6 أعوام على هيروشيما اليمن.. دخان “عطان” لم ينطفئ بعد

المحبشي: مع توقف العدوان ستتم مقاضاة العدوان الأمريكي السعودي على الجرائم باليمن

الأسد: الجريمة تحمل طابعاً أكثر توحشاً وإجراماً ودموية مقارنة بالجرائم الأُخرى

القاضي: جريمة عطان بمثابة عملية إبادة جماعية مصغرة

المسيرة- محمد الكامل

يتعاظم وجعُ اليمنيون من يوم إلى آخر، جراء استمرار العدوان الأمريكي السعودي، غير أن بعض الأوجاع لا تندمل، ومنها ما حدث لضحايا منطقة عطان بصنعاء في البدايات الأولى للعدوان سنة 2015.

لقد قصفت طائرات العدوان هذه المنطقة بسلاح جديد.. إنها قنبلة فراغية، من قنابل الدمار الشامل.

كان اليمنيون قد شاهدوا في ذلك اليوم لحظة الانفجار عبر شاشات التلفزة، والبعض الآخر شاهدها بالعين المُجَـرّدة، نيران كثيفة تصاعدت عمودياً نحو السماء على شكل الشجرة، وكأنه بركان بدأ للتو في الانفجار، وقد ارتفع الدخان إلى مسافة عالية تقدر بكيلو متر تقريبًا، وغبار كثيف ملأ أرجاء حي عطان.

الصخور من جبل عطان تطايرت، ووصلت إلى مسافات كبيرة، وأصابت عدداً من المواطنين، وحطّمت عدداً من السيارات، أما منازل المواطنين المجاورة للجبل، فقد تحولت إلى أطلال، وأجسادهم تحولت إلى أشلاء متفحمة، أما من بقي على قيد الحياة فقد هرب من منزله، ومن مقر عمله، بشكل هستيري لا يدري إلى أين؟ إنه مشهد مصغر ليوم الحشر.

الأطفال كانوا يصرخون بأصوات مرتفعة.

النساء كن يردّدن عبارات ممزوجة بالبكاء: “حسبنا الله ونعم الوكيل”، وحركة مخيفة وازدحام في معظم الشوارع، وهلع كبير في أرجاء العاصمة.

الخونة في فنادق الرياض كانوا الأكثر ابتهاجاً وفرحة بما حدث! ولقد نزفت صنعاء في ذلك اليوم كَثيراً.. لقد نزفت دماً ودمعاً.

عدد الشهداء في هذه الجريمة وصل إلى أكثر من 90 مدنياً، أما عدد الجرحى فقد تجاوز الثلاثمِئة مواطن، إنها الكارثة، إنها المصيبة، إنها الفاجعة.

في ذلك اليوم، أطلقت وزارة الصحة نداء استغاثة للمواطنين للتوجّـه نحو جميع المستشفيات للتبرع بالدم، أما المستشفيات فقد أعلنت حالة الطوارئ القصوى، واستدعت جميع كوادرها من الأطباء والاستشاريين.

 

جريمةٌ عالقةٌ في الذاكرة

في ذلك اليوم كانت أسرة شجاع الدين من ضمن مئات الأسر المكلومة، وكان لها نصيبٌ من الاستهداف ونصيبٌ من المعاناة والآلام.

ويقول صلاح شجاع الدين: إنه فقد أخته لينا عبد الرحمن قاسم شجاع الدين وزوجها عبد المؤمن عبد الوهَّـاب شجاع الدين وطفلهما ليث عبد المؤمن شجاع الدين “خمس سنوات”، أثناء هذه الجريمة المتوحشة، وإن الله عز وجل قد كتب للطفلة “ليال عبد المؤمن شجاع الدين” 12 سنة النجاة في ذلك اليوم، والتي راح ضحيتها الكثير من المدنيين.

والآن وبعد مضي 6 سنوات على هذه الجريمة، يؤكّـد صلاح شجاع الدين أنه لا يمكن نسيانها؛ لأَنَّها تبقى في الذاكرة، منوِّهًا إلى أنها تعني له أشياءَ كثيرة.

ويواصل شجاع الدين قائلاً: “الأمر لا يتعلق بذكرى أَو بيوم محدّد، حَيثُ أن ذاكرتي أَو مخيلتي لم تنس الألم ووجع الفقد وخَاصَّة وأنا أرى كُـلّ يوم فيه بنت أختي التي أصبحت تعيش معنا وَأتذكر الجريمة بكل تفاصيلها.

ويشير صلاح إلى أنه كلما حاول نسيان ما يحدث، فَـإنَّ بنت أخته “ليال” تعيد له الذكريات المشؤومة، فيتذكر بوجع تفاصيل ذلك القصف، وتتملكه مشاعر الكره والحقد ضد أعداء اليمن الأزليين مملكة الشر مملكة آل سلول وعملائهم من المرتزِقة والإخوان المسلمين وأعوانهم وحلفائهم وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل وعدوانهم الظالم الذي أعلنوّه على اليمن.

ويضيف صلاح في حديثه لصحيفة “المسيرة” أنه عندما ينظر إلى بنت أخته “ليال” فَـإنَّه يتذكر كُـلّ الجرائم التي ارتكبها العدوان الأمريكي السعودي في اليمن، ويألم لحال الآلاف من الأطفال والنساء الذين يتم انتشال جثثهم من بين الأنقاض، مؤكّـداً أن العقاب سيطال الأعداء طال الزمن أَو قصر.

 

إبادة جماعية مصغرة

وعلى الرغم من تعدد الجرائم التي ارتكبتها قوى تحالف العدوان الأمريكي السعودي بحق الشعب اليمني إلا أن جريمة ومجزرة عطان تعد من أبشع الجرائم في تاريخ هذا العدوان.

وتؤكّـد تقارير إعلامية أمريكية أن القنبلة التي ألقيت على فج عطان منذ ست سنوات كانت “نيوترونية” وألقتها طائرات صهيونية انطلقت من قواعدَ سعوديةٍ بتوجيه من الأقمار الصناعية الأمريكية في عملية إبادة جماعية مصغرة خلفت مئات القتلى والجرحى وصُنفت قانونياً ضمن “جرائم حرب ضد الإنسانية”، مشيرة إلى أن هذه الجريمة يتحمل مسؤوليتها الجنائية والقانونية تحالف العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني على اليمن.

وارتكب العدوانُ هذه المجزرة ظهر يوم الاثنين، 20 أبريل نيسان سنة 2015، ويطلق عليها الكثيرون “هيروشيما اليمن”، واستهدفت أحد أحياء مديرية السبعين التي تعتبر من أكبر المديريات في أمانة العاصمة صنعاء والتي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من العاصمة صنعاء.

ويؤكّـد رئيس الدائرة القانونية والحقوقية بالمكتب السياسي لأنصار الله، القاضي عبد الوهَّـاب المحبشي، أن مسألة مقاضاة قوى تحالف العدوان رهنٌ باستعادة الدولة اليمنية لسلطاتها الخارجية وَعضويتها في المنظمات الدولية ذات الصلة كالأمم المتحدة وَمنظماتها وبمُجَـرّد حصول ذلك يمكن مقاضاة السعودية وَحلفها على جريمة عطان وَغيرها من الجرائم.

ويشير القاضي المحبشي في تصريح لصحيفة “المسيرة” إلى أن بلادنا لا تزال تتعرضُ لاحتلال وَغزو وَحصار أمريكي سعودي، وَهذا جعل تمثيلَ اليمن في الخارج محتلًّا أَيْـضاً من قبل الأمريكي وَالسعودي من خلال عملائهما.

من جانبه، يرى المحلل السياسي، الدكتور حزام الأسد، أن جريمة عطان تحمل طابعاً أكثر توحشاً وإجراماً ودموية مقارنة بجرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن طوال فترته ومع استمراره، سواء من حَيثُ السلاح المستخدم والذي يعد من أسلحة الدمار الشامل أَو من حَيثُ المنطقة المستهدفة والتي تطل على الكثير من أحياء العاصمة صنعاء المكتظة بالسكان أَو كذلك من حَيثُ أعداد الضحايا والجرحى والأضرار النفسية التي تركها ذلك الانفجار الهائل على نفوس الأطفال والنساء والمدنيين أَو من حَيثُ الدمار الكبير وما خلفه تدمير وإتلاف لممتلكات المواطنين.

ويؤكّـد الأسد في حديثه لصحيفة “المسيرة” قائلاً: “ولذلك كله فَـإنَّ المسارَ القضائي ورفع الدعاوى الجنائية ومحاكمة المجرمين المرتكبين لهذه الجريمة الكبرى أَو من يقف خلفهم أصبح أمراً مهماً وضرورياً”.

ويتابع الأسد: لا سِـيَّـما والعدوّ معترف ومُقر بارتكابه لهذه الجريمة المصنفة قانوناً بجرائم حرب ضد الإنسانية مهما حاول التبرير وتسويق الادِّعاءات الزائفة عن أهداف ارتكابه لهذه الجريمة وأسباب وخلفيات استخدامه للقنابل الفراغية، مُضيفاً: كما أن الدول والأنظمة التي زودته بتلك القنابل مطالبة هي الأُخرى بالمثول أما المحاكم الجنائية؛ كونها تعد الشريك الأَسَاسي والمتسبب في تلك المأساة المروعة الإنسانية بحق سكان العاصمة صنعاء.

 

جريمةٌ لا تسقط بالتقادم

من جهته، يؤمن الكاتب أنس القاضي، أن جريمة عطان هي من أبشع جرائم الحرب التي ارتكبها تحالف العدوان، كانت بمثابة عملية إبادة جماعية مصغرة.

ويؤكّـد القاضي لصحيفة “المسيرة” أن قيادات تحالف العدوان تتحمل المسؤولية الجنائية عن هذه الجريمة، مبينًا بقوله: ولهذا نجد الإصرار السعودي والأمريكي على تقديم أنفسهم كوسطاء لحل الأزمة في اليمن، فجزء من مساعيهم هذه إنما يقصدون بها التهرب من المسؤولية القانونية عن هذه الجرائم.

ويشير القاضي إلى أن القضاء اليمني يحتفظُ بحق مقاضاة قادة العدوان السياسيين والعسكريين عن هذه الجريمة وغيرها، وملاحقتهم في المحاكم الدولية، فجرائم الحرب كجريمة عطان لا تسقط بالتقادم وحتى لو كانت بعض دول العدوان غير مصادقة على اتّفاقية محكمة الجنايات الدولية، إلا أنه يجب محاكمتها لدى هذه المحكمة فهذه الجرائم ستظل مسجلةً ضدهم إلى أن يصادقوا على اتّفاقية محكمة الجنايات، كما أنهم سيظلون مسؤولين أمام القضاء اليمني والقضاء في بلدانهم وفي أية دولة أُخرى ترفع دعاوى ضدهم في بلدانها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com