التربيةُ والتعليمُ من منظور المشروع القرآني

 

محمد يحيى فطيرة

حرص المشروع القرآني الذي أرسى معالمه الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-، على الاهتمام بالعلم والتعليم، حَيثُ أكّـد شهيد القرآن في العديد من الملازم على ضرورة مواكبة العالم فيما يخص التطور العلمي والتكنولوجي، وبما يجب علينا كأمَّة عربية وإسلامية أن تكون متعلمه ومثقفة ومصنعة وأن لا نضع ثقتنا كَثيراً بالغرب.

وخلال السنوات الماضية جعلت المسيرة القرآنية ومعها حكومة الإنقاذ الوطني ممثلة بوزارة التربية والتعليم، تطوير التعليم والمناهج الدراسية نصب أعينها، بعد أن كانت دول الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وأدوتهم من الأعراب الخليجيين هم من يحدّدون تلك المناهج لطلاب الدول العربية ويشرفون على طباعتها بتواطؤ مباشر من الأنظمة البائدة السابقة، ومنها اليمن التي كان السفيران الأمريكي والسعوديّ هما الحاكمين الفعليين داخل العاصمة صنعاء، وبالتالي فَـإنَّنا نشهد اليوم نقله نوعية في قطاع العليم بعد أن تحرّرت الكتب الدراسية من التبعية والوصاية؛ باعتبَار العملية التعليمية جبهة متكاملة في مواجهة العدوان لا تقل شأناً عن الجبهة العسكرية.

وتدرك المسيرة القرآنية وكل أبناء اليمن اليوم أن التربية والتعليم هي المحرك الأَسَاسي لبناء العقول ورقي المجتمعات والأفراد وتطور البلدان، ونقل الثقافة من جيل إلى آخر، بعد أن كان النظام السابق يتعمد تجهيل الشعب؛ بهَدفِ ضمان بقائه في الحكم، حَيثُ تقوم العملية التعليمية على تربية الضمير والوجدان، وتنمية الإحساس، وتهذيب الشعور الإيمَـاني، وتحسين السلوك والأخلاق.

كما أن العلاقة بين التربية والتعليم شاملة وتكاملية لا يمكن الفصل بينهما فالمحور الأَسَاسي الذي تقوم عليه هو الإنسان، وذلك من خلال تفاعله مع مجتمعه وأمته، فإذا تم إهماله فَـإنَّ النتيجة فساد المجتمع بأكمله، فالتقدم والرقي لا يتحقّقان بالمال ولا بالسياسة وإنما بإعداد جيل مثقف، وواعٍ قرآنياً وإيمَـانياً وقادرٍ على فهم المؤامرات والأخطار التي تحاك ضده وضد بلده وأبناء جلدته، بعد أن باتت اليوم الحروب قائمة على العقول وأصبح في إمْكَان أية دولة أن تستهدف أُخرى بضغطة زر.

دول الغرب اليوم تتباهى بقوة العلم لديها وامتلاكها العلماء والمفكرين بعد أن كان المسلمون في كُـلّ مشارق الأرض ومغاربها هم من يخدمون البشريةَ عبر اختراعاتهم وابتكاراتهم المُستمرّة إلى اللحظة سواء في الطب أَو الرياضيات أَو التاريخ أَو غيرها، كيف لا وقد بزع التعليم القرآني والتربية الإيمَـانية منذ ظهور الإسلام وقد شكل الرسول الأعظم مدرسة عظيمة تتجلى آياتها حتى قيام الساعة؛ لأَنَّ منهجها وكتابها هو القرآن الكريم لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الجمعة: 2].

ولذا فَـإنَّ المجتمع الإسلامي يعتبر من أرقى المجتمعات في مجال التربية والتعليم، وتنمية الفرد، ونهضة الدول، فما يميز أُمَّـة عن أُخرى هو تعليم أفرادها ونوع التربية السائدة فيها، والتعليم والتربية من أَسَاسيات النهوض في أي مجتمع، وهي من أبرز الأمور المهمة في الحياة الإنسانية.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com