معاذ الجنيد : روحُ الله

 

معاذ الجنيد

خَيَّلتُ (زيداً) في الجِنانِ يُبَاهِي

مُستَبشراً بقُدومِ (روحِ اللهِ)

وافَى.. فعانَقَهُ (الحُسينُ) مُردِّداً:

بيَّضتَ وجهي واعتَلى بِكَ جَاهي

ولَحِقتَ يا ابنَ أخيْ أباكَ مُرتِّلاً:

(واللهِ لنْ يصِلَ العِدا.. واللهِ)

واللهِ لنْ… حتى أُوَسَّدَ في الثرى

وتذوبَ كلُّ عناصري ومِياهي

شرَّفتَ قوماً آمنوا بقلوبهم

إذ آمنَ الأعرابُ بالأفواهِ

حسبي وحسبكُمُ افتخاراً أنَّكُم

كنتُم بساحاتِ الوغى أشباهي

* * *

لله دَرُّ أبيهِ وهو إلى الردى

يمضي بلا وَهَنٍ ولا إكراهِ

بأساً تواتَرَ عن أبيهِ وجدّهِ

عن عمِّهِ المِقدامِ (عبداللهِ)

بيديهِ تبتَدِئُ الزُحوفُ كأنَّهُ

للزحفِ نُقطةُ باءِ (بِسمِ اللهِ)

تلقاهُ في كلِّ المعاركِ حاضراً

كالذِّكرِ مُنصهِراً بها مُتمَاهي

وكأنَّما الخمسونَ جبهةَ رِتْبُهُ

أو أنَّهُ خمسونَ (روحُ اللهِ)

من يومِ مولِدهِ ليومِ صُعودهِ

لله.. ما شَهِدَتْهُ حربٌ ساهي

رَضعَ (الملازِمَ) وهو طفلٌ.. فاستقى

أسرارَ ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ))

يومُ الفِطامِ تَلَاهُ يومُ جهادهِ

ما عاشَ عُمرَ طفولةٍ وملاهي

بيديْ (أبي جبريلِ) لَقَّمَهُ الهُدى

كـ(عليِّ) بين يديْ رسولِ اللهِ

بيديْ (أبي جبريلِ) عاشَ مُسَلِّماً

تسليمَ (إسماعيل) (للأوَّاهِ)

إذ كان حتى من مَلامِحِ وَجهِهِ

يتشَرَّبُ النورَ المُبينَ الباهي

يُصغي إلى نظراتِهِ مُستَنبِطاً

من مُقلتيهِ أوامراً ونواهي

حتى جرَت برِضا الإلهِ دماؤهُ

فَجَرَتْ مناقِبُهُ بكُلِّ شِفاهِ

تبكيهِ (صعدةُ) وهي تهمِسُ: ليتني

أفدي بروحي روحَ (روحِ اللهِ)

* * *

وتقول: واذكُر بعد (روحِ اللهِ)

حُزني على (عزِّي صلاح) وآهي

(عزِّي صلاح) ولا يُعزِّيني بهِ

إلا رجوعُ البحرِ و(التوَّاهي)

ما كان أكثَرَهُ لكُلِّ كريهةٍ

وأقَلَّهُ لِتَفاخُرٍ وتزَاهِي

بين الأعادي عاش مُعظمَ عمره

ما بين أفئدةٍ وبين جِباهِ

متوكِّلاً بالله يُخبِرُ هازِئاً:

لا فرقَ بين جنودكم وشِياهي

مُتوَلِّياً ومُلَبِّياً ومُناجياً:

خُذني بلا رأسٍ إليكَ إلهي

* * *

واذكُر (أبا رعد السَّحاري) إنَّهُ

(تُوشكا الفِقارِ) لكلِّ جيشٍ طاهي

سَلْ عنهُ: كم ظلَّ العِدا من بأسهِ

يتجرَّعون مصائباً ودواهي

في قلبهِ إيمانُ ألفِ مجاهدٍ

وثباتُ شعبٍ للجبالِ يُضاهي

* * *

واتلُو من (الحُشحُوشِ) ذِكراً.. إنَّهُ

في الصالحين وأولياءِ اللهِ

والَى وعَادَى في الإله مُسارِعاً

ما كان عن دربِ الشهادةِ لاهي

مُستنفِراً هِمَمَ الرجالِ: ((وَمَا لَنَا

أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))

* * *

لولا الشهيدُ لَما عرَفنا عِزَّةً

كلا.. ولم ندرِ الكرامةَ ما هِيْ!!

من يُنصِفُ الشهداءَ غيرُ إلههِم؟

وعطاؤهم كالكونِ لا مُتَناهي؟!

إن حاوَلَ الشعراءُ وصفَ مقامهم

((قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ))

فالله في القرآنِ خَلَّدَ ذِكرَهُم

وسواهُ يَغدو كلُّ قولٍ واهِي

فبحَقِّهم.. وبحَقِّ طُهرِ دمائهم:

عَجِّلْ بنصرِ المؤمنينَ إلهي

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com