نظريةُ التكافؤ ومصيرُها في اليمن

 

مصطفى العنسي

نظرية التكافؤ هي نظرية عسكرية يعتمدها قادة الحروب وجنرالات الجيوش ويخطط على أَسَاسها المنظرون والخبراء العسكريون فلا يقدمون على هجوم أَو حرب إلا بعد دراسة دقيقة وعميقة لقوة الخصم الظاهرة والخفية إن في العدة أو في العتاد..

وأول خطوة يقدم فيها القادةُ الغازونَ هي جمعُ المعلومات عن طريق إرسال فرق الاستطلاع والمخابرات إلى داخل صفوف الخصم لدراسة واقعه عن كثب ومعرفة نقاط قوته ونقاط ضعفه.

وهنا نسرد بعضاً مما يركزون عليه في استهداف الخصم:

– تفريق حاضنة الخصم وفصلها عن ساستها وقادتها.

– تدمير وحدة الخصم وتمزيق نسيجه الاجتماعي من خلال تغذية الصراعات الداخلية ونشر النزاعات المناطقية والحزبية والنعرات الطائفية والمذهبية ونشر الدعايات التشويهية والتضليلية.

– الترويج للحرية والانفتاح والتحضر لتدمير هُـــوِيَّة الخصم وطمس كُـلّ معالمه ومآثره ومناقبه التاريخية.

– الانحراف بمجتمع الخصم أخلاقياً من خلال نشر الدعارة والميوع والانحلال الأخلاقي.

– تدمير قيم الخصم ومبادئه وأخلاقه وأعرافه بنشر المخدرات وترويجها وإغراء الخصم بها للانحراف به عن أهدافه وغاياته.

– استهداف الخصم في ثقافته ووعيه وفصله عن منهجه ومشروعه واستبدال ذلك بمنهج ضلال وثقافة معادية ثم ترويضه عليها حتى يتقبلها ويؤمن بها.

– استهداف المرأة داخل مجتمع الخصم وتحويلها إلى وسيلة للإفساد والابتزاز.

– صناعة نماذج مشوهة ومنحرفة داخل صفوف الخصم ودعمها حتى تتمكّن من التسلل والوصول إلى مراتب القرار وسدة الحكم ليرسموا سياستهم المعادية عبرها.

– خلخلة أمن واستقرار الخصم وتوسيع دائرتها من خلال عناصرهم المندسة والخائنة.

– استهداف قدرات الخصم العسكرية من خلال استبعاد كوادره الكفؤة وخبرائه باستبدالهم أَو تهميشهم أَو اغتيالهم وكذا تعطيل قوته العسكرية بتدميرها أَو تفكيكها أَو تحييدها أَو استنزافها عن طريق العملاء والخونة..

– تدمير ركائز الخصم الاقتصادية وبنيته الإنتاجية وتعطيل أياديه العاملة وكذا محاصرته ومنعه من التصدير ليبقى سوقاً استهلاكية خاضعاً لكل الضرائب والإتاوات التي يفرضونها.

من خلال هذا يجمعون الثغرات ويحللونها ثم يشنون من خلالها حربهم ليس عسكريًّا فقط وإنما عسكريًّا واقتصاديًّا واجتماعياً وثقافيًّا وإعلامياً وأمنيًّا..

يجب أن نأخذ الدرس والعبرة من شعبنا العظيم وقيادته الربانية والحكيمة فقد كانوا متنبهين لكل وسائل الأعداء ورهاناتهم ومشاريعهم وخططهم ومؤامراتهم في كُـلّ المجالات وانتصروا عليهم فيها بجدارة وشجاعة..

وأكبر دليل صمود شعبنا الأُسطوري لسبعة أعوام أمام تكالب وتحالف عالمي تقوده أمريكا وإسرائيل.. رغم عدم تكافؤ القوة بين شعبنا والقوى المعتدية عليه من كُـلّ النواحي..

فقد شن العدوان على شعبنا وهو:

– اقتصاديًّا يصنف من أفقر الدول في العالم بفعل حكم النافذين والمتسلطين الذين استأثروا بالسلطة لصالحهم وتقاسموا مقدرات وخيرات الشعب لأنفسهم وعائلاتهم..

– عسكريًّا في حالة إنعاش بعد عملية هيكلة جيشه واستئصال كوادره وخبرائه وتدمير معداته العسكرية وإتلافها وتفكيكها وإخراجها عن الخدمة..

– أمنيًّا غير مستقر نتيجة تجنيد الأعداء لعشرات الآلاف من العملاء والمخبرين الذين جندوهم للتفجيرات والاغتيالات وشن الدعايات وتفريق وتمزيق التلاحم الشعبي ورصد ورفع الإحداثيات ونشر الفساد والانحلال الأخلاقي وترويج الدعارة والمخدرات لإسقاط شعبنا في هذا المستنقع البشع والخطير..

وهنا كانت المعجزة فقد فشل رهانهم وتلاشت قواهم وتبخرت إمْكَانياتهم وأحبط عملاؤهم ومرتزِقتهم وانفضحوا وانكشفوا بعجزهم وخابوا وخابت آمالهم أمام قوة شعبنا وتلاحمه وتوحده ووعيه الكبير والعالي.. بل حقّق هذا العدوان حالة غربلة وفرز عجيبة..

تغربل فيها الخونة والمرتزِقة المندسين أوساط شعبنا والتحقوا بركب الأعداء وانحازوا إلى صفهم..

وعرف الشعب قيادته المخلصة والصادقة والتفوا حولها في مواجهة مقدسة وتلاحم مقطوع النظير..

وهنا فشلت معادلة التكافؤ العسكرية وخاب فلاسفتها المفكرون والمنظرون وفشل قادتها وخبراؤها المتنمرون..

لقد سقطت كُـلّ المعادلات العسكرية والإمْكَانات العالمية أمام شعب فقير ومخنوق.. وأستطاع شعبنا بصموده تثبيت معادلة توازن الردع رغم ندية تكافؤ القوى فالفارق كبير بين قوة شعبنا وقوة العدوّ التسليحية الكبيرة..

إنها قوة الإيمان التي يمتلكها شعبنا والتي لا تكافؤها أية قوة في هذا العالم..

إنها قوة الله القاهرة التي بها انتصرنا وقهرنا أعداءَنا وبها سنمرغ أنوف أمريكا وإسرائيل في التراب قريبا بإذن الله..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com