الأُستاذ يحيى قاسم أبو عواضة في حوار للمسيرة : من يرفضون الوَلاية الإلهية يتجهون بطريقة مباشرة لتولي أمريكا وإسرائيل

 

المسيرة | حاوره أيمن قايد

أكّـد الأُستاذُ يحيى قاسم أبو عواضه أن الأُمَّــة اليوم في أَمَسِّ الحاجة للعودة إلى ولاية الله ورسوله والذين آمنوا أكثرَ من أي وقت مضى، مُشيراً إلى أن الولايةَ الإلهية شرطٌ أَسَاسي في تحقيق النصر، وأن لها علاقةً مؤكّـدةً بموضوع الصراع مع اليهود والنصارى.

وأوضح أبو عواضة في حوار خاص لصحيفة “المسيرة” أن ما يحقّقه أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في الجبهات من انتصارات هو ثمرةٌ من ثمار التولي الصادق والعملي لله والرسول، وكذا المستوحى من شجاعة واستبسال الإمَـام عَلِـيّ -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- مُضيفاً أن الولاية الإلهية فيها العزةُ والكرامة والخير للأُمَّـة، وأن لها العلاقةَ الأكيدةَ بفاعلية الدين ونفعه في واقع الحياة.

إلى نص الحوار:

  • بدايةً أُستاذ يحيى.. ما هي دلالاتُ إحياء يوم الولاية (عيد الغدير)؟ وما الأثر الذي يتركُه هذا اليوم في نفوس المؤمنين؟

هذا يدُلُّ على العلاقةِ الإيمانيةِ والوِجدانيةِ التي تربُطُ شعبَنا العزيزَ بالرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وبأمير المؤمنين -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-، وبأعلام الهدى من أهل البيت عليهم السلام.

وتدُلُّ أَيْـضاً على وعي شعبنا بأهميّة ما قُدِّمَ في هذا اليوم من ولاية أمر الأُمَّــة، وارتباطها بولاية الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- وولاية رسوله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وارتباطها بكمال الدين، وفاعليته، ونفعه في واقع الحياة.

ومن خلال إقامة هذه المناسبة، يزدادُ شعبنا في وعيه بدينه، وبما تحتاجه الأُمَّــة اليوم من ضرورة الرجوع إلى ولاية الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى-، بشكل كامل بما في ذلك ولاية الرسول والإمَـام عَلِـيٍّ وأعلام الهدى من أهل البيت لتخرج من الحالة السيئة التي تعيشها.

هذا اليوم المبارك جديرٌ بنا أن نحتفلَ به، وأن نبتهجَ به، وأن نفرحَ به، فهو مناسبةٌ دينيةٌ عظيمةٌ ومباركة، وشعبُنا في كُـلِّ عام يحتفلُ بهذه المناسبة ضمن موروثه الإيماني والديني الذي حافَظَ عليه، ويحافظ عليه في المستقبل إن شاء الله.

إن هذه المناسبة العظيمة لها أهميتُها الكبيرة بالنظر إلى موقعها في الدين، وبالنظر إلى علاقتها بواقع الأُمَّــة، وهذا ما ينبغي أن ننظُرَ من خلاله إلى هذه المناسبة، فيومُ الغدير (يوم الولاية) هو اليوم الذي رسم فيه الرسولُ المسارَ السياسيَّ لأمر الأُمَّــة، بما أعلنه فيه من أمر الولاية، بدءاً بولاية أمير المؤمنين عليّ -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-.

إنه اليوم الذي نزل فيه قول الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- في كتابه الكريم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسلام دِينًا}[المائدة: من الآية3]، أفلا يجدُرُ بنا أن نحتفل بيوم أكمل الله فيه الدين وأتم النعمة على البشرية؟!.

 

– الإمَـام عَلِـيٌّ -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- أشجعُ طاعن وضارب وله المواقف البطولية مع الرسول في الغزوات وما بعدها.. هل هناك علاقةٌ بين ذلك وبين ما يحقّقه أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في مختلف ميادين الثغور وكيف؟

ما يحقّقه المجاهدون في سبيل الله، من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من انتصاراتٍ له علاقةٌ أكيدةٌ بصحة التولي؛ لأَنَّهم ممن تولى الله ورسوله والإمَـام عَلِـيّاً تولياً واعياً، تولياً عمليًّا، تولياً صادقاً، والله سبحانَه وعد في آية الولاية في سورة المائدة بالنصر لمن يتولى اللهَ ورسوله والذين آمنوا عندما قال: {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

وهم محط رعاية الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- ونصره استجابة لدعاء الرسول في حديث الولاية عندما قال: (اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله).

هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى من يتولون الإمَـام عَلِـيّاً -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- ترتقي نفسياتهم، وبالتالي يرتقون في مواقفهم وأعمالهم، ويستوحون من أمير المؤمنين ومن مواقفه أعظمَ دروس الشجاعة والبطولة والثبات والاستبسال.

 

– نحن نعيش في زمن يندفع فيه بعضُ العرب والمسلمين لتقديم الولاء للأمريكيين والصهاينة ومحاربةِ كُـلّ من يطالب بالولاء لله وللرسول وللمؤمنين.. كيف تعلقون على ذلك؟

هذا هو الشيءُ الطبيعيُّ لمن يرفضون الوَلايةَ الإلهيةَ، أن يستبدلوا بها ولاية اليهود والنصارى؛ لأَنَّ اللهَ سبحانَه تحدث عن خَطَّين وولايتين في سورة المائدة، أولاً تحدث عن ولاية اليهود والنصارى وخطورتها في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} المائدة51} ثم يقول بعد ذلك: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} المائدة55} فالناس بين خيارين: إما ولاية الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- ورسوله والذين وآمنوا أَو البديل ستكون هي ولاية اليهود والنصارى.

وقد رأينا من يرفضون هذه الولاية الإلهية كيف يتجهون بطريقة مباشرة لتولي أمريكا وإسرائيل، أَو بطريقة غير مباشرة بتوليهم لزعمائهم الذين يتولون أمريكا وإسرائيل.

 

– سعى الوهَّـابيون وأتباعُهم إلى طمس هذه المناسبة العظيمة.. برأيكم ما هي أهدافهم من وراء ذلك؟ وكيف نحيي يوم الولاية من وجهة نظركم؟

الوهَّـابيون يحقّقون هدفاً يهودياً، سواء شعروا أَو لم يشعروا، فاليهود يسعَون إلى فصل الأُمَّــة عن رموزها وأعلامها الحقيقيين؛ لمعرفتهم بأهميّة الرموز والأعلام في إقامة المشروع الديني، وفي استقامة الإنسان في الحياة، هذا أولاً، وثانياً ليوجدوا حالةً من الفراغ لدى أبنائنا فيما يتعلق بالرموز والأعلام فيأتون هم ويملأون هذا الفراغَ برموز من لديهم رموز في الفساد والضياع والتيه.

أما كيف نحيي هذه المناسبة، مناسبة الغدير بما حصل فيها، فمن خلال الفعاليات التي نبلّغ فيها ما بلّغه رسولُ الله في مثل هذا اليوم، ليستمر بلاغُ رسول الله في أمته؛ لأَنَّ المسألةَ لها علاقةٌ بقدسية الله وحكمته وعدله ورحمته، وكمال دينه، وإقامة الحجّـة على عباده.

أضف إلى ذلك أن أمتنا بأمسِّ الحاجة اليومَ أكثرَ من أي وقت مضى إلى العودة إلى ولاية الله ورسوله والذين آمنوا، بدءاً بأمير المؤمنين علي -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-، وانتهاء بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله فهو خلاصها الوحيد مما هي فيه من الذلة والخزي.

 

– ماذا عن علاقة اليمنيين بالإمَـام عَلِـيٍّ وأهل البيت عليهم السلام؟

ما يربُطُ اليمنيين بالإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- هي علاقةُ الإيمان، علاقة المحبة، علاقة التولي، علاقة الاقتدَاء والاهتداء، ونحن يمن الإيمان والحكمة وإيماننا يحتم علينا أن نكونَ مع أمير المؤمنين، مع الحق، مع القرآن، مع من هو من رسول الله بمنزلة هارون من موسى.

 

– برأيكم كيف ترَون الفئاتِ أَو الجماعاتِ البعيدةَ عن إطارِ وَلاية الله والرسول والإمَـام عَلِـيٍّ؟

كُلُّ الفئات التي هي بعيدةٌ عن التولِّي الحقيقي لله ورسوله والإمَـام عَلِـيٍّ هي معرضة لأن تتولَّى اليهودَ والنصارى، إما بطريقةٍ عمودية بالوقوف معهم والتحَرّك في فلكهم، أَو بطريقة أُفقية بالسكوت أمام مؤامراتهم وتحَرّكهم.

وفي هذه المناسبة العزيزة، ندعو أمتنا إلى أن تعودَ إلى حديث الولاية حتى تحصن نفسها من ولاية اليهود والنصارى.

 

– بما تتمثل الخطورةُ على الأُمَّــة عند فصل أبنائها عن مصادر الهداية الحقيقية؟

عندما تفصلُ الأُمَّــةُ نفسَها عن مصادر الهداية سيكونون معرَّضين للضياع والتيه، وأن يتولوا المجرمين والطواغيت والفاسدين، وأن يتمسكوا بهم ويتأثروا بهم ويتاسوا بهم؛ لأَنَّ الإنسانَ لا بد له من قُدوة في الحياة، فإما أن يكون قُدوةً حسنة، أَو سيكون قُدوة سيئة، ونحن نرى أبناءَ أمتنا وللأسف كيف يتأثرون بمن هَبَّ ودب من اليهود والنصارى والكافرين في كُـلّ شؤون حياتهم حتى على مستوى أبسط الأشياء.

 

– ما الحكمةُ في اختيار الإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- وليًّا على المؤمنين؟

هذا كان بأمر الله تعالى في قوله {{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} المائدة67} وفي حديث الولاية: {(يَا أَيُّهَا النَّاس، إِنَّ اللهَ مَولَاي، وَأَنَا مَولَى المُؤمِنِينَ، أولى بِهِم مِن أنفسهِم، فَمَن كُنت مَولَاه، فَهَذَا عَلِيٌّ مَولَاه فَهَذَا عَلِيٌّ مَولَاهُ، اللهُمَّ وَال مَن وَالَاهُ، وَعَادِ مَن عَادَاهُ، وَانصُر مَن نَصَرَه، وَاخذُل مَن خَذَلَه} وهو اختيار من الله الحكيم ورسوله الحكيم.

ولا يشك أحد من المسلمين في زمن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وَسَلَّـمَ- بأن أمير المؤمنين كان هو المؤهَّلَ لهذه المهمة دون سواه وأن محلَّه منها محلُّ القُطبِ من الرحى، كما قال هو سلامُ الله عليه.

 

– ما أثرُ الولاية في مواجهة قوى الاستبداد والاستكبار؟

الوَلايةُ الإلهية لها علاقةٌ أكيدةٌ بموضوع الصراع مع اليهود والنصارى والكافرين ونحوهم، فهي شرط أَسَاسي في تحقيق النصر، فالله سبحانه يقول: {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

 

– في إطار هذه المناسبة العظيمة.. ما هي رسالتكم لأبناء الأُمَّــة الإسلامية ككل وللشعب اليمني خَاصَّة؟

نباركُ لأبناء أمتنا ولأبناء شعبنا خُصُوصاً هذا المناسبة العظيمة التي هي عيدُ الأعياد وأعظمُ المناسبات الدينية، فهي يومُ إكمال الدين وتمامُ النعمة باختيار من سيخلف الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- في إدارة وتقديم وتجسيد هذا المشروع الإلهي وإنزاله إلى الواقع كمشروع حضاري يبني الأُمَّــة في كُـلّ مجالات حياتها، وله علاقةٌ أكيدة بفاعلية هذا الدين ونفعه في واقع الحياة، وله علاقة بعزة الأُمَّــة وكرامتها وخيريتها وتمكّنها.

وله علاقة بالصراع مع أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى وغيرهم، فلا نصرَ ولا فلاح إلا بتنفيذ ما قدم الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- في هذا اليوم من حَـلّ ومخرج لهذا الأُمَّــة من خلال الإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- وأعلام الهدى من أهل بيت الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- ورثة الرسول الحقيقيين من يسيرون بسيرة الرسول في جهاده ويحملون روحيته وينهجون نهجه في كُـلّ شيء عبر التاريخ بكله إلى يوم القيامة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com