في ذكرى استشهاد فارس القدس القائد الشهيد قاسم سليماني

د. عارف العامري*

 

د. عارف العامري*

بقيام الثورة الإسلامية في إيران، تلاشت مخطّطاتُ النظام الأمريكي والكيان الصهيوني وتبدَّدت أطماعُهم في المنطقة، فحاولوا القضاءَ على الثورة بوسائلَ مختلفةٍ، وتحريكِ الدولةِ العميقة، وصناعةِ جماعات المعارضة، والتي فشلت كُلُّها أمام إيمانِ القيادة الثورية في إيران بعدم الرضوخ والقبول بأية إملاءات تمُسُّ السيادة الوطنية، ووقوف شعب جمهورية إيران الإسلامية إلى جانب قيادته الثورية الحكيمة في مواجهة التحديات والمخطّطات التي يواجهها، والتي حاولت الأنظمة الغربية فرضها أَو تمريرها عبر أذنابهم من حكام الأنظمة الرجعية.

بعد الفشل الذريع الذي مُنِيت به تلك الأنظمة في خلخلة الداخل الإيراني، لجأت إلى صناعةِ وزراعةِ التنظيمات المتطرفة التي تتحدث باسم الدين، الأمر الذي وجب على الدول الإسلامية محاربتُه ومواجهةُ صانعيه والقضاء على قادته.

وبتعيين المجاهد قاسم سليماني فارس الشهداء قائداً لقوة القدس، استطاع تحجيمَ تلك التنظيمات الإرهابية المدعومة من أمريكا والكيان الصهيوني، والممولة بأموال خليجيه والحد من خطورة انتشارها.

وبانطلاقةٍ حيدرية جهادية إيمانية، وبمواقفَ بطولية في ساحات الجهاد الإسلامي، عمل القائد الشهيد قاسم سليماني على توجيه المجاهدين للقضاء على دولة ما يسمى بداعش في بلاد العراق والشام، الأمر الذي جعله ورفاقه محطَّ اهتمام الكيان الإسرائيلي كشخصيةٍ يجبُ القضاءُ عليها؛ كونه يُعَطِّلُ مشاريعَها المستقبلية في تمرير صفقة القرن، ويعيقُ تشكيلَ خارطة الشرق الأوسط الجديد.

فكان أن أصدر مجلسُ الشيوخ الأمريكي قراراً يعتبر القائد الشهيد قاسم سليماني راعياً للإرهاب، وأصدرَ مرسوماً ينُصُّ على وجوب القبض عليه ومحاكمته.

الخلاصة:

إنهم عطاءُ الله للأُمَّـة، وهم الجسرُ الذي نعبر من خلاله إلى النصر.

بسياسة المجاهد، استطاع القائد قاسم سليماني أن يحبطَ مؤامرة أمريكية، استهدفت شقَّ الصف العراقي، ومحاولة تقسيمها، وإفشال كثير من مخطّطات العدوّ.

فمن هنا نعرفُ أن القائدَ الشهيدَ قد أقلق دولَ الاستكبار العالمي والأنظمة الرجعية العربية، كُـلُّ ذلك؛ بسَببِ الدور الحيوي للجنرال الشهيد قاسم سليماني في إحلال السلام والأمن في غرب آسيا والذي خطط له على النحو التالي:

1 – مكافحة الإرهاب التكفيري.

2 – إفشال المشاريع الأمريكية.

3 – العمل على تكامل محور المقاومة.

4 – التحول في معادلة القوة.

5 – خلق الأُخوّة بين شعوب المنطقة.

6 – احترام سيادة الدول.

7- الدعوة إلى تحرير القدس المحتلّة.

8 – إخراج أية قوى أجنبية مهما كانت مهامها من المنطقة.

فكان له ما أراد في جزءٍ كبيرٍ من المشروع المقاوم، بالمشاركة والدعم والإسناد للقوات اللبنانية ومجاهدي حزب الله اللبناني في طرد اليهود من جنوب لبنان في حركة تموز، ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق، ووجوده في أفغانستان ومرافقة المجاهدين الأفغان.

ولا نغفل هنا الدورَ الدبلوماسي للقائد سليماني في العديدِ من الدول للتحقيق في بعض الأحداث، وحلحلة كَثيرٍ من التوترات والعمل على تجاوز الصعوبات، ومن أهم اعماله الدبلوماسية المرتبطة بالجانب الجهادي هو إفشاله للمشروع الصهيوأمريكي المتمثل في صفقة القرن وما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد.

ورغم أن اغتيالَ الشهيد سليماني ورفاقه، ترك ندباتٍ كبيرةً في قلوب محبيه، وألماً شديداً، إلا أن النقطةَ المهمةَ أن جبهة المقاومة والممانعة لم تنتكس رايتُها بهذه الجريمة، بل تسببت في إحراز تقدم هائل في هذه الجبهة يوماً بعد يوم وأهمها كان في:

– موافقة الإدارة الأمريكية على انسحاب قواتها من العراق وتزايدت المطالبةُ العامة وتوحيد الجهود المبذولة لسحب القوات الأمريكية بالكامل من المنطقة.

– استمرار الانتصارات على جبهة المقاومة.

– انتصارات الجيش واللجان الشعبيّة في اليمن على التحالف السعودي.

– التضامن الشعبي مع جبهة المقاومة.

– ارتفاع معدل انتشار ثقافة وروح الجهاد في سبيل الله، ومن أجل الحرية والعدالة والاستقلال.

– ظهور الوجه القبيح لأمريكا في العالم.

– افتضاح المطبِّعين مع الكيان الإسرائيلي.

استطاع شهيدُ القدس القائدُ قاسم سليماني أن يوجه بُوصلةَ العداء نحو الشيطان الأكبر، منذ توليه قيادة فيلق القدس.

وبإيمانه أن فلسطين هي قضية الأُمَّــة، وهب نفسَه مِن أجلِها، حتى أصبح غريماً لأنظمةِ الاستكبار العالمي.

فحقّق ما لم يقدر عليه سواه في مواجهة أذرع أمريكا في المنطقة، وقاد قوتَه للتخلص من التنظيمات المتطرفة الإرهابية المدعومة من الغرب وعلى رأسهم أمريكا والكيان.

فالعديد من هذه الحالات كلها تعودُ لجهود وتضحيات وَدماء شهداء قادة المقاومة بشكل عام، والشهيد اللواء الحاج قاسم سليماني بشكل خاص، الأمر الذي جعل يدَ محور المقاومة هي اليدَ المهيمنة في المنطقة، وبالتأكيد أصبحت الآن هذه اليد هي العليا التي ستبقى في المنطقة وَالإرث الذي خلفه الشهداء القادة والشهيد قاسم سليماني.

اعتبَاره كان هدفاً استراتيجياً سعت أمريكا من خلال اغتيال القائد قاسم سليماني، لوقف أَو إضعافِ حركة المقاومة في المنطقة، وبالتالي تغيير مسار التطورات التي كانت تمتازُ بها المقاومة، وبالقدر الكبير الذي حَظيت به والانتشار الواسع في عدد من دول المنطقة، والإيمان القوي الذي تتحلى به.

وكلما كانت المقاومة أقوى، فهذا يعني أن التيارَ المناهِضَ لها في المنطقة سيصبح أضعفَ، وتلك القوى متمثلةً بالكيان الصهيوني والأنظمة الرجعية المرتبطة بالقوى الأجنبية وكذلك القوى الأجنبية نظيرَ الولايات المتحدة في المنطقة.

باغتياله واستشهاده ساء الوضعُ في الولايات المتحدة وَفي وضع التحالفات الغازية، بل أَدَّى هذا الاستشهاد إلى زيادة التعاطف مع المحور والوحدة ونداء الثأر والانتقام في جبهة المقاومة.

استشهاد الجنرال قاسم سليماني مثّل خسارةً كبيرةً لدى محور المقاومة الإسلامية، فلقد كان رمزاً قومياً في الجهاد في سبيل الله ومن أجل الحرية والعدالة، واضعاً نصبَ عينيه تحريرَ كامل الأراضي المحتلّة.

إضافة إلى ذلك، جعلَ انسحابَ القوات الأمريكية من المنطقة في أسرع وقت ممكن مطلبًا عامًّا، بل وتم اتِّخاذ إجراءات فعالة في هذا الصدد. فقد وفّر اغتيالُ الشهيد سليماني حافزًا إضافيًّا لمواصلة طريق هذا الشهيد ضد المخطّطات الصهيونية الأمريكية في المنطقة.

ومن هنا صار لزامًا أن نعلمَ بأن الدور الريادي الذي قام به قاهرُ أمريكا، قد وضع حدًّا للخطر والغطرسة الأمريكية الصهيونية في المنطقة.

وإن شاء الله في يومٍ من الأيّام سنرى تدميرَ الكيان الصهيوني المزيَّف والنظام الإرهابي للولايات المتحدة.

 * المتحدث الإعلامي لتكتل الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان- أمين سر حزب جبهة التحرير.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com