صنعاء: لا نثقُ بالبيت الأبيض

عبد السلام: لا معنى لأية تصريحات مهما كانت إيجابية بدون خطوات عملية تقود إلى سلام حقيقي

الشامي: الولايات المتحدة تذر الرماد في العيون بينما تشدّد الحصارَ على الشعب اليمني

 

المسيرة | خاص

تواصِلُ صنعاءُ التأكيدَ على عدم جدوى حديثِ الإدارة الأمريكية الجديدة عن “وقف الحرب” على اليمن، انطلاقاً من معطيات الواقع الميداني التي ما زالت تؤكّـدُ على استمرارِ العدوان وتشديد الحصار، الأمر الذي يجعلُ أية تصريحات أَو مواقفَ تفقد قيمتها “الإيجابية” الشكلية، بل يجعلها أقربَ إلى محاولات الخداع والتهرب من المسؤوليات، وهو ما يبدو أكثر انسجاماً مع طبيعة وتأريخ السياسة الأمريكية العدائية تجاه الشعب اليمني الذي يجدد التأكيد على تمسكه بشروط السلام العادل التي أبرزها إنهاء العدوان والحصار بشكل كامل.

في جديد رسائل صنعاء بهذا الخصوص، كتب رئيس الوفد الوطني المفاوض، وناطق أنصار الله، محمد عبد السلام، أمس السبت، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “أكّـدنا مراراً على أن عملياتنا العسكرية هي دفاعية بحتة وهي مستمرة حتى يتوقفَ المعتدي عن عدوانه ويرفع الحصار، وبدون خطوات عملية على الأرض تقود إلى سلام حقيقي فلا معنى لأية تصريحات مهما كانت إيجابية”، وأضاف: “أوقفوا العدوان وارفعوا الحصار عن شعبنا ليتحقّق السلام للجميع”.

هذا التصريحُ جاء عقب هجوم جديد نفذه سلاح الجو المسير على “هدف هام” في مطار أبها الدولي، وذلك ضمن تصعيد مستمر لضربات الردع على العمق السعودي، منذ أَيَّـام، في الوقت الذي تواصل فيه الإدارة الأمريكية الحديث عن “جهود” مزعومة لوقف الحرب، وهذا التصعيد، إلى جانب كونه ردًّا طبيعيًّا على الغارات والحصار، يرسل رسائل واضحة للأمريكيين بأن تلك “الجهود” لا ترقى إلى مستوى “السلام” الحقيقي.

ويعيد رئيسُ الوفد الوطني هنا التذكير بطبيعة السلام الحقيقي الذي يفترض أن تتوجّـه الإدارة الأمريكية نحوه إذَا كانت جادة فيما تدعيه، فهو سلام لا يتحقّق بالتصريحات أَو المواقف الشكلية بل بـ”خطوات عملية على الأرض”، حَيثُ ما زال العدوان يصعّد عسكريًّا ويضاعف تشديد الحصار بدعم أمريكي، وهو الأمر الذي ما زالت إدارة بايدن تتحاشى الاقتراب منه في “تحَرّكاتها” المزعومة وتصريحات مسؤوليها، وبالتالي فهي تتحاشى بوضوح مسار السلام الفعلي.

الفجوة الكبيرة بين التصريحات الأمريكية من جهة، ومعطيات الواقع ومتطلبات السلام الحقيقي من جهة أُخرى، تؤكّـد أن ما تفعله إدارة بايدن لا يتجاوز “ذر الرماد في العيون” بحسب وصف ناطق حكومة الإنقاذ الوطني، وزير الإعلام ضيف الله الشامي، الذي أكّـد، أمس، على أن الإدارة الأمريكية “تحاول بتصريحاتها تخفيف حالة السخط العالمي ضدها وهي في نفس الوقت تشدّد الخناق على الشعب اليمني بالحصار”.

ويشير الشامي بـ”السخط العالمي” إلى تزايد المواقف الدولية الرسمية وغير الرسمية التي تطالب بإنهاء الحرب على اليمن ووقف الدعم الأمريكي البريطاني للسعودية والإمارات، وإخراج القوات الأجنبية من البلاد.

لن تكون هذه المرة الأولى التي تحاول فيها الإدارة الأمريكية الهروب من “سُمعتها السيئة”؛ بسَببِ جرائمها في اليمن، إلى الحديث المراوغ عن “السلام”، إذ تكرّر هذا الأُسلُـوبُ كَثيراً طيلة الأعوام الماضية، وخُصُوصاً عقب الضربات اليمنية الكبرى التي استهدفت المنشآت السعودية، والفرق الوحيد هنا هو أن “بايدن” يحاول أن يغطي هذا “الهروبَ” بالكثير من الضجيج الإعلامي والبيانات الرسمية، ليوحي بأن هناك تغيير حقيقي في موقف البيت الأبيض.

وعلى كُـلِّ حال، لقد سدَّت صنعاء أبوابَ المراوغات السياسية بخصوص “السلام” قبل مجيء إدارة بايدن بكثير، عندما حدّدت القيادة الثورية والسياسية متطلبات المسار الوحيد للسلام الفعلي، وأبرزها إنهاء العدوان والحصار بقرار معلن، وتنفيذه عمليًّا وبشكل كامل، وهو الأمر الذي ستصطدم به إدارة بايدن وغيرها دائماً مع كُـلّ محاولة لإيجاد مسارات بديلة أَو جزئية للحل؛ بهَدفِ كسب الوقت أَو الهروب من الضغوط، كما ستصطدم أَيْـضاً بعمليات الردع المتصاعدة التي تجدد تثبيت شروط السلام مع كُـلّ تصعيد، وتكسب صنعاء مصداقية، وثقلًا أكبرَ في الميزان السياسي، ليجد تحالف العدوان ورُعاته في الغرب أنفسهم مضطرين للإقرار -مراراً وتكراراً- بالفشل في اليمن وسقوط كُـلّ مبرّرات العدوان.

وقد بدا ذلك بوضوح في إعلان الخارجية الأمريكية، أمس الأول، إزالة “أنصار الله” من قوائم “الإرهاب” وهو الإعلان الذي اعتبره عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، “تأكيداً على خطأ قرار التصنيف الذي اتخذته إدارة ترامب” من جهة، و”شهادة بمشروعية تحَرّك أنصار الله في معركة الدفاع عن الوطن والذود عن السيادة وأن لا شرعية لأي قرار مستقبلي” من جهة أُخرى.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com