أزمة وقود خانقة بصنعاء .. تصعيد أمريكي شامل ضد اليمنيين

استمرار الأزمة ينذر بكارثة إنسانية على كافة الأصعدة

المسيرة | عباس القاعدي

في ظل العجز الأممي والصمت الدولي المطبق، يواصل العدوان الأمريكي السعوديّ حصاره الظالم على الشعب اليمني منذ سبع سنوات عبر أعمال القرصنة البحرية الرامية إلى إعاقة وصول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، في انتهاك سافر للمواثيق والقوانين الدولية والإنسانية، ما فاقم من الأوضاع المعيشية والاقتصادية على اليمنيين دون استثناء، حيث دقت القطاعات الخدمية والمستشفيات والمراكز الحيوية بأمانة العاصمة وكلّ المحافظات، ناقوس الخطر، جراء استمرار احتجاز سفن المشتقات النفطية، التي تنذر بكارثة إنسانية في اليمن تتسع رقعتها يوماً بعد آخر، إذ سيفاقم الأوضاع وسيزيد من معاناة المواطنين نتيجة توقف القطاعات الخدمية والحيوية عن أداء خدماتها وخاصة القطاع الصحي، حيثُ أوشكت عدد من المستشفيات والمراكز الصحية على التوقف عن تقديم الخدمات للمرضى نتيجة نفاذ المشتقات النفطية.

مبادرة شاملة لحل الأزمة

وفي هذا الشأن يقول المتحدث الرسمي باسم شركة النفط اليمنية عصام المتوكل، إن جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، شهدت خلال الأيام الماضية، أزمة حادة في المشتقات النفطية، جراء الحصار الذي تفرضه دول العدوان على سفن الوقود ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة.

ويوضح المتحدث باسم شركة النفط المهندس عصام المتوكل، أن هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، وأن اليمن يعاني منها منذ ارتفاع وتيرة الحصار منتصف 2020، حيث يتم القرصنة على سفن الوقود من قبل قوى العدوان، مع أن هذه السفن ليس لها علاقة بالجانب العسكري.

وأضاف المتوكل أنه خلال الفترة الماضية كان يدخل إلى صنعاء وغيرها ما نسبته 25 إلى 30 % من الاحتياجات الفعلية من المنافذ البرية الواقعة تحت سيطرة مرتزِقة العدوان، والتي كانت تعمل على تنشيط الحركة في هذه المحافظات، لكنها توقفت منذ أيام بسبب المشاكل الحاصلة بين المرتزِقة أنفسهم، وهو ما فاقم الوضع ليس في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات صنعاء وإنما في المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإماراتي والسعوديّ جنوب وشرقي اليمن.

وبحسب المتوكل فأن شركة النفط اليمنية، قدمت مبادرة لحل مشكلة انعدام المشتقات النفطية، وأن لديها القدرة على توفيره في جميع المحافظات اليمنية، شريطة سماح قوى العدوان لدخول السفن إلى ميناء الحديدة، موضحاً أن الشركة اضطرت لطلب سفينة بنزين إسعافية، وقد تم تفتيشها من قبل الأمم المتحدة في جيبوتي، إذا لم يتم اعتراضها وقرصنتها من قبل قوى العدوان، لافتاً إلى أن هناك 6 سفن نفطية لا تزال في عرض البحر ولم يتم السماح لها بالدخول إلى الميناء.

وطالب المتوكل الأمم المتحدة بالضغط على قوى العدوان للسماح لدخول هذه السفن وإنهاء أزمة المشتقات النفطية التي تضر باليمن، مؤكداً أن استمرار الأزمة سيفاقم الوضع وفي المقدمة الجانب الصحي، حيث توقفت بعض المستشفيات عن العمل بسبب هذه الأزمة، كما تضررت قطاعات المياه والصرف الصحي والنظافة، وهذه ستؤدي إلى كارثة مع استمرار العدوان.

جريمة حرب متكاملة

وحول أضرار القطاع الصحي جراء أزمة المشتقات النفطية وحصار العدوان المستمر على سفن الوقود يقول مدير مكتب الصحة العامة والسكان بأمانة العاصمة، الدكتور مطهر المروني، في تصريح خاص لصحيفة المسيرة ، إن انقطاع المشتقات النفطية ومنع دخول السفن ووصولها إلى ميناء الحديدة واحتجازها، باتت معضلة حقيقة أمام المنظومة الصحية والخدمية، تسبب بضرر كبير وتأثير سلبي وخطير على المستشفيات والمراكز الحكومية والخاصة وربما تسبب بكارثة حقيقية للمواطنين والمرضى في هذه المرافق، مؤكداً أن الإخوة في المستشفيات والمراكز ومصانع الأكسجين يشكون من نفاد كمية مادة الديزل ويطالبون بتوفيرها، ولهذا فإن احتجاز سفن الوقود من قبل العدوان يسبب خلال الأيام القادمة في توقف قطاعات ومنشآت حيوية، في سابقة هي الأخطر من نوعها يتعرض لها الشعب اليمني.

ويشير المروني إلى أن هناك صعوبة كبيرة جداً في توفير مادة الديزل لتشغيل المرافق الصحية التي تحتوي جميع الخدمات الأساسية منها خدمات الطوارئ والعناية المركزة والحضانات وإجراء العمليات بالإضافة إلى مصانع الأكسجين التي بدأت بعضها بالتوقف عن الإنتاج وتوفير أسطوانات الأكسجين الطبي في المستشفيات العامة والخاصة في عموم المحافظات.

ويؤكد مدير مكتب الصحة العامة والسكان بأمانة العاصمة، أن منع وصول المشتقات النفطية جريمة حرب متكاملة ومتعمدة لقتل اليمنيين في كل المستشفيات التي ربما تتحول إلى مقابر جماعية لكل المرضى الذين داخلها خصوصاً مرضى الغسيل الكلوي ومرضى الأورام السرطانية بالإضافة إلى مرضى العنايات المركزة وحضانات الأطفال والطوارئ وفي جميع الأقسام الخاصة بعلاجهم.

ولفت المروني إلى أن أزمة المشتقات النفطية شكلت صعوبة كبيرة للأطباء والكوادر الطبية والعاملين من وصولهم لتأدية الخدمة وعائق أمام كل الأطباء للوصول إلى المستشفيات جراء ارتفاع أسعار المواصلات التي أصبحت مشكلة أخرى للمرضى الذين أصبحوا لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات لتلقي العلاج بسب ارتفاع أجرة المواصلات خصوصاً القادمين إلى صنعاء من المحافظات أو من القرى إلى المحافظات أو صنعاء.

ولأن الأمم المتحدة وراء الحصار المباشر لليمن، حمل مدير مكتب الصحة العامة والسكان بأمانة العاصمة الدكتور مطهر المروني، الأمم المتحدة ودول العدوان كامل المسؤولية إزاء حدوث كارثة صحية تهدد حياة آلاف المرضى والأطفال والنساء، نتيجة الحصار ومنع دخول سفن المشتقات النفطية رغم حصولها على تصاريح أممية، مؤكداً أن استمرار احتجاز سفن الوقود يؤدي إلى توقف الخدمات الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية ويتسبب بكارثة إنسانية لا يحمد عقباها.

كارثة إنسانية

وفي مجال المياه انعكست الأزمة على ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وهذا ما يؤكده المواطن عبدالله الوصابي في تصريح خاص للمسيرة: أن سعر وايت الماء ارتفع بنسبة 90%، بسبب أزمة المشتقات النفطية وارتفاع سعرة في السوق السوداء نتيجة الحصار والعدوان من عدم السماح لسفن الوقود بالدخول إلى ميناء الحديدة.

من جهته يقول مدير المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بأمانة العاصمة المهندس محمد الشامي، إن استمرار احتجاز سفن الوقود يؤدي إلى توقف خدمات المؤسسة وحرمان سبعة ملايين مواطن من مياه الشرب وتوقف آبار ضخ المياه.

واستنكر استمرار جرائم العدوان والحصار، في ظل صمت دولي وتقاعس أممي والتنصل عن القيام بواجبها وعدم الاستجابة لمطالب إطلاق سفن المشتقات النفطية رغم حصولها على تصاريح أممية، محملاً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ودول العدوان، تداعيات حدوث كارثة إنسانية بحق الشعب اليمني إزاء القرصنة البحرية واستمرار احتجاز السفن النفطية.

أضرار نفسية واقتصادية

وبخصوص أضرار القطاع الاقتصادي جراء استمرار حصار سفن الوقود، يقول الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة المالية الدكتور يحيى علي السقاف، في تصريح خاص لصحيفة المسيرة، إن حصار العدوان الأمريكي واحتجاز سفن الوقود ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة سبب أزمة خانقة في المشتقات النفطية، و لها آثار سلبية على حياة المواطنين وتزيد من معاناتهم منها الأضرار النفسية التي يتعرض لها الشعب، وكذلك أضرار جسيمة تلحق بالقطاع الاقتصادي على المستوى القريب والبعيد، مبيناً أن الأسواق المحلية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الانقاذ، تعيش اختناقاً حاداً في المشتقات النفطية منذ أيام نتيجة استمرار قرصنة دول العدوان على السفن المحملة بالمشتقات النفطية وهذه السفن تابعة للقطاع الخاص اليمني وليست لحكومة الإنقاذ الوطني أو شركة النفط والتي جرى استيرادها وفق نظام الاستيراد المعتاد بشكل سليم وقانوني ورغم ذلك تتعرض للقرصنة ويعتبر ذلك استهدافاً مباشراً للقطاع الخاص الذي يتولى تغطية الواردات في الأسواق من الغذاء والدواء والوقود وهذا له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني في عزوف أغلب التجار عن القيام بذلك حتى لا يخسروا رؤوس أموالهم ويأتي ذلك في ظل عدم قدرة القطاع الحكومي بالقيام بهذه المهمة وتغطية الاحتياجات الضرورية والأساسية للمواطنين بسبب الحصار والقيود على الصادرات والواردات التي وضعتها دول العدوان.

ويؤكد السقاف أن أزمة المشتقات النفطية ألحقت أضراراً جسيمة في الاقتصاد الوطني على انخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية وانهيارها ومن تلك الآثار والأضرار لمنع دخول السفن النفطية وارتفاع أسعارها رفع سعر التكلفة التي تؤدي إلى الزيادة في قيمة مدخلات الإنتاج للمنتجات الصناعية والزراعية وبالتالي زيادة سعر المنتج الذي يضر بعدم قدرة المواطن على شراء احتياجاته الضرورية للعيش.

مؤشرات خطيرة

ويوضح الخبير الاقتصادي الدكتور السقاف، أن لاحتجاز سفن الوقود من قبل العدوان والأزمة الخانقة مؤشرات أخرى سوف تنعكس على السوق المحلية حيث ستعمل على تراجع كبير في حركة النقل الداخلي بين المدن اليمنية تصل إلى أكثر من 50% ويرافق ذلك ارتفاع في تعرفت النقل عما كانت علية قبل الأزمة الأخيرة والأضرار والآثار نتيجة ذلك لن تتوقف وسوف تلحق بجميع القطاعات الاقتصادية والخدمية الأخرى مثل قطاع الكهرباء والمياه والصحة العامة، حيثُ سترتفع أسعارها وتتجاوز بنسبة أكثر من 50% وهي قابلة للارتفاع في ظل انعدام المشتقات النفطية ويأتي تضيق الخناق على ميناء الحديدة في كل مرة نتيجة تحقيق الجيش واللجان الشعبية انتصارات كبيرة سواء على المستوى العسكري أو السياسي.

ومن ناحية أخرى وبسبب الحصار الاقتصادي ومنع سفن الوقود والغذاء الدخول إلى ميناء الحديدة وبسبب القيود المفروضة على الصادرات والواردات وأن أغلب المنافذ الجمركية والضريبية تحت سيطرة العدوان ومرتزِقته، يوضح السقاف أن أغلب السلع والخدمات تأتي من المحافظات المحتلة وبسبب هذه الزيادة سيؤدي ذلك إلى الارتفاع بشكل نسبي وتدريجي في سعر السلع والخدمات وبالتالي وجود تضخم وسينعكس على انخفاض دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية ويؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام وسيترتب على ذلك أيضا أضرار وآثار مالية واقتصادية كارثية أخرى منها بصفة خاصة الانهيار والمعاناة في الجانب الإنساني والجانب الخدمي وعجز المواطن عن شراء احتياجاته الأساسية والضرورية من الغذاء والدواء بسبب الغلاء نتيجة ارتفاع التضخم وارتفاع أجور النقل بسبب ارتفاع سعر المشتقات النفطية نتيجة احتجاز السفن ومنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة.

أزمة مفتعلة من العدوان

ويعيش اليمن أزمة اقتصادية مركبة وحادة ناتجة عن حالة عامة من عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي وهذه الأزمة بتداعياتها المختلفة تدفع نحو انهيار شامل، بحسب التقارير الاقتصادية والمؤشرات التي تؤكد أن البلاد تتجه إلى أزمة وشيكة جراء استمرار احتجاز سفن الوقود التي تعتبر ضمن الحرب الاقتصادية التي يشنها العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن منذ سبع سنوات، والمجتمع الدولي في موقع المتفرج ولا يتدخل لوقف هذا الاعتداء الظالم على اليمن ونهب ثروات الشعب اليمني وأدت إلى ظهور تعقيدات كثيرة أمام الأنشطة الاقتصادية وإلى تضييق الخناق على القطاعين التجاري والمصرفي وعلى التبادلات التجارية الداخلية والخارجية.

وبحسب الدكتور يحيى السقاف الخبير الاقتصادي، فان أزمة المشتقات النفطية المفتعلة من العدوان أحدثت تغيراً في المستوى العام للأسعار وهذا من أهم العوامل المؤثرة على القوة الشرائية للمجتمع نتيجة تراجع حجم الطاقات الإنتاجية للاقتصاد الوطني والقيود المفروضة على تدفق مستلزمات وخدمات الإنتاج وارتفاع أسعارها وخاصة الوقود الذي ارتفعت أسعارها مقارنة بمستواها قبل العدوان ما ساهم في ارتفاع تكاليف الإنتاج والقصور أيضاً في عرض السلع المستوردة وارتفاع أسعارها بفعل القيود المفروض على الواردات وخاصة منع السفن المحملة بالغذاء والمحروقات من الدخول عبر موانئ الحديدة وأن استمرار معدلات التضخم بمعدلات مرتفعة متزامنة مع تدهور الدخل يعني استمرار تدهور القوة الشرائية للأفراد وبالتالي كمية الاستهلاك من السلع والخدمات وخاصة من الغذاء.

كما أن مثل هذا الاتجاه العام والمصحوب بذبذبات في الأسعار قد زاد من عدم الوضوح لدى المستوردين والمنتجين وانعكست سلباً على نشاطهم كما دفعت وبقوة بالأسعار نحو الارتفاع وبمعدلات مرتفعة ما ترتب عليه استمرار تراجع مستوى الاستهلاك الحقيقي حيث يعاني القطاع الخاص من تعسفات كبيره جراء قيام سلطة المرتزِقة من فرض المزيد من القيود على السلع الأساسية والثانوية ولا نستطيع إنكار أن لسعر المشتقات النفطية دوراً هاماً في زيادة الأسعار ويؤدي إلى التضخم في السلع والخدمات في الأسواق حيث يجب على الحكومة اتخاذ معالجات في توفير المحروقات واستقرار أسعارها لكي تقطع الطريق على كل المؤامرات في المستقبل للنيل من اقتصادنا الوطني.

إبادة جماعية

من جهته يقول الخبير الاقتصادي الأستاذ رشيد الحداد في تصريح خاص للمسيرة، إن احتجاز سفن الوقود ومنها من الوصول إلى الحديدة أداة من أدوات الحرب الاقتصادية التي يمارسها العدوان منذ سبع سنوات على الشعب اليمني، وورقة غير أخلاقية لمعاقبة الملايين من اليمنيين، متجاوزاً كل أخلاقيات الحروب.

ويوضح الخبير الاقتصادي الحداد، أن سفن الوقود التي تتعرض للقرصنة من قبل العدوان الأمريكي السعوديّ في جيبوتي أو قبالي ميناء الحديدة جميعها استوردت من ميناء الفجيرة الإماراتي وبطريقة رسمية وشفافة وبسعر البورصات العالمية، وطريقة استيراد الوقود هذه تدين دول العدوان وتسقط أية ذرائع أو مبررات قد تتخذها للدفاع عن جرائم القرصنة البحرية التي تمارسها ضد السفن.

وفيما يخص الأضرار الناتجة عن قرصنة العدوان على سفن المشتقات النفطية، يؤكد الحداد أن منع العدوان وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة تسبب في أضرار كبيرة على الجانب الاقتصادي، ولهذا فإن ذلك جريمة ترقى بتداعياتها إلى جريمة إبادة جماعية بحق الشعب اليمني، ولها أثر بالغ على مختلف القطاعات الخدمية والتجارية والإنسانية والإنتاجية، لأنها أداة حرب شاملة أضرارها وآثارها تعمق الأزمة الإنسانية في اليمن وتضاعف فاتورة العدوان والحصار.

 

 

 

 

 

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com