من ذاكرة فتنة ديسمبر المشؤومة

 

زينب إبراهيم الديلمي

انقضى نهارُ الثلاثين من نوفمبر من العام 2017، وصادف في ذلك اليوم ذكرى المولد النّبوي الشريف، لم نتلذذ به روحانيّة المولد كما ينبغي، فثمّة مكروه يترصّد بضيوف رسول الله، ولا عِلم لنا بهذا المكروه الذي بِتنا نشعرُ به عند الاحتفال ولا ندري ما عاقبته.

كانت فوهةُ الكآبة تتبخّر في شمس ذاك اليوم وأحوالها لا تُطمئن الفؤاد، وعند العودة إلى حافلاتِ النّقل كان حُرّاس ضيوف رسول الله يمنعوننا من عُبور الثُغور التي يتمترس فيها مليشيات الخيانة، عشرات الغموض تدور في أفلاك تفكيرنا، ما السر المكنون أنّ العيون السّاهرة تُشدّد الاجتناب من عبور تلك السُبُل، ارتابنا القلق وابتهلنا إلى الله أن يَمُنَّ بلطفه لرجال الله وأن تمرَّ تلك الليلة بسلام.

اشتدت وابلات الرصاص في الثغور التي مُنعنا من عبورها، فأدركنا حينها مدى نصيحة رجال الله إلينا، وهي الخطورةُ بحياتهم؛ مِن أجلِنا، وجعلوا من أنفسهم واقياً لنا، قناصات الشّياطين ترصّدت بأُولئك المغاوير وبضيوف رسول الله وبكل من كان يعبر في كمائنهم الخبيثة عشيّة تلك الليلة الدمويّة.

أعلنت الفتنة التي ولدت من رحم العدوان، ممن؟ من ذاك الذي تغنّى بالوطن وحب الوطن عقود هيمنتهِ على اليمن، ومما زاد الطين بلة أن زعيم الخيانة عفاش افترى وراوغ في مناهضة العدوان وزعم أنه يأبى مُغادرة اليمن كما فعلت شرعيّة الوهم.

فالحقيقة التي لا يَشق لها غُبار، أن أدوات العدوان أبقته في اليمن حراً طليقاً وَاستخدمته كورقةٍ أخيرةٍ لتنفيذ أجندتهم، بدءاً من جريمة اغتياله للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، ومُرورًا بشن الحروب الست الظالمة على صعدة، ونهايةً بإعلان الفتنة وإبراز نواياه القبيحة وصورته الخبيثة، في أنّه لم يخُن العهد فحسب بل خان دماء الشهداء وتضحيات المُجاهدين في ميادين التنكيل، وخان أشلاءَ الأبرياء التي سالت؛ بفعل العدوان المُستبد والظّالم، وطعن بخنجر الغدر أرض اليمن وسيادته وتاريخه وجغرافيته.

في الثّاني من ديسمبر، تصاعدت الأهوالُ، وغِلظة الفتنة ترش حميمها على صنعاء الصمود، وأمام التلفاز انتظرنا حتى أتى فصلُ الخطاب ناصحاً مُرشداً لزعيم الخيانة وجلاوزته بالكف عن إشعال فتيل الفتنة التي تعول مبتغاها لصالح العدوان، لم يأخذ زعيم الخيانة نصيحةَ السيّد القائد له على محمل الجِد، وبلغة الوقاحة وسّع من نطاق التحريض ودعا إلى انتفاضة وارت من سوأتها خيانة كُبرى للشعب اليمني وللوطن قاطبتها والتقرب إلى العدوان زُلفى بفتح صفحات التوسّل وعلاقات الودّ معهم، نضحت هذه الانتفاضة الخيانية وجه عفاش الحقيقي كما نضحت تهوّره ومسارعته إلى التطبيع مع الكيان الصّهيوني عنوةً قبل أن يطبع أربابُ الخليج من قبله وعزمه على جعل اليمن إسرائيلَ أُخرى ومرتعاً لليهود.

قُضيَ الأمر وانكمشت تعاظم الفتنة الخيانيّة ووأدت سعيرها بسقوط رأسها الأكبر من الوجود في الرابع من ديسمبر، وخسر العدوانُ أهمَّ أدَاة له بفضل تلك الدماء التي كَوَت مُبتغاهم واحتيالهم، في يومين فقط كانت هي تلك المُعجزة التي صَيَّرها رجال الله في رصيد نضالاتهم، وبَدت من فرط عميق إنجازها شاهقة العظمة، لتقولَ لكلِّ من سوّلت له نفسُه في خيانة الأرض والشرف اليمني أن اليمنَ ليست موطناً للخونة ولمن ساوم كرامته ببيعها للعدو بأبخس الأثمان، وأن الانزلاق في وحل الذل والهزيمة هو حتفه ومصيره المحتوم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com