الذكرى الـ53 ليوم الجلاء والاحتلال الجديد

 

عبدُالقوي السباعي

الثلاثون من نوفمبر، يومٌ من الأيّام الفارقة والمفصلية في تاريخ اليمن الحديث، وذكرى تعنونت بطرد آخر جندي بريطاني، ورحيل كابوس الاستعمار البغيض، وأشرقت فيه على أرض الجنوب اليمني الحبيب شمسُ الحرية، التي لأجلها قدّم الثوارُ أرواحهم الطاهرة ونفوسهم الزاكية، وارتوت الأرض بدمائهم وتضحياتهم، ولا زالت ينابيع مآثرهم حاضرةً وخالدة، تنهل منها الأجيال اليمنية المتعاقبة، مستعدين للتضحية بأرواحهم لأجل الحرية والاستقلال في أيِّ زمانٍ ومكان، ففي مثل هذا اليوم سطّر اليمانيون أروع صفحات التاريخ النضالية.

في هذه الذكرى التي كان للثوار الأحرار ولكل أبناء الشعب اليمني في تلك الحقبة، الفخر في صناعة جزء مهم من تاريخنا المعاصر، فلهم السلام والمجد والخلود، والتحية أَيْـضاً للشعب الذي يستعد اليوم لطرد الوجود الأمريكي والسعودي والإماراتي من اليمن؛ باعتبَار هذا التواجد بصمةَ خزي ووصمة عار سيدوسها اليمنيون بأقدامهم، ويمضون فوق أشلاء الغزاة والمحتلّين، ويحيلونهم إلى مزبلة التاريخ.

هَـا هو الجيل اليمني اليوم، يسير على خُطَى الرعيل الأول من الثوار والأحرار، تحدوهم العزيمة والإصرار، محافظين على العهد والقسم، بأنهم لم ولن يخونوا دماء الشهداء التي بذلت رخيصة فداء لتحرير الوطن من براثن الاستعمار البريطاني، وأنهم لم ولن يقبلوا بأيِّ مستعمرٍ باغٍ جديد، ولعلها مناسبة كي يدرك فيها الطامعون ببلادنا، بأن فيها رجالاً سيعيدون الـ30 من نوفمبر سيرتها الأولى.

وما احتفاؤنا اليوم بذكرى الجلاء إلّا إشعارٌ طارئ يبعث رسالة قوية للمحتلّ الجديد الواهم، بأنه ليس باستطاعته أن يمكثَ في عدن والجنوب ولن يحقّق فيها مأربه، فكل الشواهد والوقائع تقول لهم: في مثل هذا اليوم خرجت من عدن والجنوب بريطانيا العظمى، الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فكيف بمن لا تعرف الشمس لهم طريقا، وليس لهم تحت ظلها من تاريخ، غير فترةٍ لا تتجاوز عمر عُش عصفورٍ في إحدى أشجارها المعمرة؟!

ولن يطيل بقاءَ الاحتلال الجديد، انبطاحُ وحقارة وتقاعس المرتزِقة والأذناب ممن يسمون أنفسهم حكومة الشرعية الإخوانية، وطوارق العفافيش الرجعية، ومجالس التشظي الانتقالية، عن كُـلِّ ما يُحاك ضد اليمن الأرض والإنسان، وحتى عن الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية وتجسيد روحيتها؛ خوفاً من إسقاطات قد تُزعج قوى التحالف في الرياض وأبو ظبي ومن ورائها واشنطن ولندن، كما كان تجاهلهم وتقاعسهم عن هذه المناسبة وغيرها من المناسبات الوطنية في الأعوام الماضية، الأمر الذي ساهم بفضح أهدافهم وتعرية توجّـهاتهم القديمة والحديثة، وبات معروفا عنهم أن لا قضية لهم ولا مشروع.

ولما تكتسبه هذه المناسبة العظيمة من أهميّةٍ في ظل الأوضاع المُعقدة التي تمر بها المحافظات الجنوبية في الوقت الراهن، تجعلنا نقارن بين أوضاع الجنوب في ظل الاحتلال البريطاني البغيض، وبين ما تقاسيه المحافظات الجنوبية اليوم، في ظل سيطرة تحالف الشر والعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني وأدواته على المنطقة، والتي انعكست في الماضي، برفضٍ شعبي عارم للاحتلال الأول وتم طردُه، هناك مؤشرات إيجابية لأن تنعكسَ على الجنوبيين اليوم، برفض الاحتلال الجديد، وكل أدواته وأذنابه غير المشروعة، والتي لا تحمل أية قيمة حضارية، بل تعتمد على نشر العنف والفوضى وثقافة الإرهاب والتطرف.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com