الخائن طارق عفاش.. من قائد حراسة إلى عميل مقرب للعدوان

الخائن صالح كان يمثل للقوى الخارجية التقليدية مُجَـرّد تابع شاخ وهرم وبات مطرقةً صدئةً وعصا مشروخة

يعد شهرا سبتمبر وأُكتوبر من العام 2018م أشبهَ بالجحيم على القوات الغازية في عموم محاور الجبهة الغربية

زيادة وتيرة التوجس والقلق لقوى العدوان من إحكام قوات الجيش واللجان الشعبيّة على كافة المسرح العملياتي في الجبهة الغربية وعلى الساحل الغربي جعلتها تتجه إلى اتّفاق السويد

طارق عفاش بات حائطَ الصد لصاروخية الجيش واللجان التي تهدّد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر

كانت مهمته ضربَ الجبهة الداخلية وخلخلة تماسك الجبهات القتالية

المسيرة- عبدالقوي السباعي

الخائن طارق عفاش شخصية عسكرية أثير حولها الكثيرُ من الجدل!

تولّى طارق عفاش قيادة الحرس الخاص واللواء الثالث مدرع حرس جمهوري، أثناء فترة حكم عمه الخائن علي صالح الأخيرة حتى إقالته في أبريل 2012م، بقرارٍ من الفارِّ هادي، وشارك في أحداثٍ عسكريةٍ متعددة، وحظي بشبكة علاقاتٍ متينةٍ وصداقاتٍ كبيرةٍ ومتعددة، مع مختلف رجالات السلك الدبلوماسي والتمثيل العسكري والسياسي في اليمن من أقطارٍ مختلفة، مستغلاً تواجُدَه بالقرب من مصدر القرار وكُرسي السلطة؛ لإبراز نفسه وتلميع نجمه، وتوطيد حضوره على خارطة النظام المستقبلي.

كانت علاقةُ طارق بالسفراء (الأمريكي والسعودي والإماراتي) هي الأبرزَ، وقد جمعتْهُ عدةُ لقاءاتٍ بالصديق المقرَّب جِـدًّا إليه، الملحق العسكري السعودي في صنعاء (محمد آل جابر) قبل أن يصبحَ الأخيرُ في ما بعدُ سفيراً للمملكة في اليمن العام 2014م.

ويذكر مقربون من طارق عفاش أن مجلساً ودياً عصرياً، جمع طارق بمحمد آل جابر في الخامس من يناير 2011م، قال فيه آل جابر مصارحاً صديقَه ومخاطباً له: “إن هناك متغيراتٍ كبيرةً، ومستجداتٍ متنوعةً ستطرأ على اليمن في الآونة الأخيرة، ولا بُـدَّ أن يكونَ للقيادات الشابة أمثال طارق دورٌ مميزٌ فيها”.

واستطرد مازحاً: “كم سيظل القائد الشابُّ الطموح والمتألق مُجَـرّد كلب حراسة أمام غرفة صاحب القصر، بينما بإمْكَانه أن يكونَ هو سيد القصر وصاحب السلطان؟!”.

وفي خضم ثورة الشباب 2011م المطالبة برحيل الرئيس عفاش، تعرض الأخير لمحاولة اغتيال مدبَّرة، تمثلت بتفجير عُبْواتٍ ناسفةٍ بجامع الرئاسة أثناء تواجدهُ فيه للصلاة يوم الجمعة، الموافق 3 يونيو 2011م، أُصيب عفاش بجروحٍ وحروقٍ بليغة نُقل على إثرها إلى الرياض لتلقي العلاج، بينما قائد حراستِه، كما تحدثت الكثير من المصادر، كان مستغرقاً في النوم بعد ليلةٍ فنيةٍ ساهرةٍ وراقصةٍ مع الطرب الصنعاني الأصيل، في إحدى الفِلل الفخمة في حدة.

وبعد إقالة طارق عفاش، من قيادة الحرس الخاص في 6 أبريل 2012م، وقيادة اللواء الثالث حرس، وبعد مماطلته في تسليم قيادة اللواء الثالث حرس لأكثرَ من شهرين، رفض قيادة اللواء 37 مدرع، فتم تعيينُه ملحقاً عسكريًّا لليمن في ألمانيا، حينها اعتبرت هيومن رايتس ووتش تعيينَه في منصب دبلوماسيٍّ بعد إقالته، أمراً مقلقاً؛ كونه كان من القيادات العسكرية التي تتهمُها المنظمةُ بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في أحداث 2011م، وتورطه المباشر في حادثة جُمعة الكرامة ضد المتظاهرين العُزل في 18 مارس 2011م، والتي بموجبها أمرت محكمةُ غرب الأمانة في صنعاء باستدعائه واستجوابه فرفض، وأمر بذلك أَيْـضاً النائبُ العام في تلك الفترة “القاضي علي الأعوش” في 27 أبريل 2013م، قبل أن تتمَّ إقالةُ النائب العام من منصبِه نهائياً دون أن يتم تنفيذُ أيٍّ من تلك الأوامر.

 

العودة من الخارج

عاد طارق عفاش، من أمريكا إلى اليمن في العام 2014م، بعد جولةٍ مكوكيةٍ غامضة، ليتولى قيادة الحراسة الشخصية لعمه الرئيس الأسبق “علي صالح” وقيادة شبكته العسكرية متعددة الأغراض، وبعد فرار هادي من صنعاء إلى عدن، ثم منها إلى السعودية واندلاع عاصفة الحزم والعدوان الأمريكي السعودي على اليمن، وقف طارق عفاش متحالفاً ظاهرياً مع أنصار الله؛ كونها الحركةَ اليمنيةَ الوحيدة –ومع الأحزاب المناهضة للعدوان- التي حملت على عاتقها مسؤوليةَ التصدي للعدوان وإدارة شؤون البلاد تحتَ وطأة العدوان والحصار، وذلك بالتبعية لعمه رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي اعتبر ما حدث عدواناً على اليمن وحكومة هادي حكومةً “غيرَ شرعية”.

وكاد بتسجيلهِ لهذا الموقف أن يخلِّدَهُ التاريخُ بصفاحٍ من نور، إلَّا أن الجميع تأكّـد في ما بعدُ إنما هو موقفٌ جاء نكايةً منهُ بالخصوم السياسيين والعسكريين الذين أسقطوه عن كُرسي الحكم، وَأَيْـضاً لتقديراتٍ لا يعلمها إلا هو والراسخون في المكر والدهاء.

وعلى الرغم من أن الرئيس الأسبق الخائن “عفاش” لم يقدم على الساحة الحربية والقتالية، وميادين وجبهات المواجهة في مقارعة العدوان أي شيءٍ يُذكر، سوى تحشيد الجماهير المؤتمرية للاحتفالات المناسباتية الحزبية والخطابات الرنانة فقط، إلاّ أنهُ كان يحظى بالكثير من الاحترام والتقدير من القيادات العليا لأنصار الله، بما فيهم السيدُ عبدالملك الحوثي، بل كان دائماً ما يتباهى ويلمح ويصرّح بأنهُ من يرسل المقاتلين إلى الجبهات من عسكريين ورجال قبائل عبر القيادات العسكرية والمشايخ القبلية المحسوبة عليه أَو على حزبه، رغم نفي الكثير من تلك القيادات لأيِّ ارتباط بعفاش؛ كون اندفاعاتهم وتوجُّهـهم نحو جبهات مقارعة العدوان كانت من وازعٍ ديني إيماني، ودافعٍ وطني أخلاقي، ولنا في الشهيد المجاهد أبو حرب الملصي خير دليل.

في المقابل، ظل “عفاش” الراقصُ على رؤوس الثعابين يمارسُ ألاعيبَه المعتادة، ولم ينفك يوماً من ارتباطِهِ بالقوى التقليدية في الخارج عُمُـومًا وبالرياض وابوظبي على وجه الخصوص.

كان “عفاش” يمثل لتلك القوى التقليدية مُجَـرّد تابعٍ شاخ وهرم وأكل الدهر عليه وشرب، وبات مطرقةً صدئةً وعصا مشروخة، وليس مؤهلاً لقيادة المرحلة الراهنة، إلا أنهُ لم يغِب عن تفكير صانعي القرار لدول تحالف العدوان، كورقةٍ رابحةٍ سيتم استخدامها في التوقيت المناسب، وفي اللحظات الحاسمة، مستندين على ذلك إلى خطةٍ عمليةٍ مرسومةٍ بعناية، حملت اتّجاهين اثنين وسيناريو واحد للتنفيذ، بدءًا باستغلال توقيع تحالفه الوطني واشتراك حزبه مع أنصار الله بتشكيل حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي الأعلى، مُرورًا بالاستحواذ على معظم الحقائب الوزارية التي انتهجت الفسادَ والإفساد سلوكاً ووضعت العراقيل والتعجيزاتِ أمام كُـلّ إصلاح هادفٍ لتدعيم جبهة الثبات والصمود، وانتهاءً بتعزيز حالات السخط والنفور الجماهيري وتأجيج غليان الغضب، وإشعال الازمات، ومحاولات ضرب لُحمة ووحدة الجبهة الداخلية، في إطار برنامج دعائي منظم، سعى لإسقاطها على عاتق أنصار الله، وتحميلهم تبعاتِها في أكثرَ من مناسبة، وخُصُوصاً بين عامَي (2016م – 2017م).

ومع زيادة وتيرة التوجُّس والقلق لقوى تحالف العدوان، من إحكام سيطرة الجيش واللجان الشعبيّة من خلال كوادر قيادية لأنصار الله، على كافة المسرح العملياتي في الجبهة الغربية وعلى الساحل الغربي، بعد إطلاق صواريخ يمنية موجهة باتّجاه ثلاث سفن حربية أمريكية في عرض البحر الأحمر في أُكتوبر 2016م، ومنذُ يناير 2017م، صرّح التحالف في بيانٍ له: “إن ثلاثةَ زوارق انتحارية اقتربت من فرقاطة سعودية، كانت تقومُ بدورية بالقُرب من ميناء الحديدة في غرب اليمن، مما أَدَّى إلى إحراقها ومقتلِ ثلاثة من طاقمها وجرح ثلاثة آخرين، كما استهدفت صاروخية الجيش واللجان ثلاث سفن للتحالف، منها سفينة إماراتية عسكرية قرب ميناء المخاء”، إلى ذلك اعترف تحالف العدوان بخمسة استهدافات على سفن حربية، وقال بيان للتحالف: إن السفينة (سويفت) الإماراتية خرجت عن الخدمة في يوليو 2017م، وتواجد قوات بحرية الجيش واللجان في معظم الجزر اليمنية الهامة على البحر الأحمر بعد أن أمطرها بالصواريخ البالستية كـ (حنيش وزقر وميون)، وجزيرة “جبل الطير” التي دخلتها قواتٌ رمزية للجيش واللجان بعد معركةٍ حاسمة مع عناصرَ مجهولةٍ فرت عبر زورق حربي باتّجاه الساحل الأريتيري، انتهت بالسيطرة اليمنية والاستيلاء على أجهزة إنذار ورصد ورادارات متطورة خَاصَّة بغواصات أعالي البحار، وقامت بتحطيم فنار كانت قد أقامته “إسرائيلُ” في فتراتٍ سابقة من العام 2011م، وبالتالي تأكّـد لقوى تحالف العدوان أن هذا الأمر لم يعد يهدّد القطعَ البحرية لدول تحالف العدوان فحسب، بل ويهدّد استراتيجيةَ الأمن القومي الصهيوني.

وعملت وسائل الإعلام التابعة للعدوان بكل ثقلها على توصيف تلك الانتصارات للجانب اليمني على أنها حوادث، وعلى أنها باتت تهدّدُ الأمنَ والملاحة الدولية جمعاء.

في المقابل، كانت الخطط والاستراتيجيات العسكرية لقوى تحالف العدوان تبحث عن مخرجٍ منطقي يترجم أحداثَ السيناريو القادم، فما كان منها إلا أن لجأت إلى تحريك أوراقها في الداخلية؛ لكسر شوكة هذا التفوق أَو كحدٍّ أدنى إضعافه، وبالفعل بدأ الخائن “عفاش” بتنفيذ الفصول الأولية للخطة منذُ الـ24 من أغسطُس وانتهاء في 4 ديسمبر 2017م.

 

جسر عبور

في المقابل، لم يكن “عفاش” إلا جسر عبورٍ تسلّق عليه “طارق عفاش” لتنفيذِ كامل فصول السيناريو الخاص بتطبيق خطة تحالف العدوان الهادفة إلى ضرب الجبهة الداخلية وخلخلة تماسك الجبهات القتالية، وإيجاد أعداء جددٍ وبدائلَ مقاتلةٍ طازجة تحملُ كُـلَّ أنواع الحقد والكراهية للجيش واللجان الشعبيّة الذين تمكّنوا من إخماد فتنة ديسمبر 2017م، وتحوّل الكثير المؤتمريين من صف الوطن إلى صفوف الارتزاق والعمالة لتحالف العدوان.

وكان لطارق عفاش الدور المحوري في ذلك التحول، غير أن المجال لا يتسع للخوض في تفاصيل كيف بدأ طارق بسحب البساط من تحت أقدام عمه؟، وكيف كان المسمار الذي ظل يدق في نعشه؟ ولماذا انتشرت شائعات كاذبة حول مقتل طارق في معركة ديسمبر؟ وكيف روّجت قنوات العدوان ذلك؟ إلى آخر ذلك، لكن المهم هو ظهور “طارق عفاش” في أوائل مايو من العام 2018م، بعد التنسيق مع قوى العدوان وتأمين سحب كافة المسلحين الموالين له والذين تم تجميعهم وإعدادهم في معسكر الشهيد الملصي وفي معسكرات الجيش واللجان الشعبيّة، ليحملَ شعار التحرير ودافع الانتقام لمقتل “عفاش” وغيرها من الشعارات البراقة التي جذبت الكثيرَ من المخدوعين والمغرر بهم.

ومع بدء تنفيذ القوات الموالية لطارق والمدعومة إماراتياً نزولَها على الساحل اليمني، والمرافقة لقوات من المرتزِقة السودانيين والبلاك ووتر، لم يغِبْ عن الاستراتيجية العسكرية لقوى تحالف العدوان ردات الفعل الشرسة والمستميتة لوحدات الجيش واللجان الشعبيّة المرابطة على طول المسرح العملياتي في الساحل الغربي، على خلفية الانسحابات المقصودة والخيانات المفاجئة لبعض الزعامات القبلية والعسكرية المساندة لهم في جبهة الساحل الغربي وانخراطهم في صف العدوان، وتراجع قوات الجيش واللجان عن الكثير من المواقع لصالح القوات الجديدة الغازية؛ تفادياً للضربات الجوية المكثّـفة والمركَّزة، وعجزاً عن سد الفراغ الذي أحدثتهُ عملياتُ الانسحاب المدروس للقوات والمقاتلين المهيئين سلفاً لهذا التوقيت، حتى استطاعت القواتُ الغازية الوصولَ إلى مشارف الحديدة بعد معاركَ حاميةٍ وتضحياتٍ جسيمة من مختلف الأطراف.

هُنا وتحت هذا الخطر الداهم، تمكّنت القيادةُ السياسية والعسكرية اليمنية من لملمة الأوراق المبعثرة واستعادة زمام المبادرة والتفوق والسيطرة على مجريات المشهد في عمق الحدث وعلى طول المسرح العملياتي، من خلال الحشد والتحشيد ورفد المحاور وسد الثغرات وردم العجز وتوفير متطلب الردع؛ بهَدفِ تعزيز استراتيجية الهجوم والتحرير الشامل.

في المقابل، كانت هُنالك استراتيجية خَاصَّةٌ ومقابلة لها من قوى العدوان، تمثلت بدعوة المبعوث الأممي “غريفث” إلى عقدِ لقاءٍ وتحاور، فجاء بمثابة طُعم تلّقتهُ حكومة صنعاء على مَضَضٍ؛ سعياً منها لحقن الدماء وتجنيب المنطقة ويلات الحرب، فتمخض اتّفاق السويد، وهو اتّفاقٌ نص على عقد هُدنة في محافظة الحديدة، في إطار جهود المبعوث الأممي لمحاولة حَـلّ الأزمة اليمنية.

وعقد الاتّفاق في ستوكهولم في السويد، تحت رعاية الأمم المتحدة في 13 ديسمبر 2018م، ومن يومها لا يزال الطعم الأممي خارجَ معدة الجيش واللجان الشعبيّة وقد تلفظهُ في أية لحظة، ولا يزالُ تحوُّلُ الخائن “طارق عفاش” من كلب حراسةٍ أمام بوابة قصر عَمِّــه، إلى كلب حراسةٍ أمام باب المندب لصالح أمريكا وإسرائيل، مثارَ جدلٍ قد ينتهي عمّا قريب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com