نقول وللمرّة الـ (١٠٠٠)

المسيرة – حمود محمد شرف *

اليوم -وللمـرّة الألْـف- يحتفي قُرّاءُ صحيفة المسيرة بمناسبةِ إصدارها للعدد (١٠٠٠)، وعندما نقول العدد (١٠٠٠)، فإننا وبطبيعة الحال نتذكر تلقائياً كيف كان قد آل إليه واقعُ الصحافة اليمنية قبل إصدار العدد (٠) من صحيفة المسيرة.

قُبَيل إطلاق العدد (٠) من هذه الصحيفة التي تقرؤونها، كان واقعُ الصحافة اليمنية قد أصبح جزءاً لا يتجزأ من واقع اليمن السيء ومشهده العام الذي اتسم منذ أواخر العام ٢٠١١م، وعلى نحو أوضح بالمرارات المتلاطمة في ظلماتِ التحاصُص السياسي، والانفلات الأمني، والارتهان للخارج، فلا الصحافة الرسمية استمرت على الأقل في حيادها، ولا الصحافة المستقلة ظلت متمسكةً ولو على استحياء بمبادئها، إذ انحدر جميعُها نحو الانحطاط في مسارٍ من الحسابات المادية والفئوية الضيقة والخاطئة.

لعلّنا نتذكّرُ جيِّدًا تلكم الصحيفتين المستقلتين اللتين مثّلَتَا في وقتٍ من الأوقات طوقَ نجاةٍ للصحافة اليمنية الحرة والنزيهة، يوم انبرَتا للتعبير في صفحاتهما “الأولى” عن تطلعات “الشارع” اليمني نحو العدالة والبناء والتنمية ومحاربة الفساد والفاسدين، بعد أن كانت الصحافةُ الرسمية قد استعذبت غرقَها في مستنقع سلطة الظلم والمحاصصة، فقد ظلّت تلك الصحيفتان ولمدّةٍ تتحدّثان بلسان حال شعبنا اليمني المظلوم، وتتلبّسان شجاعتَه في قول الحقيقة بوجه كُـلِّ الفاسدين والعابثين والمتسلقين، لنكتشفَ في الأخير وللأسف الشديد أنهما لم تكونا تمارسان العملَ الصحافي الحر والنزيه على حقيقته، بل كانتا تمارسان عمليةَ ابتزاز ماديٍّ مؤقت، وأُخرى حاولت أن تحتويَ من خلالها تدريجياً هيجانَ المطالب الشعبيّة، وبركانَ الثورة الفتيّة، فظلّتا تمارسان تلك العمليتين بالتوازي وتسعيان لتخدير وعي المجتمع اليمني ريثما يتسنى لمن يقف خلفهما من قوى السلطة الفاسدة والعملية ترتيب أوراقها المبعثرة، وبإشراف حاكم البلد الفعلي القابع خلف أسوار السفارة الأمريكية بصنعاء، وما إن تم لتلك القوى ذلك، حتى بدأت الصفحات الصفراء لتلك الصحيفتين تتكشّفُ شيئاً فشيئاً، وَإذَا بهما لم يكونا سوى جزءٍ من واقع اليمن السيء ومشهده العام المتهالِك والمتهاوي إلى حضيض الارتهان التام لحُكّام السفارات الأجنبية بصنعاء.

يمكننا اليومَ الجزمُ وبكلِّ صرامة بأن إصدار العدد (٠) من صحيفة المسيرة كان بمثابة انطلاق الشرارة الأولى لثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م، ومن لا يجد نفسه مقتنعاً بهذه المقاربة، له أن يعيد التأمل في وضع اليمن، كيف كان واقع اليمن قبل ثورة ٢١ سبتمبر المجيدة؟! وكيف هو اليوم في سادس أعياد ثورته وبعـد (٢٠٠٠) يومٍ من العدوان؟! وعلى المقلب الآخر كيف كان واقع الصحافة اليمنية قد أصبح قبل العدد (٠) من صحيفة المسيرة؟! وكيف هو اليوم بعد العدد (١٠٠٠) من إصدارها؟!

يظل صوتُ الثورة الشعبيّة خافتاً ما لم يؤازره صوتٌ صحافيٌّ هادرٌ كصحيفة المسيرة بألف عدد، وألف عدد، وألف عدد، وإلى أن ينفد المداد وتجفَّ الأقلام.

* مدير عام إذاعة سام إف إم

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com