تشخيص قرآني لواقع اليهود.. نفسية عدائية مطلقة نحو المسلمين

المسيرة: محمد ناصر حتروش

تُعتبَرُ صفةُ الكراهية والعدائية للإنسانية بشكل عام وللمسلمين على وجه الخصوص عقيدةً غريزيةً لدى اليهود منذ قديم الزمان، وعلى مر العصور، حَيثُ تشهد بكراهيتهم القرونُ الغابرة وتؤكّـد عداوَتَهم القرونُ اللاحقة.

ويذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم الكثير من الصفات السيئة لليهود، حَيثُ يقولُ عز وجل: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، كما أن الله سبحانَه وتعالى يبين كيفية التعامل مع اليهود والحذر منهم وعدم موالاتهم، فهم يشتهرون بالحقد والكراهية ونقض العهود والحسد والبغضاء، ولا يودون الخير للناس.

ويشير الكاتب محمد إبراهيم ماضي، في كتابه “صراعنا مع اليهود بين الماضي والمستقبل” إلى أن اليهود ليس لهم صديق دائم، بل المصلحة والمنفعة الذاتية هي التي تخلق لهم الأصدقاء، أَو تجلب لهم العداوة والبغضاء، ولذلك فما من شعب جاوره اليهود إلا ويحاول التخلص منهم.

ويذكر ماضي أنه في عام 1290 م قضى الإنجليز على اليهود جميعاً بالنفي وتبعهم في ذلك الفرنسيون، وفي عامي 1348، 1349م انتشر الموت الأسود في أُورُوبا، واتهم اليهود بأنهم سمّموا الآبار ومجاري المياه، فاشتدت حملة القتل والتنكيل بهم، بالرغم من محاولة البابا (كليمنس السادس) الدفاع عنهم ولكن دون جدوى.

وفي عام 1779م، ألقى الرئيسُ الأمريكي الأسبق “بنيامين فرانكلين” أول خطاب في الاجتماع التأسيسي للولايات المتحدة بعد استقلالها وَقال فيه: “إن هؤلاءِ اليهود هم أبالسةُ الجحيم، وخفافيشُ الليل، ومصّاصو دماء الشعوب، أيها السادة: اطردوا هذه الطغمة الفاجرة من بلادنا قبل فوات الأوان، ضماناً لمصلحة الأُمَّــة وأجيالها القادمة، وإلا فَـإنَّكم سترون بعد قرن واحد أنهم أخطر مما تفكرون، وثقوا أنهم لن يرحموا أحفادنا، بل سيجعلونهم عبيداً في خدمتهم”.

فإذا كان هذا حكم القرآن في اليهود، وتلك وجهات نظر أقرب الناس إليهم، فكم هو مؤلم ومؤسف أن تختل هذه النظرة عند بعض المنتسبين للإسلام، متناسين التاريخ البعيد والقريب لليهود.

 

علاقة اقصائية

ويقول الناشط الفلسطيني الدكتور خضر عباس، في مدوّنته الشهيرة بعنوان “اليهود وسيكولوجيا التطبيع”: لقد ربي اليهود على نزعة التخصيص التي بدأت لديهم بتخصيص الإله لهم دون غيرهم..، حَيثُ جاء في سفر اللاديين (أكون لهم إلهاً، وتكونون لي شعباً، وأما بقية الشعوب فمخلوقات خرجت من زرائب الحيوانات)، مُضيفاً بقوله: إن المتتبع للتاريخ اليهودي القديم منه والحديث يرى بوضوح أن العلاقة مع الآخر عبر التاريخ علاقة إقصائية، وليست علاقة تطبيعية، حَيثُ يحمل اليهودي للآخر صورة نمطية مسبقة قد بناها في مخيلته على صورة ثعبان أَو شيطان، فلا وجود للآخر غير اليهودي إلا مقتولاً، أَو مأسوراً، أَو مخلوقاً فقط لخدمته ليس إلا، وبالتالي يعتبر اليهودي أنه ليس علينا في الأميين من سبيل، فهم مطايا ودواب نحقّق منهم مصالح الشعب اليهودي.

وتشير المدونة إلى بعض الدراسات الإسرائيلية التي أثبتت الصور السلبية، ففي دراسة للعالم الإسرائيلي (كلمن بنيميني على طلبة المدارس الثانوية تبين أنهم يملون تصوراً سلبياً لصفات العربي منها أنه سيء، قبيح، أناني، سلبي، صعب، شديد، ثقيل، ضيق الأفق، بطيء غير ناجح… إلخ).
وفي دراسة (جوهان هوفمان عام1992) تبين أن أغلب الإسرائيليين ليسوا على استعداد لمصادقة عرب أَو مجادلتهم أَو العمل معهم).
وفي دراسة (سموحا أبيد) تبين بأن أغلبَ الإسرائيليين لا يثقون بالمواطنين العرب في دولة إسرائيل، بل يعتبرونهم خطراً على الدولة ويؤيدون فرض قيود أمنية عليهم.
وفي دراسة (لبنيميني 1994.. تبين أن أغلب الإسرائيليين يفضلون بقاء المستوطنات اليهودية، ويؤيدون تهجير الفلسطينيين).
وقد اعتبر الكاتب اليهودي (موشيه سطا بيسكي) أن العرب قذرون لا يعرفون أصول النظافة والوقاية الصحية، وعادة الاستحمام غير مألوف لديهم.. وقال (الحاخام عبوديا يوسف) بأن العرب أفاعٍ يجب إبادتهم.

ويؤكّـد الكاتب والناشط الصحفي أنس القاضي، أن حديث قائد المسيرة القرآنية السيد حسين بدر الدين الحوثي –رحمه الله- عن المخاطر اليهودية وعن الاستعمار الجديد هو حديث واقعي تجسد في مؤتمرات ومعاهدات عدوانية، كمؤتمر “بازل” الصهيوني في سويسرا ومؤتمر “سايك بيكو” وَ”سان ريمو” وَ”وعد بلفور” ومؤتمر “كامبل”.

ويرى القاضي أن حديث الشهيد القائد استند على شواهدَ تاريخية ماثلة، لا يُمكن لمن يدقق فيها أن يكذبه، وهي أخطار متسقة مع الخطاب القرآني حول العُدْوَانية اليهودية، موضحًا أن محاضرات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تكشف عن شخصية فذة تستشعر مهمة المقاومة والنهوض وذات اهتمام عالٍ بالوضع السياسي العالمي، ورصد دقيق لمجريات الأحداث والتحولات.

ويزيد القاضي: “فمن مشاهدة الأحداث وتحليلها استنتج الشهيدُ السيد حسين الحوثي، جوهُرها المحركُ الاستعماري؛ باعتبَارها سياسةً عدوانيةً واحدةً، وقام بتعميم هذه النتائج على الواقع اليَمَني المهدّد بخطر الاستعمار الأمريكي”.

ويضيف: وقد ركّز السيد حسين الحوثي، على أن النظر إلى الأحداث ككل لا يتجزأ من موقع من يعي أنه جزءٌ من واقع الصراع العالمي، لا مقيم خارج هذا الوجود الاجتماعي التاريخي، خَاصَّة وأن طبيعة الاستعمار والخطر الإمبريالي والصهيوني هو عالمي، والمجتمعات العربية الإسلامية في مقدمة المستهدفين.

ويعتمد اليهودُ على ترسيخ العِداء وتأصيله ضد العرب بشكل خاص وغير العرب بشكل عام، حَيثُ عملوا؛ مِن أجلِ ذلك على تحريف مصادرهم الدينية، معتبرين “غير جوييم”، وهو مصطلحُ يعني الذئاب، حسب ما يفيد الناشط الإعلامي عبد العزيز أبو طالب.

ويشير أبو طالب إلى أن اليهود يرسّخون لدى أولادهم بأنهم شعبُ الله المختار وأن غيرَهم يريدون القضاءَ عليهم ويكرهونهم؛ لذلك يصنعون ردةَ فعل لدى أطفال اليهود ليشبوا على كراهية غيرهم، موضحًا أن اليهود بعد احتلال فلسطين ركزوا على كراهية العرب؛ لكي يحرّضوا أجيالَهم على قتل العرب وارتكاب المجازر بحقهم دون شفقة.

ويقول أبو طالب: يسعى اليهود لكسبِ تعاطُفِ الآخرين معهم، حَيثُ يقومون بنشر رواية وسردية كاذبة مفادُها أن اليهودَ كدولة ديمقراطية متطورة يعيشون وسطَ ذئاب ومجتمعاتٍ متخلفة وغير ديمقراطية يريدون إبادتهم والقضاء عليهم.

ويضيف أبو طالب “لقد وظف اليهود الإعلام والفن والسينما لتشويه صورة العربي، ففي دراسة أجراها دكتور أمريكي من أصل لبناني فَـإنَّ اليهود ينقلون صورة سلبية عن العرب، فهم متخلفون وإرهابيون ومجرمون وبدو لا يستحقون العيش”.

 

أساليب شيطانية في تحريف المجتمع

وفي السياق، يؤكّـد الباحث في الشأن الإسلامي، الدكتور يوسف الحاضري، أن الشهيد القائد -سلامُ الله عليه- يتحدث من واقع قرآني وواقع ميداني معاش وأن جميع محاضراته تأتي من نظرة على الأحداث ونظرة على القرآن.

ويشير إلى أن الجغرافيةَ السياسية والتاريخية تؤكّـد أن اليهود والنصارى يتحَرّكون في مختلف المجالات ومختلف الأصعدة، جاعلين هدفَهم العدائي الأول هو الدينَ الإسلامي، موضحًا أن اليهود سعَوا منذ فجر الإسلام إلى تحريف الإسلام وإفساد المسلمين رغم معرفتهم المعرفة التامة أن الدينَ الإسلامي والقرآن الكريم هو النهجُ القويم الصحيح.

ويذكر الحاضرِي أن اليهود والنصارى يعلمون علمَ اليقين أنه لا يمكن هزيمة المسلمين والانتصار عليهم إلا من خلال إفساد المجتمع الإسلامي وتضليله، مستدلاً بقوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم)، لافتاً إلى أن اليهود يدركون جيِّدًا أن أعظمَ سلاح يمتلكه المسلمون هو التمسكُ بالقرآن الكريم والثقة بالله.

ويتطرق إلى أن اليهود يحملون نفسية عدائية مطلقة نحو المسلمين، حَيثُ أنهم يعملون بمختلف الطرائق والوسائل التي تؤدي إلى اختراق المسلمين وحرفهم عن مسارهم الصحيح.

ويقول الحاضري: اليهود يحرصون على جعل الأُمَّــة الإسلامية في حالة سُبات عميق بعيدين عن دينهم الإسلامي وواقعهم الحقيقي الذي ينبغي أن يكونوا عليه، فيعمل اليهود والنصارى على إغراق المسلمين في ثقافات مغلوطة وأُطروحات كاذبة وذلك من خلال عملائهم الذين تم غرسهم في أوساط المسلمين كالحركة الوهَّـابية وغيرها من الحركات الدينية والسياسية التي تُنَفِّذُ أجندةً صهيونيةً بامتيَاز.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com