إعصارُ اليمن.. التأديبُ المتدرِّج

 

عبدالقوي السباعي

نقفُ اليومَ أمام مستوًى عالٍ جِـدًّا من الاحترافية لقواتنا المسلحة الفتية في توظيف الإمْكَانات والقدرات العسكرية بشكلٍ متزامن وضمن خطةٍ واحدة قابلة لاستيعاب كُـلّ الخيارات الميدانية الناشئة، ففي عملية إعصار اليمن (2)، تنوعت هذه العملية في قوتها وزخمها وفي تأثيراتها وبحسب الحاجة والتركيز التي أرادت قواتنا بلوغها.

ولاحظنا أن الضربات الصاروخية البالستية والطائرات المسيّرة المشتركة، التي تضمنتها العملية التأديبية، جاءت بصورةٍ تكامُليةٍ في أدوارها وبشكلٍ مدهشٍ واحترافي، برزت في اتساع أفق المسرح العملياتي وخطة العمليات وتكتيكاتها القتالية، وكثافتها ومدياتها وتنوع بنك أهدافها، كما أنها جاءت بتوقيتاتٍ مقصودةٍ، ظهرت رسائلُها التأديبية واضحةً، ممّا يؤهلها لأن تشكِّلَ في الوقت القريب مساراً مستقلاً من مسارات الردع الاستراتيجي والعقاب الجماعي لدول تحالف العدوان ومَن لَفَّ لَفَّهم.

لقد بات الجيشُ اليمني قادراً ومؤهلاً على تطبيق معادلات عسكرية معقدة وواسعة جِـدًّا، وبدقة متناهية، وبأفضل شكل ممكن، بل يتجاوز أعلى التوقعات، ويجعل تلك المعادلات أكثرَ تأثيراً مما تبدو عليه في مراحلها التخطيطية التي تعتبر أَيْـضاً من مهاراته الاحترافية، والتي تضاف إلى رصيد كبير وتراكمي من العمليات النوعية الواسعة والناجحة، سواءً في جبهات الداخل أَو في العمق من دول العدوان.

إن عملية إعصار اليمن بنسختيها الأولى في عمق العدوّ الإماراتي والثانية في العمقين السعوديّ والإماراتي، وفي جوهرها، إنما جاءت في إطار المعركة المصيرية العادلة للأُمَّـة اليمنية، والتي تعتبرها جزءاً من المعركة المصيرية الكبرى المتمثلة بتحرير فلسطين، ولذلك شاهدنا كيف كان العدوّ الصهيوني أول المولولين وأكثر المرعوبين منها، وخلالها تكشفت الحقائق أكثرَ فأكثر.

فتحالُفُ عدوانهم على اليمن كان مفيداً جِـدًّا، ليظهر جوهر هذه الأُمَّــة وهذه الأرض التي أنجبت هكذا شعب وقيادة، وهكذا مجاهدين وجيش وقوات، والتي لا يمكن أن تستسلمَ أَو تخضعَ لأية قوة، ولأي غاصب أثيم، بل.. وحركت في طريقها الروحُ الأصيلة الموجودة داخل كُـلّ عربي مسلم حر، نفض غُبارَ الانبطاح وروحَ التخاذل والانهزام التي كانت سائدةً في أوساط الأُمَّــة العربية، والتي أضحت اليومَ متجليةً في هذا المشهد اليمني العظيم، في هذه الانتصارات، في هذه التضحية والفداء.

إن الباطلَ والشر الذي يتمثلهُ تحالُفُ البغي والعدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي الصهيوني، مهما طغى وتجبّر، مهما تمادى في غيّه ووحشيته بحق اليمن واليمنيين، يظل أوهنَ من نسيج العنكبوت، وأَمَدُه أقصرَ من تاريخ صلاحيته على الأرض العربية، ونهايته باتت وشيكه، وسرعانَ ما سيشهد العالم المنافق، انهيار هذا التحالف وتهاويه أمام سطوة الحق المزلزل، الذي تتمثلهُ الأُمَّــة اليمنية المؤمنة الصابرة، والتي تسير دوماً في طريق الحق والخير والعدل.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com