عملية جيزان.. رسائلُ لمّا بعد التحرير الشامل

 

عبدالقوي السباعي

شاهدنا ما وثّقته عدسةُ الإعلام الحربي في العملية الهجومية لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة على مواقع المرتزِقة السودانيين قبالة جيزان.

تلك المشاهد جاءت لتؤكّـدَ أن ما جرى ويجري على كافة الأصعدة ومختلف المسارات في عموم الساحة اليمنية، هو عبارة عن نصر إلهي وتأييد رباني، وثأرٌ مستحَقٌّ بعد سبع سنواتٍ من القصف والقتل والتدمير الذي ملأنا غيظاً وقهراً ونحن نشاهد عدواناً سافلاً يتفنن في التدمير والتخريب، ويتلذذ في أراقة دماء الأبرياء المدنيين ليلَ نهارَ.

هذه العملية التي استمرت سبع ساعات فقط، شاهدنا أُولئك المجاهدين وهم يصولون ويجولون، وكأنهم أسرابٌ من ملائكة العذاب نزلت على قومٍ كفروا بأنعم الله، شاهدنا نموذجاً خاصاً لمدرسة قتالية فريدة لرجال الله المؤمنين، والذين قدموا لنا وللعالم مع كُـلّ لقطة في تلك المشاهد درساً في البأس اليماني والقوة المستمدة من الإيمان العميق بالله سبحانهُ وتعالى ومن مظلومية شعب عظيم، فمن ذا الذي لم يشعر اليوم بالفخر والاعتزاز بهؤلاء الفتية العظماء.

عسكريًّا، نرى أن أعظمَ الانتصارات التي يحقّقها أبطالُنا، دائماً ما تكون مجهولةَ المكان والزمان بالنسبة للعدو، والتي تسبب لقواته استنزافاً نفسياً وعددياً كبيراً؛ كونها لا تعلم “أين؟، ومتى؟، وكيف؟” ستتلقى الضربة، ومع إدراكي ببسالة وشجاعة وإقدام المقاتل اليمني في أي مكان وفي كُـلّ عصر إلا أنّي وبعد أن شاهدتُ مقاطعَ العملية الأخيرة، أيقنت أَيْـضاً أن اليمن باتت تمتلك من القيادات العسكرية الميدانية المؤهلة والكفؤة تخطيطاً وتكتيكاً، ما لم تكن تمتلكه في الماضي.

ميدانيًّا، هي عملية عسكرية نوعية، كبدت العدوّ السعوديّ المحتلّ الخسائر الفادحة في العدة والعتاد، وقد نال المرتزِقة السودانيون منها ما نال أسيادَهم في غيرها، في تضاريسَ متنوعة، شاهدنا مقاتلينا الأبطال وقد استطاعوا أن يقاتلوا بحِرفية عالية وكأنهم يقاتلون في مناطق سهلية ومعروفة لهم سلفاً، ولما لا؟. فتلك الأرض يمنية تستقبل أبناءها الأحرار بترحاب كبير وتلفظ الغرباء المحتلّين من عليها، وشاهدنا آليات تحترق، جنود يفرون، ضباط وأفراد يسقطون قتلى وأسرى، وعتاد عسكري متنوع يستحوذ عليه، ومواقع عسكرية بكل تحصيناتها ووسائلها تسقط، وشاهدنا كيفية التعامل الأخلاقي والإنساني مع جرحى وأسرى العدوّ، ليختتم المشهد بسجدة شكرٍ لله، وصدوع تكبيرات المجاهدين الأنصار.

في المقابل، كان التخبُّط أبرزَ صفات جنود العدوّ من المرتزِقة السودانيين، رغم الاستعداد والتمركز الجيد والعتاد الكبير والسلاح الحديث الذي بأيديهم، إلاّ أننا رأينا كيف هي طبيعة الباطل العاجز أمام سطوة الحق وبأسه، فالمعركة لم تكن متكافئة، من حَيثُ الإمْكَانيات والعدد والعتاد والموقف، ولكن كُـلّ هذا أنقلب رأساً على عقب في حضرة رجال الله البواسل، وَإذَا ما أمعنّا النظر في الرسائل المقروءة، فهذه المعركة تُعدُّ دعماً معنوياً وتكتيكياً لجبهات الداخل حتى تحرير كُـلّ شبرٍ من الأرض اليمنية من براثن الاحتلال عمّا قريب بإذن الله تعالى.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com