لأسرانا ألفُ تحية

 

مرتضى الجرموزي

في الوقت الذي نعيش فيه ذكرى المولد النبوي الشريف، وذكرى ثورة 14 أُكتوبر وطرد المحتلّ البريطاني من جنوب اليمن، نعيش فرحةً ممزوجة بحروف الوفاء والاستقبال الشعبي والرسمي لأَسْـــرَانا الأبطال، أَسْرَى الجيش واللجان الشعبيّة المخلصين المحرّرين اليوم من سجون ومعتقلات العدوّ وحلفائه ومرتزِقته في الداخل اليمني وخارج الحدود.

عاد أَسْـــرَانا مرفوعي الرأس، والهامات تناطح السحاب، عادوا وكلّهم عنفوانٌ يماني وشوق واشتياقٌ لجبهات وميادين القتال والدفاع المقدّس لمواصلة درب الجهاد والتنكيل بأعداء الله حتى تحرير اليمن من دنس الأعداء ورجس الأنذال، عادوا وعيونهم شاخصة نحو فلسطين لتحرير القدس قضيتهم المركزية الأولى، عادوا إلى حيث الوفاء والعهد الذي لم ولن يتغيّر مهما كانت تعرّجات الأحداث.

استقبال شعبي ورسمي وحفاوة كبيرة وفرحة لا توصف، وشعب اليمن يستقبل أَسْـــرَاه المفرج عنهم، لتعيشَ صنعاء ومحافظاتُ اليمن وأهالي المحرّرين وعامة المجتمع اليمني وجماهيره الحرّة الأبية، فرحة الاستقبال الكبير والغير مسبوق، وإلى السماء عانق المجد اليمني سمواً وتحدّياً.

ونحن نشاهد لحظات استقبال الأَسْرَى المحرّرين من الطرفين، رأينا الفرق شاسعاً ما بين هذا وذاك، وما بين الدولة والنظام وما بين المرتزِقة والمليشيا.

في صنعاء حضرت الدولةُ وحضر الشعبُ لاستقبال شرفاء اليمن المغيّبين في سجون ومعتقلات العدوّ في مارب وعدن وشبوة وحضرموت إلى السعودية (أُمّ الإرهاب)، وفي سيئون حضرت كاميرا الحدث والعربية ومجموعة من المرتزِقة ولفيف عسكري لا يصل تعداده عشرة أفراد، بما فيهم العاملون بمطار سيئون الذي غادر منه الأَسْرَى على رحلتين.

في صنعاء حضرت الرجال وحضرت الموسيقى العسكرية تزفُّ الأبطال (المحرّرين)، وحضرت الأناشيد الوطنية والزوامل الشعبيّة وأهازيج الحضور والأهالي، وشاطرت فرحَهم الألعابُ النارية، وفي سيئون حضر الفتات بصغاره يستقبل رفقاء سُحته ونذالته وخيانته الوطنية.

في صنعاء فُرش السجّاد الأحمر ورُش الفل والعطور كرماً لمن باع نفسه لله وللدين والوطن، وحضر الوزراءُ وحشود عفيرة من الشعب اليمني، وغمرت الفرحةُ شوارعَ العاصمة صنعاء، ابتداءً من المطار إلى دوار قاعدة الديلمي إلى شارع المطار وجولة الجمنة تجوب الشوارع فرحاً وابتهاجاً بخروج من شرّف اليمن ودافع عنه باستماتة إيمانية جهادية، وفي سيئون فُرش الارتزاق ورُشّ عرق المرتزِقة ودُست كرامتهم وهم يرون الدولة تستقبل أبناءَها الشرفاء لا المرتزِقة والعلوج المعوّجة.

إلى صنعاء عاد الشرفاءُ ومنها سيشدّون الرحال برفقة أهاليهم وجموع توافدت لاستقبال جميعهم إلى منازلهم، ليعيشوا فرحة الانتصار التي طال انتظارُها؛ بسَببِ تعنّت تحالف العدوان.

من صنعاء إلى صنعاء إلى ميادين الشرف والبطولة، توافدت الرجال لتجاهد أئمة الكفر والضلال والارتزاق، لتذود عن اليمن الأرض والإنسان والعقيدة، ببأسٍ قرآني أصيل، ومن حيث المواجهة المحتدمة مع العدوّ، أُسِرَ بعضُ مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة، وها هم بفضل الله ثم بفضل قيادة الثورة والسياسة واللجنة الوطنية لشؤون الأَسْرَى وبعد أتعاب ومعاناة الأسر والتعذيب في معتقلات قوى العدوان يعودون وكلُّهم عزيمة وإباء إلى العاصمة صنعاء التي خرجوا ليدافعوا عنها.

مفارقات ما بين الدولة والنظام والقانون والسيادة الوطنية وحريّة القرار، وما بين المليشيات والعملاء مسلوبي الحريّة والقرار والسيادة، معظم أهالي أَسْرَى المرتزِقة المحرّرين اليوم يتواجدون في جغرافيا يسيطر عليها المجلسُ السياسيُّ وحكومةُ الإنقاذ، لم يسمح لهم أسياد نعمتهم بأن يعودوا إلى أهاليهم، ليعيشوا معاً فرحة إطلاق سراحهم، وبذلّهم وخسّتهم أُسحبوا إلى سيئون ليستقبل طاقم قناة الحدث والعربية ولفيف من المرتزِقة بلا فرحة تجمعهم وبلا عناقٍ يضمهم.

خسروا دنياهم وضيعوا أهاليهم وفقدوا أحضان أُمهاتهم؛ وبسبَبِ جهلهم وغبائهم وارتزاقهم عجزوا من مسح دموع أُمهاتهم وأقربائهم، إنّه الارتزاقُ لا دين له لا وطن له ولا كرامة، إنه الارتزاق من يهوي بصاحبه سبعين خريفاً في الدنيا وفي الآخرة إلى نار الجحيم بخلود الذل والارتزاق يعاني التعذيب والويل والثبور.

جميلٌ عودة الأَسْرَى الذي تزامن وصولُهم مع احتفالات شعبنا اليمني بذكرى المولد النبوي وذكرى ثورة أُكتوبر، ومع انتصارات شعبنا ومجاهدينا في مختلف الجبهات، بما فيها وأهمها تحرير مناطق واسعة وفك حصار الدريهمي، وما كانت لتأتي تلك الانتصارات والأفراح بدون تضحيات الأَسْرَى وبسالة المجاهدين المرابطين ودماء الشهداء وأنّات الجرحى والمفقودين.

لأَسْـــرَانا ألفُ تحية، فهم مفخرةُ الزمان وأصالة الحديث وأباطرة العصر، وهم العمالقة في زمان الأقزام والانبطاح.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com