من “وعي وقيم ومشروع” خطاب السيد القائد بمناسبة الذكرى الـ6 لثورة 21 سبتمبر

 

عبدالفتاح حيدرة

وضّح السيد القائد في خطابه بمناسبة الذكرى السادسة لثورة الـ21 من سبتمبر، متعمداً وبوعي، تفاصيل العملية التسلسلية للتداعيات والأحداث والمواقف التي نتج عنها قيام ثورة الـ21 من سبتمبر، وهذا التعمد إن دلَّ على شيء فإنه يدل على عمق قيم مشروع ثورة الـ21 من سبتمبر، وَيقدمها بشكل مباشر وصادق لا يختلف عليها عقل سوي بأن وعيها وقيمها ومشروعها يجعلها أعظم ثورة يمكن أن يقوم بها الإنسان، إنها الثورة على الذات، وهنا جاء السيدُ القائد بالبداية والنهاية، من حيث لم يحتسب عدو هذه الثورة.

هذا التوضيح المتسلسل الذي أكّـده السيد القائد، يعني أن كُـلّ من اختار أن يوجه سهام نقده ضد ثورة الـ21 من سبتمبر، بدلاً من أن يحيي الصحوة الجماهيرية والشعبيّة التي تخلصت من خوفها واستجابت للدعوة للثورة، عليه أن يعلم أنه يخدم داخل صفوف العدوّ دون أن يدري، فمنذ ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م وحتى الآن، تعرّت وانكشفت أغلب الحركات والجماعات والقوى والتحالفات السياسية التي كانت تنتحل صفة الحركة الوطنية اليمنية، وآخرها ما يسمى بمؤتمر عفاش، جميعها سقطت ولحقت بكل من سبقها من الخونة والعملاء والمرتزِقة، لتؤكّـد أن الانتهازية والتبعية لا يمكن أن تقوم بإصلاحِ الأوضاع المرتهنة للوصاية الخارجية الفاسدة؛ لأَنَّها جزء لا يتجزأ منه.

في معرض حديث السيد القائد التسلسلي، كشف عن زيارات صهيونية موثقة بالصوتِ والصورة وتطبيع مع إسرائيل خفي حدث في اليمن، وهو أحد الأسباب التي عجّلت بثورة الـ21 من سبتمبر، فما كان من الأمريكي إلا أن اتّخذ قرارَ الحرب وأدخل معه بقرة السعودية وماعز الإمارات؛ لأَنَّه لا يريد أن يتحمل كلفة مواجهة الشعب اليمني ويريد أن تدفع أدواته الغبية كلفة هذه الحرب، مؤكّـداً أن المعركة اليوم هي معركة الأمة لمواجهة استهداف أمريكا وإسرائيل للأمة، ومن يطبع معهم فإن رهانهم خاسر، وهذا يدعو شعبنا إلى عدم الاستوحاش من العدوان والتطبيع؛ لأَنَّه في موقف الحقِّ بثورته ومواقفه مع القضية الفلسطينية وإخوته مع الأمة الإسلامية.

التأكيد في هذا الخطاب على عدم تجزئة المعركة وتوحيد موقف كافة قوى المقاومة، ويبدأ ذلك بتصنيع السلاح والاكتفاء الذاتي، والتمسك بالهُوية الإيمانية اليمنية الجهادية للتحرّر والاستقلال التام الذي هو العنوان الرئيسي للمرحلة القادمة، والصبر والثبات وعدم التأثير بما يروج له المطبعون، وتأكيد الثبات على نهج المبدأ الإيماني والأخلاقي والديني مع القضية الفلسطينية، والتذكر دوماً بأن التطبيع خيانة عظمى، والثبات على مبدأ الأخوة الإسلامية، وتعزيز كُـلّ أواصر المحبة والأخوة ورعاية مصالح الأمة، وتأكيد استمرارية مشروع الثورة التحرّري والاستقلال التام وبناء الدولة اليمنية المنسجمة مع هُويتها الإيمانية، والتأكيد على مواصلة التصدي للعدوان بجدية ومصداقية وفي كُـلّ المجالات.

كل العناوين التي أكّـد عليها خطابُ السيد القائد، توجتها نصيحة لأبناء ثورة 21 سبتمبر وخَاصَّة المقصرين وأصحاب الأولويات والمصالح الشخصية بمراجعة واقعهم، وأن يزنوه بميزان التقوى والأخلاق، داعياً الشعب اليمني للاهتمام بالزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، موجّهاً بضرورة العناية بوحدة الصف والمصالحة واحتواء الأنشطة الواعية والتوعية، والعناية القصوى بالعمل الإغاثي والتكافل الاجتماعي.

إن هذه النصيحة تلغي وتفكّك كافة أسوأ أساليب تحليل التحايل السياسي غير الموضوعي، الذي يخلط الأمنيات بالتوقعات، وهذه النصيحة الثورية الختامية توجّـه الضربة القاتلة لكافة أعداء ثورة 21 سبتمبر، وتقول لهم إن الضربة الثورية التي قامت بها ثورة 21 سبتمبر ليست سقوطهم من كرسي الحكم، ولكن سقوطهم من عين الشعب اليمني، وإن العناية بوحدة الصف والمصالحة واحتواء الأنشطة الوطنية والثورية لكافة شرائح الشعب اليمني هي من تحمي الثورة، وحماية الثورة اليوم يبدأ بأن يوجه الجميعُ اللومَ والمواجهةَ لمن يحاربهم ويجوعهم ويمتهن كرامتهم وسيادة بلدهم، بمعنى لا تكونوا يا أيها المقصرون مثل من سبقكم في السقوط من عين الشعب، ولا تكونوا أنتم والعدوُّ والظروفُ على الشعب اليمني.

وحدَهم المقصرون من يعيشون في خوف دائم من الثورات، ولو وزنوا أعمالهم ونشاطهم ومعاملاتهم وتعاملاتهم مع كافة شرائح الشعب اليمني بميزان التقوى والأخلاق كما نصح السيد القائد، وبدلاً عن الخوف الدائم من شبح الثورة، يجب أن يتم التخلصُ من أسباب حدوثها، والحل معروف وسهل وقد طرحه السيد القائد، لو توفرت الإرادَة والرؤية عند البعض، فالقائد الحقيقي اليوم وفي زمن السقوط هذا، هو المتمسك بميزان التقوى وأخلاق وقيم كتاب الله، هو من يترك خلفه مصابيح تضيء الطريق، ويصنع من وعي الناس مواد ملتهبة، تهز عروش الطغاة هزاً عنيفاً، وتشعل النار في كُـلّ من تعدى واعتدى على اليمن، وتزلزل الأرض تحت أقدامهم، ويدهش العالم كله بصبره وثباته ووعيه وقيمه ومشروعه، هنا ستظهر حقيقةُ اليمن الأبدية، يمن الثورة مع الحق وللحق، هنا سيكون الانفجار الثوري اليمني أعنف مما يتصور البعض، وأخطر مما تنبأ به البعضُ، إنها الثورة اليمنية بوعيها وقيمها ومشروعها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com