تزايد الشكاوى برفع الرسوم الدراسية.. المدارس الأهلية تخنق التعليم!

الطيري: مكتب التربية بصنعاء ألزم المدارسَ الأهلية باحتساب رسوم العام الماضي وسنعاقب المدارس التي لم تلتزم بالقرار

النعمي: الوزارة بصدد متابعة رفع الرسوم في المدارس الأهلية وإلزامها بتعليق لوحة “شفافية” تكون على مرأى الطلاب وأولياء الأمور

 

المسيرة_ محمد الكامل

ظلت ابتسام عبدالله (34 سنة)، لأيامٍ عديدةٍ تبحَثُ عن مدرسة أهلية، لإلحاق ابنها قصي الأكبر (ثالث ابتدائي)، لكنها تفاجأت من ارتفاع الرسوم هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة.

وتؤكّـد ابتسام في حديثها لـ “المسيرة” أنه وَبعد أسبوع من البحث المُضنِي والمتواصل عن مدرسة قريبة من الحي الذي تسكن فيه، وجدت مدرسة أهلية، وكان سعرها مقبولاً 120 ألف ريال، مقارنة بما وجدته في غيرها من المدارس، والتي وصل سعر التسجيل في بعضها إلى 170 ألف ريال، مشيرة إلى أن الرسوم لهذا العام تثقل كاهلها، وقد لا تفكر بالدفع بابنها الأصغر في عامه الأول للالتحاق بالمدرسة، مستغرِبةً من ارتفاع الرسوم لهذا العام، مقارنةً بالأعوام السابقة، حَيثُ أن الزيادة تصل إلى 60 ألف ريال.

ولجأت الكثير من المدارس الأهلية في صنعاء ومدن يمنية أُخرى هذا العام إلى رفع تكاليف الرسوم الدراسية بشكل كبير وغير مسبوق، بعد تزايد الإقبال عليها خلال السنوات الماضية، إذ تصل رسوم تسجيل طلاب الابتدائية في بعض المدارس إلى نحو 100 ألف ريال كحد أدنى، وهو ما يجعل ابتسام وعدداً من أولياء الأمور يفكرون كَثيراً بترك المدارس الأهلية، والتي تبحث عن الجشع والطمع، والمال على حساب العملية التعليمية.

وتعد ابتسام واحدة من بين المئات من اليمنيين الذين يشكون من ارتفاع الرسوم في المدارس الأهلية، ومن ظروف العدوان الأمريكي السعوديّ المتواصل على بلادنا للعام السابع على التوالي، والذي كان لقطاع التعليم نصيب من الاستهداف، ما جعل المدارس الحكومية تعيش في وضعية سيئة نتيجة العدوان، وانقطاع رواتب المعلمين، فاضطر أولياء الأمور إلى التوجّـه نحو المدارس الخَاصَّة، والتي نظرت إلى العملية التعليمية؛ باعتبَار أنها ربح فقط، وجنيٌ للأموال.

 

أداءٌ متواضع

وعلى الرغم من الرسوم الكبيرة التي يدفعها أولياء الأمور للمدارس الأهلية، إلا أن مخرجاتِ هذه المدارس تدنت كَثيراً، فالكثير من هذه المدارس تفتقر للكوادر التعليمية المتخصصة، وتبحث عن الخريجين الذين لا يمتلكون خبرات؛ كي تعطيهم رواتب زهيدة، وتتخلى عنهم أثناء العطلة الصيفية.

وحاولت صحيفةُ “المسيرة” زيارة عدد من المدارس الأهلية، باحثةً عن إجَابَة حول ارتفاع الرسوم لهذا العام، إلا أن معظم المدارس امتنعت إدارتها عن تقديم إجابات واضحة في هذا الخصوص.

وتؤكّـد مديرة إحدى المدارس الأهلية -رفضت الكشفَ عن اسمها- لـ “المسيرة” أن كُـلّ شيء في الآونة الأخيرة ارتفع بشكل جنوني في جميع متطلبات المدرسة والمناهج الدراسية، والمشتقات النفطية التي تعتبر أَسَاسيةً للمدرسة لتشغيل المولدات في وقت انقطاع الكهرباء، بالإضافة إلى حافلات نقل الطلاب والمعلمين؛ لذا تلجأ المدارس الأهلية لرفع رسوم الالتحاق؛ لكي يستمر التعليم، مشيرة إلى وجود ارتفاع في قيمة المناهج الدراسية التي يتم شراؤها من المؤسّسات الخَاصَّة بذلك، وأن المدارس الأهلية تدفع مبالغَ كمرتب شهري للموظفين فيها تتراوح ما بين 30 إلى 40 ألف ريال طوال فترة الدراسة فقط، ما يجعلهم يبحثون عن أي فرص عمل أُخرى في فترةِ الإجازة الصيفية.

من جانبها، تقول سميرة العلفي، معلمة في إحدى المدارس الأهلية لـصحيفة “المسيرة” إنها تعمل في المدرسة منذ حوالي 3 سنوات براتب لا يتجاوز 40 ألف ريال أثناء فترة الدراسة، وتشير إلى أنها تبحث عن عمل آخر في العطلة الصيفية؛ نظرًا لتوقف راتبها في تلك الفترة، مشيرة إلى أن معظم المدارس الأهلية تبحَثُ عن الشباب حديثي التخرج؛ مِن أجلِ العمل لديها؛ وذلك لكون كثير منهم يضطر بعد التخرج إلى القَبول بأية فرصة عمل، لكن ما إن يجد أحدهم فرصةً أفضلَ يترك هذا العمل على الفور.

 

تعميمُ وزارة التربية

ومع تدشين العام الدراسي الجديد، شكا الكثير من المواطنين من ارتفاع الرسوم الدراسية لهذا العام في المدارس الأهلية بشكل جنوني، الأمر الذي استدعى تدخلاً من وزارة التربية والتعليم لتحديد الرسوم الدراسية في المدارس الأهلية بالعاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى عبر تعميم ملزم لمدراء جميع المدارس الأهلية بعدم رفع رسوم التسجيل.

ويؤكّـد مدير التعليم الأهلي في مكتب التربية بأمانة العاصمة صنعاء، أحمد الطيري، أن المكتب اتخذ قرارًا يلزم المدارس الأهلية باحتساب الرسوم الدراسية ذاتها التي تم احتسابها العام الماضي، ومعاقبة المدارس التي لم تلتزم بهذا القرار، الذي جاء بعد انتهاء عملية التسجيل ومرور أسبوع كامل على بدء العملية التعليمية.

من جانبه، يقول وكيل وزارة التربية لقطاع التعليم، عبدالله النعمى: إن الوزارة بصدد متابعة الموضوع والتزام المدارِس الأهلية بالتعميم الذي تم إصداره والقاضي بعدم رفع سوم التسجيل عن العام الماضي، والالتزام بلوحة شفافية وتعليقها في واجهة المدرسة، بحيث تكون على مرأى جميع الطلاب وأولياء الأمور.

ويوضح النعمي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن هذه اللوحة والتي يُطلق عليها لوحة الشفافية تتضمن آخرَ تجديد سنوي لقرار إنشاء المدرسة إلى جانب تفاصيلَ محدّدة للرسوم ومختوم بختم المنطقة التعليمة بالمنطقة المتواجدة ضمنها المدرسة، مُشيراً إلى أن بعض المدارس الأهلية لم تلتزم بذلك، وبالتالي قمنا بتدشين وعمل تطبيق على الموبايل يستطيع الجميع تحميله، حَيثُ يضم أسماء المدارس الأهلية في أمانة العاصمة كمرحلة أولى وتصنيفها حسب المنطقة التعليمية والمكان وقرار الإنشاء، بالإضافة إلى الرسوم بناءً على العام الماضي، كأقل تقدير لها من قبل الوزارة.

ويؤكّـد النعمي أن كُـلّ المدارس الأهلية التي يتم تبليغنا بها تتم إحالتها إلى الشؤون القانونية، أَو إلى الإدارة العامة للتعليم الخاص، وتتم متابعتُها وعكسها على المناطق التعليمية التي تتواجد فيها المدرسةُ بأمانة العاصمة أَو المحافظات الأُخرى، منوِّهًا أنه يوجدُ رقمٌ محدّدٌ بعدد المدارس المخالفة، إلَّا أن كُـلّ شكوى مقدمة يتم التعاطي بإيجابية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com