بضوءٍ أخضرَ أمريكي تحالف العدوان يهدّد باستهداف موانئ الحديدة: هروبٌ متجدد من الفشل إلى الإجرام

 

المسيرة | خاص

في محاولةٍ للهروب من الصفعة المدوية التي وجّهتها له القواتُ البحرية اليمنية من خلال الاستيلاء على السفينة العسكرية الإماراتية التي انتهكت المياهَ اليمنية، لجأ تحالفُ العدوان الأمريكي السعوديّ -بمساندةٍ صريحة من واشنطن- إلى التهديد باستهداف وتدمير موانئ الحديدة، ووضعها في دائرة تصعيده الإجرامي المُستمرّ، تحتَ شعار “حماية الملاحة البحرية” الذي يبدو أن الرُّعاةَ الدوليين للعدوان يحاولون إعادةَ رفعه مرةً أُخرى لتضليل الرأي العام وتبرير استمرار الحرب والحصار وابتزاز صنعاء، في ظل صمت أممي مخزٍ من جانب الأمم المتحدة التي تشرف رسميًّا على تفتيش كُـلّ السفن الواصلة إلى الحديدة، غير أن هذا المسعى العدواني سيصطدم مجدّدًا بتحذيرات صنعاءَ العسكرية التي يستحيل تجاوزها.

 

الهروبُ إلى الإفلاس

لم يستطعْ تحالفُ العدوان تخطِّي الفضيحة الكبرى “والموثَّقة” التي شكَّلها الإعلانُ عن الاستيلاء على سفينة الشحن العسكرية الإماراتية، خُصُوصاً بعد فشل كُـلِّ محاولاته للتضليل بشأن طبيعة السفينة وحمولتها، فلم يجد أمامه سوى التهديد بقصف الميناء واعتباره هدفاً عسكرياً، على غرار “مطار صنعاء” قبله، في إطار التصعيد الإجرامي المُستمرّ ضد المؤسّسات المدنية.

وفي سياق اختلاق المبرّرات لاستهداف الميناء، لجأ تحالفُ العدوان -مرة أُخرى- إلى محاولة اللعب على ورقة “أمن الملاحة البحرية” وهذه المرة بضوءٍ أخضرَ أمريكي ترجمه بيانٌ لوزارة الخارجية الأمريكية تجاهل كُـلّ الحقائق الفاضحة التي عرضتها القوات المسلحة حول السفينة العسكرية الإماراتية، وحاول إظهارَ عملية ضبطها كـ”اعتداء” على “حركة التجارة في البحر الأحمر”!

وإمعاناً في التضليل، أضاف تحالف العدوان افتراءً آخرَ، غيرَ جديد أيضاً، إلى قائمة “المبرّرات”، وهو أن الميناءَ يستخدم لاستقبال وتجميع الصواريخ البالستية.

هذه المحاولةُ للهروب من الانكسار والفضيحة إلى الجرائم، تُرجمت بسرعة على الواقع من خلال إقدام تحالف العدوان على احتجازِ سفينتَي وقود حاصلتين على التصاريح الأممية، إحداهما تحملُ أكثرَ من 24 ألف طن من مادة المازوت لمصانع القطاع الخاص، والأُخرى تحمل (9.487) طناً من الغاز المنزلي، وذلك بالتوازي مع إعلان كذبة إضافية زعم فيها تحالف العدوان أنه تلقى “نداء استغاثة” من سفينة نفطية قبالة الحديدة، الأمر الذي اعتبره مراقبون محاولةً لتكريس مزاعم “حماية الملاحة” وتوظيفها في إطار تصعيدِ الجرائم والحصار المفروض على البلد.

 

صنعاء: نخوضُ معركةَ سيادة وسنرُدُّ على أي تهديد

صنعاءُ كانت لها ردودٌ واضحة وشديدة اللهجة على مزاعم وتهديدات تحالف العدوان، حَيثُ أكّـد رئيسُ الوفد الوطني المفاوض، وناطق “أنصار الله”، محمد عبد السلام، أن” اليمن معنيٌّ قطعاً بممارسة كامل الحق في الدفاع عن أمنه وأمن مياهه الإقليمية، مثل كُـلّ دولة معنية بالدفاع عن مياهها الإقليمية، وما حصل مؤخّراً قبالةَ مياه الحديدة باحتجاز سفينة شحن عسكرية إماراتية غير خاضع لأية مزايدة إعلامية أَو سياسية، هي معركة كرامة وسيادة وشعبنا مُستمرّ فيها حتى النهاية”

وَأَضَـافَ عبد السلام أن “ميناء الحديدة مغلَقٌ منذ قصفه بالطيران أواخر عام 2015 باستثناء ما ندر من عمليات إنسانية، ومع ذلك فَـإنَّ تهديد تحالف العدوان باستهداف المنشآت المدنية ليس جديدا، فقبل أَيَّـام قصف مطار صنعاء ومنشآت مدنية أُخرى بدعاوى سخيفةٍ، واختلاق المبرّرات والادِّعاءات الكاذبة هو ديدن هذا التحالف المفلس”.

وعلّق عضو الوفد الوطني المفاوض، عبدُالملك العجري، في السياق نفسه قائلاً إن: “السفينة روابي لم تكن تحمل بطيخاً بل عتاداً حربياً لحربنا وفي مياهنا، أما مزاعم التحالف بخصوص الميناء فأصبحت مثل مسمار جحا، فكل مدن وشوارع وملاعب ومطارات وموانئ وجسور اليمن أصبحت (في منطق العدوان) مخازن ومعامل للصواريخ، ولا دولة عظمى لديها هذا الترسانة”.

وَأَضَـافَ في رسالة مباشرة: “تعلمون أننا لا نملِكُ فائضاً من الصواريخ للتخزين بل للدفاع”.

بدوره، نفي نائبُ وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي “ما أورده تحالف العدوان من شائعات حول تلقّي ناقلة نفط مضايقات قبالة الحديدة”، وأكّـد أن “لصنعاء وحدَها الفضلُ في سلامة الملاحة البحرية، ولولا ضبط النفس لدى صنعاء لكان البحر الأحمر الآن ساحةَ مواجهات جراء النهج العدواني وممارسات القرصنة التي ينتهجُها التحالُفُ، بما في ذلك خطفه للسفن المرخصة أمميا”.

بهذه الرسائل الواضحة والمتماسكة، بلورت صنعاءُ موقفَها الثابتَ الذي لا يتزعزعُ بأية محاولات للتهديد أَو الابتزاز: فالعمل العسكري سواءٌ أكان بحريًّا أَو بريًّا أَو جويًّا، ليس مُجَـرّد ورقة للمناورة أَو التفاوض حتى يتأثر بالضغوط والتهديدات، بل هو نشاط دفاع مشروع عن النفس لا يمكن أن يتوقف إلا بتوقف الاعتداءات على السيادة اليمنية في البر والبحر، وليس لتحالف العدوان أَو أية قوة أُخرى أن تحدّد سقفَ ومكانَ هذا النشاط، وعلى هذا الأَسَاس، فَـإنَّ التصعيدَ الإجرامي لن يؤديَ إلى أية نتيجة سوى المزيد من عمليات الردع التصاعدية في كُـلّ ميادين المواجهة، وأما حريةُ الملاحة البحرية فآخر من يتحدث عنها هو من يمارسُ القرصنة منذ سنوات على سفن الوقود والغذاء، ويسعى لفرض سيطرته على الممر البحري لأطماع جيوسياسية، ومحاولة “تدويل” التهديدات والضغوط لن تغير شيئاً من واقع هذا الأمر.

 

قيادةُ محافظة الحديدة: التفتيشُ الأممي للسفن ينسفُ مزاعمَ العدوان

السلطةُ الوطنية في محافظة الحديدة أكّـدت أَيْـضاً على هذه الرسائل، ووضعت الأممَ المتحدة والمجتمعَ الدولي في قلب المشهد، لاختبار المعايير الدولية القانونية والإنسانية، مجدداً، أَو بالأصح لكشف فشل هذه المعايير وعبثيتها وخضوعها للمال والنفوذ، خُصُوصاً وأن مزاعمَ وتهديداتِ العدوان تُشَكِّلُ تحديًّا صارخًا للأمم المتحدة التي تشرِفُ على تفتيشِ كُـلِّ ما يدخُلُ إلى موانئ الحديدة.

وفي هذا السياق، أوضح محافظ الحديدة محمد عياش قحيم للمسيرة أن “تهديدَ العدوان باستهداف ميناء الحديدة ليس جديدًا وقد تم استهدافُه سابقًا”، وأن “صمت المجتمع الدولي أمام قرصنة العدوان لسفن النفط والغذاء، وتهديده باستهداف ميناء الحديدة يعكس الازدواجية تجاه الملف اليمني”

وَأَضَـافَ قحيم “على الأمم المتحدة أن تخجلَ من صمتها إزاء احتجاز السفن بعد خضوعها لآلية التفتيش الأممية”، مُشيراً إلى أن الشعب اليمني لن يقفَ مكتوف اليدين إزاء استمرار العدوان والحصار.

وجاء في بيانٍ صدر عن السلطة المحلية في المحافظة أَيْـضاً أن “تصريحات تحالف العدوان بشأن موانئ الحديدة محض افتراءات وأكاذيب، تكشف نواياه الخبيثة ونهجه الإجرامي”.

وأكّـد البيان أن “موانئ الحديدة تُعَدُّ الشريانَ الرئيسي لدخول الغذاء والدواء لأكثر من 80 % من أبناء الشعب اليمني المحاصر منذ سبعة أعوام”، وأن “ما يسوِّقُه تحالفُ العدوان من أكاذيبَ ليست إلا استمرارٌ لاستخدام الاقتصاد والغذاء كورقة حربٍ، في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية”.

وحمّلت السلطةُ المحلية بالمحافظة تحالفَ العدوان الأمريكي السعوديّ مسؤوليةَ “أية حماقة قد يُقْدِمُ عليها، وأي مساس بموانئ الحديدة والكارثة الإنسانية المترتبة على ذلك”، كما حملت الأمم المتحدة مسؤوليةَ صمتها المُستمرّ تجاه جرائم وتهديدات العدوان، “لا سيما وهي من تشرف على آلية التفتيش للسفن التي تدخل إلى موانئ الحديدة”.

وَأَضَـافَ البيان أن “إشرافَ الأمم المتحدة على آلية التفتيش للسفن التي تدخُلُ إلى موانئ الحديدة ينفي كُـلَّ مزاعم تحالف العدوان التي يستخدمُها كغطاءٍ لجرائمه الوحشية”، مؤكّـداً أن مسؤولياتِ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تقتضي تحَرُّكَهما لوقف تهديدات تحالف العدوان لموانئ الحديدة ورفع الحصار والقيود على حركة سفن الغذاء والدواء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com