مؤشراتُ “الحتميات الثلاث” في واقع الصراع مع “إسرائيل”: اقتراب “الوعد”

 

المسيرة | خاص

في خطابه عشية يومَ القدس العالمي، سلَّط قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الضوءَ على مستقبل الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، انطلاقاً من “الحتميات الثلاث” التي تحدّد مآلات هذا الصراع في نصوص القرآن الكريم، وهي: حتميةُ هزيمة الكيان الصهيوني وسقوطه، وحتميةُ خسارة الموالين له، وحتميةُ انتصار أبناء الأُمَّــة المؤمنين الذين يخوضون معركة التحرّر.

الرؤية القرآنية التي قدمها قائدُ الثورة لمستقبلِ المعركةِ مع العدوّ الصهيوني، وإلى جانب أنها تقومُ على حقائقَ لا مجالَ للشك فيها –على عكس حساباتِ العدوّ وعملائه القائمةِ على مُجَـرّد دراسات وتحليلات- تمتلكُ اليومَ الكثيرَ من الشواهد التي تصادقُ عليها في الواقع، بل وتؤكّـدُ أننا نعيشُ زمنَ تحقّقها.

على أكثر من مستوى، تعيش “إسرائيل” في المنطقة، بمواجهة “تهديد” متصاعد باستمرار، لم يفلح “تفوقها التسليحي” في خفض وتيرته أَو حتى إيقافه عند نقطة معينة، كما لم يفلح نفوذُها وعلاقاتُها مع الأنظمة العميلة في ذلك، وحتى لجوؤها إلى أُسلُـوب “حرف بُوصلة العداء” صوب إيران، وتغذيته بمشاريع طائفية وسياسية وَعسكرية واسعة، ارتد عليها عكسياً في نهاية الأمر؛ لأَنَّ الفوضى الكبيرة التي خلفها في المنطقة، قد لعبت دوراً في الغربلة وإنتاج حركات مقاومة صادقة، بات لديها خبرة في التعرف على مكائد وخطط الكيان الصهيوني والتعامل معها، بل ومفاجأته بما لم يكن في حسبانه أبداً.

في كلمته خلال “المنبر الموحَّد ليوم القدس” أكّـد سماحة الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله، أن “الصهاينة يعرفون في قرارة أنفسهم أن هذا الكيان لا مستقبل له”، ولم يكن هذا التأكيد مبالغة، فوسائل إعلام العدوّ الإسرائيلي ومراكز أبحاثه ودراساته نفسها، لا تستطيع التهرب من حقيقة استمرار تصاعد وتوسع التهديد الذي يحيط بإسرائيل، سياسيًّا وعسكريًّا بالذات، وهي حتى في أكثر تحليلاتها تفاؤلاً، تتحدث عن إمْكَانية خوض المعارك، لكن “حسم الصراع” مع المقاومة العربية والإسلامية بشكل يلغي التهديد الوجودي للكيان الصهيوني تماماً هو أمر غير وارد، وبالتالي فالإسرائيليين يعرفون أن مستقبل وجودهم غير مضمون.

من هنا فَـإنَّ مؤشرات حتمية سقوط الكيان الصهيوني تبدو متجلية بوضوح على الواقع ومسألة تحقّقها مسألة وقت (“وعد” بتعبير القرآن الكريم)، وهي مرتبطة بالحتمية الثانية المتعلقة بالعملاء الذين، وللمفارقة، أسهموا بشكل كبير في التأكيد على قرب هذه الحتمية أَيْـضاً من خلال “حفلة التطبيع” المخزية والمرتبكة التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، حَيثُ جاء إعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني في الوقت الذي تواجه فيه الأنظمة العملية فشلاً مشهوداً على كُـلّ المستويات، وسقوطاً مدوياً لمشاريعها السياسية والعسكرية التي كانت تعول عليها في السيطرة على المنطقة لتكون “حامية” لإسرائيل غير الآمنة، وهكذا لم يفعل “التطبيع” سوى تقديم صورة أوسع عن الضعف والتخبط الذي يعاني منه المشروع الصهيوني في المنطقة.

وترتبط حتميتا هزيمة العدوّ الإسرائيلي وهزيمة أدواته، بحتمية انتصار الطرف الآخر في المعركة والمتمثل اليوم في واقع المنطقة بمحور المقاومة، الذي لم تعد إسرائيل نفسها تخفي قلقها من تعاظم قوة كُـلّ عنصر فيه على حدة، وبالتالي مجموع قوته بشكل عام، وهو خطر لم تعد إسرائيل قادرة على التعويل على وكلائها في المنطقة للتخفيف من حِدَّتِه؛ لأَنَّهم قد فشلوا مسبقاً، وبالتالي فهي تواجهُ هذا الخطرَ وحدَها بشكل مباشر.

قبلَ أَيَّـام، نشَرَ “معهدُ دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” ورقةً تبحثُ سيناريوهات المواجهة المباشرة مع اليمن/ أنصار الله، وبغض النظر عن كُـلّ تفاصيل تلك الورقة التي تكشف رعباً إسرائيلياً حقيقياً، فهي تؤكّـد على أن “الحتمية الثانية” باتت في حكم المحقّقة، وبعبارة أُخرى: لقد ثبت فشل الأنظمة العميلة في صد الخطر الذي تخشاه إسرائيل، وبات عليها أن تتعامل معه مباشرة، وهذا الأمر يشيرُ إلى أن الحتميتين الأولى والثالثة أقربُ إلى التحقّق بدورهما، ففشل الأنظمة العملية في “وقاية” إسرائيل، قد كشف أن الأخيرة لا تمتلك القدرة الكافية لمواجهة خطر محور المقاومة والتغلب عليه حتى مع وجود الدعم الغربي، علماً بأن الكيان الصهيوني قد هزم بالفعل أمام حزب الله، ولا زال عاجزاً عن حماية أراضيه من هجمات المقاومة الفلسطينية، فكيف إذَا كانت المعركة أكبر وأوسع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com