أكاديميون وباحثون وإعلاميون عرب: ثورة الـ 21 من سبتمبر أسقطت الوجودَ الأمريكي والخليجي وتثير ذعرَ الكيان الصهيوني واليمن الجديد في لحظة انتصاره سيكون قلعةً رديفةً لمحور المقاومة

 

المسيرة- خاص

حضرت ثورةُ 21 سبتمبر 2014 في حلقة نقاشية نُظِّمت في العاصمة اللبنانية بيروت؛ لتنقل احتفاءَ الشعب اليمني بهذه المناسبة من الداخل إلى الخارج.

وشارك في الحلقة النقاشية، أكاديميون، وباحثون، وإعلاميون، وبحضور دبلوماسيين، عرب وأجانب.

وتضمنت الحلقة النقاشية عدةَ أوراق، امتازت بأنها اختارت عناوينَ هامةً، لمرحلة هامة، وربطت مسارَ الثورة اليمنية بمحيطها سواء الإقليمي أَو الدولي.

وتحمل ورقةُ رئيس مركَز باحث للدراسات الاستراتيجية، الدكتور يوسف نصر الله، المقدمة إلى الحلقة النقاشية عنوان: “ارتدادات ثورة الـ 21 من سبتمبر في السعوديّة ودول الخليج”.

ويقول الدكتور نصر الله: إن الـ 21 من سبتمبر أصبحت يوماً وطنياً بامتيَاز، ويومًا مجيداً، ويومًا عظيمًا يضاف إلى قائمة الأعياد الوطنية التحرّرية الكبيرة التي يفخر بها اليمنيون، ويحتفون بها، ويعظمونها بوصفها باتت تشكل مصاديق حريتهم وكرامتهم وعناوين استقلالهم ومكون هُــوِيَّتهم الوطنية والجمعية، وَأَيْـضاً بوصفها منارات هديهم وعبورهم إلى أن يكونوا جزءًا أصيلاً وفاعلاً من الاجتماع الإنساني، و جزءًا أصيلاً وفاعلاً من المشهد السياسي الإقليمي والدولي، مُشيراً إلى أن 21 سبتمبر أحدث كذلك قطيعةً تاريخية عميقة بين ما قبله وما بعده، فبعد هذا التاريخ أصبح القرار اليمني عصياً على الهيمنة الخارجية، أياً يكن هذا الخارج.

ويتطرق الدكتور نصر الله إلى أهميّة ما جرى في 21 سبتمبر 2014، مؤكّـداً أنه قام على محرّضَين، الأول أنه جاء ثمرةَ السياق السياسي الذي عاشته اليمن طوال العقود الماضية، بمعنى أنه ليس وليد لحظته السياسية، بل هو نتاج صراع مديد وطويل، وله بُعدٌ خارجي وَداخلي، فالسياسات السعوديّة التي قامت منذ عشرات السنين، قامت على امتهان الكرامة الوطنية اليمنية، وعلى امتهان الذات اليمنية، وعلى استلاب إرادتها، وعلى محاولة استتباعها واستلحاقها، وعلى النظرة الاستعلائية حيالها، فضلًا عن محاولة استغلال مواردها وخيراتها وقدراتها، وهذا بالموازاة كان يحصل مع استعداء داخلي يمارسه النظام السياسي اليمني لمكونات وازنة في النسيج المجتمعي اليمني، من خلال عمليات الإقصاء والتهميش والعزل لشريحة كبيرة من هذا الشعب.

أما المحرض الثاني –كما يقول الدكتور نصر الله- فقد جاء ثمرة لخطاب جماعة أنصار الله، بوصفهم الحامل السياسي والثوري والعسكري لهذه الثورة المباركة، وهو الخطاب الداعي إلى التحرّر وإلى استعادة الكرامة الوطنية، وإلى إسقاط الهيمنة الخارجية، والوصاية الخارجية، والداعي أَيْـضاً إلى التحرّر الداخلي من سطوة الاستبداد والقهر الاجتماعي، والحرمان والإذلال والإقصاء والتهميش، مؤكّـداً أن هذه الثورة هي نتاجُ تاريخ حركة أنصار الله، وهي خلاصةُ مشروعها التحرّري للإنسان وللأرض وللقرار الوطني وللإرادَة الوطنية.

ويشير الدكتورُ نصر الله إلى أن من الطبيعي أن يقلقَ النظام السعوديّ ويبادر إلى العدوان، ربطًا بما تكشف عنه 21 سبتمبر 2014 من صور مخيفة ومرعبة على مستقبل الحضور السعوديّ والنفوذ السعوديّ والمكانة السعوديّة في المنطقة والإقليم.

وتناول الدكتور نصرُ الله جانباً من عوامل قلق النظام السعوديّ من ثورة 21 سبتمبر 2014، منها خشية السعوديّة من تداعيات الثورة على المستوى الاستراتيجي، أي من إمْكَانية قيام نظام ثوري وتحرّري في اليمن، وتأثير التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية اليمنية على مستقبل هذه الممالك والمشيخات وعلى ديمومتها وعلى استقرارها وبقائها ومكانتها في المنطقة، كما أن هذه الثورة التصحيحية المباركة جاءت على خلفية استعادة السيادة الوطنية على كامل التراب اليمني، وسعت إلى تقويض النفوذ السعوديّ تقويضًا تامًّا وشاملًا، وإخراج اليمن من مدار التأثير السعوديّ، ومن مجال الهيمنة السعوديّة التي استطالت إلى حَــدّ أنها تجاوزت الثمانية عقود.

ومن عوامل قلق النظام السعوديّ تجاه ثورة 21 سبتمبر -كما يقول الدكتور نصر الله– أنها تؤسس لواقع سياسي مغاير داخليًّا وخارجيًّا، وهو واقع تعارض بالضرورة مع مشروع الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وما يمكن أن يؤدّيَه السعوديُّ بوصفه كيانًا وظيفيًّا على هذا الصعيد، لافتاً إلى أن ما يجري اليوم يضعُ المنطقةَ كُـلَّ المنطقة على بوابة تحولات استراتيجية هي لغير مصلحة الأمريكي وحلفائه.

 

مفاجأةٌ سعيدة من اليمن السعيد

وخصصت الورقة الثانية لرئيس مركز الشرق الجديد للإعلام والدراسات، الأُستاذ غالب قنديل، والتي جاءت بعنوان: “اليمن ومحور المقاومة بعد ثورة 21 سبتمبر”.

وافتتح قنديل حديثَه بالتأكيد على أن أبطال اليمن الصامدين الشجعان شكّلوا مفاجأةً سعيدة لأحرار الأُمَّــة العربية بين المحيط والخليج، ورفعوا راية التحرّر، فزلزلوا الهيمنة الاستعمارية في توقيت بات يثير ذعر الكيان الصهيوني.

ويؤكّـد الأُستاذ غالب قنديل أن اليمنَ الجديدَ في لحظة انتصارهِ سيكون قلعةً رديفةً وشريكةً لمحور المقاومة، ونجدةً لكل أحرار العرب، مُشيراً إلى أن الأضواء تسلطت وانصبت الأنظارُ على اليمن بعد تلك الثورة؛ لأَنَّ الهستيريا التي أصابت محور الهيمنة وذنبه السعوديّ بصورة رئيسية، أثارت حالة من الذعر على صعيد جميع القوى الرجعية.

ويصف قنديل قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بـ”القائد الثوري الفذ” الذي أبدع في خطابه السياسي، وفي رؤيته وفي إدارته للصراع مع رفاقه وإخوانه في ملحمة شديدة الأهميّة والخطورة على صعيد مستقبل المنطقة، معتقداً أن الحدثَ اليمنيَّ هو بدايةُ انعطافة جديدة في الواقع العربي، لا تقل أهميّةً عن لحظة ولادة المقاومة في لبنان، ولا عن مسار الملحمة التي يخوضها محور المقاومة، منوِّهًا إلى أن الرؤية الثورية ومنطق التضحيات وفهم أولويات الصراع، والتناقض الرئيسي، جعل أبطال اليمن على خط التماس في قلب فلسطين، و”إننا نتابع في الإعلام الصهيوني وَالأمريكي كَثيراً من الذعر والرعب والمخاوف من تطور الظاهرة اليمنية وتفاعلها، وكذلك من فعل المستقبل اليمني الواعد”.

ويلفت قنديل أن المقاومة اليوم ليست محصورةً بما يمثله حزب الله في الواقع اللبناني، ولا هي محصورة في بطولات المقاومة الفلسطينية داخل فلسطين المحتلّة، ولا هي في روح الموقف السوري التحرّري الرافض للهيمنة، والداعم لقوى المقاوم الشقيقة، فاليوم المقاومة قلعة حرة مقاتلة صامدة، تصدر البطولات في جميع المجالات، وهي هذه اليمن، يمن الشجعان والشهداء، يمن السيد عبد الملك الحوثي، مؤكّـداً أننا أمام رافعة استثنائية ونوعية تهدّد بتقويض منظومة الهيمنة وضربها بالقلب.

ويوجّه قنديل رسالة للشعب اليمني ولقائد الثورة قائلاً: “نحن معكم في معركة التحرّر الوطني العربي في كُـلّ مكان بين المحيط والخليج، وإن محور المقاومة والمقاومة في لبنان والشعب اللبناني بأحراره يشعرون بوجدانهم ووعيهم أن معركة اليمن اليوم هي بشارة سعيدة توحي لنا بأن النصر قريب، وَأن انتظارَنا لن يطولَ لساعة نهضة قومية شاملة ستنهي هذا الليل اللئيم الذي ساد على منطقتنا”.

 

هزيمةُ المشروع الصهيوني

ويختار الدكتور وليد محمد علي، موضوعاً هاماً في ورقته المقدمة إلى الحلقة النقاشية، تتضمن عنوان “القضية الفلسطينية في أجندة ثورة 21 سبتمبر”، متسائلاً عن موقف الثورة اليمنية المباركة من قضية فلسطين، وبماذا تستفيد قضية فلسطين من انتصار الثورة المباركة؟

ويرى الدكتور وليد أن ما قبل انتصار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، كان يلفتنا أن أهمِّ المظاهرات والمسيرات التي كانت تخرج في يوم القدس العالمي، كانت تنظم في صنعاء، وفي المدن التي لأنصار الله ثقل فيها، لافتاً إلى أن هذا الموقفَ استمر، وكان يتكرّر دائماً على لسان قائد الثورة في اليمن السيد عبد الملك الحوثي -حفظه الله- أن فلسطينَ هي الهدفُ وهي الغاية وأن الثورة في اليمن انطلقت لتقول: (الموت لأمريكا والموت لإسرائيل)، وانطلقت لتستعيد لليمن مكانته، ولتخلصه من حكم يعمل بالوكالة لتنفيذ المشروع الإمبريالي الصهيوني الرجعي في أرض اليمن، ولتبني مكاناً لهزيمة المشروع الصهيوني.

ويضيفُ الدكتور وليد أن تأييدَ ثورة 21 سبتمبر للقضية الفلسطينية استمر ولم يتأثر ببعض الأخطاء، وُصُـولاً إلى الموقف المميز بالاستعداد لمبادلة طيارين وضبّاط سعوديّين بأسرى ومعتقلي حماس المظلومين عند آل سعود، وَهذا الأمر له دلالات.. إنّ ما يهمنا هو الهدف، وما يهمنا هو هزيمة المشروع الصهيوني، وما يهمنا هو نصرة فلسطين، وتحرير دولنا من الهيمنة والتبعية هو لتمكين هذه الأُمَّــة من استرداد ذاتها، مبينًا أن مواقف الثورة اليمنية كانت واضحة فهي ترى أن هذه الأُمَّــة لن تسترد ذاتها إلا إذَا استردت فلسطين.

ويوضح الدكتور على أن الكيان الصهيوني يعتقد بوضوح وبرسوخ أن وجود قوة ثورية تتحكم في اليمن، تتحكم في باب المندب، ستوجّـه ضربة قاصمة لهذا المشروع الصهيوني، وأن المشروع الصهيوني بدون رئة البحر الأحمر يختنق.

 

تهديدُ الدائرة الثانية

وينطلقُ الدكتور عباس إسماعيل، وهو باحث وخبير في شؤون العدوّ الصهيوني، في ورقته إلى الموقف الإسرائيلي من ثورة 21 سبتمبر، موضحًا أن إسرائيل تنظر إلى الثورة اليمنية وما أنتجته من وقائع على مستويات كافة؛ باعتبَارها تهديداً واضحاً على الأمن القومي الإسرائيلي، وعلى المصالح الاستراتيجية، وهو ما انعكس بصورة واضحة وصريحة في التقديرات الاستخبارية والعسكرية لطبيعة التهديد اليمني، إذ أطلق عليه اسم “تهديد الدائرة الثانية”.

ويشير الدكتور عباس إلى أنه عندما يتحدثون في إسرائيل عن دوائر التهديد، تجدُ الحديثَ عن تهديد الدائرة الأولى: لبنان وسوريا وغزة والضفة، والدائرة الثانية هي العراق واليمن، والدائرة الثالثة هي إيران، موضحًا أن ترتيب التهديد ليس له علاقة بأهميّة التهديد، ولكن مُجَـرّد إضافة التعريف الرسمي للتهديد اليمني بأنه الدائرة الثانية، هذا يعكس التبني، أَو الاستراتيجية الإسرائيلية لهذا التهديد وتوصيفه، لافتاً إلى أنه لا توصف دول أُخرى في المنطقة غير العراق واليمن، على أنها تهديد ثانٍ، وهذا يلخّص فكرة التعامل الإسرائيلي مع التهديد اليمني.

وبشأن القلق الإسرائيلي من ثورة 21 سبتمبر يؤكّـد الدكتور عباس إسماعيل أن مرجعَه سببان، الأول هو الواقع الاستراتيجي السلبي الذي أنتجته الثورة اليمنية، والمسألة الثانية هي الرؤية الاستراتيجية لحركة أنصار الله تجاه إسرائيل.

كذلك الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية قليلة رغم أهميّة وكثرة المقالات التحليلية ذات الصلة، منوِّهًا إلى أن بعض الدراسات الإسرائيلية عند مقاربتها لموضوع الثورة اليمنية، تتحدث عن أن هذه الثورة أنتجت إرباكاً عند القادة الأمنيين الإسرائيليين لعدة أسباب؛ لأَنَّ الحديث يدور عن ساحة بعيدة، وعن عدو جديد بالنسبة للإسرائيليين ذو مواصفات غريبة وغير معروفة.

ويرى الدكتور عباس إسماعيل أن إسرائيلَ تنظُرُ أن ثورةَ 21 سبتمبر نقلت اليمن من موقع إلى موقع، ونقلته من المعسكر السعوديّ إلى معسكر المقاومة، وبالتالي هذا التحول هو الأهم وهو الذي تبني إسرائيل على أَسَاسه قراءتها للثورة اليمنية، وهذا هو السبب الأول للقلق الإسرائيلي من هذه الثورة، مُضيفاً أن هذا التموضع الجديد يحول الموقع الاستراتيجي لليمن إلى موضع قلق، فهو يشكل تهديدًا، وبخَاصَّة على الملاحة البحرية، أَو حركة السفن الإسرائيلية على أنواعها عسكرية ومدنية وتجارية.

أما العنصر الثاني من عناصر القلق الإسرائيلي من ثورة 21 سبتمبر هو التهديد العسكري المباشر الذي يمكن أن يشكله اليمن أَيْـضاً على الجبهة الداخلية الإسرائيلية في أية مواجهة مستقبلية، وهذا التهديد ليس مُجَـرّد سيناريو نظري، بل تتم مقاربته في إسرائيل على أنه سيناريو واقعي، ويزداد هذا التهديد خطورة بالنسبة للإسرائيلي مع تزايد القدرات اليمنية الصاروخية والطائرات المسيّرة وإلى ما هنالك، خَاصَّةً وأن إسرائيل تراقب باهتمام كبير وقلق شديد، كُـلَّ عملية إطلاق صاروخ باليستي أَو غير باليستي، أَو طائرة مسيّرة من اليمن، وتعمل محاكاة مباشرة على هذا الموضوع، كما حصل في أرامكو وغيرها، حَيثُ كان حاضرًا بقوة في الداخل الإسرائيلي، أَيْـضاً من مواقع القلق هو التأييد الشعبي اليمني العارم للقضية الفلسطينية، وزرع العداء لإسرائيل، والكلام للدكتور عباس إسماعيل.

ويرى الدكتور عباس إسماعيل أن الرؤية الاستراتيجية لليمنيين تجاه إسرائيل هي أمرٌ بالغُ الأهميّة بالنسبة للإسرائيليين، إذ إنهم يصيغُون بناءً عليها استراتيجيتَهم في مواجهة اليمن، فالنقطة الأولى التي تلفت الإسرائيليين في قراءة العقل اليمني هي الشعار؛ الذي يكرّر في كُـلّ المناطق ويظهر في كُـلّ المسيرات، ويختزل بحدّ ذاته هذه الرؤية اليمنية الجديدة تجاه إسرائيل، وهذا موقع قلق كبير؛ لأَنَّ رؤية ملايين الناس ترفع هذا الشعار، يعدّ أمرًا مقلقًا لإسرائيل؛ لأَنَّ الشعار يعبّر عن مضمون.

 

أمريكا وثورة 21 سبتمبر

ويقدِّمُ الكاتبُ والباحث السياسي، الأُستاذ علي مراد، رؤية حول الموقف الأمريكي من ثورة 21 سبتمبر، مستعرضاً النفوذ الأمريكي في اليمن قبل الثورة، فالتعدي على السيادة اليمنية كانت ضمن الهيمنة الأمريكية على اليمن، وكذلك تفجير الذخائر والدفاعات الجوية في الصحراء، مُشيراً إلى أن أمريكا كانت تتحكّمُ وتمارس نفوذًا وهيمنة داخل اليمن، وأن الأمريكي كان يدفع السعوديّ لتوظيف التنظيمات الإجرامية لتمارسَ الاغتيالات وترسل الانتحاريين إلى المساجد.

وَيقول مراد: إنه وخلال الأشهر التي سبقت مباشرة انطلاق العدوان على اليمن، كانت هناك عدائية في تصريحات المسؤولين الأمريكيين ضد الثورة، وضد اللجنة الثورية العليا وضد الكثير من القرارات التي كانت قد بدأت اللجنة الثورية العليا باتِّخاذها، وخَاصَّةً في موضوع الانفتاح على الدول التي كان ممنوعًا على اليمن أن ينفتح عليها.

ويلفت مراد إلى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لجأت إلى أُسلُـوب “النفاق” في التعاطي مع اليمن، وهم لا يريدون الاعترافَ بشكل واضح وعلني وبيّن بأن لهم الدورَ الأبرز، وأنهم هم من دعموا ودفعوا السعوديّ والإماراتي وتحالف العدوان لشنّ العدوان في مارس/آذار 2015، وفي نفس الوقت يحاولون التنصل من الجرائم التي ارتكبت في اليمن بسلاح أمريكي وبتجسس أمريكي وبمعلومات ولوجستيات كلها أمريكية، وحتى ضباط على الأرض في بعض الأماكن في اليمن هناك تواجد عسكري محدود للأمريكيين.

ويؤكّـد مراد أنه في مرحلة ما قبل 2014 عندما كان الأمريكي يتحكم بالقرار اليمني، واليوم يعاني من ارتدادات انتصار ثورة 21 سبتمبر.

 

دوافع وأسباب

ويبحَثُ الكاتبُ والإعلامي طالب الحسني، في ورقته المقدمة إلى الحلقة النقاشية عن أسباب ودوافع ثورة 21 سبتمبر، والتي كان في مقدمتها الوصاية على البلد، والمبادرة الخليجية التي جمدت الدستور، وعطلت البرلمان، وعطّلت كُـلّ القوى السياسية، وأصبحت القوى السياسية مُجَـرّد أدوات تتحَرّك مع السعوديّة فقط، ولا يمكن الخروج عن هذه المبادرة، موضحًا أن السعوديّة كانت تركِّبُ نظامًا بديلًا لنظام علي عبد الله صالح، واختارت عبد ربه منصور هادي، وعملوا على هيكلة الجيش، واختاروا بعض الأشخاص من نظام علي عبد الله صالح، ورشّحوها لنظام عبد ربه منصور هادي، ثم اختاروا قوًى سلفيةً جديدة، بعضُهم من حزب الرشاد، وبعضُهم من المتطرفين في حزب الإصلاح وحزب الإخوان المسلمين، ثم ركّبوا نظامًا هشًّا واختاروا عنوانًا في الحوار الوطني، وألغوا جميعَ العناوين التي تم التفاوض عليها واختاروا عنوان الدولة الاتّحادية اليمنية المقسمة إلى ستة أقاليم، لافتاً إلى أن مصطلح الأقاليم وفكرة الدولة الاتّحادية لم تكن موجودة ولم يفكر بها أحد من قبلُ، وهذه الفكرة كانت خطوة أولى نحو تفكيك الدولة اليمنية؛ لأَنَّ خارطة بناء الأقاليم كانت مبنية على أَسَاس أن تكون هناك ميولٌ للانقسام، مؤكّـداً أنه لولا ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، لَكُنَّا سنأتي هذا العام مع بوادر لتفكيك اليمن، وربما كان هناك انقسامًا، خَاصَّة أنهم ألغوا فكرة الدولة المركزية تماماً.

ويلفت الحسني إلى أن ثورة 21 سبتمبر 2014 قد جاءت لإخراج هذا التدخل الأجنبي؛ لأَنَّه كان كارثة اليمن الحقيقية، وكانت ثورة من الأعلى إلى الأدنى، أسقطت الوجودَ الأمريكي والوجود الخليجي والوصاية بشكلها التقليدي والجديد، إلى أن انتهت بسقوط الأدوات بمُجَـرّد أن رحلت الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكّـداً أنه لولا فضلُ الله سبحانه وتعالى أولًا ولولا وجودُ القائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، لكان من الصعب قيامُ ثورة جامعة وقيادة ثورة جامعة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com