معظم الأراضي اليمنية تعرضت للغارات بالقنابل العنقودية وجمعنا 800 ألف قنبلة عنقودية في نهم والجوف وصعدة

مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام اللواء علي عبدالله صفرة لـ “المسيرة”:

 

المسيرة- حاوره أيمن قائد

أكّـد المديرُ العام للمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام، اللواء علي عبدالله صفرة، أن العدوان الأمريكي السعودي ألقى الآلاف من القنابل العنقودية على معظم الأراضي في الجمهورية اليمنية، وأن نسبةً كبيرةً من القنابل العنقودية لا تنفجر وتصبح ألغاماً أرضية تهدّد حياة المواطنين لعشرات السنين.

وقال اللواء صفرة في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن مديرية باقم في صعدة وميدي وحرض وصروح ونهم ومعظم مناطق الشريط الساحلي أكثر الميادين لاستخدام هذه القنابل وأن العدوان الأمريكي السعودي ألقى قنابل عنقودية على أحياء العاصمة صنعاء مثل السنينة والرباط وحي الزراعة وشارع الكويت وشارع تونس وسواد حنش وحي الجامعة.

وأشَارَ اللواء صفرة إلى أن المركز قدم شهداء وجرحى من خيرة منتسبيه وكوادره المهندسين الذين استشهدوا في محافظات حجّـة وصعدة والجوف ومديرية نهم، مؤكّـداً أن المنظمات الدولية ترفض تمويلَ مسح ميداني شامل يحدّد حاجةَ الضحايا ونوع الخدمة الصحية والاجتماعية المطلوبة لكل ضحية وتكوين قاعدة بيانات وطنية.

إلى نص الحوار:

 

– بدايةً نرحِّبُ بكم لواء علي في صحيفة المسيرة، وَحبذا لو تعطونا نبذةً تعريفيةً عن المركَز التنفيذي للتعامل مع الألغام؟

أهلاً بكم، في الحقيقة لقد وقّعت بلادُنا في الرابع من ديسمبر 1997م على اتّفاقية اتاوا لحظر الألغام الفردية وصادقت عليها في 1 سبتمبر 98م ودخلت حيز التنفيذ في 1 مارس 1999م، وتم تشكل اللجنة الوطنية بقرار رئيس الوزراء رقم (46) لسنة 2000م وتم إنشاء المركز كجهاز تنفيذي للحكومة اليمينة.

وفي العام 2005م صدر قرار مجلس النواب بإصدار تشريع بناءً على اتّفاقية اتاوا وتحديد أن اللجنة الوطنية والمركز التنفيذي هو من يمثل الحكومة اليمنية في كُـلّ الأعمال المتعلقة بالألغام، والمتمثلة في أعمال المسح الفني وَغير الفني، وأعمال التطهير، والتوعية، ومساعدة الضحايا والتدمير والمناصرة.

 

– ألقى العدوان الأمريكي السعودي الكثير من القنابل العنقودية على عدة مدن في بلادنا.. ما أبرز الأماكن المستهدَفة وكم يُقدَّر عدد القنابل الملقاة؟

نتيجةً لكثرة المخلفات من القنابل العنقودية والتي أصبحت الآن المشكلة والكارثة التي تواجه المركز؛ لأَنَّ الغارات بالقنابل العنقودية استُخدمت حتى في أحياء بأمانة العاصمة مثل مذبح، السنينة، الرباط، حي الزراعة، شارع الكويت، وشارع تونس، وسواد حنش وحي الجامعة عندما أفاق سكان العاصمة في تاريخ 6 يناير 2016 على العديد من الغارات العنقودية والأنشطارية والتي أكّـدتها حتى منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس واتش أن لديهم وثائق ومعلومات مؤكّـدة عن استخدام القنابل في أحياء العاصمة، كما أن المركَز كان الجهةَ التي قامت بجمع وتدمير القنابل العنقودية والشظايا المتطيرة.

ورغم أننا لم نبدأ سوى في ثلاث مديريات في الجوف وجزء من مديرية نهم، فقد تم تجميع حوالي 800 ألف قنبلة في نهم ومديريات الجوف وصعدة والتي تم رفعها وتدميرها من قبل المركز التنفيذي من بداية شهر أكتوبر العام 2019 وإلى الآن.

وإذا كانت حرب تموز في الجنوب اللبناني خلّفت أكثرَ من مليون قنبلة عنقودية إسرائيلية نتج عنها إصابةُ الآلاف من الضحايا، فكيف بالحرب المنسية في اليمن رغم اختلاف العقلية العسكرية والاقتصادية بين ما كان في تموز في جنوب لبنان والحرب في اليمن والتي ما زال استخدامُ القنابل العنقودية قائماً ويتم استخدام القنابل العنقودية بعد ست سنوات والتي كان آخرها قصف في تاريخ الأحد، 23 أغسطُس 2020 بقنبلة عنقودية في محافظة الحديدة على منطقة العرج استهدفت مزارع المواطنين.

 

– ما أبرز المناطق التي تلوثت بالقنابل العنقودية؟

معظمُ الأراضي اليمنية تعرضت للغارات بالقنابل العنقودية، وكما أشرت سابقًا ابتداءً من أمانة العاصمة ومعظم المحافظات الأكثر تعرضاً للقنابل العنقودية في صعدة وحجّـة والحديدة ومأرب والجوف وصنعاء، فعلى سبيل المثال مديرية باقم في صعدة وميدي وحرض وصروح ونهم ومعظم مناطق الشريط الساحلي أكثر ميدان لاستخدام هذه القنابل.

 

– ما هي مخاطر هذا القنابل على المواطنين؟

القنابل العنقودية هي أسلحة محرمة وغير مميزة؛ بحكم خصائص وطبيعة عملها، وقد تم تصنيفُ القنابل العنقودية عالمياً بأنها من أخطر وأفتك الأسلحة والتي تلحق ضرراً لا يمكن تصوره؛ لأَنَّها تحتوي على العشرات بل والمئات من القُنيبلات الصغيرة التي تنفجر وتنتشر في الهواء بشكل عشوائي وتغطي مناطقَ واسعة، حَيثُ أن نسبةً كبيرةً منها لا تنفجر وتصبح ألغاماً أرضية تهدّدُ حياةَ المواطنين لعشرات السنين، وتعرضها لعوامل التعرية تزيد من خطورتها وتأثيرها. وقد تستمر خطورتها لأكثرَ من80 سنة محافظة على خواصها الانفجارية، كما أن البعض منها مزوَّدٌ بأجهزة استشعارية وحرارية وتزداد خطورة القنابل العنقودية بعد انتهاء النزاعات وعند عودة المواطنين لمنازلهم وقراهم.

كما أن لها مخاطرَ اقتصادية فهي تغطي أكبر مساحة قد تصل بعضها إلى 4800 متر مربع، مما يعني أنها تلوث الأراضي الزراعية ومناطقَ الرعي وبشكل واسع وأثرها ليس فقط على الضحايا المدنيين فحسب، بل حرمان المواطنين من أراضيهم ومراعيهم ومصادر المياه والتي تمس حياتهم بشكل مباشر، إضَافَـةً إلى أثرها في إعاقة الأعمال الاقتصادية والتنموية، كما أن لها أثراً جينياً تؤثر على الأجنَّة عند الولادة، إضَافَـةً إلى ما تحدثه من حروق وتشوهات وآثار على جسد الضحايا أكثر مما تتركه الألغام نفسها وبقية الأسلحة وتأثيرها النفسي على الضحية وعلى مدى طويل.

 

– وماذا عن الصعوبات التي تواجهونها اثناء التعامل مع هذه القنابل؟

الصعوبة الكبيرة التي نواجهها في عمليات رفع وإزالة القنابل العنقودية من قبل فرق المسح والتطهير في كونه لا توجد لها معاييرُ دولية للتفتيش عنها أَو التعامل معها وتحتاج إلى معدات ووسائل تطهير متطورة وحديثة..

كما تحتوى على مواد خطيرة تصيب النازعين أَو المتعاملين معها من خلال المسمات الجلدية، محدثة أمراضاً مثل مرض فيروس الكبد وأمراض جلدية.

انفجار بعضها عند ملامستها؛ نتيجةَ الشحنات الكهربائية الموجودة في جسم النازع أَو عند تحريكها، إضَافَـةً إلى أنه يوجد منها أنواع مزودة بأجهزة استشعارية وحرارية وصعوبة التعامل معها عن بعد؛ نتيجةَ عدم وجود أجهزة وإمْكَانيات خَاصَّة.

 

ذكرَت بعضُ التقارير عن وجود شهداء وجرحى للمركز؛ نتيجةَ التعامل مع هذه الألغام؟

نعم قدّم المركَزُ شهداءَ وجرحى من خيار منتسبيه وكوادره المهندسين ضباط وأفراد في منطقة حيران/ حجة في العام 2016م.

وفي حرف سفيان/ عمران ومحافظة صعدة والجوف ومنطقة نهم مؤخّراً، مقدمين أرواحهم؛ مِن أجلِ الحفاظ على حياة الآخرين.

 

هل لديكم إحصائية دقيقة بضحايا القنابل العنقودية؟

لا يوجد لدينا إحصائية دقيقة، فقط رصد وتقييم علني؛ نتيجةَ عدم القيام بعملية المسح الميداني للضحايا، لعدم توفر تمويل من المنظمات الدولية العاملة في اليمن مثل الهندي كان واليونسيف والصليب الأحمر، بالرغم من أنه في كُـلّ مناقشاتنا معهم يرفضون تمويلَ مسح ميداني شامل يحدّد حاجة الضحايا ونوع الخدمة الصحية والاجتماعية المطلوبة لكل ضحية وتكوين قاعدة بيانات وطنية، حَيثُ لا يوجد أيةُ جهة تملك قاعدة بيانات وطنية من واقع مسح ميداني لضحايا بما فيها صندوق المعاقين وغيره.

اعتمادُ المنظمات على نظام الإحالة؛ بحجّـة أن هذه سياسة المنظمات مع أنه غير مُجدٍ للضحايا ولا يقدم لهم سوى الشيء البسيط، إضَافَـةً إلى أن هروبَ المنظمات من المراحل الثانية والثالثة والمتمثلة في إعادة التأهيل والدمج اقتصادياً في المجتمع سيكون من أكبر المشاكل والكوارث الإنسانية والصحية التي ستواجه حكومة الإنقاذ، حَيثُ يعتبر إعادة إعمار الإنسان اليمني قنبلةً موقوتةً ستواجهها حكومةُ الإنقاذ مستقبلاً، من حيث العدد الكبير للضحايا والدعم المطلوب لهم والمتمثل في حاجة البعض إلى تلقي خدمات علاجية في الخارج، وصعوبة تقديم الخدمة في اليمن، إضَافَـةً إلى رصيد كبير من المعاقين والضحايا والذي سيكلف الحكومة والمجتمع تكاليف اقتصادية كبيرة.

 

– ولكن ما هي الإجراءات التي يتم اتِّخاذها؟

المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام يقوم بتطهير الألغام ومخلفات الحرب من القنابل العنقودية، وكذلك التوعية من مخاطر الألغام ومخلفات الحرب، فمن الإجراءات التي نقوم بها التوعية عمل لوحات تحذيرية لتفادي سقوط المزيد من الضحايا وتحديد المناطق الملوثة أنها مناطقُ ألغام وقنابل عنقودية ليتجنبها المدنيين، ولكن إلى الآن ومن بداية العام الحالي لم يتم تنفيذ أية أنشطة توعوية من اليونيسف، رغم تقديم الخطط بداية العام الحالي، كذلك عدم قدرة المركز في توفير لوحات تحذيرية للمناطق الملوثة والتي لا نستطيع تطهيرها حَـاليًّا؛ نتيجةً لكبر مساحتها والوقت المطلوب لعمل ذلك.

فالبرنامج الانمائي لم يوفر اللوحات تحذيرية لتنبيه المواطنين من دخول مناطق الألغام والقنابل العنقودية، وكذلك اليونسف اعتذرت؛ كَون هذا على البرنامج الانمائي وليس عليهم، فمن بعد عملية “فأمكن منهم” في الجوف وإلى الآن أكثر من خمسين سيارة تضررت، إضَافَـةً إلى المواشي، كما أنه تم تسجيل عدد الضحايا من القنابل العنقودية في الجوف ونهم أكثر مما تم رصدُه في المصابين والمشتبهين بجائحة كورونا.

 

– هل تم مخاطبة الأمم المتحدة؟

لم يتم التخاطب مع الأمم المتحدة؛ كَون الجمهورية اليمنية لم تنضم إلى اتّفاقية القنابل العنقودية والتي دخلت حيز التنفيذ من بداية العام 2008م.

وبالرغم من أن المنظمات الدولية سواء التابعة للأمم المتحدة أَو غيرها تتحاشى مِلف القنابل العنقودية، فالبرنامج الانمائي رفض اعتمادَ وتمويل صفحة للمركز على الانترنت؛ بحجّـة أن المركز سيقوم بنشر القنابل العنقودية، وسوف يسبب لهم إشكاليةً مع تحالف العدوان والسعودية وَأَيْـضاً في الفترة الأخيرة مع الصليب الأحمر طلب من المركز في تمويل أحد البروشورات، بشرط عدم ذكر القنابل العنقودية أَو عدم إضافة شعارهم إذَا تم التحدث عنها.

 

– كلمـــــة أخيرة؟

نتمنى استكمالَ انضمام اليمن لاتّفاقية القنابل العنقودية، وأن تقوم اليمن ممثلةً بوزير الخارجية المهندس/ هشام شرف ونائب وزير الخارجية الأُستاذ/ حسين العزي، في تكثيف الأنشطة السياسية والدبلوماسية في الاجتماع الاستعراضي الثاني القادم والذي سيُعقد في مدينة لوزان سويسرا في نهاية أكتوبر القادم، والذي سيناقش وضع القنابل العنقودية في اليمن وليبيا وأن يكون لحكومة الإنقاذ دور في ذلك.

وأوجِّهُ نداءً إلى فخامة المشير مهدي المشاط بوضع المركز التنفيذي في الاعتبار وإعانته في توفير المستلزمات الخَاصَّة بعمل المركز، وخَاصَّة الأجهزة الكاشفة، وبما يمكن المركز من القيام بمهامه الإنسانية ومواجهة التحديات والحفاظ على حياة وأرواح المدنيين.

كما ندعو رئيسَ المجلس الأعلى للمساعدات الإنسانية والأمانة العامة أن يتم التركيزُ ووضع المسح الميداني الشامل للضحايا في أولوياته وضمن خططه، ومناقشة ودراسة ما يتم القيام به من قبل المنظمات والمسمى نظام الإحالة وإيجاد آليات وبدائل تلامس حاجة الضحايا وجودة وأفضلية الخدمات المطلوب تقديمُها وبالشكل الذي يكون لهو نتائجُ ملموسةٌ تخفف من معاناة ومأساة الضحايا والمجتمع وبحسب المواصفات والمقاييس العالمية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com