وقف العدوان واستمرار الحصار مصلحة أمريكية

 

منصور البكالي

مواقفُ الإدارة الأمريكية وتصريحاتُها المتعلقةُ بالشأن اليمني، في هذا التوقيت نتيجةٌ طبيعيةٌ لتصاعد العمليات العسكرية اليمنية على مستوى المعركة الدفاعية والهجومية في الداخل اليمني، وتصاعد الضربات الموجعة في العمق السعودي.

فعلى المستوى الداخلي، فرض تطورُ القدرات الدفاعية والهجومية للجيش اليمني واللجان الشعبيّة في ميدان المواجهة، هزيمةَ مرتزِقة أمريكا وأدواتها في نهم ومحافظة الجوف والبيضاء ومأرب، والدريهمي في محافظة الحديدة الساحلية أمام الخروقات المتواصلة لاتّفاق وقف إطلاق النار هناك، وأفشلت خططَها العسكريةَ لاحتلال العاصمة اليمنية واستمرار سيطرتها على المحافظات النفطية الشمالية.

وعلى المستوى الخارجي فالقدرات الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر تمكّنت من تحييد الحماية الأمريكية والبريطانية للمنشآت العسكرية والحيوية في العمق السعودي، وأظهرت مدى الفشل الذريع لترسانات الأسلحة التي بلغت قيمتها مليارات الدولارات، وجعلت التواجُدَ الأجنبي لحماية المملكة في وضع غير آمن ولا يضمن تأمينُ وحمايةُ الجيوش الأمريكية والبريطانية وخبرائها ومراكز العمليات وغرف السيطرة.

سلاح يمني قادرٌ على تحقيق ضربات قاسية وشديدة الألم سيكون المتضرر الأول منها الجانبان الأمريكي والبريطاني حين يظهر فاقداً للقدرة على تأمين حياة جنوده في تلك القواعد المدرَجة على قائمة الخيارات الاستراتيجية لصنعاء.

في مثل هذه الحالة، تشعر الإدارة الأمريكية الجديدة أن استمرارَ خيار العدوان يمكّن صنعاءَ من تحرير مساحات واسعة وذات أهميّة استراتيجية كانت ضمن المكاسب التي تحقّقت لها خلال 6 سنوات لشن عدوانها على الشعب اليمني، ويفقدها أذرعَها المحلية والإقليمية المتهاوية تحت أقدام مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة، واستمرار هذا الوضع يقودُ أمريكا وأدواتها إلى الفشلِ الذريعِ وخيبةِ الأمل في استمرار احتلال المحافظات الجنوبية والشرقية والجُزُر اليمنية المحتلّة أَيْـضاً.

وهنا تقودُنا الخطاباتُ الإنسانية لهذه الإدارة، في هذا التوقيت المتأخر، لفهم ما وراءها، وأنها باتت المخرج الوحيد لها ولأدواتها للتخفيف من حَــدّ الهزيمة العسكرية، وللحفاظ على قدرتها في تسويق الوهم بقدرتها على حماية الدول الخليجية المشاركة في العدوان على اليمن من جهة، وحفاظاً على مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، وما حقّقته ما سمي بـ”صفقة القرن”، لهذا الكيان من مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية.

أما لو وقفنا أمام استمرار الحصار الأمريكي للشعب اليمني ومنع دخول المشتقات النفطية المتسببة في تفاقم المعاناة الإنسانية التي تدّعي إدارة الرئيس الأمريكي “بايدن” أنه حان الوقتُ لوقف عملياته العسكرية الهجومية المشاركة في العدوان على اليمن ووقف بيع الأسلحة للسعودية والإمارات، فهي أَيْـضاً نتيجة أُخرى للفشل العسكري في الميدان وتحول المواجهة إلى الحرب الاقتصادية التي هي أشد في تعميق المعاناة الإنسانية وتفاقمها.

وبخصوص عدم الموافقة على تصنيف أنصار الله منظمة إرهابية وإلغاء ذلك القرار، مع بقاء العقوبات على القيادات السياسية والعسكرية فهو تغن زائف للرأي العام الخارجي يحسّن من صورة سياستها الخارجية، ونافذة ضوء تبقي عمليةَ المفاوضات السياسية مع صنعاء مفتوحةً حال اشتداد الهزائم للأدوات الأمريكية على الصعيد العسكري، وحلب من نوع آخر للأنظمة الخليجية.

ومن هذا المنطلق تدركُ القيادةُ السياسيةُ والعسكريةُ في صنعاء حقيقةَ الأهداف الأمريكية من تصاعد التصريحات الإيجابية، وهي في ذات الوقت تعي ما يجب عليها الاستمرار عليه والاستعداد له على مختلفِ الأصعدة، مؤكّـدةً للعالم أن تأريخَ أمريكا الدموي والوحشي الإرهابي لا يمكنُ أن يلينَ إلا بالقوةِ الرادعة.

مطالبة إياها بأن تثبتَ للعالم مدى مصداقيتها في الجانب الإنساني بفك الحصار على مطار صنعاء الدولي لخروج المَرضى الذين يموتون كُـلَّ دقيقة؛ بسَببِ منع دخول الأدوية وتدمير العدوان للمنشآت الصحية وعدم توفُّر المشتقات النفطية جراء منع السفن المحمَّلة بها من الدخولِ إلى ميناء الحديدة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com