ذكرى الشهيد بين الشوق والخوف  (شوق في قلوب العارفين وخوف في قلوب المتخاذلين)

 

أمة الملك الخاشب

أثر ذكرى الشهيد لها وقعٌ في كُـلّ النفوس سواء النفوس المؤمنة أَو النفوس المتخاذلة أَو النفوس الشريرة التي لا تحمل سوى العداء لمن حولها وتحمل صفات الطغاة المستكبرين فقصص الشهداء وذكراهم لا تؤثر فقط على المؤمنين وحدهم ولكن أثارها كبيرة وموجعة حتى على نفسية الأعداء والمنافقين والمرجفين على حَــدّ سواء، ولهذا نلحظ البعض يبحثون عن قصص الشهداء ويلاحقون المعارض المقامة ويتابعون كُـلّ اللقاءات مع أهالي الشهداء ويتلذذون حتى بالنظر لوجوه الشهداء التي تزدان بها الشوارع والمعارض ويزورون روضات الشهداء ويشعرون بتقصيرهم ويسألون الله أن لا يحرمهم أجر الشهداء وهؤلاء من تحيا قلوبهم بذكرى الشهداء ويواصلوا دربهم، وهذا الصنف الأول وبالمقابل هناك من يستذكرون هذه الذكرى على مضض ومجاملة فقط لمن حولهم وتمر هذه الذكرى دون أن تترك أي أثر إيجابي على أنفسهم بل ويشعرون أحياناً بضيق من زيادة الحديث عن هذه الذكرى العزيزة وتراهم يخوضون مع الخائضين وينشرون الأراجيف والكلام الفارغ عن عدم جدوائية هذه المناسبة وبأن الفقراء يحتاجون أكثر… إلخ كلماتهم وحديثهم الزائف عن اهتماماهم، وهذا الصنف الثاني، وهناك من يحقد على هذه المناسبة وينزعج منها كَثيراً وهم أعداء الحق أعداء الإنسانية، ينزعجون جِـدًّا من ذكرى الشهيد؛ لأَنَّ ذكرى الشهيد معناها أن كُـلّ شهدائنا بمبادئهم ووصاياهم وذكراهم لا يزالون بيننا أحياء لم يغيبوا بل أحيونا وأحيوا أجيالاً من بعدهم تعشق الشهادة ورغم أن العدوّ يحاول تجاهل انزعَـاجه من الذكرى السنوية للشهيد ويحاول إظهار حالة اللامبالاة وعدم الاهتمام ولكن تصرفاتهم الحمقاء تظهر ويكشف الله ما يكتمون، فيستهدفون الأحياء السكنية المكتظة بالسكان ويقصفون المقصوف ويتعربدون في إجرامهم ويتخبطون في أهدافهم حتى تكاد تكون أهدافهم معدومة سوى ضرب المدن والجسور والطرقات والمنشآت والمستشفيات وقتل النساء والأطفال، وذلك لإشغال الناس عن زيارة روضات ومعارض الشهداء التي لها أثر كبير في بناء أجيال تعشق الشهادة وتشتاق لمواجهة أعداء الله حتى لو بذلت ثمن ذلك حياتها وهي أغلى ما تملك في هذه الحياة، وهذا ما يجعل العدوّ خائفاً لا يعرف بماذا يهدّدنا إذَا علم أننا لا نبالي بحياتنا أَو استشهادنا ما دمنا على خط النبي وأهل بيته المجاهدين الصابرين الذين أسسوا بنيان الدين وعلّموا الأُمَّــة بأن كرامتنا من الله الشهادة وبأن حياة الذل لا نرتضيها وبأن عزتنا دين وكرامتنا إيمان مثلما قالها السيد القائد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، وهذا الصنف هو الصنف الثالث الذي ذكرته في بداية الحديث.

فماذا لو لم نجاهد؟

كنا نشاهد فلاشة ماذا لو لم نجاهد عن حقيقة الذبح عند داعش والقاعدة التي صنعتهما المخابرات الأمريكية وعندها سمعت أصوات الصراخ من بعض المشاهدات من هول المشهد وبشاعته وهم يجرون مئات الشبان العراقيين ويذبحونهم بالسكاكين أَو يطلقون الرصاص على رؤوسهم وهم معصوبي الأعين دون أي ذنب ودون أية مواجهة؟

وعادت بي الذاكرة لمشهد الجنود اليمنيين الذين تم ذبحهم في حضرموت في مارس 2014 والذي كان عددهم قرابة عشرين جندي وتم اتّهام القاعدة بالموضوع وانتهى الموضوع عند هذا الحد.

حياة ذليلة كانت ستنتظرنا لو غيبنا ثقافة الجهاد والاستشهاد فالسلام على محيي ثقافة الجهاد والاستشهاد، السلام على من أعاد ربط الأُمَّــة بمعاني الجهاد والتضحية السلام وعلى الحسين بن بدر الحوثي وعلى رفاقه الأوائل الذين عمدوا هذه المسيرة المباركة بدمائهم الزكية والذين لا يزالون أحياء بيننا بكل قيّمهم الإنسانية الحرة، وكلما سقط منّا شهيد أحيا عشرات ممن حوله وهكذا هي عظمة الشهادة وكراماتها التي لا تنتهي ومعينها الذي لا ينضب، فكم نسمع من قصص من ذوي الشهداء أنهم يشعرون بأن أبناءهم أحياء وبأنهم يزورنهم في منامهم ليبعثوا رسائل لأهلهم بأننا في ضيافة أكرم الأكرمين فلا تحزنوا لفراقنا.

فالشهادة مبتغى ومنال كُـلّ إنسان مسلم طبيعي ومن لا يتمنى أن يكون ممن شهد لهم الله بأنهم أحياء في ضيافته يرزقون! ولهذا نلاحظ أنه حتى من هم في صف الباطل يطلقون على قتلاهم لقب شهداء وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنه لا شهيد سوى شهيد الحق الحر الذي يقاتل؛ مِن أجلِ قضية عادلة وهي إحياء دين الله وعزة وكرامة الإسلام والمسلمين وليس خيانة للوطن لتمكين الغزاة من نهب ثرواته واستعباد أبنائه فقبل أن يطلب الإنسان الشهادة عليه أن يطلب البصيرة من الله ليعلم مع من يقاتل ومن أجل من؟ ومن يتولى؟ وماهي العاقبة؟ أما من يقاتل؛ مِن أجلِ متاع زائل أَو مال مدنس أَو منصب موعود به فهؤلاء خابوا وخسروا في الدنيا والأُخرى بعكس الشهيد الفائز بشرف الذكر والعز في الدنيا وشرف الخلود الأبدي في الآخرة، فالأمَّة التي تكرم شهداءها وتقدسهم هي الأُمَّــة التي سوف تعتز وترتقي وتستقل وتزيد قوة في مواجهة أعدائها، فحتمية الصراع بين الحق والباطل قائمة منذ بداية الخلق وَإلى قيام الساعة ولا بد أن يحدّد كُـلّ إنسان دوره ووجهته ومع من يريد أن يختم حياته، نحمدُ لله حمداً كَثيراً طيباً على عظيم نعماءه وتوفيقه بأن جعل شهداءنا يرتقون تحت قيادة علم نبراس حريص على عزة الأُمَّــة ورفعتها وبأن تكون كلمة الله هي العليا وندعو الله بأن يحفظ قائدنا وملهمنا وعلمنا ونبراسنا الذي يقود الأُمَّــة لطريق العزة والكرامة في الدارين.

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com