قصص مأساوية يرويها مجموعة من العائدين المغرر بهم لصحيفة “المسيرة”:

الشماري: كنا في قلق متزايد جراء الهزائم المتلاحقة ورواتبنا كانت منقطعة لأكثر من 9 أشهر

الوصابي: معاناتنا أمام العدوّ السعودي لن تمر مرور الكرام والجبهات مفتوحة أمام كُـلّ الشرفاء للأخذ بالثأر والتكفير عن ماضينا السيء

العائد سمينة متحسراً: كنا مرتزقة في صفوف العدوان ومع ذلك لم نكن نستلم رواتب

العائد أبو ذرة مخاطباً زملاءَه المرتزقة: طريق العودة مفتوح وحان الوقت لتعودوا إلى أهاليكم وأسركم أحراراً أعزاء وأمامكم فرصة لا تعوَّض للالتحاق بصفوف الجيش واللجان الشعبيّة

قالوا إن معنويات المقاتلين السعوديين والسودانيين والمرتزقة تحت الصفر ويشعرون بالإحباط والهزيمة

لم يكن لنا قيمة.. وجندي سعودي كان يهين لواء يمنيا بالكامل

الجرحى اليمنيون كانت تقطع أيديهم وأرجلهم ولا يستطيعون المكوث في المستشفى لأكثر من 3 أَيَّـام ومن مات قبروه وتخلصوا منه

نشكر القيادة الثورية والسياسية على حفاوة استقبالنا ونشعر أننا خرجنا من النار ودخلنا الجنة

المسيرة: منصور البكالي

تزايدت مؤخّراً وتيرةُ العائدين إلى حضن الوطن من المغرر بهم الذين كانوا يقاتلون في صفوف العدوان ضد أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، في مؤشر على أن العدوَّ يعيش في رمقه الأخير، وأن اليمن تتهيّأ للانتصار الكبير.

وامتازت القيادة السياسية والثورية في صنعاء بالحكمة في التعامل مع هؤلاء المقاتلين، حين أتاحت لهم الفرصة بالعودة إلى أرض الوطن، وعقد مؤتمرات صحفية تفضح خسة ودناءة الاحتلال ومخطّطه الكبير في السيطرة على ثروات وخيرات بلادنا ومحاولة تمرير مشاريع التقسيم.

ويبدي الكثيرُ من العائدين إلى صنعاء سخطهم جراء ما لاقوه من معاملة سيئة من قبل العدوان السعودي والإماراتي، حَيثُ كانوا يتعرّضون للاستخفاف والاستحقار والمهانة، في حين لا يتلقى الجرحى العناية الصحية، وتنقطع رواتبهم لشهور عديدة.

 

تعامل محتلّ مستكبر مع خائن ذليل

ويشرح عبد الرحمن الوصابي -أحد العائدين مؤخّراً إلى صنعاء-، الأسباب التي دفعته للعودة إلى حضن الوطن، بعد أن كان مقاتلاً في صفوف العدوان والمرتزِقة في جبهة الملاحيط المحاذية للحدود مع العدوّ السعودي.

ويؤكّـد الوصابي، أن الجنود السعوديين كانوا يتعاملون معهم بازدراء ومواقف غير أخلاقية ولا إنسانية، وهي أحد الأسباب التي دفعتهم إلى العودة، لافتاً إلى أنه تواصل مع عدد من زملائه الذين عادوا إلى صنعاء من قبله وتأكّـد منهم أنهم يعيشون في راحة واطمئنان بين أهاليهم وأسرهم وعوائلهم معززين مكرمين، وأن أنصار الله والسلطات في صنعاء استقبلوهم أحسن استقبال، ورحبوا بعودتهم، وقدموا لهم المساعدات.. وكل هذا جعل الوصابي يفكر بالعودة والندم على انضمامه إلى صفوف العدوان وقتال أبطال الجيش واللجان الشعبيّة.

لقد كان المقاتلون اليمنيون المرتزِقة يعيشون في أجواء سيئة، وهم يتلقون الأوامر من جيش العدوّ السعودي، وكانوا مجبرين على تنفيذ الأوامر دون نقاش أَو استفسار، وهذا ما يؤكّـده العائدُ إلى صنعاء أكرم هادي والملقب بأبي ذرة.

كان أكرم جندياً في لواء المرتزِقة المسمى بلواء “صقور اليمن”، لكنه كما يقول لصحيفة “المسيرة” كان يشعرُ بامتهان كرامته، وخَاصَّة أن جندياً سعودياً يهين لواء كاملا، وبيننا ضباط وقادة، ولا يستطيع أحدنا يطلع “نخس”.

ويواصل أكرم حديثه بغصة قائلاً: “كان الجندي السعودي الذي يقود اللواء بالكامل إذَا رأى استياء من قبل أحدنا، يوجه له مباشرة تهمة بأنه حوثي”، ويحولونه إلى سجن الاستخبارات التابعة لهم”، مُشيراً إلى أنه تم اختطاف عدد من زملائه الذين كانوا مستائين من هذا التعامل، ومن تعرضهم للذل والمهانة والتكبر، وليس هذا فحسب، بل إن أي فرد منا يطالب بحقوقه أَو راتبه، فَـإنَّ الجنود السعوديين يردون علينا بالقول: “اسكتوا ويش دخلكم.. هذا ما هو عليكم”.

ويجمع العائدون إلى حضن الوطن، على أنهم كانوا مُجَـرّد أدوات لا حول لهم ولا قوة أمام الجنود السعوديين المتعالين عليهم.

ويقول العائد إلى أرض الوطن، شعفل عبد الله حمود الشماري، وهو من اللواء التاسع مشاه جبلي في جبهة علب: إن من الأسباب التي جعلته يعود إلى صف الوطن هو التعامل السيء الذي تلقاه من الجانب السعودي.

ويزيد الشماري قائلاً: “لم يكن لنا أية قيمة، وكنا في قلق متزايد حين تحصل الهزائم المتلاحقة، ورواتبنا كانت منقطعة لأكثر من 9 أشهر”.

ليس لنا ولا لمن يقتل أَو يصاب من زملائنا أية قيمة، إضافة إلى زيادة القلق من جانب الجميع حين تحصل الهزائم المتلاحقة لمن كنا نقف في صفهم في مختلف الجبهات، وكذا انقطاع الراتب منذ 9 أشهر”.

ولم تكن هذه المعاملة فحسب، بل كان كُـلُّ من أُصيب من المقاتلين اليمنيين “المرتزِقة” يتعرضون للإهمال وعدم العناية الصحية من قبل العدوّ السعودي.

ويروي الشماري جانباً من هذه المعاناة بقوله: “زملاؤنا الجرحى محاصرون في حوش أربعة جدران وبوابة مغلقة عليها حراسة، ولا يمكن لأي منا زيارة زميله، ولا يسمح لأي من الجرحى بالخروج”.

من جانبه، يؤكّـد العائد أبو ذرة حول تعاملهم مع الجرحى بقوله: “أمانة يا الجريح اليمني ما أحد ينظر إليه والجريح السعودي على طول تأتي له سيارة الإسعاف، وَإذَا جرح اليمني جرحا بسيطا في يده أَو رجله يقطعوها له، وَإذَا هي جروح أُخرى ما يرقد الجريح غير يومين أَو ثلاثة أَيَّـام بالكثير في المستشفى وبعدها يخرجوه كيفما كان، أبو يمن خلاص خرجوا أبوه”.

ويقسم أبو ذرة بأعلى صوته وبصوت مرتفع وهو يحدثنا، مؤكّـداً بشموخ: “هؤلاء سيئون، وتصرفاتهم سيئة” دون أن يطلب أحد منهم اليمين، في مشهد يجسّد قساوة وجرم المحتلّ السعودي تجاه من يقاتلون في صفه وخانوا بلادهم؛ مِن أجلِ الدفاع عنه، وأقل ما يمكنه التعبير به عن دهشة وفرحة العودة للعائدين إلى حضن الوطن، وحسن ما لاقوه من المعاملة الإنسانية اللائقة بهم من قبل حكومة صنعاء عاصمة كُـلّ اليمنيين.

 

نوعان فقط من المهدئات

وحول معاملة اللجنة الطبية للجرحى اليمنيين وتوفير المستلزمات الطبية لهم، يقول العائد حامد هادي حسن سمينة: “في الفترة الأخيرة كانوا يعطون للجرحى نوعين من المهدئات، ومنها حبوب من حق الرأس ومن حق الحمى وعلاج لأي مرض”.

ويزيد سمينة بقوله: “كانوا يقولون لنا ما معك إلَّا هذان النوعان من الحبوب، وإن صاح الجريح أَو تحَرّك للخروج من السكن ردوه لوما يحيا أَو يموت بالعلاج الحاصل، ومن مات قبروه وتخلصوا منه”.

ويروي الدكتور سمينة بعضاً من القصص التي شاهدها بأم عينه، ويقول لصحيفة “المسيرة”: “مرة كان يوجد جريح يمني، وجاء بعده جريح من الجيش السعودي وكان بيننا دكتورة سعودية، نائبة مدير المستشفى، فقامت تصرخ علينا أن نبدأ بالجريح السعودي ونترك اليمني، وقالت: أيش اتركوا أبو يمن وعالجوا السعودي الذي له الأولوية بحسب النظام والتوجيهات”.

ويؤكّـد الدكتور سمينة، أن الجميع كان يشاهد هذا الموقف مع أن حالة اليمني كانت خطيرة فيما حالة السعودي مستقرة، مُشيراً إلى أن الجرحى هم أكثر الفئات الذين يبحثون عن العودة إلى أرض الوطن كي يتعالجوا، ولكنهم عاجزون، وهذه أكبر أمنية لهم أن يتخلصوا من هذا العذاب الذي يلاقونه.

 

العدوّ السعودي يهدّد المرتزِقة من العودة

ويعيش العدوّ السعودي في مخاوف كبيرة جراء عودة الكثيرين من المقاتلين اليمنيين إلى صنعاء؛ لذا فَـإنَّه يحاول الحيلولة دون عودة آخرين.

ويقول الوصابي: إن الأعداء السعوديين كانوا يجمعونهم ويلقون عليهم المحاضرات، ويقولون لنا: “إن الحوثيين لو عدنا با يختطفونا ويغيبونا من على وجه الأرض، ولكن عندما عدنا وجدناهم على العكس من ذلك تماماً”.

ويدعو العائد الوصابي زملاءه المتبقين في صفوف العدوّ السعودي إلى سرعة المغادرة قائلاً: “نحن في أمان ونشعر بالعزة والشرف بعودتنا إلى صف الوطن”.

من جانبه، يقول أبو ذرة: “يأتون إلينا أصحابُ اللحى الطويلة، ويقولون لنا الأمور طيبة”، مع أن الأوضاع سيئة والانهيارات والمعنويات في صفوفنا كانت تحت الصفر، لافتاً إلى أنهم كانوا يحاولون تخويفنا ويقولون لنا: “إذا رجعتم إلى عند الحوثيين با يسجنوكم ويكهربوكم ومدري أيش من الحكايات الكاذبة، لكن والحمد لله وصلنا والأمور طيبة ولا به شيء”.

ويؤكّـد العائد أبو ذرة أن العدوّ السعودي محبط ويشعر بالهزيمة، وأن هذا شعورُ الجميع، سواء المقاتل السعودي أَو السوداني أَو المرتزِق.

 

نادمون عن ماضينا السيء

ويؤكّـد الوصابي أن معاناتهم من قبل السعوديين الأعداء لن تمر مرور الكرام، مُشيراً إلى أن الجبهات مفتوحة أمام كُـلّ الشرفاء للأخذ بالثأر وللتكفير عن ماضينا السيء والمسيء لقيمنا ومبادئنا الدينية والقبلية والوطنية ولكل حر في هذه الوطن الذي صدره مفتوح لكل أبنائه ويتسع للجميع.

ويؤكّـد عدد من الذين التقينا بهم، أن سبب انضمامهم إلى صف العدوان كان جراء التحريض والنشاط الدؤوب لما يسمى بالطابور الخامس، والذي حاول تصوير “أنصار الله” بمعلومات تضليلية، إضافة إلى الاتصالات التي كانت تأتيهم من أقاربهم وتطلب منهم الالتحاق بصفوف العدوان مبكراً، والوعود المالية المغرية التي وعدوهم بها ولكل من ينضم إلى صفوف العدوان ويخون وطنه وشعبه.

ويحكي العائد حامد سمينة لصحيفة “المسيرة” قصة انضمامه إلى صفوف المرتزِقة بالقول: “منذ عامين التحقت بصفوف لواء الحزمي تبع الوحدة الطبية، وقبل ما أتحَرّك معهم جاء واحد صاحبنا وقال لنا أنا وعدد من أصحابي يوقع لكم شوية زلط تتزوجوا، قلنا له سابر، قال: ولا عليكم شيء ولا تتدخلوا من شيء، فجابوا لنا مصاريف الطريق وتحَرّكنا، وفي الأخير لنا 9 أشهر بدون رواتب، قد احنا مرتزِقة وزيد ما فيش زلط، عمياء تخضب مجنونة”.

ويجمع العائدون إلى صنعاء أن الضباط السعوديين هم الذين يسيطرون على القرار داخل الألوية والكتائب العسكرية في مختلف جبهات المواجهة الحدودية مع مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة.

وَيقول العائد شعفل: “كانت تأتي أوامر للضباط اليمنيين ممن هم فوقهم من الضباط والقادة السعوديين حول أبسط الأعمال والتحَرّكات العسكرية، ولم نكن نتحَرّك في تنفيذ أية عملية عسكرية إلا بعد أن تصلنا الأوامر من غرفة العمليات التابعة للمحور أَو التي نتواجد فيها، ومهما كانت التغيرات على الميدان لن يستطيع أي قائد يمني اتِّخاذ أية خطوة جديدة ما لم تصله الأوامر من السعوديين”.

أما عبدالرحمن الوصابي فيعلق على هذه النقطة بالتحديد فيقول: “يا أخي إذَا مرض منا أحد احتجنا لشيء في الميدان نذهب إلى الضباط اليمنيين فيقولون لنا ننتظر حتى يصلهم الرد من الجانب السعودي، وهذا يتطلب فترة زمنية قد لا يتحملها الحال الذي نحن عليه، وعندها نشعر بخيبة أمل كبيرة، ونلحظ مقدار الكذب والوعود التي تم استقطابنا بها ونحن بين أهلنا وأبناء شعبنا”.

 

شكراً لقائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي

ولا يملك الكثيرُ من العائدين الذين التقينا بهم سوى تقديم الشكر الكبير لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي على تسهيل مهمة عودتهم إلى أرض الوطن.

ويقول العائد الشماري: “نشكر قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي على فرصة العفو العام واستمرارها الذي أتاح لنا العودةَ إلى صف الوطن، ونتمنى أن تستمرَّ حتى يعود كُـلُّ المخدوعين إلى صوابهم”.

من جانبه، يقول العائد أبو ذرة: “أشكر القيادة السياسية والثورية حكومة صنعاء على هذا الاستقبال الكريم والطيب لنا برغم خيانتنا وتفريطنا، وأشعر في هذا الاستقبال وهذا التعامل كمن يخرج من النار ويدخل الجنة”، وما يمكنني قوله في العدوان ومرتزِقته “بأنهم غزاة ومحتلّون خدعونا وكذبوا علينا عبر عملائهم وجندونا للقتال في صفهم ليحتلوا بدمائنا نحن أرضنا وينهبون مقدراتنا ويصادرون حريتنا وكرامتنا”.

ويواصل العائد أبو ذرة قائلاً: “تواصلنا مع واحد مشرف من أنصار الله من البلاد، ونسّق لنا والحمد لله لقينا تفاعلا وتحَرّكا سريعا وباهرا، ونقول لزملائنا المتبقين في صفوف الغزاة: طريق العودة مفتوح وحان الوقت المناسب لتعودوا إلى أهاليكم وأسركم وتعيشون بين أبناء شعبكم أحرارا أعزاء، لا أحد ينتقص من إنسانيتكم وآدميتكم، ولا يوجد من يتكبر عليكم، وأنتم بين إخوانكم الذين لم تتغير قيمهم ومبادئهم التي تعرفونها، وصدقوني لن يستمر الحال كما هو عليه، فقد تغيرت المعادلة وأمامنا فرصة لن تعوّض لنلتحق بصفوف الجيش واللجان الشعبيّة ونعوض عما مضى”.

أما العائد من اللجنة الطبية الدكتور هادي سمينة فيقول: رسالتي للجميع أن يعودوا إلى أرض الوطن، ونقول لهم: لقد استقبلونا في صنعاء أفضل استقبال.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com