لحظة صدق لا انقلاب

 

د. مهيوب الحسام

لم تكن تلك اللحظةُ من منتصف يوم 2 ديسمبر 2017م لحظة انقلاب من زعيم وقائد نظام العهد الوصائي وسلطة نظام الوصاية عفاش أبداً، بل كانت تمثّل أول لحظة صدق في حياته كلها، فقد كان في تلك اللحظة منسجماً مع نفسه وحقيقته ولأول مرة كان صادقاً مع نفسه وتاريخه ومع الشعب.

فقد عاش عفاش طوالَ عمره مراوغًا كاذبًا منقلبًا على حقيقة نفسه، ومنقلبا على أخلاق شعبه وعلى وقيمه وثقافته وهُــوِيَّته الإيمانية وفطرته الإنسانية، منقلباً على كُـلِّ شيء سوي في هذا الوطن وهذا الشعب، فقد عاش عميلا للأجنبي الصهيوأمريكي الأصيل وأداته التنفيذية الأعرابية أسرة بني سعود، خائنا لشعبه ووطنه، ناقضاً لكل العهود والمواثيق، ناهبا لخيرات الشعب، مفرطا بسيادة الوطن وحرية الشعب اليمني العظيم واستقلاله.

لم يكن كثيرٌ من أبناء هذا الشعب اليمني العظيم يعرف حقيقته وحقيقة نظام العهد الوصائي الذي يقوده ويرأس سلطته وما قام بها من جرائم بحق هذا الشعب منذ توليه السلطة في العام 1977م، ومن قبل توليه، فقد كان عميلا للأجانب من أعداء الله ورسوله وأعداء هذا الشعب، منفذا لمشاريعهم ومحقّقا لرغباتهم وأطماعهم على حساب هذا الشعب وعزته وكرامته، فبدأ وبتوجيهات الصهيوأمريكي باستهداف وقتل قيادة هذا الشعب الصادقة معه الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، وتصفية وإبعاد كُـلّ قياداته الشريفة والرجال الوطنيين الصادقين المخلصين.

لقد أجرم رئيسُ النظام الوصائي بحق الشعب اليمني -إنساناً وأرضاً- إجراماً لم يسبقه إليه أحدٌ في التاريخ، وعلى رأسها عفاش وسلطته سلطة الوصاية بوجهها الثلاثي الأبعاد المتمثلة برئيس السلطة وحزب وأحزاب سلطة عهده الوصائي المعارضة معه لحرية هذا الشعب واستقلاله وسيادته، والوجه الثالث المتمثّل بعسكر السلطة من مليشيات حرس الرئيس ومليشيات فرقة حرس أحزاب تقاسم السلطة وحماتها.

لو لم يكن من جرائم رئيس سلطة نظام العهد الوصائي بحق هذا الشعب، إلا قيامُه بتنفيذ مشروع الصهيوأمريكي الاستعماري مشروع “الحرب الناعمة”، لكانت كافيةً بأن يفضحه الله ويخزيه، فأبى الله إلا أن يظهر لهذا الشعب المظلوم حقيقة هذا الرئيس وحقيقة نظامه الوصائي الإجرامي ويفضحه على رؤوس الأشهاد ويكشفه على الملأ وبلسانه.

هذا المشروع المستهدف لثقافة هذا الشعب ووعيه وهُــوِيَّته وعزته وكرامته، كرّس التجهيل سعيا منه لتطويعه وتدجينه وتعبيده له، فعمل على تأسيس وزرع جماعات الفكر الوهَّـابي وتمكينه من مساجد ومدارس ومعاهد وجامعات هذا الشعب، وإعداد مناهجه المنحرفة وفكره الضال ونشره وتجريعه للأجيال زمناً طويلاً ممتداً لعشرات السنين، وكان هذا العدوان الناعم تهيئةً للقبول بهذا العدوان المباشر وتوطئة له، وبالتالي فهو أكثر جرما بحق هذا الشعب وأخطر عليه ألفَ مرة من العدوان المباشر الحاصل منذ ست سنوات، وقد أثّر تأثيراً كَبيراً وأتى أكلَه في كثير من المناحي.

ونحن نعيشُ الذكرى الثالثة لذكرى انقلاب 2 ديسمبر 2017م على الاتّفاق الوطني الناقض للعهد، حريٌّ بنا القولُ بأنه لم يكن هذا العدوان المجرم الظالم الحاصل على الشعب اليمني منذ ست سنوات عدوان صدفة أَو وليد اللحظة، بل كان مخطّطاً له منذ عشرات السنوات التي سبقت ومُعَدًّا له من الخارج ومن قبل أيدي العدوان وأذرعه في الداخل المتمثلة بالعهد الوصائي ورئيسه عفاش.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com