من أسرار الصمود

 

محمد يحيى هاشم السياني

ندركُ جيِّدًا مدى قدر ذلك الحجم الكبير الذي تحمله شعبنا المظلوم جراء المؤامرات الخارجية والأنظمة الفاسدة التي تعاقبت في حكم اليمن.

باستثناء المرحلة التي تقلد فيها الحكم الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي نستطيع أن نقول إن شعبنا لم يحظَ بأية وسيلة ممكنة للعيش بكرامة وحرية وعزة في ظل تلك الأنظمة الفاسدة والمرهونة للخارج تحت مظلة الوصاية ولم يكن من المنطق والمعقول أن تمنح تلك الأنظمة شعبها الأسباب والعوامل التي تهيئ أمامه كُـلّ الفرص والإمْكَانيات والوسائل ليرتقي على كُـلّ المستويات تحفظ له هُــوِيَّته الايمانية والوطنية واصالته التاريخية لكي يستطيع تجاوز أزماته والصمود أمام أعدائه.

لقد عكست تلك المراحل البائسة بظلالها وتأثيرها السلبي والكارثي على كُـلّ شيء مس مسيرة الشعب وهيكلية دولته الكرتونية والتي أراد لها النظام السعوديّ ذلك خدمة لمصالحه المطوعة قسراً وطواعية للسياسة والمصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة العربية عامة واليمن على وجه الخصوص.

ومن المهم في تلك المرحلة التي لا زالت ممتدة إلى اليوم قد حملت طموحاً مغلفاً بنزعة المحتلّ والأطماع التوسعية في بلدان الغير.

هذا الواقع الثقيل الذي تجسد بمراحل من الصراعات والمؤامرات ضد بلدنا خلق ازمات متراكمة وسياسات موجهة وممنهجة استهدفت شعبنا لتطويعه وإضعافه ومسخ هُــوِيَّته وفرض أنظمة صنعت له دولة من ورق قائمة على هيكلية مؤسّسية هشة لا تستطيع بأي حال تحقيق أي شيء يذكر لهذا البلد سوى المزيد التآكل الذي أوصلنا إلى الحضيض كاد يسلبنا أبسط عوامل البقاء كبلد على خارطة الأرض وشعب يعد بين الأمم وسطور في فهرس التاريخ.

ومع قتامة الصورة وبؤسها الواضح التي كان عليها شعبنا ولا زلنا نعاني من تبعاتها وملفاتها المثخنة بما تحمله من تركة ثقيلة من الفساد والاختلالات العنكبوتية الهَشَّة التي كانت تدار من خلالها الدولة فَـإنَّنا اليوم معنيون في ترجمة صمود شعبنا إلى عمل جاد وحقيقي يصل بنا إلى الحدِّ المعقول الذي نستطيع من خلاله التأسيسَ لمستقبلٍ محترمٍ يمكن أن يبنيَ دولةً تقفزُ من التوصيف الكرتوني إلى التوصيف البلاستيكي في أقل تقدير يترجم صدق النوايا ويجسد توجيهات قائد الثورة على الواقع دون أن نزايدَ ونبالغ في شطحات هي خارج واقعنا وفوق إمْكَانياتنا الحقيقية وندرك أن الإنسان اليمني اليوم مختلف تماماً عن أية مرحلة من المراحل التي مرت علية نتيجةَ أسباب وعوامل كثيرة لا يتسع ذكرها هنا.

لكن الأهم والذي يجب أن يقال أن العناية الإلهية قد هيأت لبلدنا وشعبنا لحظة تاريخية وفرصة ثمينة لا يمكن أن تتكرّر في ظل العدوان والحصار الذي أفرز وعكس بتبِعاته تلك الصدمات القاسية التي واجهت شعبنا والتي تلقفها بصلابة مذهلة وإرادَة ووعي كبير وصمود أُسطوري أذهل العالم وأدهشه.

تلك حقيقة مواتية يمكن البناء عليها لمستقبل زاهر يناطح السماء ولا يمكن أن نسقط الحقيقة التاريخية في سر الصمود اليمني أمام تحالف العدوان على حسب الأهواء والميول والتوجّـهات المختلفة، بل إن الأمانةَ التاريخيةَ والوطنية والأخلاقية تفرض علينا كيمنيين قولَ الحق وتثمينَ التضحيات التي قُدمت في أصعب مرحلة مر بها بلدنا وشعبنا.

فلم يكن يتأتى لشعبنا أن يصنعَ الإعجاز ويحيك خيوط النصر لولا عناية الله وتأييده لشعبنا بعد أن كان للثقافة القرآنية والمشروع القرآني أثرُه الكبير في حياة شعبنا وهُــوِيَّته الإيمانية وقادته إلى هذا الإعجاز، وتلك هي الحقيقة التي لا يمكن القفز عليها أَو تزييفها، وتلك هي النتيجة الحتمية التي وصلنا إليها تحت قيادة السيد القائد /عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي حمل على كاهله مع الأنصار رايةَ الشهيد القائد السيد/ حسين بدرالدين الحوثي، ليقود المشروع القرآني والمسيرة القرآنية الجهادية والتي كانت بحق زادَ وسلاحَ المجاهدين في ميادين المواجهة، إضافةً إلى أنه كان لها الأثرُ البالغُ في صقل الهُــوِيَّة الايمانية لشعبنا والتي مكّنته بفضل الله وتمكينه من تخليق شعب يستطيع يبني بلده على قواعد متينة ومسار ثابت وسليم.

ولله المِنَّةُ والفضلُ وعليه التوكلُ والاعتصام.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com