6 سنوات على الفاجعة.. أوجاعُ “سنبان” لا تنتهي

اغتيال الشاب عبدالملك السنباني جدّد الجراحَ القديمة

المسيرة| أيمن قايد

تحل علينا هذه الأيّامَ الذكرى السادسةُ لفاجعة “سنبان” الشهيرة، حين استهدف طيران العدوان الأمريكي السعوديّ حفل زفاف المواطن محمد صالح السنباني في منطقة سنبان في ميفعة عنس شرقي محافظة ذمار ليلة السابع من أُكتوبر تشرين الأول سنة 2015م، واستشهد يومها ما يزيد عن 80 شخصاً بينهم نساء وأطفال.

وإلى اليوم لا يزال أهالي المنطقة يبكون بحرقة ضحاياهم، ويتذكرون ذلك اليوم الأسود، وما تلاه من أَيَّـامٍ عصيبة حلت بأسر الضحايا وذويهم، ففي تلك الليلة الدموية لم يكن المواطن السنباني يعلم بأن القاتل الطائر يتربص به وبأبنائه وأهل قريته.. لقد استشهد العريس عبد الرحمن وكذلك جميلة عروس شقيقه أيمن، وكذا والد العرسان ووالدتهم، وعدد من أبناء القرية والضيوف كباراً وصغاراً، نساءً وأطفالاً.

لم تتمكّن “العروس” جميلة من إكمال فرحتها، فقد تحولت ثيابُها البيضاءُ إلى حمراءَ؛ بفعل الدم النازف، وسرعان ما صعدت روحها إلى السماء، لتترك في هذا المكان بصمات عدو متوحش، حول أفراح آل سنبان إلى مأتم، ولتستمر هذه الأسرة في نواحها الشديد ألماً على فراق الأحبة والأصدقاء.

لقد مرت 6 سنوات على هذه الجريمة المتوحشة، لكن القلوب لا تزال مكلومة، ودموع أسر الضحايا لا تفارقُ مآقي أعينهم، ووحدَها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من يلتزمون الصمت، ولا يبالون بما حدث، وليس في واردهم التحقيق في هذه الجريمة.

ولسوء الحظ فَــإنَّ الذكرى السادسة لهذه المذبحة تأتي في وقت لا يزال فيه صدى جريمة اغتيال الشاب عبد الملك السنباني مجلجلاً، فقد عذب الشاب المسكين في نقطة أمنية تتبع مليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للاحتلال الإماراتي وقتل بدم بارد بعد أن نهبت أمواله، حَيثُ كان عائداً من أمريكا بعد غربة استمرت 7 سنوات، وكان في لهفة وشوق لرؤية والدته ووالده وجميع أفراد الأسرة، لكن مرتزِقة العدوان حولوا فرحة هذه الأسرة بعودة السنباني إلى مأتم.

 

جريمةٌ وحشية

ويرى الناشط السياسي وجدي الصراري، أن من ارتكب مذبحة “سنبان” لا يمتلكون ذرة من الإنسانية، فهم مجموعة من الوحوش ومصاصي الدماء، فهؤلاء قد حولوا مناسبة اجتماعية حفل زفاف إلى جنازة قاتمة كثيفة السواد.

ويواصل الصراري في حديثه لصحيفة “المسيرة”: أما بالنسبة للجريمة الجديدة التي ارتكبها مرتزِقة العدوان في حق المغترب السنباني فهي نوع مختلف من الجرائم، للأجهزة الأمنية التي تنشأ في كنف ورعاية هؤلاء المجرمين، مبينًا أن هذه الجريمة هي نتيجة متوقعة وثابتة طالما استمرت أدوات العدوان وسلطاته بالتحكم بحياة الناس ومصائرهم.

أما الناشط القانوني الدكتور عبد الرحمن المختار، فيقول إن جريمة سنبان التي أقدم على اقترافها تحالف العدوان الإجرامي مترصداً ومتعمداً وقاصداً إزهاق أرواح الأبرياء هادفاً من ذلك إحداث حالة من الذعر والرعب في أوساط الشعب اليمني ليفرض من خلال هذه الجريمة وما سبقها وما لحقها من جرائم خيارات استسلامية يكسر بها حالة الصمود والصلابة والتحدي في مواجهة صلف وهمجية العدوان.

ويرى المختار أن الجريمة الهمجية البشعة تعني بالنسبة للشعب اليمني أمراً واحداً مهماً وهو أنه لا بديل عن كسر تحالف العدوان وإسقاطه في مستنقع الهزيمة والخزي والعار، وذلك يتطلب بالتأكيد المزيد من الصمود والتصدي والإبداع حتى إيصال تحالف العدوان إلى مرحلة الانهيار الحتمي الذي بات وشيكاً بإذن الله وفقاً للمؤشرات وَالمعطيات الملموسة ميدانيًّا وسياسيًّا وَإعلامياً.

ويؤكّـد المختار أن مجزرة عرس سنبان وما تعرض له المغترب السنباني يؤكّـد إفلاس وهمجية وانحراف أدوات تحالف العدوان كما هو الحال تماماً بالنسبة لأسيادهم.

 

جريمةٌ ضد الإنسانية

من جهته، يقول الناشط الحقوقي والسياسي الدكتور حبيب الرميمة، إن الذاكرة اليمنية مثخنة بالمآسي والجرائم التي ارتكبتها دول تحالف العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ ضد المدنيين في اليمن، مُشيراً إلى أن ذكرى هذه الجريمة تأتي بالتزامن مع ذكرى جريمة أُخرى ارتكبها تحالف العدوان والحصار بحق مدنيين في عزاء داخل الصالة الكبرى بصنعاء، لتبقى ذاكرة اليمنيين تتنقل بين جرائم العدوان في الأفراح (الأعراس) كما هو حال هذه الجريمة، وبين الأتراح (العزاء) كما هو حال الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبها في الصالة الكبرى بصنعاء.

ويشير الرميمة إلى أن جريمة سنبان هي من أوائل الجرائم التي ارتكبت في السنة الأولى من العدوان في أُكتوبر 2015، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن مِئة شخص بين شهيد وجريح، نتيجة استهداف عرس في قرية سنبان، مؤكّـداً أنها جريمة تصنف وفقاً للقانون الدولي الإنساني (جريمة ضد الإنسانية) مكتملة الأركان.

ويلفت الدكتور الرميمة إلى أن هذه الذكرى تأتي اليوم، في وقت لا تزال فيه دول تحالف العدوان والحصار تواصل جرائمها بحق المدنيين في اليمن بشكل عام، وبحق أبناء قرية سنبان بشكل خاص، من خلال الجريمة البشعة التي ارتكبها مرتزِقتها ضد أحد العائدين إلى الوطن من أبناء سنبان الشهيد عبد الملك السنباني، وما تركته هذه الجريمة من أثر بالغ يعبر عن مدى الحقد لقيادة دول العدوان ومرتزِقتهم من أدنى القيم الإنسانية.

ويطالب الدكتور الرميمة كافة الأحرار حول العالم والمنظمات المحلية تذكير (شعوب العالم) بما يتعرض له المدنيون من أبناء قرية سنبان بشكل خاص، وكذا ما يتعرض له المدنيون من أبناء اليمن بشكل عام من جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وكذا جريمة العدوان لكشف الصمت الأممي والدولي تجاه تلك الجرائم، مؤكّـداً أنه مثلما كانت جريمة استهداف تحالف العدوان والحصار لأبناء سنبان في 2015 م، دافعاً قوياً لكل حر وشريف في اليمن لاستشعار خطورة ووحشية هذا العدوان والتصدي له، وما تركته الجريمة التي ارتكبت مؤخّراً بحق الشهيد عبد الملك السنباني من أثر في تصحيح الوعي لدى الكثير من المغرر بهم بخطورة هذا العدوان الهمجي خُصُوصاً في المناطق المحتلّة داخل المحافظات الجنوبية، فَــإنَّ الاستهداف الممنهج الذي طال ويطال أبناء قرية سنبان سيكون له الأثر البالغ في اقتياد القتلة إلى المحاكم الدولية.

ويزيد الرميمة قائلاً: إذا كانت قرية صغيرة (سنبان) خلدت في الذاكرة ما ارتكبه تحالف العدوان والحصار بحق أبنائها، فكيف بالجرائم التي ارتكبت على مستوى مديرية ميفعة عنس، وعلى نطاق محافظة ذمار، وقس على ذلك بقية المحافظات، منوِّهًا إلى أن ما يرتكبه تحالُفُ العدوان الأمريكي السعوديّ من جرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب وجريمة العدوان، لا تسقط بالتقادم وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وستظل مجزرة “سنبان” وكل جرائم العدوان عالقة في الأذهان وَستبقى وصمة عار تلاحق مرتكبيها المجرمين ولو بعدَ حين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com