الإعلام لم يعد وثيقةَ التاريخ

 

زياد السالمي

لأني أصبحتُ على قناعة تامة أن الرتابة أصبحت سيدةَ المشهد بالنسبة لمن اهتمَّ بوجودهم كزخم فاعل سياسي معروف..

دون تحيز إلى فئة، متجرداً من موقف مسبق أَو تعاطٍ سلبي يقوم على التهجين واعتبار الآخر استفزازاً.

طالعت كالعادة صفحات العديد التي تستطيع القول معها إن ذويها يملكون القدرة على الإيحاء والإقناع..

متأملاً جِـدًّا..

أفنقلُ تلك الأحداث التي تسرد بطريقة مستفزة غير صحيحة منفوخة كبالون مطاطي.. مع جمالية التعاطي وروعة النسق والصياغة نتيجة القدرة والإمْكَان التي أعرفها عند أهل تلك الأقلام.

فقد كنا قديماً أصدقاء.. قلت ليس من الضرورة في هذا الغثاء مغيب الحقيقة أن تبحث عن المصداقية في القول أَو تحري الصحة حول ما يعتبره الطرف المستفيد أَو صاحب الشائعة مبرّراً لإضعاف معنويات الخصم بهزيمته أخلاقياً.

نعم ليس بالضرورة ذلك

يكفي قلت أن تجد أُسلُـوباً وقالباً لغوياً فريداً وممتعاً بعيدًا عن المقومات والتوجّـهات، بعيدًا عن الخطاب، بعيدًا عن المعنى..

والحمد لله وجدت..؛ مع أن ما يؤلمك هو مقدار ذلك الكم من التزييف والتأليف الخيالي..

كأني حينها برّرت لهم، وقلت هذا ما وصل إليهم أَو ما روج له..

إنما ما أثق به خلال سبع سنوات من الحراك والفاعلية والتأمل في المشهد أن الحقيقةَ ليست تلك التي يهولونها في تناولهما الأيديولوجي الأجوف والتحيز النفعي الأصلف..

تراقب بصمت..

وتتململ ما الحل..

لو قلت لهم ذلك غير صحيح لقالوا عنك خصماً..

ربما قد تضحك لتكرّر قناعتك..

لم أكن أدري أن الاعتباطية في الخطاب السياسي والتوثيق الإعلامي للأحداث ظاهرةٌ ومحتكرة، مما يجعل تلك الكتابات أكثرَ ابتعاداً عن الواقع التي تدّعي عرضه بتلك الصورة من الزيف الانتهازي..

لأقول: عليكم أن تتركوا لنا حقَّ الدفاع عن الآخرين وعليكم أن تسمعوا كما ينبغي أمام احترامنا لكتاباتكم مع هشاشتها وضيق أُفُقِها بل وتراجع عما كانت عليه..

أليس كُـلُّ ما أنتم فيه مطمئنين يتوقف عن حقيقة التاريخ واعتباره للصحافة المعروفة المرموقة ليست إلا حالة آنية أنانية لا تتأثر بالآخر أَو تحترم أسسها من اعتبار تلك أنساقِ تشكل حقيقةً تاريخيةً وكأن الإعلام عبارة عن تطرف ونسقٍ غير معياري في عرضه لهذه المواقف، فكيف إذن سنجد التاريخَ الذي نبحث عن صحته وكيف ستكونُ الصحافة موثِّقةً تاريخيًّا مع التعاطي الكاذب.

لنقول هنا لا مجال للمعايير ولا جدوى من الإعلام الذي سيجعلنا نعاني من التاريخ مرتين وليس مرة واحدة.. أقلام لم تعد غيرَ حالة شيقة من السرد القصصي الخيالي الكاذب لنقول على ماذا إذن سيقف التاريخ إن لم تكن الصحافة والإعلام هما وثيقتَه في حفظ الوقائع كعبرة للأجيال.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com