تعلموا أو سلّموا لصنعاء

 

رأي الله الأشول

مرتزِقة وعملاء تائهون ممن قذفتهم الحياة ذات غفلة إلى اليمن، فالبعض لم يأخذ من الهُوية اليمنية غير حروفها، والآخر أنكر جنسيته اليمنية حَرفاً وهُوية، وكلهم يدورون في فلك الارتزاق ذاته ولو اختلف وتعدّد أرباب النعمة، نصفهم فارّون في الرياض والنصف الآخر فز المحتلّ إليهم فاستوطنهم وعاش معهم تحت سقف واحد بعدن.

فندق مسكون بالشياطين والدناءات بأحد شوارع الرياض تتخذ منه الشرعية المزعومة جمهورية لها، وحيث أن عناصر قيام الدولة هي السلطة والشعب والإقليم، وكما يقال (القرد في عين أمه غزال)، فإن مرتزِقة الإصلاح والمؤتمر وباقي الفارّين يرون في الكائن عبد ربه شخصاً سليم العقل والجسد، فهو يمثّل رأسَ السلطة السياسية لدولة الارتزاق، أما الشعب فهم من تمارس السلطة السياسية أعمال السيادة عليهم ويمكن حصرهم في الخدم وأفراد الطبخ والسواقين الفلبينيين والبنغال الذين يمارسون حياةً طبيعيةً داخل حدود دولة معترَف بها سعوديًّا، وهذه الدولة هي الفندق الذي تقيمُ حكومةُ هادي فيه.

والظاهرُ أن “فخامة الرئيس وحكومته” بدأوا يقتنعون فعلاً بأن ذلك الفندق دولتُهم المؤبَّدة، فمن دخلها لم يعد ومن غادرها لا يفعل إلَّا بتقديم ضمانات تكفل عودته سريعاً لحجرة الفندق.

وبعد ما تجلى وتبين من فداحة وضع الشرعية المأساوي، لا زال هناك مطبِّلون ليلاً ونهاراً يتنغمون بأحلام جوفاءَ تحقّقها استعادة صنعاء ونصر سرابي يحقّقه جيشُهم الممزق الذي تاه بين أقدام هذا وذاك، فما عاد يدري هل يواصل مجازاً التقدم نحو صنعاء، أم يقر حقيقة التراجع خلف مأرب وما بعدها؟! وفي كلتا الحالتين سيجد نفسَه قد خسر وفر وترك مأرب لأهلها، وأهل مأرب وما بعدها أدرى بمن يريد خيرها.

لا جدال بأن حكومة الفندق باتت اليوم في أسوأ وآخر أيامها طالما أنها أضحت أكثر العارفين بفداحة ما جرتها خيانتها وأسيادها إليه، فإن كان ثمة ضمير لوضعائها فمشاهد أشلاء ودماء الأطفال والنساء وحجم الدمار الذي أحلوه في اليمن لا يفارقهم طرفة عين، وإن انعدم ضميرهم لم تنعدم حسرتهم على ضياع أملهم في العودة وصنع القرار السياسي فيما كان يعتبر في الماضي وطنهم.

أعجوبة أُخرى من عجائب الحكومات تئن بها هذه المرة عدن، مجموعة مفلسون باعهم الخواء الوطني والعهر السياسي لأبو ظبي فاشترتهم وكانوا هم الدافعين، تخلوا عن الغالي وقدموا لها النفيس، وهي لم تبخل فتوجتهم بالعقالات وألبستهم الدفف ووزعتهم أسماء رمزية ومناصب وهمية على أنقاض نصف جمهورية مهيبة وثلاثة أرباع دولة، تحاول الإمارات التهامها متناسية أن حجمها جغرافيًّا وتاريخيًّا لا يشجعها البتة على أن يطلق عليها دولة احتلال، ومع ذلك فقد سلمها الزبيدي وبن بريك مفاتيح العبث بعدن وأخواتها أرضاً وإنساناً، والمثير في الموضوع أن الخجل غادر هؤلاء الخونة تماماً، فتسمعهم ينبحون مراراً بمتناقضات دولة الجنوب واستقلالها، فيعتبرون إعلان الانفصال خطوة تاريخية لنيل الحرية وفك الارتباط مع اليمن الشمالي المحتلّ، لكن الحقيقة أن إعلانَهم المثير للشفقة يقذفهم بعيدًا عن اليمن والكرامة والسيادة ليغرقوا في الذل ويطفوا على العبودية للإمارات الصهيونية.

بالله عليكم أبهكذا حكومات تحكم الأوطان وترتقي الشعوب وينعقد مستقبل الأجيال، أبتلك الدناءات يكون اليمن؟!

على كلتا الحكومتين غير الشرعيتين والخانعتين، أن تتعلما أَو تسلما مقاليد القرار المغشوش وبقايا الحكم المقضوم لحكومة صنعاء الشرعية، والتي تضرب بها الأمثال في كُـلّ النواحي لا سِـيَّـما القضايا الوطنية والقرار السيادي والنجاحات الأمنية والعسكرية.

حتى أنه يأتي قائل ليقول: ماذا يصنع الحوثيون وزعيمهم من صنائع بالناس حتى تتزايد شعبيتهم ويتنامى قبولهم ويدنو لهم الفكر وتؤيدهم المعجزات وتزفهم الانتصارات؟!

لا شيء، لم يصنعوا شيئاً، هو الله من صنع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com