الجوع يفجّـر الغضب في المحافظات المحتلّة.. الكراهية للمحتلّ وأدواته

 

المسيرة| أيمن قائد

تصاعدت وتيرةُ الاحتجاجات الشعبيّة في محافظتي حضرموت وعدن جنوبي اليمن الواقعتَين تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ وأدواتهما من المرتزِقة.

وتحمل هذه الاحتجاجاتُ في طابعها العام استنكارًا وغضبًا واسعَين جراء ارتفاع الأسعار، والانفلات الأمني، وصعوبة أبناء المحافظتين في توفير متطلبات الحياة، وشراء المشتقات النفطية التي ارتفعت مؤخّراً، حَيثُ تأتي كُـلّ هذه الأوضاع المأساوية جراء فشل حكومة الفارّ هادي في اتِّخاذ إجراءات تساعد في تحسين الوضع الاقتصادي.

ولعلَّ من أهمِّ الأسباب التي أوصلت الجنوب المحتلّ إلى هذا الوضع المزري هو استمرارُ حكومة الفنادق في طباعة العُملة المزيفة، حَيثُ تسبب هذا في ارتفاع مخيف للدولار الأمريكي أمام العملة اليمنية، ووصل الدولار الواحد إلى ١٢٠٠، بعكس صنعاء التي تحافظ على سعر استقرار الصرف، فالدولار الواحد بـ ٦٠٠ ريال فقط، وذلك؛ لأَنَّ لجنة صنعاء الاقتصادية اتخذت جملة من الإجراءات الاقتصادية ومنها محاربة ومعاقبة كُـلّ من يتعامل مع العملة التي طبعتها حكومة الفارّ هادي في روسيا خلال السنوات الست الماضية، ووصلت إلى أكثر من تريليون ريال يمني.

وبدلاً عن معالجة هذا الوضع المتردي، قرّرت حكومة الفارّ هادي رفعَ سعر الدولار الجمركي من ٢٥٠ ريالاً، إلى ٥٠٠ ريال، ما يعني ارتفاعاً مضاعَفاً للأسعار، وهو ما يزيد الأعباء على المواطنين، الذين يجدون صعوبة في الحياة، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية، وانعدام الخدمات على كافة المستويات، سواء في الجانب الصحي، أَو التعليمي، أَو الخدمي، حَيثُ يشكو المواطنون من الانقطاع المتكرّر للكهرباء، وانتشار الأوبئة والأمراض، والانفلات الأمني، وانتشار المليشيا المسلحة وتعددها.

ويكمن القول: إن ما يجمع الاحتجاجات في حضرموت وعدن هو وصول المواطنين إلى حافة الجوع، جراء الوضع الاقتصادي المتردي، وعدم قدرة الفصائل المرتزِقة الموالية للإمارات والسعوديّة في إيجاد حلول لها.

 

استثمار سياسي

ومن مساوئ هذه الاحتجاجات أنها غير مرتبة، حَيثُ لا توجد جهة منظمة لها، وهي عبارة عن تنفيس لما في الصدور من سخط ضد التحالف وحكومة هادي والإصلاح والانتقالي، وقد اعتاد اليمنيون في مثل هذه الأوضاع أن يتلاشى غضبهم، ويرضخون للأمر الواقع؛ لأَنَّ ما يحدث مُجَـرّد احتجاجات شعبيّة، وليست ثورة منظمة لها قائدها وأهدافها وخططها وتوجّـهاتها.

ومن المساوئ أَيْـضاً أن هذا الغضب قد تستغله أطراف الصراع في الجنوب لتحقيق أجندة ضد الطرف الآخر، فعلى سبيل المثال يعمل الإصلاح على دعم الحراك الغاضب في عدن، ويسعى إلى قمع الحراك في حضرموت؛ لأَنَّ الإصلاح يريد استثمار هذا الغضب ضد خصمه الانتقالي الموالي للإمارات، وفي المقابل تعمل مليشيا الانتقالي على قمع المظاهرات في عدن، وتحذر في الوقت ذاته من قمعها في حضرموت؛ لأَنَّ الانتقالي يريد من خلال هذا الغضب طرد الإصلاح من حضرموت.

وتؤكّـد مصادر مطلعة أن مليشيا الانتقالي تقوم بمداهمة عدد من منازل المواطنين في كريتر عدن وتعتقل عدداً منهم على خلفية الاحتجاجات المطالبة بتحسين الخدمات والوضع المعيشي المتدهور.

وَيتساءل المواطن أبو رائد: لماذا يقمع الانتقالي احتجاجات مواطني عدن الذي يعانون أكثر من غيرهم من المحافظات الأُخرى من سوء الخدمات، وضعف الأمن والنهب والمداهمات والفوضى، ويؤيد ويدعم ويحرض خروج المواطن في المحافظات الأُخرى؟.

من جانبه، يصفُ الكاتب محمد العمراني، قياداتِ مليشيا الانتقالي بأنهم في حالة هستيريا عصبية وحالة نفسية انعكست على تصريحاتهم المتناقضة وازدواجيتهم المثيرة للضحك، ففي حين يطلقون النار على المتظاهرين السلميين في عدن الذين خرجوا للمطالبة بالكهرباء والخدمات يحذرون من المساس بالمتظاهرين في المكلا.!! مردفاً بتساؤل: هل رأيتم تناقُضاً كهذا؟!!.

ويواجه الانتقالي المدعوم من الاحتلال الإماراتي غضبَ الشارع الجنوبي، جراء تدهور الخدمات ومنها “التيار الكهربائي”، إذ وصلت ساعاتُ الانقطاع إلى 11 ساعة، بعد رفض السعوديّة تزويد محطات التوليد بالوقود الممنوحة منها؛ بسَببِ الاختلالات الموجودة في الإيرادات والفاقد، جراء عدم تسديد فواتير تكلفة الكهرباء، وزيادة رسوم التحصيل من قبل المجلس.

كما يواجه النظام السعوديّ سخطاً كَبيراً نتيجة للوعود الوهمية للمواطنين، حَيثُ يوجّه المواطن محمد جمال كلامَه الغاضب، مخاطباً نظام آل سعود قائلاً: “إنما يحدُثُ في عدن والمكلا هو ما أوصلتمونا إليه من مجاعات وفقر يا أوسخَ البشر.. ارحلوا من أرضنا يا آلَ سعود يا كلاب المسلمين، لم نرَ منكم إلَّا الفقر والجوع والمشاريع الوهمية”.

ومن وسط الاحتجاجات الغاضبة في عدن المحتلّة تشكو مواطنةٌ من انعدام الخدمات الأَسَاسية، وانقطاع الكهرباء، وارتفاع الأسعار، إضافة إلى تحملها أعباء أسرتها، وتقول بسخط: “لا نريد شرعية، ولا انتقالي، نشتي نأكل، أنا وأولادي”.

 

أزمات خانقة

ويرى ناشطون إعلاميون أن المظاهرات الشعبيّة المتصاعدة تتزامن مع اشتداد أزمات الخدمات من كهرباء ومياه وارتفاع مظاهر الانفلات الأمني من قتل ونهب وسلب لممتلكات المواطنين من قبل مليشيات موالية للانتقالي في عدن ولحج وأبين وتصاعد الانتهاكات ضد المواطنين في محافظة شبوة من قبل مليشيات حزب الإصلاح.

ويؤكّـد الناشطون أن العامل الاقتصادي والمعيشي كان أبرز دوافع التظاهرات الشعبيّة التي تمثل كافة أطياف المجتمع وتجاوزت الحواجز الحزبية؛ بفعل تداعيات فشل حكومة المرتزِقة في إدارة الملف الاقتصادي وتهربها عن القيام بأدنى المسؤوليات تجاه المجتمع، فالمؤشر العام لأسعار الغذاء والدواء والوقود ارتفع إلى أعلى مستوياته في ظل تراجع مستويات الدخل وحرمان حكومة المرتزِقة الآلاف من الموظفين مدنيين وعسكريين من رواتبهم الأَسَاسية التي لم تعد تكفي لشراء أدنى متطلبات الحياة الأسرية.

وَيرى الشيخ هادي النهمي، أن أكبر الجرائم التي ارتكبها مجلس الأمن والأمم المتحدة هو نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، مُضيفاً بقوله: “انظُروا نتائج جرمكم فَـإنَّ عدن أصبحت في حالة فوضى عارمة، وَانهيار العملة بشكل خيالي في المناطق المحتلّة، وَارتفاع في الأسعار بشكل مخيف في المناطق المحتلّة، متبعاً: ماذا أردتم؟! قتل شعب اليمن؟ ها هو مرادكم يتحقّق”.

وفيما يتعلق بالأوضاع الأمنية يضيف النهمي قائلاً: احتجاجات على شرعية الفنادق التي تنعم بخيرات اليمن والشعب يموت جوعاً ولم يكفِهم ذلك، بل زادوا من رفع معاناة المواطن إلى أقصى حد”، مردفاً “أولادهم في أكبر الجامعات وأبناء اليمن يموتون من الفقر”.

وتعد قوى العدوان السعوديّ والإماراتي هي المستفيدة من كُـلّ ما يحدث، فهي تريد أن ينشغل المواطن في جنوب اليمن بلقمة عيشه، فيما هي تنهب ثرواته النفطية والغازية، وتعطّل موانئه، وكلَّ ما هو ثمين فيه، إضافةً إلى ذلك أنه كلما زاد الخِناقُ الاقتصادي على اليمن، زادت حكومةُ هادي والانتقالي و”الإصلاح” وكل المرتزِقة في تقديم الطاعة والولاء للسعوديّين والإماراتيين، والاستجداء بهم لإنقاذ الوضع الاقتصادي، وَإذَا ما قدمت السعوديّةُ منحةً مالية أَو غيرها، فَـإنَّها تظهرُ في صورة المنقذ، وليس المحتلّ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com