الفلسطينيات في سجون الاحتلال الصهيوني والأسرى الأطفال.. تعذيبٌ نفسي وجسدي وظروفُ اعتقال صعبة

أمام أعين المطبعين من الأعراب

 

المسيرة / عبدالقوي السباعي

تعاني النساءُ الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى التعذيب الذي يتعرضن له أثناء جلسات الاستجواب، يواجهن أَيْـضاً ظروفاً معيشية سيئة في هذه السجون.

“مرح” البالغة من العمر 21 عاماً، والتي اعتقلتها قواتُ الاحتلال عام 2015م، وحُكم عليها بالسجن ثمان سنوات، تعيش في حالة سيئة للغاية في سجن دامون، وأثناء اعتقالها أُصيبت فرح في ذراعها، حَيثُ أطلق الجنود ما لا يقل عن 10 رصاصات على جسدها، وفي ذلك الوقت وبسبب قلة العلاج والنزيف الشديد، ضعفت قوتها الجسدية ولم تتمكّن من تحريك يديها.

لكن مرح، التي كانت في الخامسة عشرة من عمرها فقط، خضعت للاستجواب من قبل القوات الإسرائيلية، وبعد عدة سنوات من اعتقالها، تواصل السلطات منع هذه الفتاة الفلسطينية من تلقي الرعاية الطبية.

الأوضاع في السجون التي تحتجز فيها الأسيرات الفلسطينيات سيئة للغاية، ومع حلول موسم البرد يزداد الوضعُ سوءًا، بحيث لا توجد أجهزة تدفئة في هذه السجون، بالإضافة إلى ذلك يتم تعذيب هؤلاء الأسرى الفلسطينيين في الغالب أثناء الاستجواب من قبل شرطة الاحتلال.

وعلى مدار سنوات الصراع الطويلة مع الكيان الغاصب، تعرّضت أكثر من 16,000 فلسطينية (بين مسنة وقاصر) للاعتقال في سجون الاحتلال، وقد شهدت فترة الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة الحجارة) التي انطلقت عام 1987م، أكبر عمليات اعتقال بحق النساء الفلسطينيات، إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوف النساء إلى نحو 3000 فلسطينية، أما خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) التي اندلعت عام 2000م، فقد وصل عددُ حالات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات إلى نحو 900 فلسطينية، ومنذ عام 2009م وحتى مطلع عام 2012م، تراجعت حدة الاعتقالات في صفوف الفلسطينيات، لتعود بشكل متصاعد مع انطلاقة الهبة الجماهيرية الفلسطينية نهاية عام 2015م، وُصُـولاً إلى المقاومة الشعبيّة عند إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوابات المسجد الأقصى المبارك في تموز 2017م، ليصلَ عددُ الأسيرات اللواتي تعرضن للاعتقال منذ بداية الهبة الجماهيرية، وحتى الأول من تشرين الأول 2017م إلى نحو 370 حالة اعتقال، وبلغت ذروة التصعيد في عمليات اعتقال الفلسطينيات على يد سلطات الاحتلال منذ اندلاع “هبة القدس” العاصمة الأبدية لفلسطين في السادس من كانون الأول 2017م واستمرت خلال عام 2018م والذي شهد ارتفاعاً في وتيرة اعتقال الفلسطينيات، وخَاصَّة المرابطات في المسجد الأقصى، لتتواصل خلال العام 2019م، حَيثُ اعتقلت سلطات الاحتلال خلال هذا العام نحو 110 فلسطينيات، ومنذ مطلع العام 2020م تتصاعد وتيرةُ الاعتقالات والعقوبات بحق الأسيرات الفلسطينيات، حَيثُ بلغ عدد الأسيرات رهن الاعتقال حتى تاريخ 14/9/2020 نحو 35 أسيرة.

وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات، منذ لحظة اعتقالهن على أيدي قوات الاحتلال للضرب والإهانة والسب والشتم، وتتصاعد عمليات التضييق عليهن حال وصولهن مراكز التحقيق، حَيثُ تمارس بحقِّهن كافة أساليب التحقيق، سواء النفسية منها أَو الجسدية، كالضرب والحرمان من النوم والشبح لساعات طويلة، والترهيب والترويع، دون مراعاة لأنوثتهن واحتياجاتهن الخَاصَّة.

وتحتجز جميع الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون الذي أُقيم في عهد الانتداب البريطاني كمستودع للدخان، بحيث تم عند تشييده مراعاة توفير الرطوبة لحفظ أوراق الدخان، وبعد عام 1948م وضعت إسرائيل يدها عليه، وحولته إلى سجن، وأغلق هذا السجن لفترة زمنية قصيرة، حَيثُ تم إعادة فتحه عام 2001م، ويفتقر سجن الدامون إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية، فغالبية الغرف فيه سيئة التهوية وتنتشر فيه العديد من الحشرات والرطوبة؛ بسَببِ قدم البناء، كما أن أرضيته من الباطون مما يجعلها باردة جِـدًّا في أَيَّـام الشتاء وحارة جِـدًّا في أَيَّـام الصيف.

من جانبه، قال نادي الأسير الفلسطيني: إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 43 أسيرة فلسطينية في سجونها، وجاء ذلك في بيان صدر عن نادي الأسير بمناسبة يوم المرأة العالمي، والذي يصادف الثامن من مارس من كُـلّ عام، وبين الأسيرات 27 أسيرة صدرت بحقهن أحكام لفترات متفاوتة، أعلاها لمدة 16 عاماً من بينهن 16 والدة.

وتتمثّل أساليبُ التعذيب والتنكيل التي مارستها أجهزة الاحتلال بحق الأسيرات في إطلاق الرصاص عليهن أثناء عمليات الاعتقال، وتفتيشهن تفتيشاً عارياً، واحتجازهن داخل زنازين لا تصلح للعيش، بالإضافة لإخضاعهن للتحقيق لمدد طويلة مع ما يرافقه من أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، منها الشبح بوضعياته المختلفة، وتقييدهن طوال فترة التحقيق، والحرمان من النوم لفترات طويلة، والتحقيق المتواصل، والعزل والابتزاز والتهديد، ومنع المحامين من زيارتهن خلال فترة التحقيق، وإخضاعهن لجهاز كشف الكذب، والضرب المبرح كالصفع المتواصل، عدا عن أوامر منع النشر التي أصدرتها محاكم الاحتلال، كما وتعرضت عائلاتهن للتنكيل والاعتقال والاستدعاء كجزء من سياسة العقاب الجماعي.

وأكّـد نادي الأسير أن الأسيرات يُعانين ظروفاً حياتية صعبة في سجن “الدامون”، منها: وجود كاميرات في ساحة الفورة، وارتفاع نسبة الرطوبة في الغرف خلال فترة الشتاء، كما وتضطر الأسيرات لاستخدام الأغطية لإغلاق الحمامات، كما تتعمد إدارة السجن قطع التيار الكهربائي المتكرّر عليهن، واللواتي يُعانين من أمراض، يتبع معهن سياسة المماطلة في تقديم العلاج اللازم لهن، وتحديداً المصابات.

وتحدّث نادي الأسير عن الأسيرة المُصابة إسراء جعابيص، أصعب الحالات المرضية بين الأسيرات، حَيثُ اعتقلت قوات الاحتلال، الأسيرة المقدسية إسراء جعابيص، 35 عاماً، في 11 أُكتوبر 2015م، بعد أن أطلق جنود الاحتلال النار على مركبتها مما أَدَّى إلى انفجار إسطوانة غاز كانت تقلها بسيارتها، وعلى إثرها اشتعلت النيرانُ داخل جسدها وأُصيبت بحروق خطيرة التهمت 60 % من جسدها، وفقدت (8) من أصابع يديها، وأُصيبت بتشوهات حادة في جسدها، وحكم عليها الاحتلالُ بالسّجن لـ 11 عاماً، علماً أنها أم لطفل، ليس هذا فقط فهناك الكثيرُ من المعاناة للأسيرات الفلسطينيات، الذي لا يتسع المكان لحصرها أَو البوح بتفاصيلها.

ويبدو أن عمليةَ الاعتقال المستمرة للنساء الفلسطينيات على مختلف أعمارهن، من أطفال صغار إلى أُمهات وكبار في السن وزوجات شهداء، تهدف إلى إذلال المرأة الفلسطينية وإهانتها، وبالتالي كسر عزائم المجاهدين وعزائم الأجيال الفلسطينية الشابة، غير أن الاحتلال بعد هذه السنوات العديدة على هذه الممارسات، لم يفلح في تثبيط عزيمة الشعب الفلسطيني، بل إنه سجل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان ليُثبت هذا الكيان مرة أُخرى أنه كيان مجرم لا يحترم الإنسانية.

فأين أنظمة التطبيع العروبية من كُـلّ هذا؟!

إلى ذلك، أظهرت شهادات حية من الأسرى الأطفال الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، عن حجم معاناتهم الصعبة، وسط ظروف العزل والضرب المبرح مع استهداف مباشر للجروح، بالإضافة إلى التحقيق لساعات طويلة.

مؤسّسات حقوقية، وثّقت مجموعة شهادات حية من أسرى قاصرين اعتقلهم الاحتلال خلال الشهرين الماضيين في الضفة الغربية.

وتشير التقارير، إلى أن الاحتلال لا يتوانى في استخدام أساليب التعذيب النفسي والجسدي مع الأسرى الأطفال خلال الاعتقال والتحقيق.

وبيّن أن سياسة العزل التي تمارس ضدهم ومنع زيارات أهاليهم لمدة طويلة، تبقى آثارها النفسية عليهم حتى بعد الإفراج عنهم، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية وخَاصَّة المرضى منهم.

وذكر الطفل الأسير (س. ج) البالغ من العمر (15عاماً)، أنه خلال الاعتقال تم تكبيله وتعصيبه، ثم اعتدت عليه قواتُ الاحتلال بالضرب المبرح حتى أُغمي عليه، ثم تركته نحو 30 ساعة في العراء.

وبعد نقله إلى مركز تحقيق المسكوبية، ورغم معاناته من ضيق في التنفس، احتجزوه في زنزانة شديدة البرودة وخالية من النوافذ لمدة 16 يوماً.

وذكر في إفادته، أنه قبل اعتقاله بأسبوع أُجري له عملية فتق، وتعمد جنود الاحتلال خلال جلسات التحقيق ضربه على مكانها مباشرة مما تسبب له بالتواء قطب الجرح.

وفي ظروف مشابهة، تعرّض الفتى (س. أ) البالغ من العمر (17 عاماً) للسياسة ذاتها عند اعتقاله، حَيثُ تعمد جنود الاحتلال ضربه على ظهره بعدما أخبرهم أنه أجرى عملية زراعة عظم في الحوض قبل سنوات.

ووفق ما جاء في شهادته، فَـإنَّ جنود الاحتلال ضربوه بأقدامهم وبأعقاب البنادق، وأحدهم ضغط على ظهره بقسوة، حتى لم يستطع التنفّس؛ بسَببِ الألم.

وَأَضَـافَ أنه كان يخضع للتحقيق لساعات طويلة وهو مقيّد اليدين والقدمين، ولا زال يعاني آلاماً في الظهر؛ نتيجة التعذيب وجلوسه الطويل على كرسي التحقيق.

ولم يكن الحال أفضل مع الأسير القاصر (أ. ن) البالغ من العمر (16 عاماً)، الذي يعاني من مرض (الوهن العضلي الشديد)، ويستدعي رعاية خَاصَّة، بالإضافة إلى ضيق في التنفس ووجع في الرأس.

وتُشير إفاداتُ الأهل، بأنه لا يستطيع تحريك يديه بعد الاستيقاظ من النوم إلا بعد تناول الدواء، وأنه أجرى عمليّة إزالة كتلة سرطانيّة في الصدر قبل أشهر وبحاجة لمراجعة طبية منتظمة، ورغم معرفة الاحتلال بذلك لم يمنعهم من الاعتقال والضرب والتنكيل به والتحقيق معه.

وفي سياق متصل، تعرّض الفتى (م. ع) البالغ من العمر (17 عاماً)، لتحقيق استمر لـ 10 ساعات متواصلة، استخدم فيه المحقّقون أُسلُـوب الصراخ والتهديد، ثم تركوه لفتراتٍ طويلة معزولاً في زنزانة منفردة بعد التحقيق، ما عرّضه لضغوط نفسيّة.

وبلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال حوالي 153 طفلاً، يحتجزهم الاحتلالُ في ظروف غير إنسانية، تنافي كافة المعايير الدولية لحقوق الأطفال والأسرى.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com