يوم الحب الأعظم في زمن هرولة الخونة

 

علي الزهري

يوم الخميس بتاريخ الثاني عشر من ربيع الأول من العام ألف أربعمِئة واثنين وأربعين للهجرة، والحدث ذكرى المولد النبوي الشريف، هذا الحدث الإسلامي الإنساني الكبير الذي كان سيكون عابراً هامشياً كما سعى ويسعى له المطبعون العرب منذ عقود من الزمن عبر فتاوى البلاط الملكي الوهَّـابي التكفيري، التي تُبَدِّع الحفاوة برسول الإنسانية وتسوق المبرّرات على عدم أهميّة ذلك ومشروعيته، لكن الأنصار في يمن الإيمان والحكمة حالوا دون ذلك، كما حالوا دون إجهاض المشروع المحمدي فجر الإسلام، فما إن أذّن فيهم قائد الثورة في افتتاح الفعاليات والأنشطة التحضيرية لمناسبة المولد النبوي الشريف داعياً لخروج مشرف وغير مسبوق في يوم المناسبة حتى أتوا إلى الساحات والميادين رجالاً وعلى كُـلّ ضامر وخرجوا من كُـلّ فج عميق، رغم ظروفهم التي يعرفها كُـلُّ العالم وأزمتهم الإنسانية المتفاقمة جراء العدوان والحصار الخانق عليهم.

فكان الحشد العظيم في خمس عشرة ساحة واثنتي عشرة محافظة، موزعة على ربوع اليمن الكبير بجغرافيته وشموخ أبنائه، فمن حيث الشكل كان المشهد المليوني المحمدي المشرف المهيب اللائق بالمحتفى به، حتى أن عدسات الكاميرات الثابتة والمتحَرّكة والطائرة لم تتمكّن من الوصول إلى نهايات الجموع، رغم كُـلّ المحاولات الخبيثة إعلامياً وأمنيًّا التي سبقت المناسبة للتأثير على مستوى الحضور، وكان النجاح التنظيمي الكبير حليف كُـلّ اللجان في مختلف المجالات، وخلت المناسبةُ من أيِّ حادث أمني بفضل الله وجهود وتعاون كُـلّ الشرفاء، وما إن انتهت الفعاليات الجماهيرية الحاشدة ميدانيًّا حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالمشاهد والصور، وكلٌّ يتباهى بنشر صور مشاركته وتسجيل حضوره تحت هشتاق المولد النبوي الشريف.

وفي المضمون لم تكن مناسبة شكلية كرنفالية دون تجسد القيم المحمدية النبيلة الإنسانية، فتم إطلاق مشاريع المولد النبوي الشريف من قبل الهيئة العامة للزكاة بقيمة مليارين ومئتين وخمسة وثلاثين مليون ريال، تشمل كفالة خمسة آلاف من الأيتام في عموم المحافظات على مدار العام بقيمة ستمِئة مليون ريال، ومشروع العرس الجماعي الشامل للفقراء والمساكين لعدد ألف مستفيد بقيمة سبعمِئة مليون ريال، ومشروع “دعامة الحياة” بمركز القلب في المستشفى العسكري الذي سيخصّص للفقراء والمساكين بقيمة سبعمِئة ألف دولار.

كما تتضمن المشاريع توزيع الحقيبة المدرسية على أبناء الشهداء لعدد عشرين ألفَ مستفيد بقيمة مِئة وعشرين مليون ريال، وتوزيع المساعدات العينية للعاجزين عن العمل المتمثلة بستة أقداح من الحبوب لكل مستحق لعدد عشرة آلاف مستفيد، ومشروع توزيع الهدايا النقدية والعينية للجرحى من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة لعدد ألف وخمسمِئة مستفيد بقيمة خمسة عشر مليون ريال، وهذا يجسد عمليًّا القيم المحمدية ويدحض الإنسانية الزائفة لقوى العدوان وذبابها الإلكتروني التي تتباكى على الفقراء وتطالب بتخصيص مستحقات الزينة التي يبادر بها المواطنون للفقراء، في نفاق واضح وجلي وهي التي سعت لقتل الناس وحصارهم وقطع مرتباتهم وأرزاقهم، وَإلى جانب المشاريع الرسمية لهيئة الزكاة انطلقت المبادرات الشعبيّة بقوافل الرسول الأعظم لرفد جبهات العزة والشرف بالرجال والمال والسلاح وكل ما لذ وطاب بكلِّ سخاء، وقبل المناسبة انطلق مهرجانُ الرسول الأعظم في دورته السابعة وهو مهرجان فني وثقافي للإبداع.

كُـلُّ هذا الحراك الجميل لهذا الشعب الكبير الشامخ وهذه المواقف المشرفة والهرولة بكل حب وحماس لتبجيل سيد الخلق وتعظيمه والاقتدَاء به وإحياء سنته، تأتي في زمن هرولة الخونة إلى حضن أعداء الله ورسوله والإنسانية والأمة، وتعالي الإساءَات لرسول الله، وبين الهرولتين ما بين المشرق والمغرب والثرى والثريا.

هذا جزءٌ من المشهد اليمني العظيم، هذا نحن وهذه أفعالُنا.. فهل من منافس؟!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com