أن العدوَّ سيستخدمُ سلاحَ الجوع كمحاولة لهزيمة الشعب اليمني الذي صمد وواجه العدوان والحصار بكل بسالة وتضحية؛ ولهذا فَـإنَّ التحَرّك في المجال الزراعي يجب أن يكون جاداً وينطلقُ من مسؤولية كبيرة، تماماً كانطلاق المجاهدين في ميدان المواجهة العسكرية.

ويدعو وزيرُ الإعلام ضيف الله الشامي جميعَ الإعلاميين للتحَرّك من منطلق جهادي في الجبهة الزراعية، مؤكّـداً أنها جبهة مهمة جِـدًّا، لا تقل أهميّة عن الجبهة العسكرية، قائلاً: “نريد أن يكون لدينا روح جهادية في الجبهة الزراعية”، مُشيراً إلى أننا أمام عدوان غاشم لا يرأف بأحد، وأنه إذَا ما توقفت البندقية، والصاروخ، فَـإنَّ أعداءنا سينتقلون إلى الجبهة الاقتصادية، وستكون لدينا الكثير من المشاكل إذَا ما تحَرّكنا بعزيمة وجهد وإصرار على حَـلّ مشاكلنا في الجانب الزراعي.

وأشاد الشامي في كلمة خلال الورشة التدريبية بجهود المواطنين في محافظة الحديدة، الذين زرعوا 104 آلاف هكتار بجهود ذاتية، من مختلف الأصناف، كجُهدٍ إضافي إلى الدور الذي يبذُلُه الجانبُ الحكوميّ في هذا الشأن، مطالباً الإعلاميين بالتحَرّك لمساندة هذا التوجّـه، وإبراز وتعزيز حالة الوعي الزراعي لدى المجتمع، داعياً جميع الإعلاميين أن يكون لهم دور كبير في الثورة الزراعية.

وأعلن الوزير الشامي تدشينَ العمل الإعلامي لخدمة الجبهة الزراعية، وأن الإعلام سيكون أولَ جبهة مجنَّدة لخدمة الجانب الزراعي وتحفيز العمل الزراعي.

 

مسؤوليةٌ مضاعفة

وحتى الآن وعلى الرغم من الحرب الروسية الأوكرانية إلا أن الاستقرارَ التمويني لسلعة القمح في الأسواق المحلية موجود، ووفقاً لتقارير حكومية ومنها بيان وزارة الصناعة والتجارة في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء فَـإنَّ المخزون الاستراتيجي للقمح يكفي لستة أشهر، والمؤشرات تفيد بأن الوضعَ التمويني لهذه المادة مستقر، وقد يستقر لأكثرَ من نصف عام.

ويؤكّـد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد أنه مع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فَـإنَّ المخاوفَ تتصاعدُ في الأسواق الدولية، من فقدان 20 % من الإنتاج العالمي للقمح الموسم الجاري، وخَاصَّة بعد أن أصبح حصاد محصول القمح في أوكرانيا شبه مستحيل في ظل استمرار القمح، وهو مؤشر لانخفاض العرض العالمي من القمح خلال الأشهر القادمة، ما قد يؤدي إلى ارتفاعات قياسية لأسعار القمح في الأسواق العالمية، ويضاعف هذا الخطر المتوقع تسابق عدد من الدول المستوردة للقمح لعقد صفقات لشراء كميات كبيرة من القمح لتعزيز مخزونها الاستراتيجي بشكل لافت، وقيام بعض الدول بعقد صفقات لشراء كميات القمح قبل الحصاد خلال الموسم الحالي، وهو ما قد يفاقم أزمة القمح، وينعكس سلباً على أسعار القمح والدقيق في الأسواق المحلية اليمنية خلال الفترة القادمة.

ولأن المخاطرَ كبيرة، فَـإنَّ المؤسّسةَ العامة لتنمية وإنتاج الحبوب تدعو المزارعين اليمنيين –عبر كلمة لممثلها في الورشة علي العزاني- إلى التوسع في محاصيل الحبوب في مختلف مناطق الجمهورية، كما تدعو رجالَ المال والأعمال إلى الاستثمار في هذا الجانب.

ويقول العزاني: يجب علينا تحمُّلُ المسؤولية في حشد الطاقات نحو هذا الهدفِ والتوجُّـهِ نحو الزراعة لتحقيق الأمن الجماعي.

ولمواجهةِ هذه المخاطر، فَـإنَّ العملَ الجماعيَّ هو الأَسَاسُ للنهضة بالقطاع الزراعي في اليمن، كما يؤكّـدُ وكيل وزارة الإرشاد، صالح الخولاني، والذي يقول: إن اللهَ قد هيَّأ لنا الأرضَ وجعلها قابلةً للزراعة، داعياً إلى الاستقامةِ في كُـلّ التوجيهات، مُضيفاً في كلمة له خلال الورشة أن المجتمعَ اليمني قابلٌ للخير والزراعة والبناء، داعياً المسؤولين أن يكونوا على أعلى مستوى من الاهتمام في جانب الإرشاد والإعلام، وغير ذلك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com