أطماعُ العدوان الأمريكي السعودي الإسرائيلي الإماراتي تتحقّق.. الموانئُ اليمنية تحت الاحتلال

 

المسيرة | عباس القاعدي

تعرَّضت الموانئُ اليمنية – ولا تزال- لاحتلالٍ ممنهج من قبل العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي، حَيثُ كان لكل دولة أهدافُها الخَاصَّةِ من هذه السيطرة.

وسعت الإماراتُ خلال السنوات الماضية إلى احتلال الموانئ اليمنية؛ بهَدفِ التفرد الاقتصادي بموانئ دبي؛ كي تحافظَ على صدارتها، بالإضافةِ إلى حصولها على إيرادات الموانئ التي بلغت عام 2019م نحو 516 مليون دولار، بحسب التقارير الدولية، التي أوضحت بأن كُـلّ الإرادات تسلم لأمريكا.

وتؤكّـد التقاريرُ الدولية والمحلية أن الإمارات تحتل كُـلّ الموانئ الواقعة على ضفاف الساحل اليمني التي يصل عددها أكثر من 20 ميناءً.

وتعد موانئُ اليمن التجارية ذات أهميّة استراتيجية كبيرة؛ كَونها تعد مركز ربط أَسَاسي للحركة التجارية حول العالم، حَيثُ عملت دولة الاحتلال الإماراتي والسعودي على بسط سيطرتها بالقوة على أغلب تلك الموانئ بصورة مباشرة باستثناء ميناء الحديدة وهنا نستعرض أهم هذه الموانئ البحرية والنفطية ومميزاتها التي حركت أطماع الاحتلال الإماراتي، وهي على النحو التالي

 

 ثاني ميناء في العالَم بعد نيويورك:

تقولُ الدراساتُ والبحوث: إن ميناءَ عدن يتمتع بمزايا هامة يأتي على رأسها الموقع الجغرافي الفريد الذي يربط الشرق بالغرب الواقع على الطريق التجاري الرئيسي حول العالم.

ويمثل ميناءُ عدن بوابةً عبور للبحرَين الأحمر والعربي، ويعتبر من أفضل خمسة موانئ طبيعية على مستوى العالم؛ كَونه محمياً طبيعياً من الأمواج والرياح الموسمية الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية؛ وذلك لأنّه يقع بين مرتفعي جبل شمسان على بعد 553 متراً، وجبل المزلقم على بُعد 374 متراً، مما يمكنه من العمل دون توقف طوال العام.

ويتميز هذا الميناءُ بأهميّة استراتيجية وبـإمْكَانية توفير خدمات الترانزيت إلى شرق إفريقيا والبحر الأحمر وشبه القارة الهندية والخليج العربي، وزادت أهميته ودوره عام 1869م؛ وذلك نظراً للخدمات التي كان يقدمها الميناء للسفن المتجهة من وإلى القناة، وبالدرجة الأولى فيما يخص تموين السفن بالوقود.

وتقدر مساحة الميناء بـ 8 أميال بحرية من الشرق إلى الغرب، و5 أميال بحرية من الشمال إلى الجنوب، ويتكون من منطقتين هما: (الميناء الخارجي والميناء الداخلي) ويفصلهما خط يمتد على طول كاسر الأمواج.

ويتم الوصول إلى هذه المرافق عبر قناة عبور تبدأ من منتصف الطريق بين مرتفعي خليج الفيل وعدن الصغرى.

أما عمق الجزء الخارجي للقناة فتبلغ 15 متراً من نقطة التفرع، حَيثُ تتجه القناة غرباً بعمق 14.7 متر إلى ميناء الزيت في عدن الصغرى، حَيثُ توجد أربعة مَراس دولفينات لمناولة النفط بعمق يراوح ما بين 11.5 أمتار إلى 15.8 أمتار، بالإضافة إلى مراس مباشرة بعمق 11 متراً؛ لغرض شحن غاز البترول المسال وسفن البضاعة الجافة ومراسي الدحرجة. أما القناة المؤدية إلى الميناء الداخلي فتتجه نحو الشمال الشرقي من نقطة التفرع وبعمق 15 متراً.

ونظراً لهذه الأهميّة، فقد حاولت الإمبراطوريات الدولية الاستيلاءَ على الميناء والتحكم به، ابتداءً من الحبشة ثم البرتغال فالمماليك فالعثمانيون وُصُـولاً إلى بريطانيا التي شغلته واستفادة منه، كما أنه كان الرافدَ الرئيسَ لخزانة الدولة الطاهرية.

وحينما اكتشف البرتغاليون طريقَ رأس الرجاء الصالح لم يتأثر الميناء كَثيراً، خَاصَّةً وأنه يصُبُّ في نهاية المطاف لكل الطرق، وعاد إلى قوته أثناء الاحتلال البريطاني لعدن.

وبعد تحرير مدينة عدن من الاستعمار البريطاني سنة 1963 تعطل الميناءُ ولم يتم الاستفادة منه كَثيراً، كما حالت حكومةُ صالح الفاسدة دون الاستفادة من استثماره وَأوقفت دوره التجاري عن طريق الصفقات التي عقدها نظام الخائن عفاش مع الإمارات لصالح الإمارات المحتلّة.

ويعد ميناء عدن ثانيَ ميناء في العالم، بعد ميناء نيويورك، لتزويد السفن بالوقود ويعتبر المنافس الأشد والأقرب لموانئ دبي، وتؤكّـد التقارير الدولية والمحلية أن دولة الاحتلال الإماراتي بعد استئجارها 5 موانئ دولية منها ميناء الصومال وأرتيريا لمدة تزيد عن 20 عاماً، سعت عبر طرق مختلفة لاستئجار ميناء عدن، وتقدمت إلى الخائن عفاش لاستئجار الميناء في عام 2006م، لا لتشغيله بل لتعطيله، وتمت الموافقة بينهما وحصل عفاش على 600 مليون دولار أمريكي حصته فقط من التوقيع والموافقة، كما كانت بعض الموانئ مؤجرة بطريقة سرية.

وبعد استئجار الميناء، تسلمته شركةُ موانئ دبي في أكتوبر عام 2008 لمدة 25 عاماً قابلاً للتجديد كُـلَّ 10 سنوات أُخرى، وفي أثناء سيطرتها للميناء انخفض استقبال الحاويات من 500 ألف سنوياً إلى 300 ألف فقط، كما قامت بتكسير رصيف الميناء بحجّـة الإصلاح حتى عطلته وحوّلت مسار السفن إلى جيبوتي وتفريغ السفن العملاقة إلى سفن متوسطة والإبحار بها نحو ميناء جبل علي في الإمارات، ولم تقم بإصلاح الرصيف حتى اليوم، مما أَدَّى إلى تعطل الميناء، بالإضافة إلى أنها باعت معدات الميناء الصالحة للاستخدام؛ باعتبَارها خردة.

وتشير التقارير إلى أن إحياء ميناء عدن وتشغيله لصالح اليمن سيقضي على ميناء جبل علي في الإمارات، والذي يختفي من الخارطة البحرية في ظل وجود ميناء عدن، وهذا يشكل خطراً عليها وخسارة جزءٍ من ناتجها القومي، وبالتالي انخفاض أسهم الاستثمارات الأجنبية في أسواق دبي وأبو ظبي المالية، والتي تصل إلى أكثر من 59.35 مليار دولار.

وألغيت اتّفاقيةُ موانئ دبي في سبتمبر 2012؛ بفعل ضغط شعبي، ولهذا ظل النظام الإماراتي يقتنص الفرصة للعودة مجدّدًا حتى جاء العدوان الأمريكي السعودي في 26 مارس 2016، وحينها أعلنت الإمارات المشاركةَ في هذا التحالف وأعينها صوب البحار والموانئ اليمنية.

 

بوابةُ البحر الأحمر:

ومن ضمن الموانئ اليمنية الهامة والتجارية، يأتي ميناءُ الحديدة الذي يقعُ في منتصف الساحل اليمني للبحر الأحمر، ويعد من أبرز الموانئ المطلَّة على البحر الأحمر، وثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن.

ويمثل ميناء الحديدة غربي البلاد الممرَّ الأولَ إلى كُـلّ الجزر اليمنية ذات العُمق الاستراتيجي، وأهمها جزيرةُ حنيش الكبرى والصغرى وجبل صقر الذي يرتفع أكثر من 3700 قدم عن مستوى البحر، ويعتبر “بوابة البحر الأحمر”، الذي تمر منه مختلف الصادرات والواردات.

وتبلغ المساحةُ الداخلية لميناء الحديدة حوالي 3 ملايين متر مربع، ويضم 8 أرصفة إجمالي طولها 1461 مترًا وبغاطس 10 أمتار في حالة الجزر إضافة إلى رصيفين آخرين في حوض الميناء طولهما 250 مترًا تفرغ فيهما شحنات ناقلات النفط ومشتقاته الأُخرى، كما يتبع الميناءَ عددٌ آخر من الساحات الواسعة الواقعة إلى جانب مرفقه الرئيس.

وَيتصل ميناء الحديدة بمناطق انتظار السفن عبر قناة ملاحية طولها 11 ميلًا بحريًّا وعرضها 200 متر وحوض للاستدارة بقطر 400 م، تصل الميناء بمناطق انتظار، وهذا ما يمكنه من استقبال السفن التي تصل حمولتها إلى 31000 طن وغاطسها 9.75 متر، وطولها 200 متر.

ويمُرُّ من ميناء الحديدة في الوقت الراهن أكثرُ من 70 % من واردات الغذاء والمساعدات الإنسانية، كما أنه يمتلك 15 لنشاً بحرياً بمواصفات ومقاييس مختلفة ومتنوعة، بالإضافة إلى كرين عائمٍ بقوة رفع 75 طناً، وحفَّار بقوة 700 حصان، ويعمل بصورة دائمة على صيانة وتنظيف الأعماق في القناة الملاحية وحوض الاستدارة.

وتكمُنُ الأهميّة الاستراتيجية لميناء الحديدة الذي أنشئ في عام 1961 وبالتعاون مع الاتّحاد السوفيتي في كونه يتمتع بعدد من المزايا البارزة، منها قُربُه من الخطوط الملاحية العالمية، وكذلك يتمتع بالحماية من الرياح الموسمية والظواهر الطبيعية (أمواج، ورياح، وتيارات مائية)، حَيثُ توفر هذه الحمايةَ ساترٌ طبيعي يعد امتداداً لأرضية الميناء يسمى “لسان الكَتِيب” الذي يلتفُّ حول الجانب الغربي للميناء في شكل نصف قوس باتّجاه الشمال، ويبلغ طوله 6 أميال ومتوسط اتساعه 400 ياردة، وينتهي اللسان بنقطة تسمى “رأس الكَتِيب” ويقع بين هذا الرأس والبر الرئيس في الناحية الأُخرى، خور الكتيب الذي يشكِّل نظامًا مختلطًا من البحيرات والشعاب المرجانية. كما يوجد في نهايته الشمالية حاجز ومرسى غير محمي يتراوح عمقه بين أربع إلى خمس قامات.

ولتلك الأهميّة والمزايا التي يتمتع بها تؤكّـد المصادر أنه كان قبل العدوان والحصار يستقبل السفن التجارية والإغاثية، ويدر عائدات مالية كبيرة تبلغ سنوياً نحو 45 مليار ريال وهذه نسبة تقديرية (أي ما يعادل 150 مليون دولار أمريكي)، وكانت تصُــبُّ لصالح نظام عفاش سابقًا الذي عمل بالخفاء على تأجير الميناء من عمالقة التجار، وأظهر في العلن التحكمَ به، وهذا ما كشفته وأكّـدت عليه اللجنةُ الثورية، ومن بعده لصالح حكومة الخونة والمرتزِقة التي ما زالت إلى الآن تستفيد منه مقابل تجويع الشعب اليمني.

وتضيف الدراسات أن تلك العائدات المالية لم تعد موجودة اليوم؛ نتيجةَ الحصار المستمر والمفروض على الميناء من قبل دول العدوان الأمريكي السعودي التي منعت دخولَ السفن النفطية والغذائية إلى الميناء الذي استهدفه الطيران وخلف فيه الدمار.

وتعرض ميناء الحديدة في القرن الماضي؛ -بسَببِ أهميته الاستراتيجية- إلى العديد من الحملات الاحتلالية البرتغالية والإنجليزية والعثمانية، وكانت الحديدة تحت سيطرة الاحتلال البريطاني الذي سلّم الحديدة والميناء آنذاك لحليفة الإدريسي في يناير 1921م، وكان ذلك تطبيقاّ للاستراتيجية البريطانية في اليمن عُمُـومًا وفي الحديدة على وجه الخصوص، ولكن الإمام يحيى استطاع تحريرَ الحديدة وميناءها في 27 مارس 1925م، بفضل الله والرجال الأحرار الذين دافعوا عن الوطن سابقًا ودافع أبناؤهم وما زالوا في مختلف الجبهات.

وتشير الدراساتُ إلى ارتباطِ تاريخ مدينة الحديدة وسواحل تهامة عُمُـومًا والجُزر التابعة لها بموجات الغزو الأجنبي الطامع في اليمن سابقًا، وهو ارتباطٌ يكاد يكون ملازمًا لكثير من أحداث الساحل اليمني، الذي يشهد احتلالاً مباشراً للموانئ من قبل دول العدوان الإماراتي، ما عدا ميناء الحديدة الذي تعرض لعددٍ من الغارات الهمجية من قبل طيران العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي منذ بداية العدوان في مارس 2015 نجمت عنها أضرارٌ كثيرة في الوسائل والمعدات.

ويحاول العدوانُ الأمريكي السعودي، بشتى الوسائل، احتلالَ الحديدة والساحل الغربي؛ لاستكمال السيطرة على كُـلّ السواحل والموانئ والجزر اليمنية الممتدة، من المهرة إلى ميدي ضمن مخطّط استعماري إقليمي ودولي بقيادة العدوان الأمريكي والإسرائيلي.

وكون ميناء الحديدة آخر الموانئ المتبقية مع اليمن، وكونه المنفذ البحري الوحيد الذي يمكن من خلاله توصيل المساعدات الغذائية والطبية للشعب اليمني، استطاع الجيشُ واللجان السيطرةَ عليه من خلال تعزيز جهودهم؛ للحفاظ على الميناء؛ سعياً منهم لتخفيف المعاناة الإنسانية لدى الشعب رغم الحصار المستمر.

وتؤكّـد تقارير المؤسّسة العامة للموانئ البحرية أن الميناء تعرض للتدمير المباشر، حَيثُ استهدفه طيران العدوان في أغسطُس 2015 بعددٍ من الغارات، ما أَدَّى إلى تدمير الكرينات الجسرية كليًّا وهناجر الصيانة والمعدات والأجهزة والآليات الثقيلة التي يُعتمَدُ عليها في تفريغ واستقبال السفن، حَيثُ قدرت المؤسّسة التكلفة الإجمالية لإعادة تأهيل ميناء الحديدة إلى أكثر من 90 مليون دولار.

وتشير تقاريرُ المؤسّسة إلى أن إيرادات الميناء تراجعت بنسبة 79 %؛ نتيجةَ منع العدوان دخول سفن الحاويات إلى الميناء منذ مطلع العام 2018م، وإجبار تلك السفن على نقل مسارها إلى ميناء عدن؛ بهَدفِ الاستحواذ على إيرادات الضرائب والجمارك.

 

نقطة الوصول:

ومن الموانئ الهامة في اليمن ميناء رأس عيسى الواقع في محافظة الحديدة والمطل على البحر الأحمر، والذي يعد من أهمِّ الموانئ النفطية اليمنية الذي تبلغ قدرته 200 ألف برميل يوميًّا، ويحتوي على 34 خزاناً مختلفة الأحجام طاقتها التخزينية الكلية تبلغ 3 ملايين برميل تقريبًا، ونقطة الوصول لخط أنابيب نفط مأرب، التي تستخدم لتصدير النفط.

ويعتبر ميناء رأس عيسى نقطةَ الوصول لخط أنابيب نفط مأرب ويتميز بخزان عائم مؤهل لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام، وتقوم شركة صافر اليمنية للنفط بتشغيل الميناء.

وتعرض ميناء الصليف لدمارٍ من قبل طيران العدوان الذي استهدف ميناء موقف القاطرات في رأس عيسى بعدد من الغارات، حَيثُ تم إغلاق الميناء إلى اليوم، كما تعرض الميناءُ لدمار؛ نتيجةَ العدوان والحصار بما فيه سفينة صافر التي ترسو في موقع يبعد 4.8 ميلاً بحرياً عن ميناء رأس عيسى الذي يبعد بحوالي 60 كم شمال مدينة الحديدة على شاطئ البحر الأحمر، ولا تسمح دول العدوان وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل بعدم إعادة صيانتها.

وإلى ما قبل العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، تؤكّـد مصادرُ سياسية أن ميناء رأس عيسى كان الميناءَ الوحيدَ في المحافظات الشمالية المخصص لتصدير الإنتاج النفطي من منشأة مأرب النفطية الذي يمر عبر أنبوب من مأرب إلى الميناء في الحديدة، وكان مؤجَّراً من تجار النفط الموالين للعدوان السعودي، الذين حوّلوا مخازن النفط في ميناء رأس عيسى إلى مخازنَ خَاصَّةٍ بالسوق السوداء.

أما ميناء الصليف فيقعُ شمال غرب مدينة الحديدة ويبعد عنها مسافة 60 كيلومتراً، كما يبعد الميناء عن جزيرة كمران 3 أميال بحرية.

ويتميز الميناءُ بقدرته على استقبال السفن العملاقة؛ بفضل العمق الكبير للبحر في محيطه؛ كَونه ميناءً طبيعياً تميّزه الأعماقُ الطبيعية التي تصل من 20 إلى 35 متراً، ويمتلك رصيف مجهز لرسو السفن العملاقة التي حمولتها الوزنية خمسين ألف طن.

وخُصِّصَ الميناءُ لاستقبال سفن القمح والذرة والمواد الغذائية الأُخرى، وهو مزوَّدٌ بالصوامع والتجهيزات الأُخرى الضرورية لاستقبال وتخزين تلك المواد بالإضافة إلى صلاحيته لاستقبال سفن الترانزيت، ولكن طيران العدوان استهدفه بعددٍ من الغارات، مما أَدَّى إلى أضرار مادية كبيرة فيه.

 

أقدم موانئ شبه الجزيرة العربية:

ويعد ميناءُ المخاء -وِفْـقاً لقرائنَ تاريخية- من أقدم موانئ شبه الجزيرة العربية، ومن أهم المراكز التجارية الواقعة على البحر الأحمر، حَيثُ يبعد عن مدينة تعز 100 كيلومتر.

وتكمُنُ أهميّة الميناء في قُربِه من الممر الدولي بمسافة 6 كيلومترات، أي 3 أميال بحرية وقُربه من مضيق باب المندب ودول القرن الأفريقي وبحر العرب، حَيثُ يربطُ بين أُورُوبا وشرق أفريقيا وجنوب آسيا والشرق الأوسط.

ويعتبر ميناء المخاء من أشهر الموانئ في العالم، وأبرز المراكز التجارية الواقعة على البحر الأحمر، ويعودُ الفضلُ له في التعريف بمنتجات اليمن، ومنها البُن، عبر تصديرها، ويتمتع بجودة عالية تميزه عن غيره، إضافة إلى أنه كبير المساحة ومفتوح من جميع الجوانب، كما تم الانتهاءُ من تشييد الميناء الجديدِ في المخاء عام 1978م بمساعدة شركة هولندية.

ويقع الميناء حَـاليًّا تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي، ويعتبر أحدَ المصادر الاقتصادية الذي يوفر للاحتلال إيرادات تقدر بالمليارات، وهو الشريان الأَسَاسي لتوريدات نفط الخليج إلى أُورُوبا وأنحاء العالم عبر قناة السويس، بالإضافة إلى موقعة الجغرافي المتميز بالنسبة للمناطق الجنوبية والوسطى في اليمن وقُربه من مضيق باب المندب ودول القرن الأفريقي والبحر العربي، وهذه المميزات جعلت منه ميناء مهماً واستراتيجياً؛ وَلهذا يخضع ميناء المخاء لسيطرة الاحتلال الإماراتي، بعد أن دمّـره طيران العدوان تدميراً جزئياً.

ومنذ عام 2017م وبعد سيطرت دولة الاحتلال الإماراتي على ميناء المخاء، أعلنت الميناء والمدينة منطقة عسكرية وبدأت بعمليات ترحيل جماعي للمواطنين الذين بلغ عدد من تمّ طردهم 10 آلاف مواطن بحسب التقارير.

وتؤكّـد التقارير كذلك أن الاحتلالَ الإماراتي أنشأ قاعدةً عسكرية فيه وحوّل الميناء إلى ثكنة عسكرية، تحت إدارة وإشراف ضباط إماراتيين.

ومنذ ذلك الحين، يشهد الميناء استحداثاتٍ جديدةً من مبانٍ وعنابرَ لإسكان الجنود وأُخرى تستخدم في الأغلب لتخزين السلاح والمعدات، والتجهيزات الأُخرى التي تشتريها من العدوان الأمريكي والإسرائيلي من خلال إيرادات الميناء التي تصل إلى أكثر من 12 مليار ريال يمني شهرياً وتستخدمها في قتل الشعب اليمني.

وتشير التقارير بكلّ وضوح إلى أن تلك المباني والعنابر ليست سوى مستودعات لقوات الاحتلال الأمريكي البحرية ومعه البحرية الإسرائيلية، ولا علاقة لها بأيٍّ من الأكاذيب التي تنشرها دولة الإمارات المحتلّة حول دورها في حماية ممرّ باب المندب الهامّ على مستوى الملاحة الدولية.

 

ميناءُ الشحر وأهميتُه الثلاثية:

من البحر الأحمر إلى البحر العربي الذي تحُطُّ السفن التجارية والقوارب السمكية رحالها، في ميناء الشحر الذي يُعدُّ منْ أهم الموانئ المطلة على البحر العربي وأحد الموانئ الرئيسية لتصدير النفط في اليمن، حَيثُ يقع هذا الميناء على البحر العربي بساحل حضرموت الجنوبي الشرقي لليمن بالقرب من مدينة الشحر ويبعد عن المكلا حوالي 15 كيلو متراً شرقاً، كما يبعد عن مدينة عدن حوالي 426 كيلو متراً، وهو مؤهل لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام لأغراض التصدير.

ويستخدم الميناء لتصدير نفط حقل المسيلة أكبر حقول اليمن، وينقل النفط إلى الميناء عبر أنبوب تبلغ طاقته 300 ألف برميل يوميًّا.

ومن خلال موقعه الاستراتيجي تؤكّـد مصادر محلية أن ميناء الشحر، الذي تم إنشاؤه عام 1993م كميناءٍ نفطي، وأُضيف له مهمة تجارية وسمكية عام 2006 م، كان يشهد حركةً تجاريةً واسعة، أسهمت في رفد خزينة النظام السابق بالموارد المالية التي تقدر بمليارات، بالإضافة إلى رفد خزينة الاحتلال الإماراتي بعد أن سيطر عليه، إذ بلغت إيرادات جمرك الميناء خلال النصف الأول من العام 2018م ملياراً و258 مليوناً و359 ألفاً و678 ريالاً، أما إيرادات عام 2017 بلغت 2 مليار و275 مليوناً و515 ألفاً و29 ريالاً، بحسب التقارير المحلية الصادرة عن مواقع المرتزِقة.

وتقدر مساحة الميناء بحوالي (1790000) ألف متر مربع غير شاملة نقطة التحميل العائمة، وبعد أن أُضيف له مهمةٌ تجارية وأصبح ميناء سمكياً وتجارياً في آنٍ واحد؛ إنعاشاً للحركة التجارية في كِلا القطاعين، وخدمةً للسوق اليمني بشكل عام، أصبح بمثابة سوق تجارية حرة يُباعُ فيها بشكل يومي مختلف البضائع التموينية والاستهلاكية مثل (المواد الغذائية ومواد البناء واستيراد السيارات) وغيرها.

 

حضرموت وموانئها الاستراتيجية:

ويعتبر ميناء الشحر السمكي أكبرَ ميناء للصيد على مستوى اليمن، وتضم منشآته رصيفين بحريين يتسعان لرسو حوالي 10 آلاف قارب ويستفيد منه نحو 20 ألف صياد في حضرموت.

ووفقاً للمصادر فَـإنَّ دولةَ الاحتلال الإماراتي رمت بكل ثقلها للاستحواذ على حضرموت وموانئها الاستراتيجية المطلة على البحر العربي، وما تكتنزه من مخزون نفطي كبير ومواقع استكشافية واعدة في الثروات المعدنية، خُصُوصاً الذهب والزنك والرصاص والحديد والإسمنت، حَيثُ تعمل في حضرموت 3 موانئ استراتيجية مطلة على البحر العربي يستخدم الاحتلال الإماراتي اثنين منها هما ميناء الشحر غرب المحافظة لأغراض تجارية وعسكرية خَاصَّة، وميناء الضبة، بينما تعد المحافظةُ من المناطق اليمنية الواعدة في الثروات النفطية، إذ تقدر عدد المواقع الاستكشافية والإنتاجية والتي لم يتم التنقيب فيها إلى نحو 17 موقعاً.

وتشير المصادرُ إلى أن ميناء الشحر في حضرموت يعد الهدف الأهمَّ الذي يركز عليه الاحتلال الإماراتي؛ لأَنَّه أقرب نقطة بالنسبة له لميناء جيبوتي الذي خسر المنافسة عليه مع الصين، الأمر الذي جعله يتموضع في ميناء الشحر لاستخدامه كورقة في إطار الصراع الإقليمي الدائر الخاص بطريق الحرير، الرابط بين أجزاء حواضر ومدن الجزيرة العربية، وُصُـولاً إلى موانئ غزة بفلسطين للانطلاق بعدها إلى شواطئ أُورُوبا، وكذلك مدينة شبوة التاريخية التي تقع في تخوم الصحراء على طريق الحرير التي تزمع الصين على إحيائه من جديد.

وتعرض الميناءُ لسياسة التدمير الإماراتية، بالإضافة إلى أنه تعرض لتدمير من قبل تنظيم القاعدة الذي سيطر على الميناء ومدن ساحل حضرموت في 21 أبريل 2015م، في صورة مباشرة لمساندة دول العدوان على احتلال الموانئ والمدن.

وإلى جانب ميناء الشحر يعتبر ميناء المكلا المنفذَ البحري الوحيد في محافظة حضرموت المطل على البحر العربي، والواقع تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي اليوم.

وقد أنشئ الميناء في عام 1985م في منطقة خلف كميناء متعدد الأغراض يخدم احتياجات المحافظة والمحافظات المجاورة، وكذلك لخدمة الحركة التجارية والسمكية ومشتقات النفط، حَيثُ تجاوزت أحجام البواخر التي يستقبلها إلى عشرين ألف طن مع الأخذ بعين الاعتبار الغاطس الذي هو الحد الذي لا يمكن تجاوزه 8.5 متر، أصبح اليوم تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي.

وتؤكّـد المصادر أن دولة الإمارات المحتلّة استخدمت قدراتها كافة في حضرموت وسيطرت على عدد من الموانئ في الساحل الشرقي للبلاد منها ميناء المكلا، وميناء الضبة النفطي وميناء نشطون في محافظة المهرة، وميناء سقطرى، إضافة إلى ميناء بروم غرب المكلا، وموانئ محافظة شبوة ممثّلة بميناءَي “قنا وبلحاف” الاستراتيجيين.

 

موانئ نفطية:

وبخصوص ميناء بلحاف الواقع في محافظة شبوة المطلَّة على البحر العربي فهو يعد من الموانئ الرئيسية لتصدير النفط في اليمن.

ويقع الميناء ما بين مدينتي عدن والمكلا، حَيثُ بدأ إنشاءُ الميناء الحديث بعد اكتشاف النفط في محافظة شبوة، وبلغت تكلفةُ تشييد الميناء 4.5 مليار دولار، وتم تصدير أول شحنة نفط منه في عام 2009، ويستخدم لتصدير نفط محافظة شبوة الخفيف، وكذلك يوجد في الميناء أكبر منشأة مخصصة لتصدير الغاز المسال، وهي تابعة للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، حَيثُ افتتحت المنشأة التي تديرها شركة “توتال” الفرنسية في عام 2009.

وتؤكّـد المصادر أن ميناء بلحاف الاستراتيجي الذي يعتبر البوابة الأولى لطريق الحرير، يقع عليه أكبر ميناء لتصدير الغاز المسال في الجمهورية اليمنية ويعد من أهم الموانئ التي تلهث دول الاحتلال الإماراتي خلفها ويسيل لعابها لأجلها وتصر على إبقائها تحت سيطرتها مهما كان الثمن، تم خروجه عن الخدمة؛ بسَببِ الاحتلال الإماراتي.

أما ميناء قنا الذي يقع بالقرب من ميناء بلحاف فيستخدم لتصدير نفط محافظة شبوة أَيْـضاً، ويعتبر نقطة وصول خط أنابيب “شبوة – بير علي” الذي تبلغ قدرته 135 ألفَ برميل يوميًّا.

وَأصبح الميناء من ضمن الموانئ المحتلّة بالإضافة إلى ميناء نشطون الذي يطل على بحر العرب، ويقع في محافظة المهرة والذي تم افتتحه عام 1984؛ ليخدم الحركة التجارية والسمكية، ويساهم قربه الجغرافي من سلطة عمان في تعزيز دوره كمركز للحركة التجارية بين دول الخليج.

وتؤكّـد المصادر المحلية أن هدفَ الاحتلال الإماراتي الأَسَاسي كان الانقضاضَ على موانئ اليمن وتعطيلها، وبسط نفوذه على مضيق باب المندب الاستراتيجي وتفتيت اليمن ليسهل له تحقيق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية.

وبحسب الدراسات والبحوث فَـإنَّ محاذاة السواحل اليمنية للخطوط الملاحية الدولية تؤهل المنطقة الممتدة من شقرة إلى المخاء ليكونَ موقعاً استراتيجياً منافساً لإقامة الأسواق الحرة لأغراض إعادة التصدير إلى القارة السمراء وغيرها، حَيثُ يتم إنشاء في كُـلّ 12 متراً مربعاً سوق حرة، وهذا ما يحول اليمن إلى أن يكون عاصمة العالم الجديد، كما أن الموانئ اليمنية هي الأنسب لتقديم مختلف الخدمات الملاحية في المنطقة وهو ما يحاربه العدوان الأمريكي الإسرائيلي وأدواتهم في المنطقة ليس من اليوم ولكن منذ زمن بعيد.

ووفق ما سجلته شواهد تاريخية فَـإنَّ موانئ اليمن تلعب منذ القدم دورا حيويا ليس في الاقتصاد اليمني فحسب، بل وفي حياة شبه جزيرة العرب بأكملها، إذ مثل العديد منها مراكز كبيرة للتجارة على سواحل بحري الأحمر والعربي منذ القدم.

ولأجل ذلك وعلى مر التاريخ كان اليمن دائماً في قلب عين الإمبراطوريات المختلفة ومشاريعها الهادفة للسيطرة على مقدرات العالم وسيادته.

واليوم ونحن في أتون المرحلة الانتقالية الفاصلة بين انهيار نظام القطب العالمي الواحد وتشكل النظام المتعدد الأقطاب، والصراعات الدائرة حَـاليًّا بين القوى الدولية والإقليمية لحجز مقعد متقدم في صدارة النظام الجديد، ينال اليمن حظه من الحروب التي تدور به وعليه، بحكم ثرواته وموقعه كما تقدم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com