عَلَمُ الهدى ورجلُ المرحلة

 

سارّة الهلاني

ليس سهلاً الحديث عن هامة إيمَـانية ونموذج قرآني كشخص السيد حسين بن بدرالدين الحوثي -رضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- فما يمنحنا القوة على محاولة إعطائه حقه في التعبير عنه الذي لا توفيه سطور ولا تكفيه مجلدات، هو العشق الروحي والتعلق النفسي بشخصيته الاستثنائية في زمن تشابهت البشرية غفلةً، وتوحدت خنوعاً وتوافق صمتها إزاء تجذر انحلال الأُمَّــة عن مبادئ هُــوِيَّتها وانفصلت عن دينها مواكِبةً للركب الغربي الصهيو أمريكي.

فهذه الأيّام التي هي ذكرى استشهاد حليف القرآن وخير خلف لأئمة الهدى السيد حسين الحوثي، هي ذكرى استلهام واعتبار، يستلهم منها كُـلّ مهتدٍ المنهجية الدامغة، والحركة الإيمَـانية المُستمرّة، والمسيرة القرآنية النابضة، ويعتبر بها وبكل أحداثها كُـلّ حملة الحق، بإيمَـان الشهيد القائد القوي الذي غيّر كُـلّ موازين قوى عصره وثباته الأُسطوري الذي صنع نصراً أبدياً، ويُحتذى بمواقفه الشمّاء الصادقة التي أبانت معالم مشروعه الأَسَاسية، كعلم هدى مُصطفى لإنقاذ الأُمَّــة من شفا حفر التيه والضلال والكفر، ورجل مرحلة عصيبة، الأُمَّــة أحوج ما تكون إلى عقل فطن نابغ الفكر والعقيدة وروح تقية مؤمنة عصية على الضيم والذل والفساد.

ما زالت حركة الشهيد القائد تجسد المعالم الرئيسة التي تحَرّك بها وأرسى دعائمها في بنيان مشروعه القرآني وربط بها الأُمَّــة كصمام أمان لها ولعل أبرزها كالتالي:

في حين أن تعاطي الأُمَّــة وعلمائها مع القرآن الكريم كان محصوراً وبأُطر ضيقة، وفق مبادئ مذهبية وقواعد وضعية، فقد عمد الشهيد القائد إلى دعوة الأُمَّــة إلى القرآن ومحورية نصوصه القرآنية، انطلاقاً من قاعدة {عين على القرآن وعين على الأحداث}؛ ليقدم القرآن ككتاب هداية يرتبط بالواقع ويواكب كُـلّ الأحداث والمتغيرات.

لأَنَّ الشهيد القائد حمل هم الأُمَّــة، وأهمه سبب واقعها السيء وتخاذلها عن مسؤوليتها، فقد استطاع تشخيص العلة فيما هي عليه فرأى أنها تعيش أزمة ثقة بالله، فكان أهم معلم لمشروعه هو [تعزيز الثقة بالله] متوجّـهاً بأولى خطواته لتعزيزها التي لا تتحقّق إلا بمعرفة الله سبحانه وتعالى من خلال القرآن الكريم.

حينما لاحظ الشهيد القائد تفرق الأُمَّــة الذي جعلها تعيش واقعاً ضعيفاً ومهزوماً وصنع تيهاً على كُـلّ المستويات، دعا لوحدة الأُمَّــة التي لا تستقيم حياة البشرية إلا بها من خلال الاعتصام بحبل الله وأخذ كتابه وكامل توجيهاته بقوة والتزام.

لأَنَّ الحالة التي طغت في أوساط الأُمَّــة هو [غياب الشعور بالمسؤولية وتحملها]، تجلى فيها معالم الارتداد والارتماء في أحضان أئمة الكفر، حرص الشهيد القائد على إحياء الشعور بالمسؤولية في واقع الأُمَّــة وفي أوساط كُـلّ مجتمعاتها.

ولغياب الشعور بالمسؤولية تحولت الأُمَّــة إلى لقمة سائغة سهلة المنال أمام أعدائها، تلقت بها ضربتين “ضربة من الله؛ بسَببِ تفريطها، والأُخرى من أعدائها”، فقد أيقن أن معول التغيير ورؤية النجاة هي إحياء الروحية الجهادية بمفاهيمها الإيمَـانية وثقافتها الواعية.

في حين أن اليهودَ والنصارى وظّفوا كُـلَّ طاقاتهم وإمْكَانياتهم وقواهم السياسية في نهش الأُمَّــة ومحاربتها ثقافيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا شكّل الشهيد القائد منهجية عملية تنمي سخط الأُمَّــة ضد أعدائها وتجعلها بمستوى المواجهة، تمثل في رفع الشعار ومقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية.

فَـإنَّه يلحظ للجميع عبر هذه المعالم أن عمل الشهيد القائد هو عمل بناء للأُمَّـة، واستنهاض هممها، واستنقاذها من الباطل، وهدايتها للنور والصلاح، فلمس العدوّ قبل الصديق ثمار مشروعه التنويري واقعاً وحقيقة تُرى، وأهمُّ ثماره معية الله الجبار ثم القيادة القرآنية المتجلية في السيد القائد، ولولا مشروعُه الرباني لكنا قد طُمسنا وسُحقنا، وَأَيْـضاً عودتنا للمنهجية القرآنية التي حفظت لنا هُــوِيَّتنا الدينية اليمانية، وكثير من النتائج الجلية والنعم العظيمة لجدوائية منهجية السيد حسين التي لو لم تكن لما كنا ولن نكون.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com