المشروعُ القرآني في سطور

 

هنادي محمد

مشروع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- قرآنيٌّ بالدرجةِ الأولى، انبثقت رؤاه وأفكاره ومرتكزاته من كتاب الله -جل شأنه-؛ ولذلك كان وما زال مشروعاً شهد -بنجاحهِ وعالميته- تمدُّدُ نورهِ إلى ما دون الجرف الذي ارتقت فيه روحه الطاهرة.

الشهيد القائد شخّص الواقع العام للأُمَّـة وتحسّس مكامِنَ الخلل بنظرة عميقة تجاوزت سطحيةَ الرؤية الجامدة فقدّم الحلَّ والمَخْرَجَ في زمن اللا حَـلّ، اكتشف الداءَ ووصف الدواءَ لتماثل الشعوب العربية المسلمة للشفاء من أسقامها التي تعانيها؛ بسَببِ انفصالها عن كتاب الله وعدم تدبُّرِها له واتِّباعه كمنهج حياة، باشر متكلاً على الله، واثقاً به تمامَ الثقة إلى إيقاظ الأُمَّــة من سُباتها العميق وغفلتها الكبيرة عن واجباتها ومسؤولياتها.

حرص على إعادة الهُــوِيَّة الإيمَانية المسلوبة منها وانتشالها من مستنقع الضلال، وإخراجها من عتمة الظلام الدامس الذي تتخبط فيه، فعمل على إلقاء محاضراتٍ تنويرية توعوية لم تتجاوز النصَّ القرآني الصريح ولم تغفل عن الأحداث الدائرة والمستجدة في الساحة وبهذا جعل للفكر القرآني عينَين: عينٌ على القرآن، وعينٌ على الأحداث، فطرقت خُطبه وخطاباته مسامع الناس تذكيراً وتنبيهاً وتحذيراً من مغبَّة الجمود والقعود، وكما يقال ما كان من القلب يصل إلى القلب، ولأن الشهيد القائد كان صادقاً ومسؤولاً في حمل همّ الأُمَّــة، وصلت مشاعره الإيمَانية التي لطالما شاهدناها مرسومة على قسمات وجهه إلى الألباب الواعية بالرغم من أن البيئةَ التي انطلق منها -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- كانت بيئة مليئة بالتحديات والصعوبات، طابعها الصمت والسكوت، وواقعها الخضوع والخنوع للظالمين والمستكبرين وعليها فلا يمكن لصوتٍ أن يعلو فوق صوتهم، ولا إرادَة يمكن أن تمضي سوى إرادتهم، فأتى هذا المشروع الثقافي للشهيد القائد الذي عموده وعامل قيامه وديمومته هو لا شك العامل الإلهي؛ لأَنَّه مشروعٌ تفرّد بنهضة كسرت كُـلّ تلك القيود المفروضة التي كبّلت الأيدي وألجمت الأفواهَ وشلّت الحركة وخدّرت الشعوب وجعلتها مسيّرة القرار والتوجّـه.

تحَرّك -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- بمسيرةٍ قرآنية داعياً إلى كتاب الله، مصححاً للثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة التي حرفت بوصلة الواجبات والمندوبات للمسلمين ودعا إلى الجهاد في سبيل الله ومقارعة الباطل وإزهاقه، وأولى خطوات هذا التحَرّك العملي كان البراءة من أعداء الله بإطلاق شعار الصرخة في وجه من جنوا على الأُمَّــة وأوصلوها إلى ما صلت إليه من وضع مأساوي مهين، وحينها استشعر العدوّ الخطورة المحدقة به نتاج حالة اليقظة التي أحدثها المشروع القرآني فمدّ حبله وسوط غضبه وأسرع بجلد وصد الناس عن الاستجابة والتحَرّك مستخدماً مختلف وسائل القمع من سجن وتشريد وعزل، فباءت جُل محاولاته بالفشل الذريع، ولم يجد أمامه غير أكُفٍ ترفع إلى عنان السماء مكبّرة لله صارخةً بالموت لهم بكل ثبات وشجاعة فتحوّلوا إلى استخدام حيلة العاجز وهي “القتل”، فشنت الحرب من قبل النظام الحاكم آنذاك وبرعاية ومباركة وإشراف أمريكي قدّموا فيها كامل الدعم والمساندة للسلطة الجائرة؛ بهَدفِ إسكات صوت الحق وإخماد الروح الثورية والجهادية ودفنها حيثما توقّدت، تتابعت ست حروب على أبناء محافظة صعدة دمّـرت فيها معالم الحياة، أَو بالأصح أطفئ نبضُ الحياة تحت غطاء إعلامي دعائي تضليلي ظنّاً منهم أن الشهيد القائد سيتراجع، لكن إرادَة الله أذنت بولادة جديدة للأُمَّـة من بلد الإيمَان والحكمة ومن قلب جرفٍ جرفَ معه سيلاً من المتجبرين، وعلى يد جندي من جنوده نهض من أقصى بلده ليحيي أُمَّـة بكاملها، ومنذُ ذلك الوقت وإلى اليوم وجدنا شاهداً حياً على عظمة المشروع القرآني لو لم يكن منها إلا العدوان الراهن من قبل قوى الاستكبار العالمي، وبفضل الله ثم بفضل دماء الشهيد القائد حُفظ لنا ماء وجهنا ودسنا بأقدام مجاهدينا الحُفاة وجوه الغزاة والمحتلّين.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com