تضحيات الدماء

 

أمل المطهر

غالبًا ما يعتقد الكثير أن أسباب النصر تقتصر على القوة العسكرية كنوعية السلاح وتصنيعه وفعاليته أَو القوة التدريبية والجسدية والتكتيكية للجيش المقاتل أَو التقنية التكنولوجية والاستخباراتية المتطورة وكُـلٌّ يرى الأمور من زاوية معنية ومن خلال معادلات مختلفة تخص فكره وثقافته وهُويته وانتماءه والكل يدورون في فلك القوة فقط أياً كان نوعها.

لكن في موطن الشهداء تختلف المعادلة هنا وترجح الكفة لقوة أُخرى ومن نوع آخر ومن فكر راقي ومنهجية عظيمة معادلة السيول القانية التي تجرف قوى الظلم وتطهر الأرض من المستكبرين, الدماء التي روت الأرض العطشى للحرية والكرامة والعدالة فنبتت من فيضها حدائق نصر وعزة أبدية.

حينما تُقدم الأرواح وتبذل النفوس في سبيل إنقاذ المستضعفين في هذه الأرض وتكون القوة النفسية الإيمانية هي من تواجه القوة العسكرية مع دعم بسيط من القوة العسكرية، حينها فقط تكسر المعادلة وتقلب الموازين وتنهزم أقوى الجيوش وأكبر المعدات العسكرية وأكثرها تقدما فالمواجهة والصراع بين الحق والباطل لها قواعد وأسس كونية إلهية سار على دربها شهداؤنا وثبت على نهجهم من ينتظرون من رفاقهم وأبنائهم نفوساً أبية عرفت الحق وأبت أن تعبِّدَ نفسَها لغير الله.

تلك النفوسُ الأبية الطاهرة التي سعت وضحت لا يمكن أن تنهزم أبداً فهي مسنودة بالمدد والعون الإلهي ومؤيدة بكلمات الله ودعوات أوليائه الصالحين.

ومن ها هنا تنتصر الدماء وتستمر المواجهة حتى يحق الله الحق بكلمته وَيمحق الباطل.

وقوافلُ شهدائنا العظماء ودماؤهم الطاهرة التي روت كُـلّ شبر في هذه الأرض شاهدةٌ على حجم وعظم تلك التضحيات، والتي لولاها لكان للباطل فينا وبيننا جولات وصولات ولكانت شمس الحق قد أفلت وضعف ضوؤها لولا تضحيات العظماء الذين ثبتوا معادلة الدفع كي لا تدفن الحقائق وكي لا يتولى المفسدون على رقاب الأُمَّــة, لذلك كان لا بُـدَّ من تضحيات جسام تُبذل اليوم كما بُذلت بالأمس كي تستفيق الأُمَّــة ويعود وهج تلك الشمس قويا باهرا وهاجا.

وكان لا بُـدَّ من تضحيات وتحَرّك ومواجهة كي تهزم القوة العسكرية الخاوية، فتلك الدماء الطاهرة لعظماء أمتنا وَالتي هزمت معاوية ويزيد وابن زياد وهشام وعفاش هي اليوم من نراها تجدد العهد وتزيح الظالمين هي اليوم من يسير أبناؤنا تحت عنفوان تضحيات أصحابها ويستظلون بظلها.

وها نحن اليوم وفي كُـلّ يوم نزف أجساد عظماء ساروا على الدرب وجددوا العهد بعد أن زفت أرواحهم الملائكة واحتفت بقدومهم السماء، ها نحن اليوم نواجه وننتصر بتلك الدماء الطاهرة وبتلك التضحيات، ها نحن الآن نقف على أقدامنا بثبات منقطع ونحن نقرأ دروسَهم ونرسم ابتساماتهم على جدران قلوبنا كي لا ننسى أن تضحيات الدماء هي من صنعت من المستحيل واقعا ومن الهزيمة نصرا ومن الانكسار عزة وإباء ونقدم للعالم بأسره دروسا عظيمة في كيف تنتصر القوة النفسية على القوة العسكرية بعظم وحجم وقيمة تضحيات العظماء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com