سقوط النظام الدولي “الحربُ أبعدُ من أُوكرانيا”

 

د. مهيوب الحسام

إن هذا السعار غير المسبوق وهذا الصراخ والهستيريا وردود الفعل غير المسبوقة وغير المحسوبة من قبل أمريكا قائدة ما يسمى بالنظام الدولي المتهالك ومعها غربها الأُورُوبي التابع والخاضع لها ضد دولة عظمى كروسيا شريكة أمريكا في هذا النظام الدولي الإجرامي والمتماهية معها إلى حَــدّ ما فيما يخص جرائم هذا النظام المنتهي عمره الافتراضي وولايته أقلها منذ العام 1990م وهذه الشيطنة للرئيس الروسي بوتن الذي لم يقم بفعل شيء لم تقم به أمريكا عشرات المرات وبعنف وإجرام أضعافاً مضاعفة ضد دول وشعوب العالم التي تبعد عنها وعن حدودها آلاف الأميال من اليابان إلى فيتنام وأفغانستان والعراق والصومال وليبيا وسوريا واليمن وهذه العقوباْت والعزل… إلخ، ليست ناتجة عن قوة أمريكا ونظامها أبداً.

ورغم أن أمريكا هي من سعت بتصرفاتها وسلوكها مع روسيا للوصول إلى ما وصلت إليه الأمور في أُوكرانيا التي تنتمي مع روسيا لقومية واحدة في الأصل وهي ليست أمريكية ولا أُورُوبية ولا أسترالية وهي تمثل بالنسبة لروسيا خاصرتها وعمقها الجغرافي والجيو استراتيجي وامتدادها الديمغرافي ومجالها الحيوي وأمنها القومي وبعدها التاريخي، ومع أن أمريكا هي من دفعت بأُوكرانيا إلا أن ردة الفعل الأمريكية الغربية غير المتزنة وغير المنطقية هي ناتجة عن الخوف والرعب الذي تعيشه أمريكا من مواجهة لحظة الحقيقة المرة ورعبها من انكشاف سقوطها وانكشاف زيف قيمها وديمقراطيتها وتعريها أمام العالم كله فهي تصارع السقوط بضعفها لا بقوتها مع عجزها التام عن لملمة ورق التوت الساقطة عنها.

ومن هنا نستطيع القول وباختصار بأن هذا النظام الدولي الإجرامي قد سقط فعلياً وأصبح من الماضي وأن قيادته قد فشلت في تمديد عمره وأن صمود وثبات محور المقاومة من طهران لفلسطين ولبنان وسوريا وأفغانستان والعراق إلى اليمن الذي أعاد روسيا إلى الواجهة ولعب دورها ومعركته مع أمريكا قد آتت أُكُلَها وأن هذه المعركة قد حسمت والحرب في أُوكرانيا انتهت وأن أمريكا قد هزمت في هذه المواجهة وأن أمريكا ومعها غربها الأُورُوبي في قادم الأيّام ستكون مضطرة ومجبرة على الجلوس للتفاوض مع روسيا ليس على أُوكرانيا وإنما على ما بعد أُوكرانيا وعلى قواعدها العسكرية التي بنتها في دول أُورُوبا الشرقية بعد العام1990م.

إن أمريكا التي قادت هذا النظام الدولي بكل عجرفة وغطرسة وغرور واستكبار وطغيان وإجرام ووحشية منقطعة النظير منذ العام 1945م لا تزال حتى الآن تكابر وتمضي في أوهامها بأنها قائدة للعالم وقائدة نظامه الدولي وحامية حمى الأمن والسلم الدوليين المليء بالمآسي والكوارث والجرائم الأمريكية قد انتحرت ونظامها الدولي بغزوها لأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن والآن تطلق على غربها الأُورُوبي رصاصة الرحمة وببندقية روسية، وعليه فَـإنَّ أمريكا راحلة من العراق وسوريا واليمن وأن ساعة زوال كيانها الذي ترعاه بعدما زرعه الاستعمار البريطاني في قلب الأُمَّــة في فلسطين قد أزفت، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com