جهادُ الإمام زين العابدين يتجلى أثره في ثورة الإمام زيد

 

رفيق محمد

ذكرت لنا بعضُ التواريخ الإسلامية أن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن الإمام علي -عَلَيْهِم السَّلَامُ- لم يجاهد ولم يثر ضد بني أمية وظلمهم، ولكن الوقائع التاريخية وما أثمر تحَرّكه -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أثبت غير تلك الأخبار، فجهاده -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لم يكن بالسيف؛ لأَنَّ الجهاد والثورة ضد الظلم ليس محصوراً بالسيف أَو البندقية، فله مجالاتٌ أُخرى كالقلم وتربية الناس وتعليمهم وتهيئتهم إلى أن يكونوا قادرين على أن يتحَرّكوا في سبيل الله بعلمهم وبنفوسهم، وشاهرين سيوفهم ورماحهم في وجه الظلم والظالمين، وهذا ما فعله الإمام زين العابدين -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، أنه ربى الإمام زيداً –عَلَيْهِ السَّلَامُ- هو ومن معه الذين خرجوا معه فيما بعد للجهاد في سبيل الله، الذين نحن نعيش ذكرى ثورتهم واستشهادهم في هذه الأيّام.

فلو لم يعلّم الإمامُ زينُ العابدين –عَلَيْهِ السَّلَامُ- الإمَام زيداً –عَلَيْهِ السَّلَامُ- ويُرَبِّه هو ومن كان معه، لَمَا حدثت ثورة الإمَام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ- التي غيّرت وجهَ التاريخ وهزَّت عرش الظلم في ذلك الزمن، ولو لم تحدث تلك الثورة لما استطاع أحدٌ أن يثور من بعد تلك الوضعية القاهرة التي وصل إليها المسلمون آنذاك.

فهنا يبرز تساؤلٌ: لماذا لم يستطع الإمام زين العابدين -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أن يتحَرّك بنفسه ثائراً ضد الظلم، بالرغم من مؤهلاته لذلك واصطفاء الله له؟!

إنَّ عجزَ الإمام زين العابدين -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عن الثورة في وجه الظلم من بعد استشهاد الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّلَامُ- له أسبابٌ كثيرة، أهمُّها هو تلك الوضعية القاهرة والمطبقة التي وصل إليها الناس؛ بسَببِ تخاذلهم عن نُصرة الإمام علي والحسن -عَلَيْهِم السَّلَامُ-، وتفريطهم وقتلهم للإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، مما أَدَّى إلى استحكام حكم الظالمين وتمكّنهم من قهر الناس الذين أعجزوا الإمام زين العابدين -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عن الثورة ضد الظلم، فالناس هم السبب وليس الإمام.

إننا في هذا الزمن ونحن في مواجهة ظلم واستكبار أمريكا وإسرائيل ومنافقيها العرب الذي قد يرقى إلى أشد وأفظع من ظلم بني أمية، إن تخاذلنا عن نصرة الحق وأهله وتخاذلنا عن مواجهة أمريكا وإسرائيل ومنافقيهم العرب، فإن الظلم والاستكبار الأمريكي والإسرائيلي سيستحكم علينا، وإن الوضعية المطبقة على الناس، ستعودُ من جديد إلى حَــدِّ أن لا نستطيعَ التحَرُّكَ في وجه الظلم مطلقاً، فيكونُ الظلم فظيعاً، والاستباحةُ لنا من قبل أعدائنا كبيرةً، وتكونُ جنايتنا على أنفسنا وعلى الأجيال القادمة كبيرة، وغضبُ الله علينا أكبر..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com