حتى يمكن القول إن الجبهة القضائية توازي الجبهة العسكرية

 

عبدالإله محمد الشامي

قدمت أمس السلطةُ القضائية بصنعاءَ بمختلفِ هيئاتها وإداراتها قافلةً ماليةً للجيش واللجان الشعبيّة تجاوزت قيمتُها الواحد والعشرين مليونَ ريال، وهذا بذلٌ مشكورٌ ومكتوب، وبهذه المناسبة وجّهت قيادات السلطة القضائية رسائلَ وتوجيهاتٍ هامة للقضاة في المحاكم والنيابات العامة بمختلف درجاتها بضرورة القيام بدورهم وواجباتهم في تحقيق العدل وإنصاف المظلومين..

وإذا كان أبناء الجيش واللجان في الجبهات العسكرية، فَـإنَّ القضاة جبهاتهم مكاتبهم ومحاكمهم وعدلهم بين الناس، فإذا استطعنا تحقيق ذلك فَـإنَّنا نوازي ما تقدمه القوة الصاروخية والعسكرية في الميدان، وأن السلطة القضائية تمثل الحامي الأول لظهر الجيش واللجان الشعبيّة، واختلال العدل يمثل طعنةً من الخلف وقتلاً مباشراً لهم.

ويجب عليهم وهم في مكاتبهم استشعار المسؤولية وَمعاناة الجيش واللجان الشعبيّة والذين بفضلهم وبفضل الله استمرت الجبهة القضائية في صمودها وثباتها منذ بداية العدوان والحصار الظالم وحتى الآن، تلك أهم ما ورد من توجيهات للقضاة والنيابة العامة من قبل رئيس مجلس القضاء ووزير العدل والنائب العام، والأهم هو التطبيق وأن يلتمس المواطنُ من القائمين على قوس العدالة الإنصافَ وسرعةَ التصرف بالقضايا والفصل فيها، بحيث يكون لكل قضية بداية ونهاية محدّدتان لا تتجاوز ثلاثة أشهر، لا أن يظل المواطنون أُسارى المحاكم والنيابات كأسارى الحروب لسنوات؛ بسَببِ التطويل في إجراءات التقاضي، إذ تتخذ النيابة العامة من المدد القانونية الممنوحة لها للتصرف بالقضايا والتي تصل إلى ستة أشهر فرصةً للتطويل أثناء التحقيق، ثم غياب ممثل النيابة العامة في جلسات المحاكمة لمن قدمتهم متهمين أمام المحكمة الابتدائية وكذا الاستئنافية فيضطر قضاة المحاكم لرفع الجلسات لعدم حضور ممثل النيابة والتأجيل من شهر إلى آخر.

معظم الجلسات تصل إلى سنوات لعدم حضور ممثل النيابة، وإن حضر عضو النيابة جلسةً بالشهر غاب في الثانية ويخلفه عضوٌ آخرُ بعد مدة لم يتولَّ التحقيق في القضية ويطلب منحَه فرصةً للاطلاع على مِلف القضية، ولا يطلع ولا يحضر في الموعد المحدّد، ويأتي آخر ويطلب نفس طلب زميله السابق!!

أما إحضار المتهم أَو ضامنه أَو إعلان المجني عليه والمدعي بالحق المدني التي تكلف المحكمة النيابة بإعلانهم وإحضارهم فتلك مأساة أُخرى! فغالب القضايا تؤجل لعدم الإعلان من سلف ذكرهم أَو إحضار المتهم من السجن..

وهكذا وحدث بلا حرج والواقع يشهد، وهو ما ينبغي إعادة النظر والتعديل في قانون الإجراءات الجزائية، ومنها ما يخص مدة التحقيق للنيابة العامة وكذا حضورها جلسات المحاكمة الذي يعبره القانون الحالي وجوبياً وإلا بَطُلت الجلسة وتؤجل إلى موعد آخر!!.. وذلك بوضع نص لا يقيد المحكمة (القاضي الجزائي) بحضور النيابة كُـلّ جلسات المحاكمة!!

وكذا إلزام المحاكم بتطبيق النص القانوني من قانون الإجراءَات الجزائية الذي يوجِب على القاضي نظرَ الجلسات بصورة متتابعة لا كما هو الحال ما بين جلسة وأُخرى شهر ويصل بعضُها مدةَ الاستبعاد شهرين.

هذا التطويل نجده أَيْـضاً في القضايا المدَنية والشُّعَب الاستئنافية بمختلف أنواعها، ولا معقب ولا رادع لهم من أمن التفتيش القضائي ولا من ضمير القاضي الإنساني يرده عن هذا التطويل لأمد النزاع الذي يرهق كاهل المتقاضين ويكبدهم خسائرَ مادية ومعنوية كبيرة، بالإضافة إلى عدم وضع حَــدٍّ للدفع في الخصومات من قبل البعض والتأجيل لمزاعمه لأكثرَ من ثلاث جلسات لنفس السبب، وما بين كُـلّ جلسة وأخرى شهر فرصة يفتهن القاضي!!

وهكذا نجد العدالة البطيئة والظلم سيان، وإيصال الحقوق عبر أطول الطرق وليس أقصرها، وهذا ما يتنافى مع شريعتنا وديننا الإسلامي والهدي القرآني وقواعد العدالة التي أمر بها، وخطابات ومحاضرات قائد المسيرة والثورة الرمضانية منها وغيرها وتوجيهات رئيس المجلس السياسي الأخيرة لمجلس القضاء (القضاء دعوى وإجَابَة)! ومن هنا يمكن القول بأن الجبهةَ القضائية توازي الجبهة العسكرية!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com