من مدرسة عاشوراء

 

رفيق محمد

إنَّ حادثةَ كربلاء من أهمِّ الأحداث في التاريخ الإسلامي؛ لما حدث فيها من ظلم وقتل لابن بنت رسول الله –صلوات الله عليه وعلى آله- الإمَام الحُسَين -عليه السلام- سيّد شباب أهل الجنة.

هذه الحادثةُ المهمة مدرسة عظيمة جِـدًّا، نستطيعُ أن نستلهمَ منها الدروسَ والعبر التي تفيدنا في هذا الزمن، بل هي كفيلة إن استفدنا منها بالشكل المطلوب أن تصحح واقعنا بشكل كامل، فالدروس كثيرة نذكر بعضاً منها:

أولاً: إن النفسية والروحية التي حملها الإمَام الحُسَين كانت حبًّا لله وتفانياً في سبيله وحرصاً على الإصلاح في أُمَّـة جده رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله-، فهو من قال: (واللهِ ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا متكبراً ولا ظالماً، وإنما خرجت للإصلاح في أُمَّـة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله)، وقال: (ألا وإن الدعيَّ بنَ الدعيِّ قد رَكَزَ بين اثنتين، بين السِّلة والذلة، وهيهاتَ منا الذلةُ).

فلو استفادت الأُمَّــةُ من هذه العبارة، لأزالت الظلمَ والظالمين ولما قامت لهم قائمة، إن عزة الإمَام الحُسَين -عليه السلام- التي كان يحملها لو حملتها الأُمَّــة لتحَرّكت أفواجاً للجهاد في سبيل الله وللإصلاح في أُمَّـة رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- أمام قوى الطاغوت والاستكبار أمريكا وإسرائيل التي تتحكم بالأمة اليوم.

ثانياً: إن من لا يتحَرّك مع الحقِّ سيتحَرّك مع الباطل في مواجهة الحق، عندما تخاذل أهل الكوفة عن نصرة الإمَام الحُسَين -عليه السلام- ظنوا أنهم سيسلمون المشاكل والحروب وآثارها، ولكن لم يسلموا من ذلك، فقد أتاهم عُبيدالله بن زياد بالترغيب والترهيب لإبعادهم عن الإمَام الحُسَين -عليه السلام-، فنجح في ذلك ولكن لم تقف المسألة هنا، بل جندهم لمقاتلة الإمَام الحُسَين -عليه السلام- في كربلاء فقاتلوه وقتلوه.

وهكذا هي سُنَّةٌ إلهية، أنه من تخاذل عن نصرة الحق وأهله، فإنه سيقاد رغماً عنه مع أهل الباطل في مواجهة الحق في كُـلّ زمان.

ثالثاً: من لا يتحَرّك في الوقت الذي ينفع، سيتحَرّك في وقت لا يكون لتحَرّكه ثمرة، هناك البعض من استطاع تجنّب قتال الإمَام الحُسَين -عليه السلام- ولكنه قعد، فقتل الإمَام الحُسَين وهذه خسارة ما بعدها خسارة، فهؤلاء الذين قعدوا تحَرّكوا فيما بعد، وهم بالآلاف ولكن بعد ماذا؟!

بعد خسارتهم لقائد لا مثيل له، فكان تحَرّكاً لم يثمر بالشكل المطلوب، وانتهوا بدون أن يهزوا كيان الطاغوت آنذاك، فلو تحَرّكوا بتلك القوة والاندفاعة مع الإمَام الحُسَين -عليه السلام- لقهروا يزيدَ وجيشه ولَغيّروا مجرى التاريخ كلِّه؛ لذلك فمدرسةُ عاشوراء فيها من الدروس والعِبَر ما لا نستطيع أن نَلُــمَّ به، فالعودة إلى التاريخ الصحيح والذي يوافق الثقافة القرآنية هي من أهمِّ الأشياء للاستفادة منها في واقعنا اليوم، خَاصَّة ونحن في مرحلة مواجهة مع أمريكا وإسرائيل وأدواتهم كالنظام السعودي والإماراتي والتكفيريين من القاعدة وداعش.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com