مقارنة بين إيران وعرب الخيانة والتطبيع!

 

المحامي زيد عمر نابلسي *

في كُـلِّ مرةٍ، تغتالُ أيادي الغدر الموسادية عالماً أَو قائداً عسكريًّا إيرانياً، يخرُجُ علينا جماعة “فخّار يكسر بعضه” بشماتتهم العجيبة..

في لبنان مثلاً، يخرج عليك جماعة شو دخلنا نحن الفينيقيين بصراعات إيران مع إسرائيل، ويتناسى هذا الجهبذُ أن عاصمتَه استبيحت وقصفت وسويت بالأرض لثلاثة أشهر متتالية في صيف 1982، وأن قومَه وشعبَه كانوا يجلسون على خوازيق التعذيب في معسكر الخيام لمدة 18 عاماً قبل أن يحرّرهم رجالٌ أشداء لم يتلقوا بندقيةً واحدةً من العرب، ولم يقف بجانبهم في هذا الكوكبِ سوى سوريا الأسد وإيران، الذين لولا دعمُهم اللامحدود لكان الإسرائيلي لا زال يعربد اليوم في بعبدا والشوف والمتن وكسروان ويدوس على كراماتكم كُـلّ يوم عن طريق مقر الحاكم العسكري الجديد في معراب..

في العراق، يخرج عليك جماعة إيران تتدخل في شؤوننا، ويتناسى هذا الفلتةُ أن إيران لم تدخل بثقلها السياسي إلى العراق إلا بعد أن فتك به العربُ عندما استقدموا جحافلَ جورج دبليو بوش لتدمّـرَ البلد عن بكرة أبيه وتحطم بنيته التحتية وتعدم رئيسه وتقتل شعبه وتعذبهم وتذلهم في أبو غريب، وبعد أن سمحوا لرامسفيلد أن يستبيح متاحفَ العراق ويزرع ترابَه باليورانيوم المخضَّب لمليار سنة قادمة، وبعد أن أرسل لهم العربُ كُـلَّ دواعش الأرض مع المفخخات اليومية لتفجير أسواقهم ومساجدهم وحسينياتهم ومراقد أئمتهم وبيوت عزائهم وحتى ملاعب كرة قدمهم..

يخرج عليك جهبذٌ آخر فيقول لك: إن إيران تتاجر بالقضية الفلسطينية لتوسيع نفوذها!!

يا عزيزي العبقري، أما بعدُ، فَـإنَّ التجارةَ هي نشاطٌ يهدفُ إلى الربح، فأتحفنا بربك ماذا ربحت إيران من كُـلّ التضحيات التي قدمتها؛ مِن أجلِك ومن أجل قضيتك؟

ماذا ربح سليماني عندما أفنى شبابَه لإيصال السلاح إلى الفصائل الفلسطينية، وماذا ربح رحمه الله عندما كرّس حياتَه ودمَه وعرقه وتعبَه لمحاربة أشرس وحوش تكفيرية دموية عرفها التاريخ في سوريا والعراق؟

ماذا ربحت إيران عندما أرسلت جنرالاتِها وخبراءها لكيلا يُقتل أطفالُك ولكيلا تُسبى نساؤك ويُحرَق تراثُك وتاريخك ومدنك الأثرية ولكيلا يحكمُك مجاهدو النكاح ويجزوا رقبتَك في الشوارع على صيحات التكبير؟

هل تعلم عزيزي الخائف من “النفوذ الإيراني” أن إيران لو أنها غداً صباحاً قرّرت أن تلقيَ بفلسطين وقضيتها في سلة الزبالة، ولو أن القيادةَ الإيرانية قرّرت أن ترتميَ في أحضان نتنياهو كما فعل إردوغان في حزيران/ يونيو 2016 عندما أعاد توقيع كافة معاهدات التطبيع والتعاون مع الكيان الصهيوني في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتجارية والاستخباراتية، لتحولت إيران في لمح البصر إلى سنغافورة الشرق الأوسخ بأكمله، ولاصطفَّت الشركاتُ الكبرى على الطوابير للتجارة مع إيران، ولفرشوا لقادتها السجادَ الأحمرَ في البيت الأبيض، وأقاموا لهم الموائد والأفراح والليالي الملاح؟

يا لها من حالةٍ مَرَضية عجيبةٍ غيرِ مسبوقة في تاريخ الشعوب عندما يعادي العربي أصدقاءَه ويصادقُ أعداءَه، ويا له من عارٍ وعيبٍ وقلةِ أخلاق أن يشمَتَ عربي في مقتل هذا الصديق على يد سارق أرضنا ومشرِّدِ أهلنا ومحتلّ أوطاننا.

* كاتب أردني

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com