مدير عام الهيئة العامة عمار وهان في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: البريد اليمني يمتلك بُنية تحتية وخبرة تراكمية تمتد لمئات السنين وغارات العدوان حرمت اليمنيين من خدماته

 

المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي

قال مديرُ عام الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي، عمار وهان: إن العدوان الأمريكي السعوديّ استهدف قطاعَ البريد بشكل ممنهج، حَيثُ تعرضت بُنيته التحتية للقصف والتدمير، الأمر الذي انعكس سلباً على أداء وتطوير خدمات البريد، وتسبب بحرمان ملايين المدنيين في اليمن من الخدمات الإنسانية والمجتمعية والإغاثية التي كانت تقدم عبر نوافذ البريد.

وَأَضَـافَ وهان في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”، أن حكومةَ الإنقاذ الوطني هي الراعي والداعم للبريد اليمني ولمشاريعه التطويرية، مُشيراً إلى أنه كان هناك ركود أَو قصور في عمل البريد اليمني في السابق لكن إمْكَانياتها الهائلة تجعل من الأنسب إعادة توظيفها بالشكل المناسب.

إلى نص الحوار:

 

– بداية أُستاذ عمار.. ما الواقع الذي يعيشه قطاع البريد اليوم؟

البريدُ اليمني يُمَثِّــلُ قِطاعاً حيوياً يرتبطُ ارتباطاً مباشراً بالمواطن اليمني؛ باعتبَاره نافذةَ الوصول والتواصل، سواء بالمحيط الوطني داخل المدن وبين المحافظات وَما يحقّقه من ارتباط مجتمعي، أَو قناة وصل بين الجهات وموظفيها أَو مستفيديها من خلال الخدمات المالية والبريدية وغيرها، أَو بما يُمَثِّــلُه من نافذة تصل المواطن بالعالم الخارجي عبر البريد الدولي وما يقدمه من دور إنساني بالغ الأهميّة، إلا أنه بفعل العدوان الذي استهدف قطاع البريد بشكل ممنهج فقد تعرضت بنية البريد التحتية ومنشآته المدنية للقصف والتدمير، وهو ما انعكس سلباً على أداء وتطور خدمات البريد، وتسبب بحرمان ملايين المدنيين في اليمن من الخدمات الإنسانية والمجتمعية والإغاثية التي كان يتم تقدمها عبر نوافذ البريد، إضافة لحصار جائر وَحظر جوي وبري وبحري منع دخولَ أَو خروج البريد الدولي من وإلى اليمن، ورغم العدوان والحصار إلا أن البريد ظل متماسكاً وجسّد صورةً من صور الصمود اليمني الذي أحبط كُـلّ المخطّطات التآمرية التي استهدفت مؤسّسات الدولة وخدمات الإنسان اليمني ومقدراته، وتعزيزاً لذلك الصمود يسعى كافةُ منتسبي وقيادة الهيئة اليوم نحوَ مسار البناء على منهاج مشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، وتوجيهات القيادة الثورية والسياسية في إطار (الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة) التي يتبناها فخامةُ المشير الركن مهدي محمد المشَّاط، وتسعى الهيئة العامة للبريد في تنفيذ برامجها ومبادراتها بدعم ورعاية قيادة وزارة الاتصالات ممثلةً بمعالي المهندس مسفر النمير -وزير الاتصالات وتقنية المعلومات- الذي يولي البريدَ اليمني اهتمامَه الكبيرَ، وهو ما يجعلُنا نتطلَّعُ لمرحلةٍ جديدة من البناء والتحديث والتطوير في البريد اليمني وخدماته المختلفة، مستفيدين من مسانَدة الحكومة للبريد اليمني وتوجّـهها الجاد في بناء مؤسّسات الدولة وتمكينها من أداء مهامها بما يخدم المواطن اليمني.

 

– بحديثكم عن الخدمات التي يقدمها البريد وَفي ظل تطورات التقنية الحديثة وطرق التواصل.. ما هي التغييرات التي طرأت على طبيعة ونوعية الخدمات البريدية؟ هل أثّر ذلك على مستوى ونوعية أداء البريد اليمني؟

استيعابُ التطورات التقنية والتكنولوجية، وتسخيرُها كأدَاة من أدوات التطوير، حتماً يؤثِّرُ بشكل إيجابي على نوعية الخدمات التي يقدمها البريد.. صحيحٌ أنه إلى وقت قريب ظل البريد يقدم خدمات بريدية ومالية محدودة، إلا أنه وفي ظل الطفرة التي تعيشها التكنولوجيا اتسعت مهام البريد وتنوعت خدماته على نطاق أوسع، وَهذا ما يجري في العمل البريدي على المستوى العالمي اليوم، بعد أن صار البريد يصب جُلَّ اهتماماته في تسخير تلك التقنية وتوجيهها نحو تعزيز الدور البريدي في الجوانب الاجتماعية والإنسانية وتحويله إلى أدَاة فاعلة من أدوات دعم التنمية المستدامة، فالبريد اليوم يوظف توجّـهاته نحو البحث عن تسهيل طرق الوصول إلى الناس والمستفيدين من الخدمات البريدية، بالاستفادة من إمْكَانياته المتاحة ومن الخيارات التي أتاحتها تقنية المعلومات والاتصالات وتكنولوجيا الإعلام؛ ولكون بلادنا جزءاً من العالم يجب علينا أن نتماشى مع هذا التغير والانطلاقات المتلاحقة التي يعيشها البريد عالميًّا، فبالإضافة إلى أن اليمن هو أحد أقدم أعضاء اتّحاد البريد العالمي ويعمل وفق التصنيفات والمعايير العالمية، فَـإنَّ البريد اليمني يمتلك بنية تحتية وخبرة تراكمية تمتد لمئات السنين، تؤهله للنهوض بخدماته وتوسيعها لخدمة المجتمع ودعم أدوات التنمية المستدامة بشكل عملي وملموس، ويتطلب فقط إعادة النظر في تطبيق القوانين الخَاصَّة بإنشاء البريد وتمكينه من دوره ودعم توجّـهاته الاستراتيجية، وسنجد أن المؤسّسات والشركات والبنوك والهيئات الرسمية والخَاصَّة والمجتمعية والتعليمية والصحية هي المستفيد الأول من البريد اليمني.

 

– هل لمستم دعماً حقيقيًّا من الدولة والحكومة نحو توجّـهات تطوير البريد؟ هل هناك تعاون جاد في ذلك؟

التوجُّـهاتُ العريضةُ التي يرسُمُها قائدُ الثورة سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، نحوَ بناء مؤسّسات الدولة وتعزيز صمودها ومحاربة الفساد وخدمة المواطن والعمل على تطويرها، انعكست في الواقعِ من خلال تبني الدولة والحكومة لها في مختلف المسارات ودعمها لكافة توجّـهات التطوير والبناء، وهو ما لمسناه في البريد اليمني، وَكان آخرها ما خرج به البرلمان من توصيات للحكومة بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون البريد رقم (64) لسنة1991م، وتوجيه مختلف الوزارات المعنية، كُلٌّ فيما يخصها؛ مِن أجلِ تمكين البريد من أداء دوره وفقاً لقانون إنشاء الهيئة العامة للبريد، وبما أن حكومة الإنقاذ الوطني هي الراعي والداعم للبريد اليمني ولمشاريعه التطويرية، فنحن على يقين تام بأنه سيتم العمل بتلك التوصيات من مختلف الجهات التي أشَارَت إليها توصيات مجلس النواب الذي بدورنا نقدم لرئيسه وأعضائه الشكر على ما لمسناه منهم من حرص وطني ومسؤولية عالية تجاه واحدة من أهم مؤسّسات الدولة وما تمثله من رافد كبير يعزز العمل المؤسّسي وينعكس بشكل مباشر على الخدمات المقدمة للمواطن، وهو الشكر الذي نوجهه لرئيس وأعضاء الحكومة مقدماً لدعمهم وإسنادهم لمشاريع البريد وتوجّـهاته الاستراتيجية نحو تطوير الخدمات والنهوض بها.

 

– هناك حديث بأن البريد يفقد خدماته المقدمة لصالح البنوك ومحال الصرافة.. برأيكم هل هناك خلط أَو تشابك، أَو تضارب مصالح بين ما يقدمه البريد اليمني وبين ما تقدمه البنوك وشركات الصرافة؟

بوضوح الرؤية وبالقراءة السليمة لما تنُصُّ عليه القوانينُ فَـإنَّه لا وجودَ لأي تشابك، أَو تضارب للمصالح بين البريد وأي طرف مصرفي، على العكس تماماً يوجد تكامُلٌ وتشارُكٌ في الأدوار، فالبريدُ اليمني يركِّزُ بدرجة أَسَاسية على تقديم خدمات مجتمعية إنسانية، وقناة وصول للمشاريع الإغاثية، إضافة لاستهدافه كُـلِّ فئات المجتمع دون الاقتصار على طبقة معينة في المجتمع؛ باعتبَار البريد يُمَثِّــلُ أدَاةً رئيسيةً في تحقيق الإدماج والشمول المالي من خلال تنوع الخدمات والاعتماد على شبكة انتشار واسعة وشبكة ربط تغطي مديريات الجمهورية، كما أن تنوع الخدمات المالية والبريدية للبريد يعزز من حضوره كأحد أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن لديه خدمات نوعية تسهم في دعم وتمكين توجّـهات مؤسّسات القطاع العام والخاص من تطوير وتجويد أدائها، وزيادة فرص المواطنين في الحصول على خدمات متقدمة بسهولة ويسر، وهذه الرؤية تجعلنا نسير بتوجّـه واضح وأدوار تكاملية مع كُـلّ المهام الأَسَاسية للبنوك وشركات الصرافة وغيرها.

 

– ما طبيعة الخدمات التي تقدمها الهيئة العامة للبريد؟ وكيف تسهم في خدمة المجتمع والمؤسّسات والشركات والأفراد؟

خدمات البريد شاملة ومتعددة وقابلة للتنوع وفق التغيرات التقنية في إطار مهامها واختصاصاتها الأَسَاسية، فعلى سبيل المثال في جانب الخدمات البريدية، سيصبح المواطن مستفيداً حين يأمن ويضمن وصول رسائله أَو بضائعه البريدية سواء عبر البريد العاجل أَو المسجل أَو الطرود أَو شحن البضائع (ما يُطلق عليه الشحن البريدي)؛ باعتبَار أن البريد جهة حكومية رسمية تسير وفق إجراءات تضمن أعلى مستويات الأمان وبرسوم مخفضة أَو رمزية، وفي المقابل فَـإنَّ خضوع الشركات والجهات العاملة في مجال البريد لإجراءات التراخيص والتزامها باشتراطات السلامة المهنية والقانونية سيضمن لها بيئة استثمارية آمنة، ويحفظ لها حقوقها، ويعزز من ثقة الجمهور والمتعاملين لديها، وبخصوص مؤسّسات الدولة والشركات والهيئات المختلفة فَـإنَّ البريد يوفر لها الكثير من الجهد والمال ويقلل من نسبة المخاطر بقدرة البريد على تأمين وصول بريدها وطرودها أَو أية شحنة تخصها في إطار تعامل رسمي مأمون يمثلها البريد اليمني.

ومثلما يسهم البريد في جانب الخدمات البريدية فَـإنَّه أَيْـضاً يقدم دوراً استثنائيًّا في مجال الخدمات المالية ويسخر تواجده وانتشاره في أرجاء اليمن لإعانة وإسناد مختلف المؤسّسات والشركات ويعمل على تمكينها في الوصول لكافة مستفيديها بأسرع وقت وأقل التكاليف؛ كون تركيز البريد خدمياً دون أن يُمَثِّلَ له الجانبُ الربحي معياراً جوهرياً.

 

– ماذا عن أسطول العمل البريدي.. هل لديكم أسطول كافٍ قادر على تلبية الخدمات البريدية للجهات؟

نعم لدى البريد اليمني من القدرات والإمْكَانات الفنية وأسطول النقل ما يمكّنه من دوره لتقديم خدماته بأفضل الإمْكَانيات والتسهيلات، صحيح أنه كان هناك ركود أَو قصور بشكل أَو بآخر، إلا أن لديه من الإمْكَانيات ما جعلنا نعيد توظيفها بالشكل المناسب والذي يلبي رغبات وطلبات العملاء، سواء من الأفراد أَو المؤسّسات وقطاع الأعمال، كما أن دورنا الوطني يحتم علينا الدخول في بناء شراكات واسعة مع الجهات الراغبة في الاستثمار لتلبية وتنظيم السوق البريدية وحماية حقوقها وحقوق مستفيديها.

 

– ماذا عن صندوق التوفير البريدي وتوزيع الأرباح هذا العام.. ما حجمُ استثماراته؟ وأين يستثمر قطاع البريد؟

صندوقُ التوفير البريدي يُشَكِّلُ نقطةَ ثقة متناهية لدى الجمهور والعملاء؛ كونه يُمَثِّــلُ نافذةَ الاستثمار الوحيدة التي تضمن للدولة حقوقَ مودعيها في مختلف الظروف، وفيما سبق كانت المشاريعُ الاستثمارية للصندوق في مجالات محدّدة اقتصرت على اتّجاهات (المساهمة بنِسَبٍ معينة في قطاع الاتصالات -أذون الخزانة)، وبعد أن تم إيقافُ أذون الخزانة نهايةَ العام الماضي والذي كان له الأثرُ الإيجابي على مستوى الاقتصاد الوطني دون النظر للسلبيات القليلة والمحدودة التي قد تطال المودعين في أذون الخزانة، الآن وبعد قرار إيقاف أذون الخزانة يتجه الصندوق الآن في تعدد وتنوع الاستثمارات الآمنة والأكثر أمناً، وفق دراسات جدوى وفريق اقتصادي ذي خِبرة عالية، إضافةً لحرصنا الكبير على التعامل بشفافية ووضوح مع مودعي صندوق التوفير البريدي، ومثلما بدأ الصندوق مشوارَه الاستثماري، فَـإنَّنا نَعِدُهم باستثماراتٍ واعدةٍ وعوائدَ استثنائيةٍ بإذن الله تعالى وتوفيقه.

 

– ما أبرز المشاريع الاستراتيجية التي يمكن أن تتبنَّاها الهيئة في المرحلة القادمة لتطوير خدماتها؟.. هل يمكنكم ذكرُ بعضٍ منها؟

هناك أمورٌ ومشاريعُ تفصيلية لا يمكن الحديثُ عنها في ظل الظروف والوضع القائم، لكن يمكننا تلخيصُها إجمالاً في نقاط عريضة في ما يلي:

– مشاريع تشملُ تطويرَ وتحديث البنية التحتية والتنظيمية والتقنية.

– مشاريع تركّز على تعزيز فرص وضمان تحقيق مشاريع الحكومة في الشمول والإدماج المالي والمساهمة في صنع التحول الرقمي.

– مشاريع هامة واستراتيجية ستعملُ على تنظيمِ السوق البريدية وتعزيز فرص ضمان حقوق المستثمر والمستفيد النهائي منها، ورعاية هذا المجال الحيوي الهام.

وجميعُ تلك المشاريع والتوجُّـهات ستجعلُ من البناءِ والتدريبِ والتأهيلِ وتطويرِ القدرات البشرية والتقنية والفنية والاستثمار فيها أمراً حتمياً للوُصول إليها وتحويل تلك المشاريع إلى حقائقَ وأرقامٍ يطَّلع عليها المواطن بشفافية ووضوح ويستفيد منها الجميع ونلمَسُ أثرَها على المستوى الوطني بإذن الله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com