ملامح الجولة القادمة من الصراع بين المرتزقة في المحافظات الجنوبية

بالتوازي مع تصعيد خطابه السياسي والإعلامي ضد “سلطة المحاصصة”:

“الإصلاح” يرفض الانسحاب من “أبين” ويقتحم معسكراً لمليشيا الانتقالي في “شبوة”

 

المسيرة | تقرير

يتواصَلُ تصاعُدُ مؤشرات استمرار الصراع بين فصائل مرتزِقة العدوان في المحافظات المحتلّة، منذراً بدخوله مرحلةً جديدةً، ومؤكِّـداً على عدم جدوى “حكومة المحاصصة” الجديدة، واستمرار فشل ما يسمى “اتّفاق الرياض”.

على الصعيد السياسي، ما زال حزبُ الإصلاح يعبر بوضوح عن “استيائه” من حكومة المرتزِقة الجديدة التي يتشاركها مع مليشيات الانتقالي المدعومة من الإمارات، ولم يعد ذلك يقتصر على تعاطي وسائل إعلامه مع الأمر، إذ صرح القيادي البارز في الحزب، المرتزِق حميد الأحمر، مساء أمس الأول أن تشكيلة “الحكومة” الجديدة أخلت بما أسماه “مبدأ التمثيل العادل”، مطالباً بعودة الفارّ هادي والوزراء المرتزِقة إلى اليمن، وبالذات إلى جزيرتي سقطرى وميون، وهو نفسُ ما طالب به القيادي الإصلاحي المرتزِق صلاح باتيس.

وجاء ذلك بالتزامن مع تداوُلِ أنباءٍ عن رسالة وجهها برلمانيون مرتزِقة (يتبعون حزب الإصلاح) للفارّ هادي، تهدّد بعد منح الثقة لحكومة المرتزِقة الجديدة، وبالتوازي مع تصاعد حملات نشطاء ووسائل إعلام الإصلاح التي تهاجم سلطة المحاصصة وتؤكّـد أنها تابعة للسفير السعودي محمد آل جابر.

ليس خفياً أن إصرارَ حزب الإصلاح عن الحديث عن ضرورة عودة حكومة المرتزِقة إلى جميع المحافظات المحتلّة، وتركيزه الخاص على الجزر، يأتي في إطارِ التعبير عن “اعتراض” مرتبط باستمرار عجزه عن العودة إلى عدن وسقطرى اللتين يسيطر عليهما “الانتقالي” بدعم سعودي إماراتي، الأمر الذي يعني أن خارطةَ الصراع ما زالت كما هي، وأن ما يسمى “اتّفاق الرياض” لا زال على حالةِ الفشل التي لم يغادرها منذ أن تم التوقيع عليه.

هذا الموقفُ انعكس أَيْـضاً بوضوح على الصعيد الميداني، إذ أفادت مصادر محلية في محافظة أبين، بأن قوات مرتزِقة حزب الإصلاح رفضت، أمس الاثنين، الانسحابَ من منطقة “قرن الكلاسي”، حَيثُ قام قائدُ ما يسمى “اللواء 39” التابع للإصلاح بإبلاغ “اللجنة السعودية” بأن عناصرَه لن يغادروا المنطقة إلا عندما تغادر مليشيات الانتقالي زنجبار وتعود قوات ما يسمى “الحماية الرئاسية” التابعة للحزب إلى عدن.

ويأتي ذلك بعد أن كانت وسائلُ إعلام حزب الإصلاح قد نفت اكتمالَ تنفيذ “الشق العسكري من اتّفاق الرياض”؛ لأَنَّ مليشيات الانتقالي رفضت الخروج من زنجبار وسلّمت المعسكرات لقوات تابعة لها بدلاً عن قوات الفارّ هادي، كما بدا واضحًا أن المليشياتِ المدعومةَ من الإمارات تسعَى لقطع الطريق أمام عودة الإصلاح إلى عدن، من خلال إسراعها بالإعلان عن “اكتمال تنفيذ الشق العسكري”.

ويبدو الإصلاح مرتبكا في مواجهة “الانسجام” بين مليشيا الانتقالي والسعودية فيما يخص إعادة انتشار القوات، وَأَيْـضاً فيما يخص حكومة المرتزِقة الجديدة، حَيثُ يرى الحزب أن السعودية تعمل على توسيع نفوذ المليشيا، ووسائل إعلامه تشير إلى ذلك بوضوح، وليست هذه المرة الأولى التي يعبر فيها الإصلاح عن “خيبة أمله” إزاء التواطؤ السعودي مع “الانتقالي” فهناك تجربة سابقة في سقطرى، وبالرغم من أن الحزبَ لم يجرؤ حتى الآن على انتقاد السعودية بشكل رسمي إلا أن وسائل إعلامه تقوم بذلك بشكل متصاعد، وقياداته المقيمة في تركيا تدور حول الأمر في تصريحاتها (حميد الأحمر كمثال).

المشهد الميداني في محافظة شبوة لا يختلفُ هو الآخر عما يجري في أبينَ بالنسبة لحالة الصراع بين طرفي المرتزِقة، إذ أفادت مصادر محلية في المحافظة بأن قواتِ مرتزِقة حزب الإصلاح قامت، أمس، باقتحامِ معسكرِ “النقعة” التابع لمليشيات الانتقالي في مديرية جردان، وأوضحت المصادر أن الإصلاح دفع بتعزيزات كبيرة تضم دبابات ومدافع إلى المديرية، وذلك بالتزامن مع وصول تعزيزات أُخرى له إلى محيط معسكر “العلم” التابع للقوات الإماراتية ومليشياتها.

هذه التحَرّكات في شبوة وفي أبين تزيل من المشهد كُـلّ ذلك “التفاؤل” الإعلامي الذي رافق الإعلان عن تشكيل حكومة المرتزِقة الجديدة، ليتضح أنه لم يتغير أي شيء في ميدان الصراع، بل إنه يمضي في التوسع الآن في إطار الخلافات المحتدمة الجديدة بين طرفي المرتزِقة على مناصب “محافظي” المحافظات المحتلّة، ويبدو أن شبوة تمثل نقطة محورية في هذا الصراع؛ نظراً لثرواتها النفطية والغازية المتنازع عليها أصلا.

وهذا المشهد كله يثبت أن طرفي المرتزِقة يمضيان، وباستعداد مسبق، نحو خوض جولات قادمة من الصراع ربما تكون أوسعَ وأشدَّ عنفاً؛ نظراً لكون مليشيا الانتقالي الآن جزءاً من سلطة المرتزِقة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com