القرآن الكريم.. منهاج حياة متكامل


المسيرة -محمد الكامل

يقدِّمُ قائدُ المسيرة القرآنية الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، قراءةً شاملةً للخطاب القرآني، ليعيدَ تقديمَه في الواقع كمنهج للحياة ينهض بالأمَّة ويعيدَ بناءَها ويحصّنَها ضد الأخطار المحدقة بها ويستعيد رؤيتها لذاتها وللآخر ويستنهضها لمسئولياتها ليس في مواجهة عدوها فحسب، بل ولدورها الرسالي والحضاري الحقيقي والمُغيَّب في هذه الحياة.

ويرسم المشروع القرآني، للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، مساراتٍ واضحةً ومحدّدة للنهضة بالأمَّة، كما يضع أُسُسًا تقوم عليها تلك النهضة على المستويات الاقتصادية، والسياسية، والإعلامية، والاجتماعية.

وعقد قطاعُ المساجد بالهيئة العامة للأوقاف قبل أَيَّـام بصنعاء ندوة علمية بعنوان “القرآن منهج حياة متكامل”، شارك فيها عددٌ من الباحثين والمرشدين والناشطين.

ويوضح رئيسُ الهيئة العامة للأوقاف، العلامة عبدالمجيد الحوثي، نظرةَ القرآن وعلاقته بالعلم الإلهي للكون وآياته وحقائقه العلمية التي كشفها وبينها للبشرية؛ باعتبَار القرآن دستوراً شاملاً ومنهجاً كاملاً.

وتحدث الحوثي خلال ورقة عمل قدمها في الندوة تحت عنوان “السماوات حسب القرآن الكريم هي طبقات الغلاف الجوي” حول النظريات الموجودة عن مفهوم السماوات وتركيبتها وصفاتها، والغلاف الجوي وتركيبته وفوائده وطبقاته في القرآن الكريم وأهميته في مساعدة الإنسان على الحياة في كوكب الأرض من منظور العلم القرآني كمرجعية علمية إلهية.

ويؤكّـد أن علم القرآن بالكون واسع وعميق وزاخر كالبحر يبين عظمة الخالق في صنعه بصورة بديعة ونظام دقيق محكم ليكون مسخراً للبشر، مُشيراً إلى القرآن سبق كافة العلوم وتفرد فيها فيما يتعلق بخلق السماوات والأرض وما تحتويهما من طبقات ونجوم ومجرات وكواكب وغلاف جوي، ما يحتم الاهتمام بالبحث العلمي في ثنايا القرآن عن الكون الفسيح وحقائق تركيبه وأحجامه والمسافات التي تفصل مجراته، ومجموعاته ونجومه وكواكبه.

من جانبه، يؤكّـد عضو الدائرة الثقافية لأنصار الله، يحيى قاسم أبو عواضة، خلال حضوره الندوة أن القرآن الكريم منهج للحياة وأن الشهيد -رضوانُ الله عليه- له فضلٌ كبيرٌ حين قدم القرآن الكريم كتابَ هداية في كُـلّ شؤون الحياة، وأن المشروع القرآني قائم على هذا الأَسَاس، حَيثُ إن الشهيد القائد لم يركز على جانب معين حول الصلاة والزكاة والصيام وغيرها، وإنما أولى تركيزه على هذه الأمور، وركز أَيْـضاً على أمور الحياة الأُخرى؛ باعتبَار أنها جزء مما هدى القرآن إليه في مظاهر هذه الحياة.

ويضيف أبو عواضة في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “وتأتي أهميّة هذه الندوة؛ باعتبَارها تبحث في هذا الموضوع وإن شاء الله، يكون هناك مشاريع أوسع وأكبر في المستقبل، وحول علوم القرآن الواسعة جِـدًّا والمرتبطة بشؤوننا وحياتنا”.

ويشير إلى أن أهم ما في القرآن الكريم أنه منهج للحياة ومرتبط بشؤون الحياة، والنبي صلوات الله عليه وعلى آله، لم يأت ليقرأ عليهم القرآن ثم انتهت مهمته، بل كان يعمل على بناء الحياة على أَسَاس القرآن الكريم كمنهج حياة متكامل.

 

القرآنُ والعلوم الإنسانية

ومن خلال التدبر في آيات القرآن الكريم فَـإنَّ الأمور التي تناقش في العلوم الإنسانيّة مطروحة في القرآن الكريم أَو على أقل تقدير مطروحة بشكل أعم مما هو موجود في العلوم الإنسانيّة، كما أن القرآنَ الكريم كلام الله الذي أنزل لهداية الناس في جميع المجالات والشؤون، وعلى هذا النحو لا يمكن تصور عدم وجود علاقة بين القرآن الكريم وباقي العلوم وعلى الأخص العلوم الإنسانية، بل هناك علاقة بين المفاهيم القرآنية وبين العلوم الإنسانيّة، وهذه العلاقة أما هي على نحو العموم والخصوص أَو على نحو التساوي؛ ولذا فَـإنَّ الأمور التي تناقش في العلوم الإسلامية مطروحة في القرآن الكريم أَو على أقل تقدير مطروحة بشكل أعم مما هو موجود في العلوم الإنسانيّة.

ويقول عضو رابطة علماء اليمن، طه الحاضري: إن القرآن الكريم وحي الله وكلامه الذي أنزله عبر الأنبياء هدايةً للإنسان واستمرت هذه الهداية بالتنقل عبر الأنبياء إلى أن وصلت إلى النبي الخاتم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وبالتالي أصبح القرآن هو الوحي الإلهي الوحيد الموجود في الأرض بعد تحريف التوراة والإنجيل وبعد أن نسخ القرآن وهيمن الكتب التي قبله.

ويضيف الحاضري في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” قائلاً: ولذلك يعتبر القرآن هو الوثيقة الإلهية التي تنظم حياة البشر، وتفكير البشر وأهداف البشر وقيم البشر وغايات البشر، والسلوك وعلوم البشر وكلّ شيء بما يعني تنظيماً شاملاً للحياة متوافق مع الفطرة وَأَيْـضاً متوافق مع المصير الأخروي يوم القيامة، لافتاً إلى أن القرآن الكريم أعظم نعمة وفي نفس الوقت هو أعظم معجزة حفظه الله من التحريف “لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ”، “هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ”.

ويؤكّـد أن القرآن محلُّه قلبُ الإنسان وعقلُه ووجدانه وواقعه وسلوكه وأخلاقه في الميدان، ومن لا يطبق القرآن كمنهج حياة متكامل إنما يصبح القرآن هنا حجّـة عليه لا له، وعلى الطرف الآخر من يتعلم القرآن يتعلم تحمل المسؤولية ولا بدَّ أن يؤدي هذه المسؤولية في الميدان وهذا ما جرى.

ويشير إلى أنه حينما لا يوجد عمل لا توجد حركة في الواقع، حينما لا يوجد توجّـه حضاري على مستوى الأُمَّــة وعلى مستوى الفرد وعلى مستوى الشعب على مقتضى القرآن الكريم فَـإنَّ هذا الشعب يضل وهذا الإنسان وهذه الأُمَّــة؛ بسَببِ أنها ابتعدت عن النور القرآن الكريم.

ويزيد بالقول: إن الذي لا يعملُ بالقرآن يمشي في الظلام والذي لا يتدبّره يعيشُ في الظلمات، موضحًا أن القرآن كما قال الله سبحانه وتعالى يخرج الناس من الظلمات إلى النور والظلمات جمع ظلمة، وهي هنا ظلمةٌ اقتصادية ظلمة سياسية ظلمة نفسية ظلمة أخلاقية، مُضيفاً: بينما النور الذي هو الحق القرآن نورٌ أتى بالمفرد؛ لأَنَّ النور لا يتعدد، فلا وجودَ لعدة قرآنات ولا يوجد عدة هدايات، هي فقط هدايةٌ واحدة وهي نور واحد؛ لأَنَّ اللهَ واحدٌ لا شريكَ له.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com