عالم الفيزياء النووية اللبناني الدكتور هادي الدلول في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”:

  • اغتيال العلماء لن يغيّر شيئاً وسيزيد المقاومة قوةً وترابطاً وعزيمةً على الانتقام
  • الأمريكي يحرك العربان ليكونوا قنابل موقوتة ليقوموا بعمليات انتحارية ثم يبتزهم ويصادر أموالهم وأراضيهم ويحولهم إلى إرهابيين
  • اغتيال القيادات في اليمن أَو في إيران هو نفس الألم ونفس عملية الغطرسة لكن عملية الرد يجب أن تكون باتِّزان
  • الأمم المتحدة عبارة عن هياكل متحدة ليس لها حس إنساني وتسكت عن قتل الأطفال في اليمن وسوريا ولبنان وإيران
  • دول المحور تحاول الآن إعادة الهيكلة بالنسبة للشؤون الأمنية للاستعداد للمرحلة القادمة
  • اغتيال الشهيد ليس له علاقة بالاتّفاق النووي أصلاً ولن نقدم على أي إجراء إلّا إذَا كان مستنداً على قرائن

  • المدبر الحتمي لاغتيال زاده هم الأمريكيون والصهاينة ومنظمة خلق والنظام الإماراتي
  • بانتظار استكمال التحقيقات والقرائنُ هي التي ستحدّد وضوح واتّجاه الرد الإيراني على اغتيال زاده

المسيرة| حاورته/ أمل مطهر

أكّـد عالمُ الفيزياء النووية اللبناني الدكتور هادي الدلول المقيم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن اغتيالَ العالم فخري زاده لن يغيّر شيئاً ولن يضيفَ مكسباً للذين اغتالوه.

واتهم الدلول في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”، الأمريكيين والصهاينة والإماراتيين ومنظمة خلق بالوقوف وراء جريمة الاغتيال، مؤكّـداً أن الجمهورية الإسلامية بانتظار استكمال التحقيقيات، وأن الرد سيُبنى على هذه النتائج.

وأشَارَ إلى أن عملية الاغتيال ليس لها علاقة بالملف النووي الإيراني، وأن دول المحور تحاول الآن إعادة الهيكلة بالنسبة للشؤون الأمنية للاستعداد للمرحلة القادمة.

إلى نص الحوار:

 

  • العلم والجهل.. أين تضع هذه المفاهيم في ساحة القوة والسعي إلى امتلاكها؟

تحية طيبة للإخوة في صحيفة المسيرة ولكل المجاهدين الأبطال.. طبعاً العلم والجهل هنا أَسَاس جذور للحركة سواء المقاومين أَو للإرهابيين، فالمقاومون يستخدمون هذا الأمر؛ مِن أجلِ التعليم التثقيف والتدين بغض النظر عن اتّجاه الدين والانتماء أَو الارتباط والمفهوم ومدى القناعة بحمل البندقية، بحيث يعرف أن آخره شهادة أَو نصر.

أما المخربون فيستخدمون العلم والجهل، لكنهم يحاولون إبعادَ العلم؛ كي لا يكون هناك إيضاح للإعمال الإرهابية التي يقومون بها، فيفضلون بأن يتخذوا الإجراء وَالاتّجاه بالتجهيل، وهذا الموضوع عملوا به لسنوات وخُصُوصاً في المناطق التي تتمتّع بحضارة مثل مصر وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق، فكانوا حريصين على تكسير القوام الوطني فيها بالتجويع والتهديم والحروب؛ مِن أجلِ فسخ الماضي عن الحاضر لضمان المستقبل أن يكون معدوما، وبالتالي ظهر منهم رجال داعش.

أما المناطق التي ليس لها حضارة كالضفة الغربية والخليج (دول الخليج)، فطبعاً لا داعي لتغييبهم عن الوعي؛ لأَنَّهم هم أصلاً ليسوا بحضارة، وجاهزون لأن يكونوا أدوات جهلة ليحقّقوا الأهداف الصهيوأمريكية دون أي عناء، فالجهلُ والعلم هنا يأتي كسلاح، إما أن يكون في عملية إثبات الحق، أَو استخدام كأدوات للتخريب والترهيب.

 

  • تم اغتيال علماء عرب ومسلمين على مر التاريخ كسميرة موسى ويحيى المشد وكذلك فادي البطش قبل سنتين.. أين تتجسد مفاهيمُ القوة لدى العدوّ في غياب هؤلاء العلماء؟

شهداؤنا من العلماء والمثقفين والأطباء وكل الأدمغة التي تم استهدافها، كان يدخل الصهيوني أَو الداعشي ليكسر ويدمّـر بالتاريخ والحضارة، هذا ما شهدناه بتدمير سوريا والعراق وفي كُـلّ منطقة بها حضارة بحجّـة أنها أصنام وأنها أوثان، ومن هذه المفاهيم المتخلفة والهدف هنا هو تكسير معالم الجدارة.

اغتيال العلماء أَيْـضاً هو تكسيرُ معالم الثقافة، هم يعتقدون أنهم باغتيال عالم واستشهاده أَو اعتقاله أَو إنهاء عمله بطريقة ما أنه سوف ينتهي وهذا غباء؛ لأَنَّه كلما يستشهد عالم فحتما يكون هناك العزيمة أكبر عند تلامذته أن يكملوا الطريق، فالمعلومة ليست حكراً على شخص.

هم يفكرون هكذا؛ لأَنَّهم هكذا يفعلون، فعلماؤهم وأطباؤهم يحتكرون هذه المعلومات، في طبقة معينة من العلماء القائمين على هذا العمل لأسباب اقتصادية واستعمارية وإمبريالية فيعتقدون أن لدينا نفسَ العمل، فبالتالي أن يستهدفوا أحد العلماء فالأمر هنا قد انتهى، لكن بالعكس يزيد قوة ويزيد ترابطا ويزيد عزيمة إلى الوصول ويزيد حرارة الانتقام أَيْـضاً، هذا لا يؤثر على جسد المقاوم، وَلا يمكن أن يغير أي شيئاً في الإصرار على الوصول وتحرير الأراضي المحتلّة والقضاء على كُـلّ متصهين وصهيوني في المنطقة.

 

  • كيف تنظرون إلى احتفاء الكثير من الدول العربية بعميلة اغتيال الشهيد العالم فخري زاده؟

للأسف هؤلاء الصهيوأمريكيون والصهيوخليجيون، نعرف أنهم عائلة واحدة من البداية، وهم أقذر من بعضهم.

والحقيقة أن العربان هم مسيّرون مع الصهيونية كعملاء، يعرفون ويفكرون كما يريد الأمريكي، كما تم ترجمة وبرمجة هؤلاء الناس من خلال العقول والثقافة التي لقنت لهم ليكونوا متحَرّكين في هذا الاتّجاه، وليكونوا عيدان ثقاب وقنابلَ موقوتة إن احتاج الصهيو أمريكي أن يقومَ بعملية تفجيرهم بعد أن يبتزهم وينهي أموالهم ويصادر أراضيهم ومن ثم يحولهم إلى إرهابيين.

 

  • وجدنا في اليمن عمليات اغتيال لعدد من الأكاديميين اليمنيين داخل العاصمة صنعاء ممن كانت لهم مواقفُ مشرفة على الخط السياسي.. كيف نستطيعُ أن نقارنَ هذه الحوادث بما حدث مؤخّراً في إيران؟

اليمنيون حالةٌ استثنائية، فاليمني عصامي عسكري بدأ من الصفر، واستطاع أن يركّب سلاحاً من مقومات بسيطة وهو يقاوم ويصمد، يبدأ بصاروخ والصاروخ هذا يتم تطويره إلى مدى أبعد، ومن ثم هذا الصاروخ يتحول إلى مسيّرة، ومن ثم هذه المسيّرة تتحول إلى حاملة صواريخ، والآتي أعظم.

هذا المثل أنكم بدأتم من لا شيء، واستطعتم أن تعمّروا من التراب سلاحاً، هذه هي العزيمة وهذا هو الشرف في عملية القدرة أن يكون هناك لدى القوة اليمنية بأن يقول أنا لدي القدرة بأن أصنع هذا السلاح لأدافع عن شرفي وأرضي.

اغتيال القيادات، سواءٌ أكانوا في اليمن أَو في الجمهورية الإسلامية أَو في أي مكان، هو نفس الألم وَنفس المشكلة، نفس الاضطهاد ونفس عملية الغطرسة، ولكن عملية الرد تأتي باتِّزان لا أن يكون هناك رد مباشر.

علينا أن نعيَ بأن هناك توازناً في القوة، وَتوازن في الإجراءات القذرة في الأمم المتحدة التي تغطرست عن حق أطفال سوريا وبعدها حق أطفال اليمن، وقبلها حق أطفال إيران الذين دُمِّـروا بحرب ثماني سنوات مع الهالك صدام حسين التكريتي، وبالتالي أمم متحدة هي كناية عن هياكلَ متحدة وليس كناية أنَّ لهم حسًّا إنسانيًّا كما يدعون، وبالتالي تعاملنا معهم يكون بحذر وبإجراءات نستخدم القانون كي يلتف حول أعناقهم لا أن يلتف حول أعناقنا كما يهدّدون، وبالتالي الإجراءات في الرد والأمور تتعلق في سياق التفكير والتمعن والفطنة في استخدام الأدوات لكسب أكبر عدد وبنك أهداف ممكن في هذا العمل إلى أن نصلَ إليه.

 

  • ما سر الاهتمام البالغ من رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بالعالم الإيراني الشهيد فخري زاده لدرجة أنه قال قبل اغتياله لا بُـدَّ أن تتذكروا اسمه؟

طبعاً بنيامين نتنياهو من فترة يهدّد في هذا الموضوع، يعتقد أن اغتيال الشهيد ممكن أن يؤتيَ نتيجة، وبالتالي تكون رسالة بأنهم استطاعوا أن يصلوا إلى الداخل ويبدأون في عمل الاغتيالات، وطبعاً هذا الموضوع كما يعتقدون بأن المعلومة الموجودة عنده هي غير موجودة إلّا بدائرة الشهيد، لكن ليس هناك احتكار بمعلومة تقنية أَو عسكرية هي ضمن مجموعة تكون مسؤولة عن هذا العمل وتكون مسؤولة عن متابعات، فكلنا متوقعون أن نكون قيد الاغتيال، فيكون متجهزا طبعاً للبديل، والإجراءات وللتسليم والاستلام، وكل هذه الأمور طبعاً نخسر الشخص بصفته، لكن الدرجة العلمية ليس هناك أية خسارة؛ نتيجة وجود حلقة متكاملة تتناقل البيانات بينها كشبكة رقمية لنحافظ على هذا الإجراءات لنستمر في هذا العمل، فلا مشكلة منه، ولكن الإسرائيلي يعتقد بأنه استطاع أن يعملَ إنجازا للأسف.

 

  • ما الدور الذي لا بُـدَّ أن تقوم به الأنظمة العربية والإسلامية ممن تتحمل المسؤولية في نهضة الأُمَّــة تجاه هذا النوع من الحروب لتحقّق إذَا استطعنا القول (معادلة ردع) في عملية توازن الرعب في الجبهة العلمية في الوقت الذي يرتقي فيه العلماء شهداء بعمليات اغتيال؟

دول المحور تحاول الآن إعادة الهيكلة بالنسبة للشؤون الأمنية للاستعداد للمرحلة القادمة، هناك تغييرات وهناك تحَرّكات سواء في لبنان وفي سوريا وفي الجمهورية الإسلامية.

حملة الاعتقال إن بدأت في إيران لكل من لديهم ضلع في هذا الموضوع، محاولين أن نجد الخط النهائي؛ لأَنَّنا نعرف أن هؤلاء الذين نفذوا هم مرتزِقة، لكننا نريد أن نصل إلى رأس الأفعى وهو المرتكز الآن.

كُـلّ الاشتباهات تتوجّـه إلى الإمارات، وربما أمريكا خلفها والصهيوني خلفها، ولكنَّ الأهمَّ يجب أن نصل إلى قرائن التجريم المباشر، وقرائن التجريم المباشر هي تعطينا حق الرد، لكن بدون قرائن سيصعب الموضوع.

موضوع استشهاد القائدين المهندس والسيد سليماني، ذهب ترامب وأعلن أنه هو المسؤول عن هذا الأمر، وبالتالي كان الردُّ واضحًا بأنك أنت اعترفت، ولكن في حال عدم الاعتراف وعدم وجود قرائن يصعب أن نأتيَ بالرد المباشر تحت العلم الإيراني، فيكون هناك عمليات أُخرى.

 

  • اغتيال الشهيد العالم محسن فخري زاده جريمة إرهابية خطيرة وخسارة كبيرة على مستوى المنطقة.. فهل يشكل اغتياله خطورة على محور المقاومة؟

الواقع أن اغتيال زاده لا يشكل خطورة؛ لأَنَّنا جميعاً جاهزون للحرب لكن لم نبدأها، وبالتالي الموضوع يأتي بأننا الآن هو رادع، هذا الرادع يعطي مجالاً للتخلص من كُـلّ المنافقين الذي ممكن أن يستغلوا ليكونوا وقودا ويخربوا بلادهم، وطبعاً أنا أقصد في هذا الموضوع منافقي خلق، وبالتالي كان هناك حقوق إنسان تردع القيادات الأمنية بأن تقوم بإجراء دون مسبب بحجّـة أنهم مُجَـرّد معارضة، ولكن حينما يتحولون إلى إرهابيين، الأمر يختلف ويكون للدولة والقيادات الأمنية الحقُّ في الضبط والإحضار والاعتقال لأي شخص يشتبه به وحجزه لأجل غير مسمى، وبالتالي هذه الخطوة لن تؤدي إلى توتر المحور بقدر استعداد وتأهب المحور فيه.

 

  • يعتبر البعض أن عدم رّد طهران بشَكلٍ مُوجعٍ على الاستفزازات شجّع التّحالف الأمريكي الصهيوني على مُواصلة الاختراق الأمني وَكشف عن نقاط ضعف في أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية.. ما رأيكم في ذلك؟

عدم الرد لا يعني بأننا ضعفاء، ولا يعني عدم القدرة، ولكنَّ الطرف الآخر أحياناً يستفز الطرف الأول بعملية الرد المباشر، بحيث أنه يستثمر هذا الرد في اتّجاهات أُخرى، ولكن حفظ الرد إلى أن يكون الوقت مناسبا لجمع أكبر عدد من الأرباح والمكاسب من هذه المعركة، بحيث نحدّد الموضوع المتعلق بالتوتر الداخلي في الصهيوني الأمريكي وشاهدنا التوترات الموجودة في المستوطنات منذ استشهاده وحتى اليوم.

يعني خلال اليومين الماضيين كان واضحاً التوتراتُ في المستوطنات أن هناك مشاكل كبيرة وحتى في واشنطن هناك صراع خوفا من أن هناك بعض المذبذبين المستثمرين الجبناء يفكرون بمدى أبعد بأنهم لا يريدون حرباً ويريدون أن يحلوا الموضوع بسلام.

هؤلاء الناس يتحَرّكون الآن في واشنطن لردع الأمريكي وتأنيبه على ما فعل، فهنا تأتي العملية، نريد أن تستخدم فرق تسد بينهم حتى نصلَ إلى مرحلة الرعب الكامل، حينما يكون هناك إجراء يكون الإجراء حاسماً، ونستفز هؤلاء للانقلاب على قياداتهم ونضرب بعضهم ببعض، فهذه الفكرة من عملية حق الرد يحفظ استثمار الرعب عندهم طالما وهم يعلمون بقوتنا فيقومون باستجواب بعضهم البعض لماذا لم يضربوا طالما لديهم السلاح.. هذا يعني أنهم يخططون لشيء أكبر وأخطر ويعيشون في هذا الرعب.

 

  • وصف المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي أيه)، جون برينان، اغتيال فخري زاده بـ”العمل الإجرامي المتهور للغاية”.. هل يقصد بذلك تهدئة الوضع وجر إيران إلى حالة ضبط النفس؟ أم أنه يحاول تقريب وجهات النظر الأمريكية الإيرانية؟ أم أنه يقصد الخشية من رد محور المقاومة لا سيما طهران؟

مدير السي آي أيه السابق، يقصد ما يقول؛ لأَنَّه فعلا وهذا ما قلناه من حوالي عام ونصف بأن هناك انقساما ما بين الصهيوني واليهودي الصهيوني المستعمر، وأدواته في أمريكا المتمثلة في البنتاغون وجون بولتون وترامب والمستثمر اليهودي الذي يرى مصلحته ولو على حساب الإسرائيلي المتمثل في اللوردات في أمريكا والكونجرس الأمريكي وحزب جون بايدن وأوباما وجون كيري، هذان الحزبان المتضاربان ما بين مستعمر وأدواته وبين يهودي مستثمر وأدواته، وبالتالي هذا ما كنت أتكلم عنه في النقطة الماضية أننا نستثمر الصراع، خُصُوصاً أننا نستعمل عمل المرابحة والتهديد معاً، المرابحة بأننا ممكن أن نفتح استثمارات ونبدأ عهوداً جديدة، وهذا واضح مع روسيا والصين وبعض الدول التي عرضنا عليها إجراءات في التبادل التجاري، في نفس الوقت الترهيب من خلال السلاح الدفاعي الذي ممكن أن ينفعل في حال حاول أحدُهم الاعتداء على الجمهورية الإسلامية، فهم يستثمرون حالة الاستثمار بأن الجمهورية الإسلامية لم تقفل الباب في حال أن هناك استثمارا وهناك مفاوضات.

أميركا هي من خرج من المفاوضات، وبالتالي هي من تستثمر الحرب وتجر المنطقة إلى حرب كي ترضي الصهيوني، فإلى متى نبقى نغطي هذه الدولة العبرية، هذا هو ما يفكر فيه المستثمر اليهودي، ونحن نريد أن نهيج هذا المستثمر ونرفع صوته، وبالتالي ينقلب على حكومته ويضربون بعضهم ببعض؛ كي نستثمر هذا الموضوع ضد الهيمنة الأمريكية في المنطقة.

 

  • لماذا جاءت عملية اغتيال الشهيد العالم محسن فخري زاده في هذا التوقيت؟

هذا التوقيت؛ لأَنَّ أمريكا قالت سيكون هناك ضربة لإيران ضربة لإيران، ضربة لإيران، كنا نتوقع أن الضربة ستكون لسوريا ويقولون بأننا استهدفنا حرسا كما يدعون دائماً وبنفس الوقت يقولون بأن هذا الرد، وَهذه العمليات كلها استنزاف الضفة الغربية من الخليج الفارسي كي يبتزوهم لباقي البترول الموجود، وبنفس الوقت جرعة من المخدر الصهيوني كي يطمئن بأن كُـلّ الأموال التي سرقت هي للمشروع، ما زالت ليس كما أعتقد الإسرائيلي أن كُـلّ هذه الأموال تعود فقط لواشنطن، وأنهم فعلوا صفقة القرن فقط كمظلة ليخرجوا كُـلّ هذا النفط دون أن يشعر الإسرائيلي والذي اضطر من خلالها الإسرائيلي أن يطبع مع الخلجان ليقف خلف النفط ويرى كيف سيخرج النفط.

ولكن في هذه العملية أعطوهم جرعة مخدرة إضافية للصهيوني، ليطمئن بأنها ما زلنا على العهد بالدولة العبرية الكبيرة، وَطبعاً هذا الموضوع يريدون أن يمرروا فيه هذه المرحلة حتى يستلم بايدن، وبعد أن يمكنوا بايدن من الحكم سنجد إجراءات مختلفة عما هي اليوم.

 

  • برأيكم هل ستتجه طهران باتّجاه مواجهة عسكرية في ظل الضغوط الداخلية المتصاعدة في الداخل الإيراني المطالبة بالانتقام؟

نحن في الجمهورية الإسلامية، كانت أمورنا واضحة منذ اليوم الأول، لن نأتي بالطلقة الأولى، هذا الموضوع منتهٍ الآن.

أعود وأقول إن كانت هناك أدوات تجريم استطعنا من خلال التحقيقات أن نضبط هؤلاء الناس الموجودين في واشنطن أَو في أبو ظبي أَو في تل أبيب متورطين بالصفة المباشرة، سيكون الرد بالصفة المباشرة، إن لم يكن هناك صفة مباشرة كما فعلوا نحن سنفعل، يعني لا أحد يأتي ويجرم الجمهورية الإسلامية، أن انفجرت إحدى القطع الأمريكية في الخليج وإن تم استهداف قطع ولم يتبنَّ أحد هذا الاستهداف، وبالتالي العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم.

 

  • بعد اغتيال الشهيد القائد سليماني مباشرةً لجأت واشنطن للتهدئة مع طهران عبر رسالة خطية أوصلتها الأولى عبر جنيف، وكانت تلك الرسالة تتودد طهران بالرد بالمثل لا بأكثر.. فهل تلقت إيران رسالة مماثلة من أميركا تطالب بالتهدئة بعد اغتيال الشهيد العالم زاده؟

لا يمكن أن تأتيَ واشنطن بهذه الرسالة المتعلقة بزيادة كما قامت بذلك في سليماني.

هذا الموضوع مستحيل؛ لأَنَّ هذا يعني تجريماً مباشراً بأن واشنطن تعترف، وواشنطن لم تعترف ولن تعترف طالما أنه ليس هناك أدوات تجريم لواشنطن، وبالتالي كيف سيعتذرون أَو يهدئوا الوضع في جريمة لم يعترفوا بها، ولم يتم ضبط القرائن فيها، وبالتالي كيف سيقومون بالتهدئة.

إن جرمت واشنطن وتبينت من خلال إجراءات مسجلة أنها متورطة، ممكن بعض الجهات العقلانية في واشنطن تعطي وعداً للجمهورية الإسلامية أن كُـلَّ ما صدر سيتعدل، وأن هناك ضمانات جديدة وهذا ما نتوقعه من بايدن انطلاقا من باراك أوباما وجون كيري؛ لذلك نحن نتأمل الآن وننتظر كيري أن يحاول الاتصال بالدكتور ظريف لفتح اتّفاقيات جديدة.

 

  • رد طهران على اغتيال سليماني كان عسكريًّا بضرب القواعد الأمريكية في العراق.. فكيف سيكون الرد على اغتيال العالم النووي زاده في ميدان حرب الأدمغة؟

كما قلت سابقًا، كان الردُّ على استشهاد القائدين؛ لأَنَّ واشنطن خرجت وقالت نحن فعلناها، فمثلاً خرجت تظاهرت في واشنطن وقالت إن استشهاد القائدين ليس متعلقا بواشنطن، وليس لنا علاقة كان يصعب قصف عين الأسد؛ لأَنَّه ليس تجريما، وكانت واشنطن خرجت وقلبت الدنيا في اليوم الثاني بدعوات على الإجراءات الإيرانية في استهداف قطع أمريكية دون سبب اعترافهم بها، وَكان لدينا القوة في هذا الموضوع.

الآن إن لم يعترفوا ولم يكن لدينا قرائن تجريم، فكيف سيكون الرد على هذا الإجراء، الرد سيكون بشكل غير مباشر ولكن دون بصمات، إن لا قدر الله لم نستطع التجريم وطبعاًً بالدرجة الأولى وفي الحالتين منافقو خلق سيكونون قيد الاعتقال والتحقيق لمعرفة من خلفهم، ولدينا أجهزة أمنية قادرة أن تخرج المعلومات منهم بطريقة أَو بأُخرى.

 

  • برأيكم كم نسبة تورط العَدُوَّان الأمريكي الإسرائيلي في عملية اغتيال زاده؟ وما مظاهر ذلك التورط؟

حتما، هم المدبرون للعملية، منافقو خلق هم فقط أدوات تنفيذ ولربما الوسيط الإماراتي، والمنسق الأَسَاسي أميركي صهيوني، هذا أمر غير قابل للنقاش، لكن المشكلة هنا بالتجريم، نعود ونقول يجب أن يكون هناك قرائن تجريم.

نحن متيقنون أن الإمارات فعلتها وأن أمريكا فعلتها، وَلكن للأسف نحن لدينا حلفاء متذبذبون، لا الروس ولا الصين يمكن أن توافق وتبقى إلى جانبنا إن قمنا بإجراء غير مستند على قرائن وهذه مشكلة؛ لذلك نقول لتنتهي أولا التحقيقات ونخرج بالقرائن، والقرائن التي سترتمي في شباكنا هي من تحدّد متى وضوح واتّجاه الرد، وهذا لا يعني أن الردَّ لن يكون، ولكن هل سيكون بالصفة والصيانة المباشرة أم سيكون بالصفة الضبابية، بحيث أننا نوجع أعداءنا بقوة دون أن نضع بصمات عليها، ونهاية التحقيقات هي من تحدّد بأي اتّجاه سيكون الرد.

 

  • هل يعتبر اغتيال الشهيد زاده خرقاً آخرَ للاتّفاق النووي؟ وما نسبة تأثير هذا الخرق الخطير على صمود الاتّفاق؟

اغتيال الشهيد ليس لديه علاقة بالاتّفاق النووي أصلا، فالشهيد لم يكن من أحد الرموز القائمين في جنيف، لنقول إنهم مثلا يريدونه حتى وإن كان هذا لا يؤثر لا من قريب ولا من بعيد أَو إجبار الجمهورية على العودة إلى الاتّفاق النووي.

نحن الذي اتفقنا عليه، وشروطنا كانت واضحة لنعود عليه، هناك قنوات يجب أن تحقّق، إن لم تحقّق هذه القنوات لن نعود على الطاولة المستديرة مع الخمسة زايد واحد.

هذا الموضوع مُنتهٍ وغير قابل للنقاش، لا حرف زايد ولا حرف ناقص، والإجراءات المتعلقة في التقنيات السلمية قائمة ولن تتغير ولن نتراجع عنها، إن كانت واشنطن وإن كان الرئيس يريد التفاوض نحن مستعدون بشروطنا المنطقية التي تحفظ حقَّ الشعب الإيراني في عملية استخدام الطاقة النووية بناء عليها مسجلة في الأمم المتحدة وبنفس الوقت تمنع أي رئيس أميركي أن يخرب مرة ثانية ويعطل أعمالنا؛ مِن أجلِ أهداف في ذهنه تخدم الصهيوني، هذا الموضوع منتهٍ وليس له أية علاقة بموضوع الاغتيال أبداً.

 

  • الجميع يصف عملية اغتيال زاده بذلك التخطيط والتدبير، بالاختراق الأمني الكبير.. فما جديد الأجهزة الأمنية في طهران لحماية القادة والعلماء؟

(قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا)، الأجهزة الأمنية قامت بدورها، التأمينات كانت قائمة والإجراءات قائمة، والعملية قامت الأجهزة الأمنية بما يقدرون في عملية الحماية.

صراحة يعني كُـلّ ما يمكن تقديمه لا يمكن أن نقول إن هناك خروقات أَو إهمالاً في التأمين، ولكن طبعاً هناك إجراءات أحياناً في نقاط ضعف في الإجراءات، يؤكّـد أن منافقي خلق كانوا على مثل في المتابعة والمعايرة في عملية التحَرّكات، واستطاعوا أن يحدّدوا بالحركة بعملية الانتقال، وقاموا بهذا العمل التخريبي، وطبعاً سيكون هناك إجراءات جديدة الآن وتأمينات جديدة حتما، لكن هذا لا يعني أن هناك اختراقاً للأجهزة الأمنية أَو ضعفا أَو تقصيرا أَو خيانة.

 

  • تحاول الإدارة الأمريكية الراهنة استغلال ما تبقى من فترتها للزج بالعديد من الأوراق وخلطها حتى يأتي بايدن ليعيد الترتيب، وربما تكون كُـلّ الأوراق تستهدف إيران.. كيف تعلقون على هذه النقطة؟

ترامب يحاول على كثب هو ومستشاروه بعملية زرع الألغام لبايدن، الألغام القانونية والسياسية والعسكرية ومحاولة إعطاء الولاء الصهيوني بأني لليوم الأخير في مكتبي لم أخرج إلّا وأنا أعلن الحرب على إيران وحزب الله، فهنا العملية لا أعتقد أن الموضوع يأتي بكثب؛ لذلك الرد الآن ممكن أن يتأخر.

نريد أن نسمع نص بايدن، هل بايدن سيدخل إلى البيت الأبيض ويقول كُـلّ ما فعله ترامب إجرام وأنا مستعد لكل شيء.. طيب ما هذا انتصار أكبر من الرد في هذه الحالة أن أميركا رفعت الراية البيضاء وأعطتنا كُـلَّ ما نريد حتى وإن وصلت العملية لأن ننسق على اليمن وننسق على فلسطين، هذا أمر جِـدًّا مهم، هل من الأرجح أن نأتي بضربة عسكرية عليهم اليوم وننهي الموضوع أم نتركهم في رعب لا يعرفون أين الضرب سيكون وبأي حجم الذي يجعلهم ينهارون، هذا أكبر استثمار، وبالتالي تأتي عملية التريث والتفكر باستثمار حق الرد بأعلى مستوى من العوائد بالمكاسب.

 

  • ختامًا.. ما رسالتك لدول محور المقاومة من موقعك وجبهتك؟

رسالتنا للمحور هو التماسك، علينا أن ننظرَ إلى بعدها، انتهت الأمور وقطعنا أشواطاً كثيرة، والأن نحن بدأنا بالدخول في مرحلة الحصاد، فلا داعيَ أن يكون هناك انهزامٌ في العزيمة وتراجُعٌ في القوة بالتشكيك في قياداتنا.

كيف سيكون الرد، نعلم أنه هناك ألم، ونعلم أن هناك ضغوطاتٍ، ونعلم أنه بدأ اليأس ويأتي من هنا وهناك، يعلم الجميع أن الجميع تحت هذا المجهر القاسي ليس في أعلى فئة، وبالتالي نحن في بداية الحصر لهذه الانتصارات إن شاء الله.

علينا أن نتماسكَ وأن نتخطّى المشاكل نعطي الحلبة لمن هو أقوى ليكمل هذه المعركة، نعطيه الشعلة، كما أن السلاح الآن في لبنان معطلا ليس لأَنَّه معطل، ولكن لأَنَّ المعركة انتقلت لليمن وسوريا، وبالتالي علينا أن نركز ونتماسك لنكون خمس أصابع في يد واحدة قبضتها من فولاذ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com