رئيس تحرير صحيفة المسيرة صبري الدرواني في حوار خاص: خلال ألف عدد كانت صحيفة المسيرة شاهد على أهم مرحلة في تاريخ اليمن منذ انطلاق الثورة الى مرحلة التحرر ومواجهة العدوان

حاوره منصور البكالي

كشف رئيسُ تحرير صحيفة المسيرة، الأُستاذ صبري الدرواني، عن صعوباتٍ جمّةٍ واجهت انطلاقةَ الصحيفة سنة 2014، حينما وُجدت في ظل سلطةٍ استبدادية تنفرُ من الصوت الآخر.

وقال في حوار خاص بمناسبة الألفية الأولى للصحيفة: إن طاقمَ الصحيفة نجا عدةَ مرات من محاولةِ استهدافٍ لمقرِّه قبل العدوان، كما تعرَّض مقرُّ الصحيفة للقصفِ في رمضان سنة 2015، ما أحدث دماراً لممتلكات الصحيفة.

وتطرق رئيس التحرير إلى جُملةٍ من القضايا الهامة التي واكبتها الصحيفةُ خلال مسيرتها التي وصلت إلى العدد الألف.

إلى نص الحوار:

 

– بدايةً.. عَبَرَت الصحيفةُ حتى وصلت إلى العدد ألف.. كيف كانت بدايتُكم وما الصعوباتُ التي واجهتكم؟

في البدء، كانت البدايةُ مليئةً بالصعوبات والمتاعب، حيثُ بدأ إصدارُ الصحيفة في ظل وضع سُلطوي استقصائي، واستبدادٍ لا يقبَلُ بالصوت الآخر، وكان هناك عدةُ صحف لتيارات حزبية متعددة لكن لم يكن لها صوتٌ بارز.

وفي ظِلِّ هذا المناخ، برزت صحيفةُ المسيرة، وكانَ أولُ الصعوبات التي واجهتنا هو عدمَ وجود الكادر الصحفي، فمن المعروف أن حركةَ أنصار الله كانت في ذلك الوقت ناشئةً وجاءت من قلبِ المستضعفين، ولم تكن تعرفُ شيئاً في جانب الصحافة، وكان وجودُ الكادر الصحفي صعباً جِـدًّا جدًّا، وهذا كان أكبرَ معوِّقٍ لنا.

ومن ضمن المعوِّقات التي كانت تواجِهُنا في البداية هو التهديدُ الأمني، حيثُ كانت صنعاءُ آنذاك مليئةً بالاغتيالات، وَكُـلَّ يوم كانت تحصلُ عمليةُ اغتيال أَو أكثر، ولم يمر يومٌ إلَّا وقد حدثت عملية اغتيال، وبالتالي كان كادرُ الصحيفة نفسُه عندما يريدُ النزولَ الميداني ويريدُ أن يُبرِزَ اسمَه أَو يُظهِرَ بطاقته يخافُ من الاغتيال، وكانت هذه من أبرزِ المعوقات.

ولكن الحمد لله فقد توكّل طاقمُ المسيرة على الله، واستعانوا بالله واشتغلوا بكادرٍ بسيط، وبدأنا ونحن لا نتجاوز الـ 8 أشخاص، بينهم المحرّرون والمخرجون والموزعون ورئاسة التحرير.

 

– ذكرتم أُستاذ صبري أن من أبرز المعوقات في بداية عملكم كان التهديد الأمني.. هل تذكرون مواقفَ معينة تعرضتم لها؟

نعم، فكما أسلفتُ، فقد كان التهديدُ الأمني خطيراً جِـدًّا، وأتذكَّــرُ أننا في أحدِ الأيّام، حاول الأعداءُ تفجيرَ المقر الذي كنا فيه، حيث أرسلوا ما يسمى (تُك تُك) مليئاً بالمتفجِّرات، ووضعوا عليها “بفك” للتمويه، ولولا رعايةُ الله وعنايته لَكُنا في عالمٍ آخر، حيث فشلت العمليةُ ولم تنفجر العبواتُ القاتلة، ولو انفجرت لحدثت كارثةٌ كبرى.

 

– خلالَ تلك الفترة ومع استمرار المخاطر.. هل فكرتم بالتراجع مثلاً وعدم الاستمرار؟

على الرغم من المخاطر الكبيرة، إلا أننا توكلنا على الله، ونحن نعرف أننا مهدَّدون، ونعلم أن عملَنا يحتاجُ إلى تضحية، وكنا نخرج من البيوت ولم نصدِّقْ أننا سنعودُ إليها مرةً أُخرى.

 

– ما الذي ميّز صحيفةَ المسيرة في بداية الصدور برأيكم أُستاذ صبري؟

تعتبر صحيفةُ المسيرة الصحيفةَ الورقيةَ الأولى التي تناولت أخبارَ الثورة، وَكان هناك كثيرٌ من الإصدارات الموجودة في السوق، ولكنَّ لها خطاً سياسياً معيَّناً، ولم تكن هذه الإصداراتُ أغلبُها تجرُؤُ على تناوُلِ أخبار ضد الهيمنة الأمريكية، وكانت خفيفةً جِـدًّا.

لكن صحيفةَ المسيرة هي التي عبّرت عن الثورة؛ لأَنَّ السيِّدَ عبدالملك -حفظه الله- دشّـن ثورةَ 21 سبتمبر عبر صحيفة المسيرة، في لقائه الأول، فهي الصحيفةُ التي عبّرت عن الثورة وواكبت الثورةَ حتى انتصارها وإلى الآن، وهي تعتبرُ شاهداً على التاريخ اليمني في مختلفِ مراحله السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية حتى اليوم، وهي التي وثّقت هذه المرحلةَ بشكل عام بمصداقية كاملة.

 

 – خلالَ العدوان الأمريكي السعودي على اليمن.. ما التحدياتُ التي واجهتكم في بداية العدوان؟

أنتم تعرفون أن العدوانَ الأمريكي السعودي استهدف وسائلَ الإعلام بشكلٍ خاصٍّ، وبداية العدوان قصف مقر قناة المسيرة في ضحيان ودمّـرها وقصف قناة اليمن، وقصف الكثيرَ من وسائل الإعلام اليمنية التي تعبّر عن مظلومية الشعب اليمني.

وَصحيفة المسيرة كان لها جزءٌ من هذا العدوان، حيثُ تمَّ قصفُ مبنى الصحيفة في رمضانَ من عام 1436 هــ يونيو 2015م، كان هدف العدوان تغييب هذا الصوت؛ لأَنَّ صحيفةَ المسيرة لعبت دوراً كبيراً في تجسيد الحقيقة وكشف الأباطيل، وَطبعاً الغارة دمّـرت المقرَّ بالكامل، ودمّـرت الأجهزة بالكامل، وأحرقت نصف الأرشيف، ولكن كان يوجد لدينا أرشيف آخر بعيدٌ عن مكان العمل.

 

 – بدأت الصحيفة بالإصدار الأسبوعي ثم انتقلت إلى العدد اليومي.. ما أهميّة هذه النقلة برأيكم؟

الصحيفةُ بدأت الإصدارَ بشكلٍ أسبوعي، ولكن الأُستاذ محمد عبد السلام أصرَّ علينا في تلك الفترة للإصدار بشكل يومي، وأعترف أننا لو بدأنا الإصدارَ بشكل يومي لكان أفضلَ لنا بكثير، رغم قلة الكادر الصحفي وشحة الإمْكَانيات التي أعاقتنا؛ ولهذا رأينا أن نستمرَّ في فترةٍ معينةٍ في الإصدار أسبوعياً ريثما نحصل على كادر صحفي، واستمرينا سنة وبضعة أشهر وحينما رأينا أن الأحداث متزايدة جراء العدوان ووجدنا الإنجازات العسكرية اليومية والأحداث، فكانت الأحداث وكان الواقعُ يفرض علينا في تلك الفترة إصداراً يوميًّا؛ ونظراً لشحة الإمْكَانيات وقلة الكادر الصحفي فضّلنا أن نصدر عددين في الأسبوع، واستمرينا في إصدار عددين كُـلّ أسبوع لمدة سنة ونصف سنة، وفي 21 من سبتمبر من العام 2017م دشّـنا الإصدارَ اليومي أي بعد ثلاث سنوات من بدء التدشين، وكان الإصدار اليومي بإمْكَانيات شحيحة جِـدًّا، وكان للطاقم الصحفي دور تحمّل أعباء الإصدار اليومي على كاهله رغم شحة الإمْكَانيات وضعفها، فلهم خالصُ الشكر وبالغ الاحترام على ذلك، والحمد لله رب العالمين ها نحن اليوم نصلُ إلى العدد ألف، في تجربة كبيرة جِـدًّا أعتقد أن الصحيفة عبّرت خلالها عن مظلومية شعبنا اليمني وآلامه، وتطلعاته وأحلامه وآفاقه، ونظرته إلى المستقبل، وحلمه الذي يسعى لتحقيقه بأن يكون اليمنُ حرًّا مستقلاً له مكانته المرموقة بين الشعوب، وله كلمته الفصل حول مختلف القضايا المحورية.

كما عبّرت الصحيفةُ عن الانتصارات التي يحقّقها مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة، ووثّقت تلك الملاحمَ البطولية في صفحات التاريخ، فكانت شاهد عيان على هذه المرحلة المفصلية من تاريخ شعبنا اليمني ونضالاته، وكانت حاملةً للبشرى وأخبار الجبهات إلى المواطن والقارئ اليمني بشكلٍ خاص، والقارئ والمتابع العربي المهتم بشكلٍ عام.

كما كان لها دورٌ في فضح العدوان ومرتزِقته، وتنقل للعالم الجرائمَ البشعةَ التي يرتكبها بحقِّ الشعب اليمني منذ 6 أعوام، وتعري هذا العدوان وتعري وحشيته وإجرامه، وواجهت الدعايات والإشاعات والأباطيل التي كان العدوان وأدواته وترسانتهم الإعلامية والدعاية يقومون بنشرها والترويج لها، لاستهداف معنويات شعبنا اليمني ومحاولة النيل من صموده وعزمه وإرادته، واستمراره في رفد الجبهات بقوافل الرجال والمال.

 

– إذَا ما انتقلنا إلى الدور الرقابي على أداء مؤسّسات الدولة، ما دور صحيفة المسيرة في محاربة الفساد؟

بفضل الله، كانت صحيفةُ المسيرة منذ عددها الأول معبِّرةً عن صوت الشارع وكانت صوت المواطن، وعملت على تناول الكثير من القضايا، التي صدّرتها في الكثير من الأغلفة، والتحقيقات والتقارير والاستطلاعات.

فكانت الرقيبَ على أداء المؤسّسات، وتبنت هموم وتطلعات المواطن، والصحيفة في سياستها التحريرية لم تنحز إلى مكون أنصار الله، برغم أنها الناطقُ الرسميُّ لأنصار الله، فلم تنحَزْ لأنصار الله الموجودين في السلطة، بل كانت هي من تعبّر عن صوت المواطن أمامَ أيِّ خللٍ أَو محاولة تقصير في أداء المؤسّسات، وفي أداء الحكومة بشكلٍ عام، وتناولت ذلك من خلال الكثير من التحقيقات الاستقصائية والعناوين والأغلفة التي تصدرت الصفحة الأولى لها.

وللعلم أن الصحيفةَ حُوكمت في قضيتين، منها قضية رفعت عليها من قبل وزير الصحة السابق الدكتور محمد سالم بن حفيظ أحد وزراء حكومة الإنقاذ الوطني، عندما تبنت الصحيفةُ مراقبته حول أدائه الحكومي وإخلاله بمسؤولياته، والأعمال المناطة به، إضافةً إلى محاكمتها في قضية أُخرى مع أحد الإداريين المحسوبين على المعاهد في إطار عملها الرقابي.

 

– بعدَ انتقال إصدار الصحيفة من ورقية إلى إلكترونية.. هل تأثر أداؤها في الميدان من وجهة نظركم؟

صراحةً أنا أقول إن أداءَها لم يتأثر، بل نحن نطمحُ إلى تطوير الأداء من خلال التغطية الصحفية والمواكبة، والتحليل السياسي، وأداؤها في تطور مستمر، ولكنَّ التأثرَ في الإقبالِ عليها؛ لأَنَّ انتقالها إلى الفضاء الإلكتروني أثر على قرائها اليمنيين الذين كانوا يعتمدون على قراءتها ورقياً، وأعتقد أن هناك ضعفاً في المتابعة الإلكترونية عما كانت المتابعةُ لها وهي ورقية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com